شمرت الحكومة المغربية عن «ساعديها» لمحاربة الغش في امتحانات البكالوريا هذه السنة، وذلك باعتماد تدابير جديدة ، منها تقليل عدد الممتحنين في كل قاعة والتشديد على منع الهواتف النقالة الذكية والألواح الإلكترونية، وتوجت بسن قانون محاربة الغش في الامتحان تصل «درجته» في بعض الأحيان إلى حد العقوبة الحبسية. وعيدُ وزارة التربية الوطنية وإصدار قانون محاربة الغش، لم يثنيا بعض التلاميذ عن تحدي التهديد والمغامرة بابتداع أساليب وتقنيات غش جديد، حيث تم ضبط مجموعة من «الغشاشين» وتوالت بلاغات الأكاديميات الجهوية وفي كل بلاغ « تزف » لنا خبر ضبط أو حتى توقيف «غشاش» هنا أو هناك. والأكيد أن هناك من الغشاشين من لم و لن تتمكن الوزارة من ضبطهم وهم كثر.. لانختلف مع وزارة التربية الوطنية وعبرها الحكومة في التدابير الصارمة لمنع الغش في امتحانات البكالوريا ، خاصة وأن تنامي حالات الغش في السنوات الأخيرة، أفقد هذه الشهادة قيمتها العلمية ، وأخرجت لنا جيشا من الطلبة بدون مستوى علمي وثقافي. لن نختلف مطلقا مع هذه الإجراءات ونحن نصفق لها عاليا، لكن في نفس الوقت نهمس في أذن وزير التربية الوطنية وعبره رئيس الحكومة ونسألهما ، وماذا عن تلك الطينة الأخرى من الغشاشين مادمتم تريدون إعادة الاعتبار لشهادة البكالوريا ؟ فلماذا تتساهل الوزارة مع التلاعبات في نتائج امتحانات البكالوريا في التعليم الخصوصي؟ ألم يقر تحليل نتائج امتحانات البكالوريا من قبل بوجود تباين بين النقط التي يحصل عليها التلاميذ في المراقبة المستمرة، والتي تميزت بارتفاعها خاصة بالنسبة لمؤسسات التعليم الخصوصي، و تلك المحصل عليها في الامتحان الوطني الموحد ، و التي غالبا ما تكون متواضعة أو ضعيفة، و يظهر الفرق بمستويات صارخة أحيانا تثير مجموعة من التساؤلات ويتم تفسيرها بدوافع السعي إلى الرفع من المعدلات و نسب النجاح في قطاع التعليم الخصوصي ؟ ألا يتعلق الأمر بغش يستوجب الوقوف عنده، ليس من خلال دراسته ومراسلة المؤسسات المعنية بهذا الشكل بالتلاعب لتقديم تبريرات واهية، بل من خلال تدابير زجرية للقطع مع الظاهرة؟ ألا يعتبر هذا الشكل من الغش خطيرا، لأنه، لاعتبارات مادية ربحية محضة، يتم النفخ في نقط المراقبة المستمرة بالمؤسسات الخصوصية بشكل يتجاوز كل التوقعات ليقينهم بأن نقط الامتحان الموحد ستكون كارثية ، وبالتالي يستوجب الأمر ضخ نقط إضافية للوصول إلى المعدل وطنيا ؟ أليس من الغش أن نترك تلاميذ بعض المؤسسات التعليمية العمومية تحت رحمة مزاجية أساتذة همهم الأول والأخير البحث عن دخل مادي إضافي، فمنهم من تحول إلى منعش عقاري وآخرون سماسرة السيارات، وآخرون مدراء مواقع إلكترونية وصحف جهوية صفراء «فاقع لونها» لاتسر القارئين؟ أليس منهم من استأنس بتسيير إداري معلول فأكثر من الشواهد الطبية ليجد التلاميذ أنفسهم يوم الامتحان عاجزين عن فهم السؤال، فبالأحرى الإجابة عنه؟ أليس من الغش أن يربط أستاذ إخلاصه في عمله بدراهم معدودة لساعات إضافية خارج استعمال الزمن الرسمي؟ فلنحاسب هؤلاء أولا ، لرد الاعتبار ليس فقط لشهادة البكالوريا، بل للتعليم ببلادنا بشكل عام، فهؤلاء هم الغشاشون الأجدر بالمحاسبة..