بغض النظر عن العمل المهني، اختلطت علي المشاعر بعد الاطلاع على بلاغ الديوان الملكي الذي يخبر بإعفاء الوزيرين الشوباني وبنخلدون، اما اعفاء الوزير الكروج فكان تحصيل حاصل نظرا لفضيحة الشكلاطة وللصراعات التي لا تنتهي بين هذا الوزير الغريب ووزير التربية الوطنية بلمختار. تعاطفت مع الوزيرين العشيقين، على الرغم من الكثير من النقاط التي تجعلني على خلاف معهما، تعاطفت مع الحب كقيمة نبيلة مجردة وإحساس جارف يصعب التحكم فيه سواء كان المصاب بسهامه وزيرا او غفيرا، وسواء كان اسلاميا او شيوعيا، وسواء كان مغربيا او سنسكريتيا، وسواء كان يافعا او كهلا. تعاطفت مع السيد الشوباني وعلى الخصوص مع السيدة سمية بنخلدون لأنهما تمزقا بعدما كسر الغرام بوصلتهم، وتضخمت قصتهم، ووجدوا أنفسهم وسط زوبعة إعلامية غير مسبوقة وهما مكتوفي الايدي اتجاه ما اراداه ان يكون سرا فصار نارا على علم، واتجاه الاستعمال السياسي لغرامهم، وهذا طبيعي، وتجاه الحداثيين الحقيقيين الذين دافعوا عنهما من اجل حبهما بداية، ثم تبرؤوا منهما بعدما تبين ان الوزيرين السابقين كانا ينويان الزواج وتكريس تعدد الزوجات، وتجاه أشباه الحداثيين الذين تشفوا في ما وصفوه بالسقطة الاخلاقية لصاحبينا، وتجاه المتشددين في حزبهم من مدعي الصفاء والنقاء المطلقين، ومن الاعلام خيره وشره ، وكل هذا واسرتين وراءهما تعيشان كابوسا يوميا، وكل هذا من اجل حب ممنوع، وغرام ملعون.
ابن كيران بعد الشوباني وبن خلدون كان هو الضحية الثانية، فمعاركه نارية، وهو طوبيسي، وقد أعطى وزيرا الغرام لخصوم وزير الحكومة مبضعا لتحريكه في جرح إحراج ابن كيران، وقد نفهم الان لماذا زادت حدة رئيس الحكومة في مواجهة خصومه، عندما وصفهم بالسفاهة في البرلمان وهو يضع بجانبه الوزيرة بنخلدون، ولماذا اشتعلت كلماته في فاتح ماي وهو يصف المعارضة بالعصابة.
ابن كيران غاضب من وزيرين ومتعاطف معهما! هذا ما يمكن فهمه من هذه النازلة التي يبقى عنوانها هو الاحراج ،ولذلك جاء بلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية الموقع من طرف ابن كيران انه اخبر اخوانه باستقالة الوزيرين:"تقديرا منهما لما تقتضيه المصلحة العامة للبلاد وتجربتها الإصلاحية ، ومن اجل وضع حد للتشويش السخيف عليها وخصوصا المتاجرة الرخيصة بأعراض الناس وحياتهم الشخصية".
ستُطوى هذه الصفحة الملونة بالوردي والاسود بسرعة، وللعشيقين بعدما ابتعدا عن مسؤولية تدبير الشأن العام ان يفعلا بحياتيهما ما يشاءان، الا ان الندوب ستظل الى الأبد على لوح التاريخ السياسي للمغرب، بمعنى ان وزيرين فقدا منصبيهما في الحكومة ليس بسبب الاختلاس او الاختلال او عدم الكفاءة ، ولكن بسبب الحب الخارج من خيمة أصوليين وغير المقبول من طرف جل ألوان الطيف الايديولوجي، وقديما قيل : ومن الحب ما قتل!