مجلس النواب يقر قانون تعويض ضحايا حوادث السير    كأس العرب.. المنتخب المغربي يفتتح مشواره في البطولة بالفوز على جزر القمر (3-1)    تكثيف الحضور الأمني بعمالة المضيق–الفنيدق لمواجهة شائعات الهجرة السرية    توقيف شاب بباب سبتة بحوزته 12 كيلوغراماً من الكوكايين داخل سيارة مُسجّلة بإسبانيا    البيت الأبيض يرسل سفيرا جديدا إلى الرباط    الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الأنشطة الإرهابية في غرب إفريقيا والساحل    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    المكفوفون يستفيدون من بطاقة القطار    مكتب شباب الريف الحسيمي يتراجع عن الاستقالة بعد تدخل عامل الإقليم    "تمثيلية GST" تزعج الأطر الصحية    نشرة إنذارية .. تساقطات ثلجية وهبات رياح قوية غدا الأربعاء بعدد من مناطق المملكة    شهد شاهد من أهلها.. منظمات إسرائيلية تكشف أبشع عام قتل وتهجير للفلسطينيين منذ 1967    انطلاق التسجيل في اللوائح الانتخابية للغرف المهنية لسنة 2026    فنانون مغاربة: المهرجان الدولي للفيلم منصة لا غنى عنها للإبداع السينمائي    تشكيلة السكتيوي أمام جزر القمر    حزب "الاستقلال" يدعو إلى القطع مع السلوكات الفاسدة والمشينة المؤثرة على مشروعية الانتخابات    توظيف مالي مهم من فائض الخزينة    "شي إن" في ورطة.. تكساس تفتح تحقيقًا واسعًا بعد العثور على دمى جنسية شبيهة بالأطفال    الملك محمد السادس يهنئ الشيخ محمد بن زايد بمناسبة العيد الوطني للإمارات    خط بحري جديد يربط ميناء أكادير بلندن وأنتويرب لتصدير المنتجات الفلاحية الطازجة    فليك يؤكد غياب لاعبه أراوخو عن مواجهة أتلتيكو مدريد لأسباب شخصية    "كاف" يحيل أحداث مباراة الجيش الملكي والأهلي للجنة الانضباط        بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الأحمر    رئيس بلغاريا ينتظر استقالة الحكومة    مشروع كلّف 900 مليون… غضب الحرفيين يوقف توزيع معدات في سوس ماسة لعدم مطابقتها لدفتر التحملات    التامني: الخطر الحقيقي على الديمقراطية هو المال الفاسد والقوانين الانتخابية دون المستوى    المغرب يراهن على الجمع بين التحلية والتكنولوجيات المتقدمة لتأمين موارده المائية        مشروع مالية 2026 يتخطى العقبة الأولى بمجلس المستشارين بعد المصادقة على جزئه الأول    قاموس أكسفورد يعلن عن كلمة العام 2025    فنزويلا.. ترامب يجتمع بمستشاريه ومادورو يحشد أنصاره ويقسم "بالولاء المطلق" لشعبه    الصين وباكستان في مناورات عسكرية    الذهب ينخفض مع جني المستثمرين للأرباح    "فيفبرو" تؤازر لاعبي منتخب ماليزيا الموقوفين    كيوسك الثلاثاء | كندا تختار المغرب كأول بلد في العالم للتأشيرات الرقمية    قراءة نقدية لقانون مالية 2026    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    الرئيس الفرنسي يبدأ زيارة للصين غدا الأربعاء    كندا تلتحق ببرنامج دفاعي أوروبي    القصر الصغير.. وفاة شابة حامل بتوأمين تهز قرية ظهر الخروب وسط غضب بسبب نقلها بين مستشفيين    قطر وكأس العرب 2025 .. تمجيد إعلامي مبالغ فيه ومقارنات تستفز الشارع الرياضي العربي    التوزاني: فيلمي "زنقة مالقة"عودة إلى الجذور والأكثر حميمية في مساري    الحصبة تتراجع عالميا بفضل التطعيم    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    عرض فيلم "مع حسن في غزة" بمهرجان مراكش.. قصة بحث إنساني تحولت إلى وثيقة تاريخية    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    حكايات مدرِّسين من أيّام المدرسة    فيلم زنقة مالقة لمريم التوزاني .. نشيد الذاكرة والحب على عتبة الثمانين    مزاد يبيع "لوحة مفقودة" ب2,3 ملايين يورو    لمجرد أمام القضاء بتهمة الاغتصاب    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    منظمة الصحة العالمية تدعو لتوفير علاج العقم بتكلفة معقولة ضمن أنظمة الصحة الوطنية    منظمة الصحة العالمية تنشر للمرة الأولى توجيهات لمكافحة العقم    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أولويات ترامب والسياسة الإيرانية

من المبكر أن نحكم على سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل دقيق في الوقت الحالي . وربما يصلح قرار «حظر دخول الولايات المتحدة الأمريكية» نموذجا للتدليل على عدم قدرة ترامب على إنفاذ إرادته بشكل كامل ، إذ تكفل القضاء الأمريكي بإبطال مفعول القرار سريعا ، وأوضح للرئيس الجديد أنه ليس مطلق اليد تماما كما يتصور. ويمثل حكم القضاء كبحا للاندفاعة التي اتسمت بها الأيام الأولى لترامب في الرئاسة، وجرس إنذار مبكر بأنه ، وإن أبدى عزما على تنفيذ بعض ما وعد به خلال حملته الانتخابية ، يعمل في محيط تحكمه ضوابط ومحددات لا بد من مراعاتها، وأن التسرع في اتخاذ قرارات متشددة قد يكون مردوده سلبيا أكثر مما توقع.
ستلاقي قرارات ترامب وتوجهاته معارضة في ملفات أخرى؛ مثل العلاقة بأوروبا، والعلاقة بحلف شمال الأطلسي، إذ طالب ترامب ، خلال خطاب له في قاعدة ماكديل الجوية قبل أسبوع، ب «تسديد كامل اشتراكاتهم ، لحلف الناتو، التي لم يسددها بعد كثير منهم»، بعد أن كان شن عليه هجوما أعنف. وكذلك في ملف الاتفاقات التجارية التي يعمل ترامب لإلغائها، وكذلك العلاقات مع دول؛ مثل ألمانيا أو فرنسا أو روسيا، التي يثير ما يبدو أنه تقارب معها ومع رئيسها فلاديمير بوتين أسئلة واعتراضات وتحذيرات جدية. ويصدق ذلك على الصين، التي غضبت حين لوحت الولايات المتحدة بتأييد اليابان في نزاعها مع الصين على جزر سينكاكو، واستعدادها للتدخل عسكريا للدفاع عنها، ثم ما لبث ترامب أن اتصل بالرئيس الصيني ليؤكد التزامه بسياسة «الصين الواحدة» بعد أن كان لمح إلى التخلي عنها في منتصف دجنبر الماضي.
ينطبق الحكم السابق على كثير من الملفات المطروحة على الساحة، لكنه ربما لا ينطبق على الملف الإيراني، الذي يتوقع أن يتواصل تشدد ترامب بشأنه ، ويبدو أن هناك اتفاقا في أوساط الساسة الأمريكيين على ذلك، فلم تسجل اعتراضات ذات بال، أو وجهات نظر تخالف ما يذهب إليه ترامب في تعاطيه مع إيران. وعلى أقل تقدير فستبقى إيران تحت ضغط دائم من جانب ترامب وإدارته، يمكن أن يتصاعد ليبلغ مستويات لا يتوقعها النظام الإيراني حتى الآن. والسبب وراء ذلك هو أن الملفات السابقة جميعها تنطوي على مكاسب محتملة للولايات المتحدة يمكن أن تتأثر، ومصالح يمكن أن تخسرها إذا أصر ترامب على تشدده، وستغلب عليه طبيعته البراغماتية وتقوده إلى مراجعة مواقفه وإيجاد صيغ لإبرام تفاهمات معينة.
ملف إيران ليس كذلك، وهو بوضعه السابق «خسارة صافية» للولايات المتحدة، التي تعرضت ل «الاستغفال» من جانب إيران خلال فترة رئاسة أوباما، وقدمت على طبق من ذهب اتفاقا لإيران يحررها من الحصار ومن العقوبات ومن النبذ الأمريكي والدولي من دون أن تكسب الولايات المتحدة أي شيء على الإطلاق، فلم يكن لدى إيران ما تناور به أو تضغط من خلاله على الولايات المتحدة، حين قفز أوباما على حجرها بشكل غير مبرر أو مفهوم! وفضلا عن أن الولايات المتحدة لم تكسب أي شيء، فقد خسرت حلفاءها التاريخيين في الخليج العربي وفي مناطق عربية أخرى ، كما خسرت مصداقيتها أمام هؤلاء الحلفاء، ولم يعد من السهل الوثوق ثانية بوعود الولايات المتحدة أو التزاماتها، وهو أمر ليس بالهين.
يمكن الاختلاف مع ترامب في بعض توجهاته أو في كثير منها، لكن تحديده لأولوياته كان «موفقا» على الأقل في قضيتين أساسيتين وضعهما في رأس أجندته؛ وهما الحرب بلا هوادة على الإرهاب بكل صوره وأشكاله ، وموقفه من إيران. وفي قضية الإرهاب بشكل خاص، يمثل موقف ترامب من تنظيم «الإخوان المسلمين»، والمؤشرات عن إمكان تصنيفه جماعة إرهابية، تطورا له أهميته، بعد الحظوة التي عوملت بها هذه الجماعة الإرهابية خلال سنوات حكم أوباما، ووصول أشخاص محسوبين عليها أو يعملون لمصلحتها إلى مناصب مهمة ، خلال فترتي الرئاسة السابقتين. وهذه بدورها من بين الألغاز الكثيرة التي ارتبطت بالإدارة الأمريكية السابقة ، والدور المثير للشكوك الذي اضطلعت به خلال فترة حافلة بالاضطرابات والتقلبات في الشرق الأوسط.
وفي القضية الثانية يبدو ترامب واعيا بطبيعة تحركات إيران ودورها في المنطقة، ففي تغريدة له الأسبوع الماضي قال: «إيران تلعب بالنار، ولا تقدر كم كان أوباما لطيفا معها. أنا لست كذلك». وربما يمر كثير من المحللين على تعبير «اللعب بالنار» ليستخلصوا منه مجرد الرغبة في التصعيد أو التهديد من جانب ترامب، لكن «اللعب بالنار» في الحقيقة توصيف شديد لما تفعله إيران في المنطقة ، فهي لا تكف عن إشعال الحرائق حيثما وجدت لها موطئ قدم ، وتعمل بكل جهدها على توسيع شقة الحرائق ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، وترى في ذلك وسيلة لفرض حضورها ومد نفوذها على وقع الفوضى والدمار.
إيران والإرهاب ، هما أخطر ما تواجه المنطقة العربية ، وكلا التهديدين يستمد قوته وحضوره من الآخر، إذ تذكي إيران بسياساتها الطائفية وتغذيتها الميليشيات والأفكار المذهبية المتطرفة تطرفا آخر مماثلا ووجود الطرفين ضمن القائمة التي يستهدفها ترامب قد يكون نقطة إيجابية في مصلحة دول الخليج العربي، التي تواجه هذين الخطرين بحزم ووعي منذ وقت طويل، لأن سياسات أوباما وإدارته منحت إيران والجماعة المتطرفة فرصا للتمدد تحت غطاء من التجاهل الأمريكي، بل التأييد الأمريكي الصريح حينا والضمني أحيانا.
ستحاول إيران تجنب مواجهة الولايات المتحدة ، فهي تعرف حدود قوتها. والتصعيد الكلامي والمواقف العنترية مجرد ستائر دخان لتغطية الضعف. وقد توعد المرشد الأعلى بأن بلاده سترد على تهديدات الولايات المتحدة سيكون ، ولم يكن هذا الرد سوى تظاهرات يوم الجمعة الماضي تهتف بالموت لأميركا على النحو الذي لم يتغير منذ 38 عاما. وفي مواجهة «أفعال» أميركية تمثلت مبدئيا بفرض عقوبات سريعة وحازمة ، بسبب تجارب صاروخية إيرانية، لم يصدر عن طهران سوى «أقوال» أصبحت محفوظة، وتصريحات تحاول إظهار التماسك وادعاء القوة.
لا يعني ذلك أن الولايات المتحدة ستخوض المواجهة نيابة عن دول الخليج العربية، بل يعني أن شروط المواجهة وظروفها ستكون أفضل بالنسبة لهذه الدول. وربما تجب الإشارة إلى أن هناك ما ينبغي تصحيحه في ذهن الرئيس ترامب، وهو تصوره أن الولايات المتحدة «تحمي» دول الخليج، كما عبر في وقت سابق، فالحقيقة التي لا مراء فيها أن دول الخليج، وإن كانت تقدر دور الولايات المتحدة في استقرار المنطقة ، قادرة تماما على حماية أمنها ، وعلى التنسيق سياسيا وعسكريا في ما بينها ومع أطراف إقليمية ودولية بالشكل الذي يحقق أهدافها، كما أثبتت سنوات العقد الثاني من القرن ال21 ، أو مع «عاصفة الحزم» التي استهلت فصلا جديدا في تاريخ منطقة الخليج والشرق الأوسط يختلف عما سبقه بكثير.
هذه هي الرسالة التي يجب أن يعيها ترامب، ويتعين إيجاد طرق لإيصالها إليه بشكل هادئ، ليعيد التفكير في تصوراته عن «الثمن» الذي يجب أن يدفع للولايات المتحدة مقابل ما يتصوره «حماية» لدول الخليج. ومن بين وسائل إيصال الرسالة تعزيز التقارب بين دول مجلس التعاون، وإقرار مزيد من آليات التعاون والتنسيق السياسي والعسكري ، من أجل التحدث بصوت واحد قوي. وهناك ضرورة أيضا لمشاركة الفعاليات غير الرسمية في هذا الجهد، لأن الرأي العام الخليجي أصبح قوة مؤثرة يحسب لها ألف حساب.
كاتب إماراتي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.