إذا كان قانون المالية لسنة 2025 قد وصف بقانون توسيع الوعاء الضريبي بامتياز، فإن قانون المالية لسنة 2026، لم يذهب بعيدا في الاستجابة لمطلب توسيع الوعاء الضريبي ولا في تخفيف العبء الضريبي عن الملزمين، خاصة وأنه يأتي في السنة المالية الأخيرة من عمر الحكومة الحالية، وكذا في السنة الأخيرة من تنزيل مقتضيات القانون الإطار رقم 69.19 المتعلق بالإصلاح الجبائي.
في هذا السياق، قال أسامة بوغدة، الباحث في المالية العمومية والتشريع الضريبي، إن قانون المالية لسنة 2026 تضمن مجموعة من المستجدات الجبائية، مشيرا إلى أن هذا القانون يظل محكوما بسقف زمني وسياسي مرتبط بنهاية الولاية الحكومية، وبالالتزامات الإصلاحية المنصوص عليها في مخرجات مناظرة الصخيرات للجبايات لسنة 2019، التي شكلت الإطار المرجعي للسياسة الجبائية بالمغرب.
الضريبة على الشركات
وأوضح بوغدة، في تصريح ل"الأيام 24″ أن قانون مالية 2026، أقر إعفاء مؤقتا من الضريبة على الشركات الرياضية لمدة خمس سنوات محاسبية، يُحتسب ابتداءً من السنة المحاسبية التي يتم فيها أول بيع خاضع للضريبة، بدل إخضاع هذه الشركات للضريبة منذ أول سنة للاستغلال.
وأضاف أن التكاليف القابلة للخصم من الحصيلة الخاضعة للضريبة تشمل، كذلك، الهبات المالية الممنوحة للشركات الرياضية، مع إعفائها من الاقتطاعات الضريبية، شريطة ألا تتجاوز قيمة هذه الهبات 20 في المائة من الدخل الصافي للشركة الواهبة، أي ما يعادل تقريبا خمسة ملايين درهم.
الضريبة على الدخل
أفاد بوغدة، أن التعديلات الواردة في قانون مالية 2026، همّت أيضا الأشخاص الذاتيين الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة، وهو النظام الذي أقره المشرع سنة 2021 ليحل محل النظام الجزافي السابق، ويوفر تحفيزات ضريبية.
وأردف أن قانون مالية 2026 منح هؤلاء الأشخاص غير المستفيدين من معاش التقاعد خصما بنسبة 50 في المائة عند تفويت العناصر غير المجسدة المرتبطة بالأصل التجاري، حيث تُحتسب الضريبة على نصف القيمة المالية لهذه العناصر، شريطة مرور 65 سنة كاملة من تاريخ التوقف النهائي عن مزاولة النشاط، وذلك في حدود مليون درهم من مبلغ التفويت.
واجبات التسجيل
بالإضافة إلى واجبات التسجيل الأصلية التي يتحملها الشخص المُفوّت له، ذكر بوغدة، أن مستجدات مشروع قانون المالية لسنة 2026 تتضمن واجبَ تسجيلٍ إضافي بنسبة 2 في المائة على عقود التفويت بعوض للعقارات أو الحقوق العينية العقارية التي لا يتجاوز ثمنها 300.000 درهم، وذلك في حالة عدم تحديد كيفية دفع الثمن ومراجعه.
وبين بوغدة، أن هذا الواجب الإضافي يُطبَّق على الجزء المدفوع نقدا فقط، وفق كيفية الدفع المنصوص عليها في المادة 11 من المدونة العامة للضرائب، أو في الحالة التي يُشار في عقد التفويت إلى كيفية دفع ثمن التفويت، وذلك في إطار تقليص السيولة النقدية داخل سوق المعاملات العقارية.
وفي تعليقه على هذا الإجراء، اعتبر بوغدة، أن هذا التعديل قد يكون مفيدا في الحد من السيولة النقدية المتداولة داخل السوق، بما قد يسهم، ولو بشكل محدود، في تقليص معدلات التضخم، غير أنه حذر، في المقابل، من أن هذا الإجراء قد يشكّل عبئا على السوق العقارية بالمغرب، بالنظر إلى أن المعاملات النقدية (الكاش) ما تزال تُلقي بظلالها على هذا القطاع.
تعزيز المراقبة الضريبية
وأشار بوغدة، إلى أن مشروع قانون مالية 2026، أتاح إمكانية ضم مسطرة فحص المحاسبة (المادة 212) مع مسطرة فحص الوضعية الضريبية الإجمالية للأشخاص الذاتيين الملزمين بمسك المحاسبة، حيث يتم إشعار المكلف مرة واحدة فقط لإجراء الفحص على محاسبته ووضعه الضريبي الشامل.
وتابع أن هذا التعديل يأتي لتحقيق السرعة والنجاعة أثناء المراقبة الضريبية لهذا النوع من الملزمين، لافتا إلى أن المستجدات ذاتها حملت معها مقتضيات أخرى مرتبطة بالانسجام التشريعي مع مقتضيات تعديل المسطرة السالفة، ولا سيما فيما يتعلق بمسطرتي التصحيح العادية والسريعة، ومسطرة رفع النزاع أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضرائب.