انتقدت نقابة "الكونفدرالية الديمقراطية للشغل" استمرار مظاهر انسداد الأفق السياسي للبلاد، وغياب الإرادة السياسية حقيقية للدولة في البناء الديمقراطي الحقيقي، بإعمال إصلاحات عميقة دستوريا وسياسيا ومؤسساتيا، بما يؤسس لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية، القائمة على مبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة، والاحترام التام لكرامة الإنسان وحقوقه سياسا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. وسجلت الكونفدرالية في البيان الختامي الصادر عن مؤتمرها الوطني السابع، غياب الفصل الحقيقي للسلط، بما فيه فصل سلطة المال عن السلطة السياسية ووضع حد لتضارب المصالح، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تعيد الاعتبار للمؤسسات السياسية وتعكس السيادة الشعبية، واستمرار منطق الهيمنة على المشهدين السياسي والاقتصادي، وتسييد التفاهة والخطاب الشعبوي، ومحاربة الهيئات والمؤسسات المجتمعية ذات النفس النقدي بتمييع الحقل السياسي والنقابي والثقافي، والتضييق على الحريات العامة والفردية، وقمع الأصوات الحرة والحركات الاجتماعية السلمية.
واستنكرت رهن القرار السياسي بمصالح لوبيات الفساد المحتكرة لأسس الاقتصاد الوطني وشرايينه وحمايتها من كل أشكال المحاسبة، وتغييب منطقة الحكامة والديمقراطية، مما ساهم في تنامي أوليغارشية هاجسها الاحتكار والريع بشتى الوسائل غير المشروعة على حساب المصلحة الوطنية العليا، وتأزيم الوضع الاجتماعي مما من تصاعد أشكال الاحتجاج وتنامي خطاب التذمر وفقدان الثقة في الدولة ومؤسساتها، عبرت عنها احتجاجات الطبقة العاملة والمهنية، والاحتجاجات المجالية للمتضررين من زلزل الحوز، وساكنة آيت بوكماز وبوعرفة وفكيك ونساء مداشر خنيفرة، وآخرها احتجاجات شباب جيل زيد التي جوبهت بشتى أشكال القمع غير المبررة. ونددت النقابة بالتضييق على الحريات العامة بالاستمرار في قمع حرية التعبير والتفكير، ومتابعة الأصوات الحرة قضائيا، واعتقال الصحفيين والمدونيين والنقابيين بفبركة الملفات وتلفيق التهم، وطرد أعضاء المكاتب النقابية بسبب انتمائهم وحقهم في التنظيم ورفض تسليم وصولات الإيداع دون أي مبرر قانوني، منتقدة استمرار تعمق الفوارق الاجتماعية والمجالية بسبب السياسات الحكومية القائمة على الانتصار لاقتصاد الريع والاحتمار، وتفويت الصفقات بمنطق القرابة العائلية والحزبية، بعيدا عن قواعد الشفافية والحكامة، واتساع دائرة الفقر والهشاشة الاجتماعية، وارتفاع نسب البطالة خاصة في صفوف الشباب، وضرب القدرة الشرائية بالزيادة المتواصلة في الأسعار، وغياب العدالة الجبائية، وتفويت وضرب المرافق العمومية لصالح لوبيات القطاع الخاص وخاصة في الصحة والتعليم والخدمات الأساسية. واعتبرت أن المدخل الأساسي للإصلاح السياسي الشامل ينطلق من مراجعة شاملة وعميقة للدستور، تقوم على توافق وطني حول طبيعة الدولة والمجتمع المنشود، مجتمع قائم على دينامية مدينة حية مرجعتيها القيم الإنسانية الكبرى كالحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، ودولة ديمقراطية ترتكز على مؤسسات ذات مصداقية سياسية واجتماعية وفكرية، مؤكدة أن تحقيق الانفراج السياسي خطوة ضرورية لبناء الثقة، عبر إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والمدونيين والصحافيين وناشطي الحركات الاجتماعية، بما يعيد الاعتبار لحرية التعبير ويجعل الإصلاح الديمقراطي عملية شاملة تنصت للمجتمع وتفتح آفاق مشاركة أوسع للمجتمع بكل تعبيراته.