توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بمختلف مناطق المملكة    مقبرة الرحمة بالجديدة بدون ماء.. معاناة يومية وصمت الجهات المعنية    فيديوهات خلقت جوًّا من الهلع وسط المواطنين.. أمن طنجة يوقف سيدة نشرت ادعاءات كاذبة عن اختطاف الأطفال    العثور على جثث 13 عاملا بالبيرو    طنجة.. حملات أمنية متواصلة لمكافحة الدراجات النارية المخالفة والمعدّلة    ريال مدريد ينجو من ريمونتادا سيلتا فيغو    كأس أمم إفريقيا U20 .. المغرب يتعادل مع نيجيريا    الاحتفاء بالموسيقى الكلاسيكية خلال مسابقة دولية للبيانو بمراكش    احتفاء فريد من نوعه: مهرجان التوائم الدولي يجمع أكثر من ألف مشارك في جنوب غربي الصين    المغرب التطواني يحقق فوزًا ثمينًا على نهضة الزمامرة ويبتعد عن منطقة الخطر    شبكة نصب لتأشيرات الحج والعمرة    تطوان تحتضن النسخة 16 من الأيام التجارية الجهوية لتعزيز الانفتاح والدينامية الاقتصادية بشمال المملكة    كأس إفريقيا لأقل من 20 سنة: تعادل سلبي بين المغرب ونيجيريا في قمة حذرة يحسم صدارة المجموعة الثانية مؤقتًا    اتهامات بالمحاباة والإقصاء تُفجّر جدل مباراة داخلية بمكتب الاستثمار الفلاحي للوكوس    ملتقى بالقدس يشيد بجهود الملك    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    جريمة بيئية مزعومة تثير جدلاً بمرتيل... ومستشار يراسل وزير الداخلية    الدوري الألماني.. بايرن ميونخ يضمن اللقب ال34 في تاريخه بعد تعادل منافسه ليفركوزن    طنجة تحتضن اللقاء الإقليمي التأسيسي لمنظمة النساء الاتحاديات    وزيرة تكشف عن مستجدات بشأن الانقطاع الكهربائي الذي عرفته إسبانيا    شركة بريطانية تطالب المغرب بتعويض ضخم بقيمة 2.2 مليار دولار    المغرب يتصدر قائمة مورّدي الأسمدة إلى الأرجنتين متفوقًا على قوى اقتصادية كبرى    تحالف مغربي-صيني يفوز بعقد إنشاء نفق السكك الفائقة السرعة في قلب العاصمة الرباط    انخفاض جديد في أسعار الغازوال والبنزين في محطات الوقود    الأميرة لالة حسناء تشارك كضيفة شرف في مهرجان السجاد الدولي بباكو... تجسيد حي للدبلوماسية الثقافية المغربية    الفن التشكلي يجمع طلاب بجامعة مولاي إسماعيل في رحلة إبداعية بمكناس    "البيجيدي" يؤكد انخراطه إلى جانب المعارضة في ملتمس "الرقابة" ضد حكومة أخنوش    الخيط الناظم في لعبة بنكيران في البحث عن التفاوض مع الدولة: الهجوم على «تازة قبل غزة».. وإيمانويل ماكرون ودونالد ترامب!    الطالبي العلمي يمثل الملك محمد السادس في حفل تنصيب بريس كلوتير أوليغي نغيما رئيسا لجمهورية الغابون (صورة)    المغرب يطلق برنامجًا وطنيًا بأكثر من 100 مليون دولار للحد من ظاهرة الكلاب الضالة بطريقة إنسانية    إسبانيا: تحديد أسباب انقطاع الكهرباء يتطلب "عدة أيام"    المغرب يجذب الاستثمارات الصينية: "سنتوري تاير" تتخلى عن إسبانيا وتضاعف رهانها على طنجة    الناخب الوطني يعلن عن تشكيلة المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة لمواجهة نيجيريا    الشرطة البرازيلية تحبط هجوما بالمتفجرات على حفل ليدي غاغا في ريو دي جانيرو    مصادر جزائرية: النيجر تتراجع عن استكمال دراسات أنبوب الغاز العابر للصحراء    استشهاد 16 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء في قصف إسرائيلي جديد على غزة    العداء الجزائري للإمارات تصعيد غير محسوب في زمن التحولات الجيوسياسية    معهد الموسيقى بتمارة يطلق الدورة السادسة لملتقى "أوتار"    بريطانيا تطلق رسمياً لقاح جديد واعد ضد السرطان    توقيف 17 شخصا على خلفية أعمال شغب بمحيط مباراة الوداد والجيش الملكي    "الأونروا": الحصار الإسرائيلي الشامل يدفع غزة نحو كارثة إنسانية غير مسبوقة    علماء يطورون طلاء للأسنان يحمي من التسوس    المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين يعبر عن دعمه للوحدة الترابية للمغرب    نجم الراب "50 سنت" يغني في الرباط    من المثقف البروليتاري إلى الكأسمالي !    الداخلة.. أخنوش: حزب التجمع الوطني للأحرار ملتزم بتسريع تنزيل الأوراش الملكية وترسيخ أسس الدولة الاجتماعية    الشرطة البريطانية تعتقل خمسة أشخاص بينهم أربعة إيرانيين بشبهة التحضير لهجوم إرهابي    الجمعية المغربية لطب الأسرة تعقد مؤتمرها العاشر في دكار    دراسة: الشخير الليلي المتكرر قد يكون إنذارا مبكرا لارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب    وهبي: مهمة "أشبال الأطلس" معقدة    وداعاً لكلمة المرور.. مايكروسوفت تغيّر القواعد    مقتضيات قانونية تحظر القتل غير المبرر للحيوانات الضالة في المغرب    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النقاش للنص وليس لصاحبه .. في حوار الأمير


في نقاش الأمير هشام حرج ناتج عن التباسات:
-1 الوضع الاجتماعي-السياسي، والمواقف المتميزة، ولعلها موروثة، والتي قد تبدو وكأنها عائلية، وأحيانا حتى شخصية، للأمير. فهو يقدم كما لو كان مظلوما ومستهدفا، ولعله أيضا موتور، فتتداخل لذلك شروط الشخص بموضوعات الكتابة وأهدافها (؟!)
-2 تقصد البعض، أن يؤطر كتاباته ويوظفها خارج مضمونها، فأثر لذلك صبغه ب»الأحمر»، على قراءة نصوصه، والحال أنه لم يكتسب بعد، وحتى اليوم، لونا بالذات.
-3 إن الأمير فاجأ انتظارات الناس منه، وذلك من حيث عدم انسجام وسائله مع غاياته المعلنة، ف»منطق» سياسة المصلحة الوطنية، كان يقتضي في العرف السائد استثمار موقعه بطريقة مختلفة، أكثر جدوى وأقل خسارة، وإلا فهو يكرر خطأ السابقين إلى الدرب الذي اختاره، والذين سهلوا بسلوكهم، استمرار الإدارة الاستعمارية واستمرار حكم حلفائها والاتباع.
-4 إن بعض الأشخاص الذين ربطوا أسماءهم بشخص الأمير ومواقفه، (وربما تمويلاته أيضا) عن صدق أو انتهاز أو تخذيل... ربما أساؤوا إلى صورته وبالتالي نصوصه..
-5 يجب علي التصريح، أنني كغيري أتعاطف مع المواقف والنوايا المعلنة للأمير، غير أن وعيها وتصريفها السياسيين وخلفياتها الفكرية. أمر آخر، هو ما سيحاول هذا الحوار، الوقوف عند بعضه بمناسبة مقالته «المثقفون العرب بين الأصوليات والدول»
-6 درءا لاحتمال تحول الحوار إلى جدال، أربأ بنفسي وبالأمير عن الانزلاق إليه، أفضل أن تكون صيغته فكرية لا سياسية وإيجابية لا سجالية.
مرجعي هو النص المنشور للمقالة باللغة العربية. ولا أدري فيما إذا كان الكاتب يتحمل مسؤوليتها كاملة. النقاش إذن هو للنص أكثر منه لصاحبه، خاصة وثمة أكثر من قرينة على أن الترجمة غير موثقة.
1 - على نمط أغلب كتابات الاستشراق التي ينتقدها هو نفسه، لا نستطيع فك الارتباط في المقالة بين ما هو وصف أو إخبار أو تحليل ومواقف الكاتب، وهو أمر يربك النقاش ويعكر وضوحه المطلوب (المسألة اللغوية مثلا)
2 - عدم ضبط حدود المكان وحدود الزمن موضوع أطروحته، فهو بالرغم من حديثه عن «القرنين الأخيرين» إلا أن بعض استشهاداته تعود إلى عصر «علم الكلام» مثلا.
3 - إذ كانت المفاهيم هي مفاتيح كل فكر، وكانت المصطلحات هي عناوينها.. فثمة تشوش كبير على هذا المستوى، التعميم، ومن ذلك مثلا:
أ- مصطلح «الإسلام» فسواء أكان إسلام الواقع أو إسلام التاريخ أو إسلام النص.. فليس هنالك انسجام أو تطابق.. بل على العكس، ثمة ما لا حصر لعدده من التأويلات ومن الممارسات ومن المفهومات... فعن أي إسلام يتصل الموضوع...(؟!)
ب-«العرب» بأي معنى: «عرقي» وهو أمر لا قيمة له علميا وتاريخيا وواقعا (مصطلح استعماري-عنصري في جذوره).
«من يتكلم العربية» وهو التعريف النبوي للمصطلح.
أم هم المستوطنون في جغرافيا (طبيعية، اقتصادية، بشرية...) محددة، وهذا يشمل الكثيرين... وذلك تماما كما نقول عن الهنود أو الصينيين أنهم كذلك مع أنهم شعوب وأديان ولغات... أو عن الألزاس...إنها فرنسية، رغم اختلاف لغتهم...
ت-«البورجوازية» (العربية): وهذه حالات وتناقضات، أهمها اليوم:
ت/1 - تلك المرتبطة منها بإدارات دولها، من تم بالسوق والمصالح المعولمة لاستراتيجية الرأسمالية الأمبريالية، وهي اليوم السائدة والحاكمة، وأوصافها لاحصر لها (وسيطة، طفيلية، تابعة...)
ت/2 - من تتناقض مصالحها مع هيمنة و/أو سيطرة رأسمال الأجنبي (=الاستعمار) وحليفه أو تابعه في الداخل (=الاستبداد) وهذه عموما من تستحق نعتها بالوطنية (قومية و/أو إسلامية) وهي من انهزم كإدارة (مصر، العراق والجزائر) غير أنها تنبعث مجددا في المجتمع بقميص إسلامي غالبا، وهي في صعود وانتشار، وتنجح حيثما وكيفما توسلت سياسيا (بالانتخابات، بالانتفاضة، بالانقلاب وبالمقاومة الوطنية...)
4 - ثمة تشوش مصطلحي، وذلك مثلا عند إيراد مصطلحات متعددة لمفهوم واحد، مثلا: الإسلاميون / الأصوليون / السلفية / المتطرفون(؟!)
وأخرى يقع الخلط بين مفهومين أو مرحلتين، في تاريخ ذات المصطلح من ذلك «السلفية» فهذه اليوم غيرها في القرنين السابقين:
أ-لم تكن سلفية العصر العربي الحديث سوى إيديولوجيا الحداثة معربة أو مسوغة تراثيا (علي لفولتير /ابن مسكويه وأخوان الصفا... لداروين / ابن خلدون لكونت...إلخ) وهي من أسس للمجتمع المدني العربي (الأحزاب ، النقابات ، الصحافة ، المدارس الحرة- الأدب والإصلاح اللغوي...) ولم تكن في ذلك سوى «مقلدة» للحاضر الغربي، لا لماضيها بالأحرى. صنيع أمها أو شقيقتها الأوربية، والتي عمدت هي قبلها، ومن أجل المستقبل إلى العودة نحو الماضي اليوناني (المادية، العقلانية...) والروماني (القانون بديلا للشريعة) واليهودي... سبيلا للنهوض ثم للتنوير ثم للثورة (في فرنسا كانت ذروتها) ما يسمى بالتاريخ المستعار أو الاستعاري...
ب- أما السلفية المعاصرة، وهي بعد في طور «مفاجئاتها»، فهي محاولة إنقاذ لفشل السابقة عليها في المقاومة، كما في المصالحة مع الرأسمالية الاستعمارية (الغرب شجعها ثم خذلها) ، ولذلك تعود القهقرى نحو ماض أعرق للدين وللتراث، نحو الفطرة، نحو الجسد، نحو العفوية، نحو الشفوية، ونحو التضحية (=القربان).
في الحالتين، فلم تكن السلفية ولا هي اليوم، أرتوذوكسية إلا صوريا ومن أجل التسويغ واكتساب الشرعية ليس غير.
وتكون الرجعة أعرق، كلما كانت إرادة القفز أبعد (؟!).
5 - مسألة الثقافة، ومن ثم المثقفين، تطرح مسألة التداخل.
ثمة تداخل لمستويات حقل ومفهوم الثقافة في المقال، فهذا المصطلح لمفهوم أديولوجي ملتبس جدا، ويحتاج إلى تدقيق في كل حين وكل حالة.
يمكن، وربما يجب، التمييز بين مستويات ثلاثة له على الأقل:
1 - الثقافة بإطلاق أو بإضافة صفة «العالمة» وهذه ظاهرة: تاريخية /واعية/ نخبوية/كتابية / تراكمية/ ذات بعد إنساني وعالمي /مكتسبة / هادفة...إلخ.
2 - الثقافة الشعبية بمعنى الفلكلور وهي: موروثة /لا تاريخية / طبيعية (=جغرافية) (ثقافة الجبل غيرها في السهل والساحل والصحراء والغابة والجليد...) معاشية/سلوكية / عفوية / شفوية / شكلية...إلخ.
3 - الثقافة الجماهيرية: وتكمن خصوصيتها في وسائلها (=رسائلها): إذاعة ، تلفزة ، سينما ، كاسيت ، مهرجان...إلخ.
لاشك أن بين هذه المستويات علاقة بل علاقات، ولكن العلاقة لا تتم إلا بين منفصلين، الأمر الذي يعني تميزها عن بعض.. وهو ما لا نلمس أثرا له في المقالة.
6 - ينعكس ذلك على مستوى مفهوم «المثقف» والذي هو ظاهرة مرتبطة تاريخيا بالقرن 17 الأوربي (التاريخ العربي لم يدرس بعد..) وذلك عندما تمكن المجتمع (=البورجوازية) من توفير الاستقلال المادي، لحامل سلاح المعرفة، عن إدارة الدولة. وأضحت المعرفة لذلك، ولأول مرة، في خدمة المجتمع ولمصلحة أهدافه في تغيير إدارة الدولة.. وذلك بعد أن كانت في خدمة الدولة حصرا، تكرس ولا تغير، تزكى ولا تنتقد، تسوغ ولا تكشف...
منذ محمد بن ع. الوهاب والأفغاني والكواكبي... مرورا بطه حسين وعلال الفاسي وجبران ومحفوظ والمجاطي ودرويش...إلخ كل ذلك التاريخ من صراع الفكر والصحافة والرواية والمسرح والقصة والسينما...إلخ هو تاريخ ثقافة ومثقفي المجتمع بقيادة طبقته الوسطى المواطنة والمناضلة... انتهى اليوم إلى الإخفاق الاقتصادي-الاجتماعي، الثقافي-السياسي... قبل العسكري.
ليست المسألة سيكولوجية إذن (جبن، انتهاز...) بل اجتماعية-تاريخية بالأحرى، انهزام طبقة لا نخبة، ونهاية مرحلة لا نهاية التاريخ.
ملاحظة: ينبعث اليوم «مثقف» عضوي جديد: فطري-شفوي-شعبوي-أقل عقلانية، أكثر حركية ،ذاكرته متخففة من التراث، وتأويلاته له، تخضع لمطالبه منه (=خياله) باختصار فهو أمي، نسبة إلى البعد الأنثوي في الأم لا الذكوري في ثقافة آبائنا جميعهم... هذا النموذج المعاصر، هو اليوم العدو الألذ للاستعمار، كما للاستبداد...
7 - بعض أزمات مناهج المعرفة والعلم، تقتضي اليوم تداخلها واستفادة بعضها من بعض ومن الثخوم المشتركة فيما بينها، يتم ذلك عند اقتضاء الحاجة لا المزاج كما في المقالة، من ذلك:
أ-استعارة المقالة لمفهوم ازدواج الشخصية من حقله المخصوص والمرضي، لوصف حالة اجتماعية تفسيرها متيسر وأفيد وإيجابي بغير ذلك.
- فالصراع قانون عام يحكم شروط قرارات وسلوكات الأفراد، فضلا عن المجتمعات والدول... وهو لذلك ليس مرضا.
- نحن مجتمعات في طور انتقال، وهو ما يعني ضرورة استمرار تساكن قديم يتشبث بالاستمرار ولا يجد من يكنسه، أو حتى جثة لا تجد من يقبرها، ووليد يتخلق لا يجد قابلة تخفف آلام المخاض وتسرع بالوضع، هذه حالنا وهي ليست شيزوفرينيا.
- ومن مظاهر الوضع التبعي لطبقتنا الوسطى، هذه الازدواجية الثقافية، والتي تفرض عليها الجمع بين نقيضين تسميهما: الأصالة والمعاصرة، فتستعمل الأولى لضبط الجماهير والثانية لترسيخ التبعية. وهو تمزق قاتل، ما زلنا نعاين عواقبه الكارثية في الجارة الشقيقة.
ب-أما عن مسألة النزعة الفردانية، فهي في شروطنا (عكس الغرب) ليست أنانية في العمق، بل ردا وتجاوزا، متطرفا ربما، لجماعية مجتمع، لم يكن يشجع على بروزها (عائلي ، عشائري ، قبلي ، طائفي...إلخ). وربما كان الخطأ في الترجمة، فالفردانية حالة ثقافية-سيكولوجية، في حين تعتبر الأنانية خلة أخلاقية.
8 - افتراض الانسجام في ما يحتوي التناقض أو العكس، ومن ذلك اعتبار المقالة للتحالف وكأنه يلغي التناقض، والحال أن المختلف هو من يمكن عقد التحالف بين أطرافه، أما المؤتلف فهو لا يحتاج إلى ذلك، ما يعني أنه إذا انعقد فهو بالضرورة مؤقت، ديناميي جدلي... بمعنى أن طرفيه أو أطرافه، تنتهي كل منها، إلى غير الشروط التي انطلقت منها، تمسى غير ذاتها «الأصلية».
9 - ثم نأتي إلى قضية القضايا: المسألة اللغوية، وهي اليوم من أعقدها، ويتداخل في موضوعها: الأجنبي والجاهل والمغرض... بالمختص.. ويبدو الأمير فيها مستعرضا ومضمنا موقفه خلال ذلك عرضا، ويجب بالمناسبة توضيح التالي:
1 - إن «الفصاحة» في اللغة، تعني المستوى الوسيط لها، والرسمي لذلك، والتي لا تستطيع الجماعات اللغوية الوطنية، التفاهم في ما بينها دون المرور منه، وهذا قانون يشمل جميع لغات الدول.
2 - اللغة العربية الفصحى (أو الكلاسية أو الوسيطة..) لم تكن وليست هي اليوم لغة القرآن الكريم (مع أنه مرجعها الأهم) ففصاحة العصر العباسي ليست فصاحة العصر الوسيط المجهضة وليست بالأحرى العربية المعاصرة (لغة أدب طه حسين ومحفوظ ونزار... وخاصة الصحافة).
3 - عندما دخل الإسلام المغرب، اختلف اختيارهم اللغوي عن الشعوب الأخرى المماثلة (مصر-فارس-تركيا) حيث تبنوا الفصحى للمدرسة والإدارة والأمازيغية للحياة الأسرية، والحرف العربي لكتابتها، والمغربية للتواصل المجتمعي الوطني وللتعبير أيضا.
4 - أكثر من اللغة المقطعية (الصينية مثلا) تسمح العربية الفصحى اليوم بالاتصال المباشر، ودون وسيط، وللمراهق حتى، بذاكرة تعود إلى أكثر من 1400 عام. وهو غنى للذاكرة واستقلالية للشخصية... لا تتوفر في عالم اليوم لأي من شعوبه المعاصرة (بما في ذلك العبرية).
5 - إن أكثر الدارجات العربية المعاصرة، ليست كما يعتقد الكثيرون خطأ، تطورا أو حتى «فسادا» لفصحى أصلية، إنها بالأحرى لغات قديمة، بل هي أعرق من الفصحى نفسها والتي لم تكن سوى منتوج مركب ومصطنع منها.
6 - وهو ما يعني أن دعوة البعض اليوم، لاستخراج فصحى من الدارجة، هو الأمر بالضبط الذي قام به الأقدمون ثم الأوسطون ثم المعاصرون العرب، مع ملاحظة: أنهم ادخلوا في اعتبارهم لهجات متعددة وأيضا لغات شعوب أخرى.
7 - إذا كان مقصود البعض هو الإصلاح اللغوي، فإنهم يخطئون التعبير عن مقاصدهم حينما يعتبرون الدعوة إلى الدارجة سبيلهم إلى ذلك، إنهم يشوشون على المعركة، ويخلطون بين أطراف الصراع فيها، ويضيعون عليهم الأهداف ويضاعفون الأعداء.
8 - دعاة الدارجة المغرضون، ومنذ تأسيس الدعوة من قبل آبائهم في الاستشراق الاستعماري، يتقصدون فصلين وعزلين للشعوب العربية:
أ- عن ذاكرتها الثقافية والحضارية والدينية... ما يفقر خيالها ويحبط طموحاتها ويسمح بتشويه وتتفيه شخصيتها واستتباعها والتقرير الخارجي لمصائرها (=العدمية التاريخية).
ب- عن امتدادها الجغرافي (الطبيعي-الاقتصادي-البشري...) العربي، والذي بدونه لا نستطيع مواجهة تحديات ما يسمونه العولمة. واسمه الحقيقي هو: الاستعمار والامبريالية (=الانعزالية القطرية).
9 - إذا كانت قضيتنا الوطنية والقومية اليوم هي إنجاح الانتقال نحو الديمقراطية (=الحداثة الحق) فإن الإصلاح الديني يعتبر شرطها (تجريد إدارة الدولة من سلطة الدين وتمكينها للمجتمع) وهذا يتعذر دون إصلاح لغوي.
10 - في التاريخ المعاين، فإن الإصلاحات اللغوية الكبرى، كانت دائما منتوج الشعوب بقيادة نخبها، ثم إقرار إدارات دولها لها تلقائيا أو تحت الضغط أو هما معا... وهو أمر حاصل اليوم جزئيا على مستوى الممارسات اللغوية العربية.
11 - ما نحن بحاجة إليه إذن في هذا الباب، كما في أبواب التنمية والتحرر والديمقراطية... هو افتقاد القرار العربي الواحد والموحد... فالتأخر عن إقرار إصلاحات لغوية قطرية، هو أهون من تكريس القطرية وتأخر الوحدة، ومضاعفة أعبائها، إنه بالأحرى امتياز عربي قل نظيره في العالم المعاصر، وهو بعض مما يفسر تقدم أمريكا وتعثر أوربا التي يصرف اتحادها ثلث ميزانيته على ترجمة وثائقه إلى لغات شعوبه التي كانت في وقت ما موحدة (=اللاتينية).
12 - يتأكد اليوم أن الشرط الأنسب، بل والإطار الضروري لجميع أنواع الإصلاحات (سياسية-دينية-لغوية وثقافية...)، هو بناء الولايات المتحدة العربية (لا العروبية)
10-بقيت مسألة المهرجانات، وهي تدخل ضمن ما يصطلح عليه بالثقافة الجماهيرية، أقول لا دفاعا بل توضيحا،
أ-إنها ظاهرة عالمية، وهي في أكثرها استجابة من قبل إدارتي المجتمع المدني (البلديات) والدولة، لحق الناس في لقاء بعضهم البعض وتواصلهم الحميمي وفي المتعة الجسدية (الرقص والسماع) وهي تكاد تكون الصيغة الحداثية لنمط المواسيم الدينية-التجارية-الاجتماعية (=الزواج) في القديم والوسيط.
ب-إعادة إنتاج وتوظيف عصري للتراث. الصوفي مثلا في حالة فاس والافريقي في حالة الصويرة...الخ ومن حيث المبدأ فهذا سعي محمود خاصة بالنسبة للمكون الزنجي والبعد الإفريقي للمغرب وللمغاربة.
ت-هي استثمار سياحي بمضمون ثقافي، وهذا نمط مما تجب الدعوة إليه في كل سياحة تتغيى تواصل وحوار الجهات الوطنية والثقافات العالمية.
أما حول نوعية المنشطين والشروط المرافقة للاحتفالات... فهذه مما ينعقد الإجماع الوطني المواطن، على التحفظ من أحوالها الراهنة.
11 - أما مسألة الإفطار العلني لرمضان... فلعلها تكشف عن شرود الأمير زمنا ومكانا. وإلا فإن النقاش الصحفي الذي أثير حول الموضوع أوضح أن القانون، «الحداثي» الموروث عن الاحتلال الفرنسي لا الشريعة، هو الذي طبقت مقتضياته، وهو تشريع من قبل عقلاء فرنسا لحماية سفهائها، ممن قد لا ينتبهون، أو قد يتقصدون استفزاز «الأهالي» أثناء صيامهم، وما قد يجره ذلك عليهم من ردود فعل لا تحمد عقباها، لقد كان المعمرون أرحم بالمغاربة وبأنفسهم، من بعض «مواطنينا» غير البارين بآبائهم وبالوطن، وإلا فإن الإسلام هو أكبر من أن يعبأ بسارق لقمة أو جرعة في مسكنه الحرام على غيره.
خلاصة:
-1 في جدل أو ازدواج البعدين: الديني «السلفي» والحداثي لإدارة الدولة. فإن الأخير هو من يوظف الأول لمصلحته، لا العكس. ما تشيعه الدول وتمارسه هو الأيديولوجيا والسياسة لا الدين، الذي هو محض مشحب أو قناع بالنسبة لها، والمعضلة هنا تكمن في سؤال، أية حداثة: للتحرير والديمقراطية ؟ أم للاستبداد والتبعية ؟
-2 في محاولتهم باسم المجتمع لانتزاع المشروعية الدينية من إدارة الدولة، يشتغل السلفيون موضوعيا من أجل تحريرها (الدولة) من استعماله (=الدين)، ومن تم يدفعون بها إلى البحث عن مصدر آخر للمشروعية، والتي ليست هي اليوم سوى الديمقراطية أي الحكم باسم الشعب لا باسم الله.
ولطالما تولد الجديد من صراع قديمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.