يشكل النوم ثلث حياة الإنسان، وهو مرتبط بإيقاع الساعة البيولوجية وتنظيم التمثيل الغذائي، وتحدث خلاله العديد من الأنشطة المعقدة على مستوى المخ والجسم، كما يتميز بدورات نومية تتعاقب خلال الليل، وتتكون من ثلاثة مراحل، النوم الخفيف، النوم العميق، والنوم المتناقض، مع تفاوت عدد الساعات التي يحتاجها الإنسان من شخص إلى آخر . ويعتبر الأرق، وهو استعصاء النوم أو تقطعه أو انخفاض جودته، الذي يصيب ما بين 20 و 30 في المئة من الساكنة، من المشاكل التي يعاني منها العديد من الأشخاص، الذي يعود سلبا على صحة المريض النفسية والجسدية، مما يؤثر على حياة المصاب خلال النهار. وتختلف أسبابه وعلاجاته من شخص لآخر. وتشير الأرقام إلى أن في حالات مئوية تقدر ما بين 15 و 20 في المئة يعتبر الأرق متوسطا، و ما بين 9 و 10 في المئة من حالات الأرق تكون حادة. كما تبيّن الإحصائيات أن الأرق يصيب النساء بنسبة مضاعفة مقارنة بالرجال، كما يعتبر مقياسا للمزاج، وبمثابة ناقوس خطر للاضطرابات القلقية والكآبية . للأرق عدة أسباب نفسية وعضوية، وفي مقدمة الأسباب الأرقية نجد القلق بجميع أنواعه، إذ يصيب حوالي شخصا واحدا من كل تسعة أشخاص، ويفرّق الأطباء بين عدة اضطرابات قلقية، كالخوف غير المنطقي، أو «الفوبيا»، الرهاب الاجتماعي، الذعر أو الهلع، الوسواس القهري، الضغط العصبي، والقلق العام . وتعتبر الكآبة كذلك من أهم أسباب الأرق، وتشكل مع القلق 50 في المئة من أسباب الأرق. كما أن هناك أمراضا أخرى يمكن أن تسبب الأرق كفرط نشاط الغدة الدرقية، الربو، إضافة إلى متلازمة الساقين بدون راحة التي تشكل 2 في المئة من نسبة تواتر الأرق، إذ تقوض حياة الشخص المصاب بأحاسيس تنتابه في المساء أثناء الراحة على شكل طفيليات، وخز، تهيج، ألم على شكل حروق تدفعه إلى تحريك ساقيه أو الوقوف والمشي. وفي سياق متصل يصيب انقطاع التنفس أثناء النوم 9 إلى 24 في المئة من الأشخاص متوسطى العمر، وهو ينجم عن انسداد مجرى الهواء أثناء النوم، وقد يكون هذا الانسداد كلياً أو جزئياً. ويمكن أن ينسد مجرى الهواء العلوي بشكل متكرر أثناء النوم بصورة كاملة أو جزئية، مما يؤدي إلى انقطاع التنفس، أو التنفس بشكل غير فعال، الأمر الذي يؤدي إلى تقطع في النوم، الذي يؤدي بدوره إلى زيادة النعاس أثناء النهار. وتمكن أهم أعراض المرض في زيادة النعاس أثناء النهار أو كثرة الخمول والتعب، والشخير، وزيادة اللهاث أو الشعور بالاختناق، النقص في التركيز ...ويعتبر الشخيص المرضي صعبا، ويحتاج بالإضافة للأعراض السريرية إلى التسجيل النومي، ويتطلب تشخيصه فريقا طبيا يتكون من طبيب العائلة، وطبيب مختص في الأنف الأذن والحنجرة، والى طبيب مختص في الجهاز التنفسى. وجدير بالذكر أن الأبحاث بيّنت أن انقطاع التنفس أثناء النوم يسبب ضغط الدم وجلطة الدماغ ويزيد احتمالات الإصابة بتصلب شرايين القلب وجلطاته.