يدرك القادة حول العالم أن للمجاملة وقع كبير ومؤثر في الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، غير أن قلة فقط تفهم ذلك كما يفهمه جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). فمنذ الولاية الأولى لترامب، لم يتوقف إنفانتينو عن التزلف له، ومع اقتراب مونديال 2026 أصبح يفاخر علنا بعلاقته الوثيقة بالرئيس الأمريكي، الذي يصفه بالصديق المقرب. ولتعزيز هذا الانطباع، افتتحت الفيفا مكتبا جديدا داخل برج ترامب في نيويورك.
وقد استمر إنفانتينو في الإشادة بترامب إلى حد أثار انتقادات داخل الفيفا نفسها، إذ اتهمه أحد كبار مسؤوليها سابقا بخرق مبدأ الحياد السياسي. ومع تزايد الحديث عن احتمال منح ترامب جائزة طالما سعى إليها، تزايدت أيضا المخاوف بشأن محاولات رئيس الفيفا كسب ود الرئيس، وما أثارته من ردود فعل رافضة عبر العالم.
فقد أعلنت الفيفا الأسبوع الماضي عن إطلاق "جائزة الفيفا للسلام"، التي ستُمنح في 5 دجنبر خلال قرعة كأس العالم 2026 في حفل يقام في مركز كينيدي بواشنطن، والذي يشهد، منذ عودة ترامب للبيت الأبيض، تغييرات تتماشى مع توجهات حركة MAGA.
لكن ردود الفعل خارج الولاياتالمتحدة كانت أكثر حدة. فقد وصف الصحافي الرياضي مالاكي كليركين من Irish Times الجائزة بأنها "مهزلة من كل الجوانب"، أما الغارديان فكتبت في افتتاحيتها: "يمكن أن نعذر البقية منا على رغبتهم في أن يقضي السيد إنفانتينو وقتا أقل في التواصل غير اللائق مع أنصار "ماغا" والقيام بحركات تهدف إلى تعظيم الذات، وأن يكرس وقتا أطول للتعامل مع الانتقادات الموجهة لأدائه في وظيفته اليومية".
ورغم تأكيد الفيفا أن الجهة المتلقية للجائزة لم تُحسم بعد، فإن تصريحات إنفانتينو جعلت من الصعب تصور منحها لغير ترامب، خصوصاً أنه سبق أن قال إن الرئيس "يستحق بلا شك جائزة نوبل للسلام بسبب قراراته الحاسمة".
ودافع إنفانتينو مرارا عن علاقته بالرئيس، معتبرا أن هذا التحالف "ضروري" لإنجاح النسخة المقبلة من كأس العالم، خاصة أنها المرة الأولى التي تستضيف فيها ثلاث دول البطولة. بينما أبدى ترامب، من جانبه، استعدادا لمواصلة الدعم، ففي مارس الماضي، وأثناء لقائه إنفانتينو، وقع أمرا تنفيذيا يقضي بإنشاء فريق عمل خاص بالإشراف على تحضيرات مونديال 2026، بهدف تبسيط التنسيق بين الفيفا والسلطات الفيدرالية.
كما استطاع إنفانتينو مواءمة رسائله مع توجه البيت الأبيض تجاه الجماهير المتوقع أن يتجاوز عددها سبعة ملايين مشجع. فرغم تشديد الولاياتالمتحدة إجراءات دخول الأجانب، أكد ترامب رغبته في ضمان تجربة سلسة للزوار. وكرر إنفانتينو الرسالة قائلا: "دعوني أكون واضحا، هذا ليس كلامي، بل كلام الحكومة الأمريكية: الجميع مرحب بهم".