قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب و يكذب فيها الصادق و يؤتمن فيها الخائن و يخون فيها الأمين و ينطق فيها الرويبضة قيل: و ما الرويبضة؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة.)) الرويبضة في عالم السياسة هم من كانوا ضد السياسة ولا يفهمون فيها ولا يمكنهم ولوجها لأنها في حكم الفاسد وأنها بنيت على باطل .. ومنهم من يرى أن أمورها وأمور الحكم لا يمكن أن تستقيم إلا إذا كانوا فيها وحدهم وتجاوزا قد يقبلون بالآخر شريطة أن يكون تابعا ويسير على خطاهم إن صعدوا الجبل صعد معهم وان خاضوا في البحار خاض فيها وان قالوا أو قرروا سارع إلى قول «...آمين بأعلى صوته « وإلا بطلت كل أعماله وخابت مساعيه ..وان قال رأيا مخالفا لهم فهو في حكم المارق والمنفلت الذي لا يرجى منه خير إلى أن يعاد تأهيله وتعليمه كيف تكون الطاعة .. فيسمح له بأن يكون في خانة الأصفياء المخلصين الذين سيفوزون فوزا عظيما ولم لا قد يصبحون من الصالحين ويُعترف لهم بالصحبة .. ففي عالمنا اليوم ونحن نتأمل نتائج ما أطلق عليه «الربيع الديموقراطي» سنقف أمام ظاهرة مشتركة حيث إن البعض ممن كانوا دعاة للإصلاح والتغيير وهم يلقون الخطب والوعود ويرسمون طرقا من نور حسب ادعائهم زمن التظاهرات ..وبمجرد ما خلا لهم الجو تحولوا إلى شيع وجماعات يسفه ويكفر ويقتل بعضهم بعضا ..فكانوا متفوقين في تصريف جهلهم وسوء فهمهم، تكلموا في الدين أو خاضوا في السياسات أو أعلنوا عن خليفتهم أو قائدهم أو أميرهم ..ولن يستفيقوا من كابوس الفتنة التي هم وقودها إلا على أنقاض ما بناه السابقون لعقود موغلة في القدم ورائدة في التحضر والمعرفة ..بتخريبهم لبيوتهم وبيوت الناس بأيديهم ..وإتلافهم لكل مقومات الاقتصاد والتنمية ..وتعطيلهم لمؤسسات التعليم والصحة و... لتعم الأمية وسط الأبناء ويغزو الجهل العقول وتصاب الأجساد بالعلل النفسية والجسدية التي رأينا نماذج منها ذكرتنا بما عانته عدة أعراق من إبادات وتقتيل جماعي في الحروب العالمية وفي البوسنة والهرسك وفي ميننمار ..فكم يلزمنا من تضحيات لنتحرر من الظلم بكل أنواعه ومن التخلف بكل تجلياته ومن الجهل بكل تمظهراته ...؟؟ إن قاموس المفاهيم والقوانين الكونية والفكرية والعلمية التي تأسست عليها كل المعارف والعلوم التي أخرجتنا من ظلمات الحاجة والفقر والجهل أصبح مخترقا ويطاله التحريف والتشكيك .. لتعتبر الحرية بدعة تؤدي الى الفساد ..ويكون العدل هو إخضاع المخالف وإجباره على الاتباع ..وليوصف تعليم بناتنا وادماجهم في التنمية خروجا عن الاعراف والاصول ومزاحمة للرجال في سوق الشغل ..ولتصنف الفلسفة والابداع الفكري على انها من وحي الشيطان والكفار ..ولتنعت الفنون الجميلة بانها فسق وانحراف في الايمان ...الخ ولينقسم حكمهم على الديموقراطية بين من يعتمد « التقية « فيقول انها مستحبة ولا باس في باستعمالها لتدبير امور الحكم الى ان يستتب لهم الامر كله فتلفظ لانها ليست منا ..وبين من يرى علنا انها من انتاج اعداء الاسلام الذين يريدون بها ابعادنا عن الدين الصحيح كما يظنون .. ان هذه الفتن التي طالت تقريبا الجميع تجعلنا نخلص الى القول بان اوضاعنا جد معقدة ومشبعة بمخاطر لاحصر لها ..حيث تفتعل حروب ومعارك تستهدف حتى حرية الفكر والتعبير ناهيك عن الحركية المجتمعية بجميع تجلياتها والمؤمنة بالقيم الانسانية النبيلة فما هكذا تبنى الدول العظمى والحضارات والعدالة الشاملة ...فإلى أين تسير الأمور ؟ الجواب يعرفه الجميع لكن ...نسال الله اللطف والعافية والنجاة لهذه الامة المسكينة قال تعالى :(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) قال سيدنا علي بن ابي طالب (ض) : (المحايد لم ينصر الباطل ولكنه خذل الحق)