نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا أعده أندرو إنغلاند وأبيغيل هوسلونر وأحمد العمران، قالوا فيه إن السعودية والولاياتالمتحدة تجريان محادثات بشأن معاهدة دفاعية مشتركة.
وتشبه الاتفاقية التي يجري التفاوض عليها، تلك التي أُبرمت الشهر الماضي مع دولة قطر، واعتُبر فيها أي هجوم على الدولة الخليجية هجوما على الولاياتالمتحدةالأمريكية.
وتأمل المملكة في إبرام صفقة عندما يزور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان البيت الأبيض الشهر المقبل، وسط توقعات بأن تكون "قوية" وتتضمن تعاونا عسكريا واستخباراتيا مدعما، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر، حسب تعبير الصحيفة.
وتابعت الصحيفة، أنه عندما سئل عن اتفاقية الدفاع المحتملة، قال مسؤول كبير في إدارة ترامب: "هناك مناقشات حول توقيع شيء ما عندما يزور ولي العهد أمريكا، لكن التفاصيل غير مؤكدة".
وأشارت إلى أن البيت الأبيض ووزارة الخارجية، رفضا التعليق على تفاصيل الصفقة المحتملة. وقالت وزارة الخارجية إن التعاون الدفاعي الأمريكي مع المملكة "ركيزة أساسية لاستراتيجيتنا الإقليمية".
وأضافت "فايننشال تايمز"، أن واشنطن "ملتزمة بأمن المنطقة وستواصل العمل مع السعودية لحل النزاعات، وتعزيز التكامل الإقليمي، ومنع الإرهابيين من توفير ملاذ آمن". ولم ترد السفارة السعودية في واشنطن على طلب التعليق.
وكشفت "فايننشال تايمز"، أن ولي العهد السعودي سيصل إلى الولاياتالمتحدة بعد أسابيع فقط من توقيع الرئيس دونالد ترامب على أمر تنفيذي ينص على أن واشنطن سترد على أي هجوم على قطر باتخاذ جميع "التدابير القانونية المناسبة، بما في ذلك الدبلوماسية والاقتصادية، وإذا لزم الأمر، العسكرية".
وجاء الأمر التنفيذي الذي وقّعه ترامب بعد الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف قيادة حماس في الدوحة. وهو ما أثار موجة من الصدمة في دول الخليج الغنية بالنفط التي اعتبرت واشنطن ضامنا لأمنها.
وأضافت الصحيفة أن السعودية، التي سعت منذ فترة طويلة إلى إبرام اتفاقية دفاع مع أمريكا، أمضت أشهرا في التفاوض على معاهدة دفاع مع إدارة بايدن من شأنها أن تؤدي إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكن هذا الجهد انقلب رأسا على عقب بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 والحرب في غزة.
وأوضح الأمير محمد، الذي اتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وفق الصحيفة، أن المملكة لن تطبع العلاقات إلا إذا أقيمت دولة فلسطينية، وهو أمر يعارضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشدة.
وتستمر المفاوضات الآن مع إدارة ترامب لتأمين صفقة دفاع مستقلة مع الولاياتالمتحدة، والتي يمكن أن تأتي إما من خلال اتفاق أو أمر تنفيذي.
ونقلت الصحيفة عن فراس مقصد، المدير الإداري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة أوراسيا، ومقرها واشنطن: "أتوقع، في أعقاب الأمر التنفيذي مع قطر، إحراز تقدم مماثل في قضايا الدفاع والأمن"، مضيفا: "إنهم يعملون على شيء ما، أفهم أنه شيء أقوى بكثير مما هو موجود بالفعل".
وأضاف مقصد أنه مع مضي الأمير محمد قدما في خططه البالغة تريليون دولار لتطوير المملكة، فإن "تعزيز التعاون الأمني مع الولاياتالمتحدة أمر بالغ الأهمية".
ومع ذلك، قال حسين إبيش، الباحث البارز في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، إن رغبة إدارة ترامب في تطبيع السعودية علاقاتها مع إسرائيل قد تكون نقطة خلاف. وقال: "هذا لا يعني أنه لا يمكننا تجاوز الأمر، لأن كل ما على ترامب فعله هو أن يقرر أنها فكرة جيدة. لكننا لم نصل إلى هذه المرحلة بعد".
ومن المقرر، حسب "فايننشال تايمز"، أن يقوم ولي العهد السعودي، الذي أقام علاقة قوية مع ترامب وصهره جاريد كوشنر، بأول زيارة له للولايات المتحدة منذ عام 2018، خلال فترة ولاية ترامب الأولى.
وأشارت "فايننشال تايمز"، إلى أن السعودية تعد بالفعل من بين أكبر مشتري الأسلحة الأمريكية، وقد أعلن البيت الأبيض عن صفقة أسلحة بقيمة 142 مليار دولار مع المملكة، أي ضعف ميزانية الدفاع للرياض لعام 2024، خلال زيارة ترامب للمنطقة في ماي الماضي. ووصف البيت الأبيض هذه الصفقة بأنها أكبر صفقة دفاعية في التاريخ، قائلا إنها ستشمل قدرات جوية وفضائية، ودفاعا صاروخيا والأمن البحري والحدود.
واستدركت الصحيفة: إلا أن السعودية، مثلها مثل دول الخليج الأخرى، أصبحت على مدى السنوات ال15 الماضية قلقة بشكل متزايد بشأن التزام الولاياتالمتحدة تجاه المنطقة وعدم القدرة على التنبؤ بسياساتها.
وأوضحت أنه عندما تعرضت المنشآت النفطية السعودية لهجوم بالمسيرات ألقي اللوم فيه على إيران عام 2019، لم تفعل إدارة ترامب أي شيء.
وأردفت أنه في الآونة الأخيرة، هزت الضربة الإسرائيلية التي استهدفت القادة السياسيين لحركة حماس في قطر، التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، دول الخليج. كما تعرضت قطر لهجوم إيراني بسبب الحرب مع إسرائيل التي استمرت 12 يوما في يونيو، عندما أطلقت طهران صواريخ على القاعدة الأمريكية ردا على قصف ترامب للمواقع النووية للجمهورية الإسلامية.
ولفتت "فايننشال تايمز"، إلى أن السعودية وقعت الشهر الماضي اتفاقية "دفاع مشترك استراتيجي" مع باكستان المسلحة نوويا، في إشارة إلى الولاياتالمتحدة وإسرائيل بأن المملكة مستعدة لتنويع تحالفاتها الأمنية لتعزيز ردعها. وقال مقصد: "كانت هذه إشارة واضحة.. هناك تفاهم على أنه لا يوجد بديل عن البنية الأمنية الأمريكية في المنطقة، ولكن هناك طرق يمكنك من خلالها سد الثغرات وتعزيز الصورة".