بعد طول انتظار: افتتاح حديقة عين السبع في هذا التاريخ!    الذهب يتراجع متأثرا بصعود الدولار    الهند تعزز شراكتها مع المغرب في سوق الأسمدة عقب تراجع الصادرات الصينية    مراكش والدار البيضاء أفضل الوجهات المفضلة للأمريكيين لعام 2025    الصين تخصص أكثر من مليار يوان لدعم جهود الإغاثة من الكوارث الطبيعية    بطولة فرنسا: لنس يتوصل لاتفاق لضم الفرنسي توفان من أودينيزي    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تعقد اجتماعاً حاسماً لدراسة تعديلات قانونية وهيكلية    المغرب يدرب 23 عسكرية من 14 دولة على عمليات حفظ السلام الأممية    "صحة غزة": ارتفاع وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 193 بينهم 96 طفلا    إسبانيا توقف خططا لشراء مقاتلات طراز "إف-35"    مسؤول أممي يحذر من "تداعيات كارثية" لتوسيع العمليات الإسرائيلية في غزة    التأمين التكافلي.. أقساط بقيمة 94,9 مليون درهم خلال سنة 2024    اختلالات في أنظمة التقاعد الأساسية    حرمان مربيات التعليم الأولي من أجورهن يثير موجة استياء حقوقي في مراكش وجهات مجاورة    عبث التسيير بجماعة وجدة.. من يُسير ومن يُحاسب؟    قتيلة وتسعة مصابين جراء حريق غابات في جنوب فرنسا    كيوسك الأربعاء | 10 ملايين درهم لإنعاش الحرف التقليدية وترسيخ الهوية الأمازيغية            انقلاب شاحنة يقتل 20 شخصا بغزة    «أكوا باور» السعودية تفوز بصفقة «مازن» لتطوير محطتي نور ميدلت 2 و3    نيران بطريفة الإسبانية تخلي السياح        مصرع ستيني في حادثة سير مروعة وفرار السائق بطنجة    بين يَدَيْ سيرتي .. علائم ذكريات ونوافذ على الذات نابضة بالحياة    بنما تعلن من جديد: الصحراء مغربية... ومبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل النهائي    حين يضع مسعد بولس النقاط على حروف قضية الصحراء المغربية في عقر قصر المرادية.    السودان تتعادل مع الكونغو ب"الشان"    سفير إسرائيل السابق في فرنسا يناشد ماكرون: إذا لم تفرض عقوبات فورية على إسرائيل فسوف تتحول غزة إلى بمقبرة    ثلاث مؤسسات تسيطر على القطاع البنكي بنسبة تفوق 60%    المغرب ينتخب نائبا لرئيس مؤتمر الأمم المتحدة للبلدان النامية غير الساحلية    مسؤول أممي يحذر من "تداعيات كارثية" لتوسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة    الفنيدق: وضع خيمة تقليدية بكورنيش الفنيدق يثير زوبعة من الإنتقادات الحاطة والمسيئة لتقاليدنا العريقة من طنجة إلى الكويرة    وفاة المدافع الدولي البرتغالي السابق جورجي كوستا عن سن 53 عاما    الأوقاف ترد على الجدل حول إعفاء رئيس المجلس العلمي لفيكيك: "بعض المنتقدين مغرضون وآخرون متسرعون"    مستشار الرئيس الأمريكي يؤكد للجزائر عبر حوار مع صحيفة جزائرية .. الصحراء مغربية والحل الوحيد هو الحكم الذاتي        اليد الممدودة والمغرب الكبير وقضية الحدود!    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    "مستوطنة على أرض أمازيغية مغربية".. كتاب يصور مليلية مثالا لاستمرار الاستعمار وتأثيره العميق على الناظور    لطيفة رأفت تعلن تأجيل حفلها بأكادير وتعد بلقاء قريب    "ألكسو" تحتفي بتراث القدس وفاس    الإفراج بكفالة مشروطة عن توماس بارتي لاعب أرسنال السابق    المغرب ‬يسير ‬نحو ‬جيل ‬جديد ‬من ‬برامج ‬التنمية ‬المجالية.. ‬نهاية ‬زمن ‬الفوارق ‬وتفاوت ‬السرعات    خواطر تسر الخاطر    "منتخب U20" يستعد لكأس العالم    "سورف إكسبو" لركوب الأمواج في دورته الرابعة أكتوبر المقبل    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    علي الصامد يشعل مهرجان الشواطئ بحضور جماهيري غير مسبوق    الرباط تحتضن النسخة الأولى من "سهرة الجالية" احتفاءً بالمغاربة المقيمين بالخارج    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدونة السير واقتراب موعد الشروع في التطبيق : أي إعداد وأي تجهيز ؟

فاتح أكتوبر موعد قريب غير بعيد، لم تعد تفصلنا عنه غير بضعة أسابيع، يتم الإعداد له بِوَصَلَاتٍ إعلاميةٍ مَرئيةٍ ومسموعة؛ لشرح موادِّ ومضامينِ مدونة السير الجديدة.
ولكن ما ذا غير ذلك؟
كان المتوقع أن يستشعر الجميع حركية التحضير في المجالات القابلة لتسريع التغيير والإشعار به ، غير أن ظاهر الأمور ينبئ أن الانتظار سيد الميدان .
فما زال رجال المراقبة الطرقية يختبئون ويفاجئون وكأنهم يصطادون ، وما زالت اللجان الجهوية حبراً على ورق ، ولجان السير الجماعية تعمل في فتور ووهن ، ما زالت اختناقات المرور وأزمة الوقوف هي القاعدة ، ونقط التوتر هي السائدة، وعلامات التشوير بين حاضرة وغائبة، ومناهج التربية على السلامة الطرقية غير محددة ولا واضحة ، ووسائل الإسعاف متعثرة غير فورية ولا جاهزة .
لا نقول هذا من باب الإحباط والتثبيط، ولكن بهدف إثارة الانتباه والتذكير:
فإذا كانت المدونة مكسباً في مجال التشريع، إلا أنها لوحدها لن تفي بالغرض الأسمى وهو إيقاف النزيف، وتغيير السلوك على الطريق.
المُدَوَّنَة : أساساً مرجعيةٌ وأداة للتوعية ، وحافز على تقديرِ المسؤولية ، والارتقاءِ بمستوى التعامل مع الطريق. ولكنها جزءٌ من استراتيجية وطنية ، لذا ينبغي تفعيل باقي المحاور حتى تأتي المدونة في سياقها الطبيعي البعيد عن التصيد والإيقاع ، الباعث على التسامح والانضباط.
1: التنسيق ؛ وهو فرصة لتطبيق الحكامة الجيدة ؛ بِوَصْلِ التيار بين جميع الفاعلين المعنيين بأمر السلامة الطرقية ، وإدماجهم في ورشاتٍ واجتماعات ،ومبادراتٍ مسؤولةٍ وهادفة ، منتظِمةٍ متقاربة ؛ غير معطلة ولا متباعدة ، خاصة على مستوى اللجان الجهوية ، ولجان السير الجماعية ، ولِمَ لا تنبثق عنهما لجان يقظة تعاين وتقترح، تستصدر القرار ؛ وتستعجل الإصلاح.
2 التشريع : المصادقة على المدونة ليست نهاية المطاف ، فالأمر يقتضي تسريع إعداد النصوص التطبيقية كما يتطلب إخضاع مواد المدونة للتتبع والتقييم، لرصد الثغرات ، وتسجيل العثرات ، والإعداد للتصويب وتدارك الإغفال.
3 التكوين: يُفترضُ فيه ألا يقف عند حدود الإعداد لنيل رخصتي السياقة والسياقة المهنية ، أو التأهيل لاسترجاع بعض النقط الضائعة ، ولكن ينبغي أن يتجاوز ذلك إلى :
تأهيل أطر المراقبة الطرقية بجميع فئاتهم ليتمثلوا المدونة ، ويستكنهوا حِكْمَةَ التشريع ، ويعملوا على تطبيقه بتدرج وموضوعية ، ونزاهةٍ ومسؤولية.
وتأهيل تقنيي مصالح السير بالجماعات المحلية؛ ليستوعبوا معايير السلامة الطرقية ، وينفتحوا على التجارب الناجحة لتوفير التجهيز الأنسب ، وتيسير التنقل الأسلم.
4 التجهيز: رُكْنٌ رَكِينٌ في تفعيل الإستراتيجية واستحضار معايير السلامة الطرقية وهو ليس تعبيداً للطرق أو تشويراً عمودياً وأفقياً وكفى ، ولكنه أوَّلاً تحريرٌ للملك العمومي وتهيئته ليكون ملاذاً آمناً للراجلين بدلاً من أن يظل امتداداً للمحلات الخاصة ، وفضاءً لعرض السلع المنافسة .
والحال أنه إلى يومنا هذا كثيراً ما يتم التغاضي عن احتلال الملك العمومي ومصادرة حق الراجلين فيه إلى الحد الذي يجعل بعض المقاهي تبتلع الرصيف ، وتُقيمُ حواجزَها على حافةِ الطريق ، فأيُّ لَوْمٍ أو مؤاخذةٍ بَعْدها للراجلين وهم يعبرون وسط المدارات ؛ أو يسيرون على قارعة الطريق؟ !)
وهو كذلك تأكيدٌ لحضور الولوجيات نحو الأرصفة والمرافق العمومية بمعاييرها التقنية ؛ وليس الحضور الشكلي الذي يُفرغها من محتواها ووظيفيتها ؛ ويجعلها أحق بأن توصف بالولوجيات المفترى عليها.
إضافة إلى تَعداد ممرات الراجلين وإبرازها في ملتقيات الطرق ، وأبواب المدارس ، وحيثما لوحظت الحاجة إلى ذلك.
التجهيز أيضاً : توزيعٌ مدروس ومُحْكَمٌ للفضاء الطرقي على نحو يُعطي الأولوية للراجلين والنقل الحضري والدَّرَّاجيين (مستعملي الدراجات) بتوَجُّهٍ يتجاوب مع مستجدات العصر، ومعايير السلامة الطرقية .
وهو تطويرٌ وارتقاءٌ بالنقل الحضري ليُغري بالتعامل معه، ويزَهِّدَ في استعمال وسائل النقل الخاصة لما تتسبب فيه من اختناقات، وينجم عن كثافة تحركها من تصادمات.
وهو أيضاً مواصلة فك العزلة ، وتعميم الطريق السيار،والتشجيعُ على ارتياده،ِوتوفيرُ الحمايةِ والأمنِ لمستعمليه ، ووقايتُهم مخاطرَ الاعتداءِ أو العبورِ العشوائي أو الاستيقافِ المباغت ، أو التفاجؤ بانخسافٍ
في التربة أو أعطاب على الطريق.
5 المراقبة: وينبغي لها أن تتحلى بالنزاهة والموضوعية ، وتنتفيَ لديها الرشوة والمحسوبية ، وتسير في اتجاه تعميم المراقبة الآلية، وإحلالها محل المراقبة البشرية.
المراقبة باختصار ينبغي أن تسمو عن تشخيص لعبة القط والفأر؛ لتكون أداة لاستكمال التربية والتحسيس، والتروي والتدرج في تطبيق القوانين ؛ قبل أن تكون فرصة للتصيُّدِ والتغريم.
6 التربية والتحسيس :لا تتم بالوصلات الإعلامية والإشهارية، ولا بالوصايا والتعليمات النظرية فحسب، ولكنها تقوم بالأساس على الأمثلة الحية والقدوة الصالحة من الكبار للناشئين، ومن المسؤولين لباقي فئات المستعملين.
ودَوْرُ الورشات والندوات وأندية التربية على السلامة الطرقية لا يُنكَر ، لذا ينبغي تفعيل جميع الآليات للحث على تعديل السلوك ، وتقويم آداب السير على الطريق .
ودَوْرُ جمعيات المجتمع المدني الواعية برسالتها؛ الْمُعَدِّدَة لمبادراتها؛ حَجَرُ الزاوية في التحول المنشود؛ لكونها جسراً متيناً واصلاً بين مستعملي الطريق حين تُقَرِّبُ إليهم المستجدات ، وتُبَصِّرُهم بعواقب الاندفاع واللامبالاة، وبين المسؤولين في مواقع القرار ؛ حين تُذَكِّرُهم بانتظارات المجتمع المدني ومظاهر المعاناة.
فمتى تُعْقَدُ معها الشراكات ؟ ويُعتمَدُ رأيُها في اتخاذِ التدابير والإجراءات ؟ ويتم استحضارُها والأخذُ برأيها في البداياتِ قبل النهايات؟.
7 الإسعاف : لطالما تكرر الحديثُ عن الإسعاف ، والاعترافُ بأن قرابة 40%من المصابين في حوادث السير تذهب أرواحُهم سُدى ، أو تَلحقُ بهم عاهاتٌ مستديمة بسبب تعثر الإنقاذ ، والنقص في وسائل الإسعاف ، وأن التدخل السريع والإغاثة الفورية المجهزة والمؤطرة والموَجَّهة كفيلة بالحد من النزيف ، وتقليص نِسَبِ ضحايا الطريق.
غير أن دار لقمان لا تزال على حالها ، فالمروحيات لا تتحرك إلا نادراً ، وفي ظروف استثنائية ، ووفق تعليمات خاصة، وسيارات الإسعاف قَلَّ منها المجهَّزُ المُؤَطَّر، وفكرة الكشف السريع لحظة الإغاثة، والتوجيه نحو مستشفى الاختصاص لا تزال تراوح مكانها، ولا تكاد تَعْدُو مقترحيها.
فمتى تتعبأ الجهود لإيلاء الإغاثة الفورية ما تستحق من توفير آليات التنفيذ، ووسائل التفعيل؟ !
الخلاصة: وصفوة القول أن عبارة « لنغير سلوكنا « شعارٌ وطني سامي التوجُّه؛ عميقُ الدلالة، ينبغي ألا يقف عند حدود السائق الذي يظل مدعواً في كل الأحوال إلى تجاوز أخطائه وتعديل سلوكه.
ولكن يتعين أن يشمل أيضاً كافة المعنيين بأمر السلامة الطرقية ليتجاوزوا النَّمَطية ، والشكلياتِ والرتابةَ الإدارية ، وينفتحوا على التجارب الرائدة ، ويستحضروا معايير السلامة الطرقية ، ويُعَدِّدُوا المبادرات، ويعتمدوا إعمالَ الفكر والاجتهاد، والحرص على التجاوز المستمر للتجارب؛ في بحث متواصل عن الإطار الأنسب ، والسلوك الأقْوَم ، للتنقل الأسلم.
الْهَامُّ جداً: ألا يقتصر الإعدادُ للشروع في تفعيل المدونة على شرحها وتقريبها ، وأن يستشعر الجميع بوادر تفعيل روح المدونة في المجالات القابلة لذلك ؛ تدرُّجاً في توفير الأرضية الملائمة لتطبيقها، وخاصة في أساليب المراقبة ومواقعها، وحيثيات تسليم الشهادات الطبية التي تتأكد الحاجة إلى التنبيه على ضرورة تحكيم الضمير الديني والمهني عند تحريرها وتوقيعها. .
والأهم: أن يكون الانتقال نحو تقبّل المدونة، والتعوّد على احترام بنودها وتطبيقها؛ انتقالاً سَلِساً بعيداً عن أي توترٍ أو تعارضٍ، أو ممارسة لأي شَطَطٍ أو تعسّف.
*رئيس جمعية فاس للسلامة الطرقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.