أصدر وزير العدل محمد الناصري مذكرة صارمة لأجل فتح تحقيق مع قضاة التحقيق. وعلمت ««الاتحاد الاشتراكي»» أن قرار الوزير جاء بعد ما تم تسجيل بطء كبير في العديد من القضايا والملفات، وكذا «تمسك بعض القضاة المكلفين بالتحقيق بملفات بعينها تستغرق مددا طويلة تفوق المعتاد، وتفوق الآجال التي يحددها القانون.» ومن المنتظر أن يشمل التحقيق القضاة المعنيين في المحاكم الابتدائية والاستئنافية. وقالت المصادر نفسها إن «بعض القضاة يعللون تأخرهم في البت في إحالة بعض الملفات على قضاء الموضوع إلى تأخرها لدى الضابطة القضائية»، ولذلك- تضيف المصادر- «وجب وضع الأمور في نصابها وتحميل كل واحد مسؤولياته». وينتظر أن يشكل القرار زلزالا في أوساط قضاة التحقيق، حسب ما توقعت مصادر قضائية مسؤولة، خاصة أن هناك ملفات تحوم حول تأخيرها بعض الشبهات المرتبطة بنزاهة القضاء». ومعلوم أن قانون المسطرة الجنائية الجاري به العمل منذ يونيو 2003 نص على أن التحقيق الاختياري يكون بالنسبة للجنح التي يكون الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها خمس سنوات أو أكثر، بالاضافة للجنح التي يجيز أو يوجب نص خاص التحقيق فيها. ولتحقيق هذه الغاية تم إحداث مؤسسة قاضي التحقيق لدى المحاكم الابتدائية، إلى جانب استمرار قضاء التحقيق بمختلف محاكم الاستئناف، حيث القضايا الجنائية في تكاثر مستمر، خاصة وأن بعض الجنح الجديدة والخطيرة التي تعرض على القضاء الابتدائي أصبحت تستوجب التحقيق قبل الأمر بالإحالة. وأمام الأعداد الهائلة للملفات التي تحيلها النيابة العامة، سواء بالمحاكم الابتدائية أو المحاكم الاستئنافية على قضاة التحقيق، فإن بعضهم سبق وأن عبر ل««الاتحاد الاشتراكي»» عن معاناته مع كثرة الملفات المحالة عليه ، خاصة تلك التي يكون فيها المعتقلون متعددين، أو تكون معقدة بحكم أطرافها، وطالب هؤلاء القضاة بأن يتم إمدادهم بزملاء آخرين للتخفيف عنهم حتى يتمكنوا من إنجاز المساطر في زمن أقل ويحيلونها على قضاة الموضوع. وكان بعض القضاة المكلفين بالتحقيق قد بسطوا ل»«الاتحاد الاشتراكي»» مدى اتساع اختصاصتهم والمساطر الموكولة لهم المنصوص عليها ضمن قانون المسطرة الجنائية الجاري به العمل حاليا، والذي عرفت بعض مواده بعض التتميمات، ويتعلق الأمر بالقسم الثالث من المسطرة الذي يبتدئ بالمادة 83 وينتهي بالمادة 230 من (ق م ج)، بالإضافة إلى هيئات التحقيق الخاصة بالأحداث. بينما أكد قضاة تحقيق آخرون أن بعض مساعديهم من عناصر الضابطة القضائية والخبراء يساهمون هم كذلك في جعل مدة التحقيق تطول. تأخير الملفات من طرف قضاة التحقيق كان موضوع احتجاج مكرر من بعض المحامين الذين يعتبرون أن قاضي التحقيق يمارس سلطات واسعة بخصوص الملفات المحالة عليه من طرف النيابة العامة والتي تلتمس فيها إجراء تحقيق، لكنها تعرف كثيرا من التأخير حيث أن قاضي التحقيق- حسب رأي هؤلاء- لا يلتزم بالفترات الفاصلة بين التحقيق الأولي والاعدادي والتفصيلي كما أن النيابة العامة لا تفعل مقتضيات الفصل 91 من ق م ج. ولا يقتصر الاحتجاج على المحامين، بل يطال أسر بعض المعتقلين الذين طالت مدة اعتقالهم الاحتياطي.