أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الجمعة استقالتها من رئاسة حزب المحافظين - وبالتالي رئاسة الحكومة - لينتهي بذلك عهدها الذي استمر ثلاث سنوات خي مت عليها الأزمات بشكل شبه متواصل على خلفية بريكست. وأفادت ماي (62 عاما) أنها ستستقيل من رئاسة الحزب المحافظ في السابع من ونيو. وستبقى رئيسة وزراء لتصريف الأعمال إلى حين انتخاب حزبها بديلا منها.
ويتولى زعيم الحزب المحافظ الحاكم رئاسة الوزراء بشكل تلقائي.
وقالت ماي في تصريحات أدلت بها خارج 10 داونينغ ستريت حيث بدا عليها التأث ر إن "عدم قدرتي على إتمام بريكست أمر مؤسف للغاية بالنسبة لي وسيكون كذلك على الدوام".
وأ جبرت ماي التي تولت منصبها كرئيسة للوزراء في أعقاب استفتاء 2016 بشأن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي على الاستقالة بعد خلافات في حكومتها وحزبها المحافظ بشأن طريقة تول يها ملف انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وستصبح بذلك بين رؤساء الوزراء البريطانيين الذي قضوا أقصر فترات في مناصبهم في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، إذ سيتم تذكر حقبتها كإحدى أكثر الفترات فوضوية في تاريخ البلاد السياسي الحديث وبعدم تمكنها من إتمام بريكست.
وقالت ماي "سأغادر قريبا المنصب الذي كان شرفا لي أن أتولاه -- ثاني امرأة تتولى رئاسة وزراء (بريطانيا) لكن بالتأكيد ليس الأخيرة".
وأضافت وعيناها تدمعان قبل أن تستدير سريعا وتعود إلى مكتبها "أقوم بذلك بدون أي نوايا سيئة بل بامتنان كبير ودائم كونني حظيت بالفرصة لخدمة البلد الذي أحب".
وتوالت ردود الفعل، فأكدت المفوضية الأوروبية أن استقالة ماي "لن تغير شيئا" في موقف الدول ال27 الأعضاء بشأن اتفاق بريكست الذي أبرمته مع التكتل.
من جهتها، أعلنت متحدثة باسم انغيلا ميركل الجمعة أن المستشارة الالمانية "تحترم" قرار ماي مؤكدة أن برلين ستواصل "تعاونها الوثيق" مع الحكومة البريطانية.
أما الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، فأشاد الجمعة ب"العمل الشجاع" الذي قامت به ماي، لكنه دعا إلى "توضيح سريع" لوضع ملف بريكست.
واعتبر الكرملين أن رئاسة ماي للحكومة "كانت فترة صعبة جدا " في العلاقات الثنائية.
ود فعت ماي لإعلان استقالتها بعد لقاء عقدته مع زعيم لجنة الحزب المحافظ المعنية بانتخابات القيادة. وذكرت في الماضي أنها ستستقيل فور إقرار البرلمان لاتفاق بريكست الذي أبرمته مع الاتحاد الأوروبي وقوبل برفض واسع في بريطانيا. وأطلقت مسعى لم يدم طويلا هذا الأسبوع لإقناع النواب بإقراره في مطلع ويو، وهو أمر تأجل الآن. ورفض أغلبية النواب اتفاق الانسحاب الذي أبرمته مع قادة الاتحاد الأوروبي العام الماضي ثلاث مر ات، ما شك ل ضربة لماي أضعفتها أكثر في كل مرة. ومع استقالتها، باتت الطريقة التي ستنسحب بريطانيا عبرها من الاتحاد الأوروبي أكثر ضبابية من أي وقت مضى.
وواجهت ماي ضغوطا متزايدة للاستقالة بعد شهور من الشلل السياسي بشأن بريكست والذي تفاقم خلال الأسابيع الأخيرة في أعقاب النتائج الكارثية التي حققها حزبها في الانتخابات المحلية التي جرت في الثاني منمايو.
ويتوقع أن يحقق المحافظون نتائج سيئة مجددا في انتخابات البرلمان الأوروبي هذا الأسبوع والتي ستعلن نتائجها في وقت متأخر الأحد.
وجاءت نهاية عهد ماي بعد محاولتها الأخيرة تمرير اتفاقها المرتبط ببريكست والتي شملت منح النواب خيار إجراء استفتاء على الاتفاق.
وأثار التحر ك ردود فعل غاضبة من المحافظين بينهم أعضاء في الحكومة.
وقال وزير بارز لصحيفة "ذي تايمز" "اعتقدت أنها كانت تستحق فرصة أخيرة. لكنها ألقت بهذه الفرصة".
وبلغت الضغوط ذروتها بعدما استقالت أندريا ليدسوم، التي تعد بين أبرز المدافعين عن بريكست في حكومة ماي، من منصبها الأربعاء كوزيرة مكلفة العلاقات مع البرلمان.
واصبحت ليدسوم بذلك الوزير ال36 الذي يستقيل من حكومة ماي، وهو عدد قياسي في تاريخ بريطانيا الحديث.
وفي رسالة استقالتها، قالت ليدسوم لرئيسة الوزراء إنها لم تعد تعتقد أن نهجها حيال بريكست سيفضي إلى إتمام الأمر الذي قرره البريطانيون في استفتاء 2016.
وذكرت تقارير إعلامية أن عددا من الوزراء البارزين في حكومتها أجروا محادثات "صريحة" مع ماي الخميس.
وتؤذن استقالة ماي ببدء المنافسة على رئاسة الحزب -- التي بدأت بشكل غير رسمي -- ويتوقع أن تشمل أكثر من عشرة مرشحين يتصدرهم المدافع الشرس عن بريكست بوريس جونسون.
وقد يؤدي ذلك إلى مغادرة بريطانيا، التي أجلت موعد بريكست مرتين، التكتل في 31 أكتوبر بدون اتفاق، بحسب المهلة الجديدة التي تم الاتفاق عليها مع بروكسل الشهر الماضي.
وفي تعليقه على إعلان استقالة ماي، قال وزير الخارجية السابق في تغريدة "شكرا لخدماتك الدؤوبة التي قدمتها لبلادنا ولحزب المحافظين. لقد آن الاوان لمتابعة ما كنت تطالبين به: الوقوف معا وانجاز بريكست".
ولطالما أكد جونسون أن على بريطانيا ألا تقلق من إتمام بريكست بدون اتفاق.