زلزال الحوز .. دينامية متواصلة لإعادة الإعمار في جميع الأقاليم المتضررة    زلزال الحوز .. دينامية متواصلة لإعادة الإعمار في جميع الأقاليم المتضررة    "منظمة حقوقية تشيد بأجواء جنازة أحمد الزفزافي وتلتمس العفو عن معتقلي "حراك الريف    تصفيات كأس العالم 2026 .. "نحترم جميع الخصوم والهدف أمام زامبيا هو الفوز" (وليد الركراكي)    فيدرالية اليسار بالفقيه بن صالح تتضامن مع أحد أعضاءها وتدين الاستدعاءات المتكررة        أخبار الساحة    هيئات مهنية ونقابية تصعد ضد مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى الرئيس البرتغالي على إثر الحادث المأساوي لخروج القطار المائل السياحي عن مساره    جديد الشاعرة المغربية سعاد الرايس: «لوحات الإبحار» اهتمامات إنسانية وعشق للكتابة بقلق وجودي    أعمال أدبية وفنية مغربية تستفيد من منح الصندوق العربي للثقافة والفنون    أنا وأنا وما بينهما .. رسائل بين عبدالله المتقي ومحمد بوحوش    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الفانوس " يضيء ليالي مهرجان المسرح التجريبي والضنحاني يوقع النسخة العربية والإنجليزية للمسرحية    روسيا تعلن جاهزية أول لقاح ضد السرطان    مايكروسوفت تحذّر من بطء محتمل لخدمة الأنترنيت جراء انقطاع كابلات بحرية في البحر الأحمر    فيلم مريم التوزاني يمثل المغرب بأوسكار 2026    مسؤول أممي يحرج الأنظمة العربية: دعمها للاجئين الفلسطينيين يتراجع 90% ودعوة عاجلة للتحرك    طقس الأحد: أجواء حارة نسبيا بعدد من الجهات    تونس.. تأجيل انطلاق أسطول "الصمود العالمي" الذي ينقل مساعدات إلى قطاع غزة    إطلاق خط بحري جديد بين المغرب وأوروبا الغربية بإشراف دي بي وورلد    زخات رعدية متوقعة في عدة أقاليم    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى الرئيس البرازيلي بمناسبة العيد الوطني لبلاده    المغرب ثالث أكبر منتج للأفوكادو في إفريقيا بإيرادات صادرات بلغت 179 مليون دولار    رصد فلكي غير مسبوق لمذنب يقترب من المجموعة الشمسية    الأمم المتحدة: هلال يختتم بنجاح المفاوضات بشأن الإعلان السياسي للقمة الاجتماعية الثانية المرتقبة في الدوحة    غزو القضاء يتواصل بإطلاق 24 قمرا اصطناعيا جديدا    المكتب المسير لمولودية وجدة يعبر عن رغبته في إعادة سندباد الشرق لأمجاده    "غروب".. مسرحية تفتش في وجع الإنسان وتضيء انكساراته بلوحات شعرية    سلا.. تفكيك شبكة لترويج المخدرات وحجز أكثر من 1200 قرص مهلوس وكوكايين    غضب وانتقادات على مواقع التواصل بعد تعليق للركراكي اعتبر مسيئاً لوجدة والشرق        المغرب يستقبل شحنات جديدة من الأعلاف الروسية    زيادة ملحوظة في حركة المسافرين عبر مطار الحسيمة الشريف الإدريسي    السطو المسلح يقود ستة أشخاص للإعتقال بالدار البيضاء    تواصل أشغال الربط السككي بميناء الناظور غرب المتوسط ب111 مليون درهم    الفتح الرباطي يدخل الموسم الجديد بطموح المنافسة على الألقاب    المغرب يسجل واحداً من أعلى معدلات السمنة في إفريقيا.. والنساء الأكثر تضرراً    إقليم فكيك يتصدر مقاييس الأمطار    تل أبيب: وقف الحرب مرهون بشروط    الجمارك تحجز باخرتين بالأبقار البرازيلية وتطالب بملياري سنتيم ضريبة    هزائم تدفع رئيس وزراء اليابان للتنحي    المراهق الإيطالي الراحل كارلو أكويتس يصبح أول قديس لجيل الألفية    دراسة: عصير الشمندر يُخفّض ضغط الدم لدى كبار السن    دراسة : السلوك الاجتماعي للمصابين بطيف التوحد يتأثر بالبيئة    أسعار المحروقات تتراجع دوليا وتباع بضعف قيمتها محليا    المغرب.. جدل متصاعد حول التمويل العمومي للأحزاب مع اقتراب انتخابات 2026    العصبة الاحترافية تفرج عن برنامج الجولتين الأولى والثانية من البطولة الوطنية    البراهمة: "استمرار اعتقال نشطاء الريف ينص جرحا مفتوحا في مسار العدالة والحقوق بالمغرب"    منير الحدادي يفاجئ الجميع بتوقيعه لفريق إيراني    فيليز سارسفيلد يحرز لقب كأس السوبر الأرجنتيني بفوزه على سنترال كوردوبا    المهرجان السينمائي الدولي للبندقية.. فيلم "Calle Malaga" لمريم التوزاني يفوز بجائزة الجمهور    مختبر المغرب و البلدان المتوسطية و مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي يوقعان اتفاقية شراكة    نقد مقال الريسوني    الصحة العالمية تقرر رفع حالة الطوارئ بخصوص جدري القردة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا، الملك المواطن لست مقدسا، وأعدكم بملكية برلمانية مواطنة وديمقراطية


نص الخطاب الملكي - 17 يونيو 2011 :
« الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
شعبي العزيز، أخاطبك اليوم، لنجدد العهد المشترك بيننا بدستور جديد، يشكل تحولا تاريخيا حاسما، في مسار استكمال بناء دولة الحق والمؤسسات الديمقراطية، وترسيخ مبادئ وآليات الحكامة الجيدة، وتوفير المواطنة الكريمة، والعدالة الاجتماعية.
وهو المسار الطموح الذي أطلقناه، منذ اعتلائنا العرش، في تجاوب عميق مع كل القوى الحية للأمة. وبفضله تمكنا، بعد ثلاثة أشهر، من إطلاق مسار المراجعة الدستورية، من بلورة ميثاق دستوري ديمقراطي جديد، يرتكز على الإطار المرجعي المتقدم لخطابنا التاريخي، لتاسع مارس الأخير، الذي حظي بالإجماع الوطني، والمقترحات الوجيهة للهيئات السياسية والنقابية، والجمعوية والشبابية، وكذا الاجتهاد الخلاق للجنة الاستشارية، والعمل البناء للآلية السياسية، اللتين أحدثناهما لهذه الغاية.
ونود التنويه بالإسهام الديمقراطي للجميع، الذي مكننا، بفضل هذه المقاربة التشاركية، من الارتقاء بمراجعة الدستور الحالي، إلى وضع دستور جديد، يتفرد بثلاث مميزات، في منهجية إعداده، وفي شكله، وفي مضمونه.
فمن حيث المنهجية، حرصنا، ولأول مرة في تاريخ بلادنا، على أن يكون الدستور من صنع المغاربة، ولأجل جميع المغاربة.
وأما من حيث الشكل، فلأنه قائم على هندسة جديدة، همت كل أبوابه، من الديباجة، كجزء لا يتجزأ من الدستور، إلى آخر فصوله، التي ارتفع عددها من108 إلى180 فصلا.
وأما من حيث المضمون، فهو يؤسس لنموذج دستوري مغربي متميز، قائم على دعامتين متكاملتين : وتتمثل الدعامة الأولى، في التشبث بالثوابت الراسخة للأمة المغربية، التي نحن على استمرارها مؤتمنون، وذلك ضمن دولة إسلامية، يتولى فيها الملك، أمير المؤمنين، حماية الملة والدين، وضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية.
كما يكرس المشروع مكانة بلادنا، كجزء من المغرب الكبير، والتزامها ببناء اتحاده، وبتوطيد علاقات الأخوة العربية والإسلامية، والتضامن الإفريقي، وتوسيع وتنويع علاقات التعاون والشراكة مع جوارها الأوروبي والمتوسطي، ومع مختلف بلدان العالم. دولة عصرية متشبثة بالمواثيق الأممية، وفاعلة ضمن المجموعة الدولية.
وأما الدعامة الثانية، فتتجلى في تكريس مقومات وآليات الطابع البرلماني للنظام السياسي المغربي، في أسسه القائمة على مبادئ سيادة الأمة، وسمو الدستور، كمصدر لجميع السلطات، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك في إطار نسق دستوري فعال ومعقلن، جوهره فصل السلط، واستقلالها وتوازنها، وغايته المثلى حرية وكرامة المواطن.
ومن معالم فصل السلط، وتوضيح صلاحياتها، تقسيم الفصل 19 في الدستور الحالي، إلى فصلين اثنين : فصل مستقل يتعلق بالصلاحيات الدينية الحصرية للملك، أمير المؤمنين، رئيس المجلس العلمي الأعلى، الذي تم الارتقاء به إلى مؤسسة دستورية.
وفصل آخر يحدد مكانة الملك كرئيس للدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، والضامن لدوام الدولة واستمرارها، ولاستقلال المملكة وسيادتها، ووحدتها الترابية، والموجه الأمين والحكم الأسمى، المؤتمن على الخيار الديمقراطي، وعلى حسن سير المؤسسات الدستورية، والذي يعلو فوق كل انتماء.
ويمارس الملك مهامه السيادية والضمانية والتحكيمية، الواردة في هذا الفصل، استنادا إلى مقتضيات فصول أخرى، منصوص عليها صراحة في الدستور علما بأن التشريع يظل اختصاصا حصريا للبرلمان.
شعبي العزيز، إن المشروع الرسمي للدستور، يعد أكثر من قانون أسمى للمملكة، وإنما نعتبره الأساس المتين للنموذج الديمقراطي التنموي المغربي المتميز؛ بل وتعاقدا تاريخيا جديدا بين العرش والشعب. وهو ما يتجلى في المحاور العشرة الأساسية التالية : المحور الأول : التكريس الدستوري للملكية المواطنة و الملك المواطن ؛ وذلك من خلال : التنصيص على أن شخص الملك لا تنتهك حرمته، وعلى الاحترام والتوقير الواجب له، كملك، أمير للمومنين، ورئيس للدولة.
تحديد بلوغ الملك سن الرشد في18 سنة، عوض16 سنة، إسوة بكافة إخوانه وأخواته المغاربة.
تخويل رئاسة مجلس الوصاية، لرئيس المحكمة الدستورية؛ باعتبارها مسؤولة عن احترام الدستور. وهو ما يشكل جوهر مهام هذا المجلس، وكذا جعل تركيبته، تضم كافة السلطات الدستورية؛ وذلك بإضافة عضوية كل من رئيس الحكومة، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛ فضلا عن الارتقاء بتمثيلية العلماء به، من خلال عضوية الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى.
المحورالثاني : دسترة الأمازيغية كلغة رسمية للمملكة، إلى جانب اللغة العربية: فعلى أساس التلاحم بين مكونات الهوية الوطنية الموحدة، الغنية بتعدد روافدها، العربية - الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الإفريقية، والأندلسية، والعبرية والمتوسطية؛ فإن مشروع الدستور يكرس اللغة العربية لغة رسمية للمملكة، وينص على تعهد الدولة بحمايتها والنهوض بها.
كما ينص على دسترة الأمازيغية كلغة رسمية أيضا، ضمن مبادرة رائدة، تعد تتويجا لمسار إعادة الاعتبار للأمازيغية، كرصيد لجميع المغاربة؛ على أن يتم تفعيل ترسيمها ضمن مسار متدرج، بقانون تنظيمي، يحدد كيفيات إدماجها في التعليم، وفي القطاعات ذات الأولوية في الحياة العامة. وبموازاة ذلك، ينص المشروع على النهوض بكافة التعبيرات اللغوية والثقافية المغربية، وفي مقدمتها الحسانية، كثقافة أصيلة لأقاليمنا الصحراوية العزيزة.
وتجسيدا لحرصنا على تأهيل شبابنا ومواردنا البشرية، للانخراط في مجتمع المعرفة والعولمة، وامتلاك ناصية العلوم والتقنيات، تم التنصيص على ضرورة الانفتاح على تعلم اللغات العالمية الأكثر تداولا وإتقانها؛ وكل ذلك، في إطار استراتيجية متناسقة، موطدة للوحدة الوطنية، يسهر على تفعيلها مجلس أعلى، مهمته النهوض بالثقافة المغربية، وباللغات الوطنية والرسمية، وعقلنة مؤسساتها وتفعيلها، بما في ذلك المؤسسة المكلفة بتطوير اللغة العربية.
المحور الثالث: دسترة كافة حقوق الإنسان، كما هو متعارف عليها عالميا، بكل آليات حمايتها وضمان ممارستها. وهو ما سيجعل من الدستور المغربي، دستورا لحقوق الإنسان، وميثاقا لحقوق وواجبات المواطنة.
وفي هذا الصدد، تمت دسترة سمو المواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، على التشريعات الوطنية، ومساواة الرجل والمرأة في الحقوق المدنية؛ وذلك في نطاق احترام أحكام الدستور، وقوانين المملكة، المستمدة من الدين الإسلامي؛ وكذا تكريس المساواة بينهما، في كافة الحقوق السياسية والاقتصادية، والاجتماعية والثقافية والبيئية؛ وإحداث آلية للنهوض بالمناصفة بين الرجل والمرأة.
كما يكرس المشروع كافة حقوق الإنسان، بما فيها قرينة البراءة، وضمان شروط المحاكمة العادلة، وتجريم التعذيب، والاختفاء القسري، والاعتقال التعسفي، وكل أشكال التمييز والممارسات المهينة للكرامة الإنسانية؛ وكذا ضمان حرية التعبير والرأي، والحق في الولوج إلى المعلومات، وحق تقديم العرائض، وفق ضوابط يحددها قانون تنظيمي.
وقد تم تعزيز الضمانات الدستورية لحقوق الطبقة العاملة، وللعدالة الاجتماعية، والتضامن الوطني؛ وتكريس ضمان حرية المبادرة الخاصة، ودولة القانون في مجال الأعمال.
المحور الرابع : الانبثاق الديمقراطي للسلطة التنفيذية، بقيادة رئيس الحكومة: وفي هذا الصدد، سيتم الارتقاء بالمكانة الدستورية «للوزير الأول» إلى «رئيس للحكومة»، وللجهاز التنفيذي، الذي يتم تعيينه من الحزب الذي تصدر انتخابات مجلس النواب؛ تجسيدا لانبثاق الحكومة عن الاقتراع العام المباشر.
وتكريسا للمسؤولية الكاملة لرئيس الحكومة على أعضائها، فإن الدستور يخوله صلاحية اقتراحهم، وإنهاء مهامهم، وقيادة وتنسيق العمل الحكومي، والإشراف على الإدارة العمومية، حيث تم تخويله صلاحية التعيين، بمرسوم، في المناصب المدنية، وفقا لقانون تنظيمي، يحدد مبادئ وتكافؤ الفرص بالنسبة لكافة المغاربة في ولوج الوظائف العمومية، على أساس الاستحقاق والشفافية، وضوابط دقيقة.
ولرئيس الحكومة كذلك أن يقترح على الملك بمبادرة من الوزراء المعنيين، التعيين في المجلس الوزاري، في بعض الوظائف العمومية العليا، كالولاة والعمال والسفراء، والمسؤولين عن الإدارات العمومية الأمنية الداخلية، علما بأن التعيين في الوظائف العسكرية، يظل اختصاصا حصريا وسياديا للملك، القائد الأعلى، ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية.
كما يخول المشروع لرئيس الحكومة صلاحية حل مجلس النواب، ويكرس استشارة الملك له قبل إعلان حالة الاستثناء، وحل البرلمان؛ ويحدد ضوابط كل حالة، ضمانا لفصل السلط وتوازنها وتعاونها .
ولتمكين الحكومة من أساس دستوري، لممارسة مسؤولياتها التنظيمية والتنفيذية، تمت دسترة مجلس الحكومة، وتحديد وتوضيح اختصاصاته، في انسجام وتكامل وتمايز مع مجلس الوزراء.
فالمجلس الوزاري ينعقد برئاسة الملك، بمبادرة منه، أو بطلب من رئيس الحكومة، الذي يشارك في أشغاله بحضور الوزراء فقط. وللملك أن يفوض رئاسته، على أساس جدول أعمال محدد، لرئيس الحكومة؛ تعزيزا لسلطته التنفيذية. أما مجلس الحكومة، فينعقد برئاسة رئيسها، وبمبادرة منه، وبتركيبة تشمل كافة أعضائها.
وعلى صعيد الاختصاصات، فإن تمايزهما يتجلى في تخويل مجلس الحكومة، صلاحيات تنفيذية واسعة، ذاتية تقريرية، وأخرى تداولية، تحال على المجلس الوزاري ليبت فيها، ضمن ما تم الاحتفاظ له به، من صلاحيات استراتيجية وتحكيمية، وتوجيهية؛ بما فيها الحرص على التوازنات الماكرو- اقتصادية والمالية، التي صارت قاعدة دستورية.
المحور الخامس: قيام سلطة برلمانية، تمارس اختصاصات تشريعية ورقابية واسعة؛ إذ يكرس مشروع الدستور سمو مكانة مجلس النواب، بتخويله الكلمة الفصل في المصادقة على النصوص التشريعية، وتعزيز اختصاصاته في مراقبة الحكومة، ولا سيما بتكريس مسؤولية الحكومة الحصرية أمامه. كما تم حكر سلطة التشريع، وسن كل القوانين على البرلمان، وتوسيع مجال القانون، ليرتفع من30 مجالا حاليا، إلى أكثر من60 في الدستور المقترح.
وحرصا على تخليق العمل البرلماني، ينص المشروع على دسترة منع الترحال البرلماني، وحصر الحصانة البرلمانية في التعبير عن الرأي فقط؛ وعدم شمولها لجنح وجرائم الحق العام. كما تم التنصيص على حذف المحكمة العليا، الخاصة بالوزراء، تكريسا لمساواتهم، مع المواطنين أمام القانون والقضاء.
أما بالنسبة لمجلس المستشارين، وحرصا على عقلنة تركيبته، فإن الدستور المقترح ينص على أن يتراوح عدد أعضائه بين 90 و120 عضوا.
وفي هذا الصدد، واستجابة للملتمس المرفوع إلينا من طرف المركزيات النقابية، والمدعوم من قبل الأحزاب السياسية، بشأن تمثيلية النقابات في الغرفة الثانية، فقد قررنا، في إطار مهامنا التحكيمية، تضمين المشروع تمثيلية نقابية مناسبة، وكذا للهيآت المهنية والمقاولاتية الأكثر تمثيلية. وهو قرار نابع من جوهر نظام الملكية المغربية الاجتماعية، ومن مذهبنا في الحكم، القائم على جعل النهوض بالأحوال الاجتماعية لمواطنينا، في صلب انشغالاتنا، سياسيا وميدانيا.
أما فيما يتعلق بمواطنينا المقيمين بالخارج، فإنه سيتم تخويلهم تمثيلية برلمانية، متى نضجت الصيغة الديمقراطية لذلك؛ علما بأنهم يتمتعون بحق الانتخاب في مجلسي البرلمان.
المحور السادس: تخويل المعارضة البرلمانية نظاما خاصا وآليات ناجعة، تعزيزا لدورها ومكانتها في إثراء العمل البرلماني، تشريعا ومراقبة؛ حيث تم تمكينها من حق التمثيل النسبي في كافة أجهزة البرلمان.
كما تم التنصيص على تقديم رئيس الحكومة لعرض مرحلي حول العمل الحكومي، وإجابته على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة؛ وكذا تخفيض النصاب القانوني لتقديم ملتمس الرقابة، وتكوين لجان التقصي، وإحالة مشاريع القوانين على المحكمة الدستورية؛ وكذا تمكين اللجان البرلمانية من صلاحية مساءلة المسؤولين عن الإدارات والمؤسسات العمومية، تحت مسؤولية الوزراء المعنيين.
المحور السابع: ترسيخ سلطة قضائية مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، تكريسا لاستقلال القضاء، الذي نحن له ضامنون؛ وذلك بالنص صراحة في مشروع الدستور الجديد، على أن النطق بالحكم إن كان يتم باسم الملك، فإنه يتعين أن يصدر بناء على القانون.
وصيانة لحرمة القضاء، فقد تمت دسترة تجريم كل تدخل للسلطة أو المال، أو أي شكل من أشكال التأثير، في شؤون القضاء.
كما تم إحداث «المجلس الأعلى للسلطة القضائية»، كمؤسسة دستورية يرأسها الملك، لتحل محل المجلس الأعلى للقضاء، وتمكينها من الاستقلال الإداري والمالي، وتخويل رئيس محكمة النقض، مهام الرئيس- المنتدب، بدل وزير العدل حاليا، تجسيدا لفصل السلط.
وبموازاة ذلك، تم تعزيز تركيبة المجلس الجديد، وذلك بالرفع من عدد ممثلي القضاة المنتخبين، ومن نسبة تمثيل المرأة القاضية، وبما يضمن انفتاحه، على عضوية شخصيات ومؤسسات ذات الصلة بحقوق الإنسان، والدفاع عن استقلال القضاء.
كما تم توسيع اختصاصات المجلس، لتشمل، علاوة على تدبير الحياة المهنية للقضاة، مهام التفتيش وإبداء الرأي في النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالقضاء وتقييم منظومته.
وتأكيدا لمبدإ سمو الدستور والقانون، تم الارتقاء بالمجلس الدستوري إلى «محكمة دستورية»، ذات اختصاصات واسعة، تشمل، علاوة على صلاحياته الحالية، مراقبة دستورية الاتفاقيات الدولية، والبت في المنازعات بين الدولة والجهات.
وتعزيزا للديمقراطية المواطنة، تم تخويل هذه المحكمة صلاحية البت في دفوعات المتقاضين بعدم دستورية قانون تبين للقضاء أن من شأنه المساس بالحقوق والحريات الدستورية.
المحور الثامن: دسترة بعض المؤسسات الأساسية، مع ترك المجال مفتوحا لإحداث هيآت وآليات أخرى، لتعزيز المواطنة والمشاركة الديمقراطية، بنصوص تشريعية أو تنظيمية: وهكذا، تمت دسترة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الوسيط، ومجلس الجالية المغربية بالخارج، والهيأة العليا للاتصال السمعي- البصري، والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي وتوسيع اختصاصات المجلس الاقتصادي والاجتماعي، لتشمل القضايا البيئية.
كما تم تعزيز المكانة الدستورية للأحزاب السياسية، والهيآت النقابية والمهنية، ومنظمات المجتمع المدني، بتخصيص عدة فصول لكل منها.
وعملا على تمكين الشباب، من فضاء مؤسسي للتعبير والنقاش؛ فقد حرصنا على إحداث مجلس للشباب والعمل الجمعوي، يشكل قوة اقتراحية، لتمكينهم من المساهمة، بروح الديمقراطية والمواطنة، في بناء مغرب الوحدة، والكرامة والعدالة الاجتماعية.
المحور التاسع: تعزيز آليات الحكامة الجيدة، وتخليق الحياة العامة، ومحاربة الفساد، بإحداث منظومة مؤسسية وطنية منسجمة ومتناسقة في هذا الشأن؛ وذلك من خلال تعزيز دور المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات في مراقبة المال العام، وفي ترسيخ مبادئ الشفافية والمسؤولية والمحاسبة، وعدم الإفلات من العقاب، ودسترة مجلس المنافسة، والهيأة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة والوقاية منها.
ولكون الأمن بمفهومه الاستراتيجي الشامل، قد غدا تحديا عالميا؛ فقد حرصنا على تمكين بلادنا من آلية مؤسسية استشارية في شكل مجلس أعلى للأمن، نتولى رئاسته.
ويضم هذا المجلس في عضويته رؤساء السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والوزراء والمسؤولين، والشخصيات المعنية.
كما يختص بتدبير القضايا الأمنية الاستراتيجية، الداخلية والخارجية، الهيكلية والطارئة، ويشكل قوة تقويمية واقتراحية لترسيخ الحكامة الأمنية الجيدة ببلادنا.
شعبي العزيز، إن منظورنا الشامل للديمقراطية الحقة، ومقومات الحكامة الجيدة، لا ينحصر في إعادة توزيع السلطات المركزية، بل يقوم على توزيع السلطات والموارد، بين المركز والجهات؛ وذلك ضمن جهوية متقدمة، نعتبرها عماد الإصلاح العميق لهياكل الدولة وتحديثها.
وفي هذا المنظور، يندرج المحور العاشر، المتمثل في التكريس الدستوري للمغرب الموحد للجهات. مغرب يقوم على لامركزية واسعة، ذات جوهر ديمقراطي، في خدمة التنمية المندمجة، البشرية والمستدامة، وذلك في نطاق وحدة الدولة والوطن والتراب، ومبادئ التوازن، والتضامن الوطني والجهوي.
ولإبراز هذا الخيار الاستراتيجي في مشروع الدستور، فقد تم تخصيص باب للجماعات الترابية وللجهوية المتقدمة؛ على أساس الإطار المرجعي، الذي أعلنا عنه، في خطابنا التاريخي لتاسع مارس؛ على أن يتولى قانون تنظيمي تحديد اختصاصات الدولة والجهات، وموارد وآليات وتنظيم الجهوية.
شعبي العزيز، إن أي دستور مهما بلغ من الكمال، فإنه ليس غاية في حد ذاته، وإنما هو وسيلة لقيام مؤسسات ديمقراطية، تتطلب إصلاحات وتأهيلا سياسيا ينهض بهما كل الفاعلين لتحقيق طموحنا الجماعي، ألا وهو النهوض بالتنمية وتوفير أسباب العيش الكريم للمواطنين.
ومن هذا المنطلق، فإن خديمك الأول، عندما سيقوم بواجبه الوطني، بالتصويت بقول نعم لمشروع الدستور الجديد، المعروض على الاستفتاء الشعبي، إنما لاقتناعي الراسخ بأن مشروع هذا الدستور يعتمد كل المؤسسات والمبادئ الديمقراطية والتنموية، وآليات الحكامة الجيدة، ولأنه يصون كرامة كل المغاربة وحقوقهم، في إطارالمساواة وسمو القانون.
أجل، سأقول نعم لهذا المشروع، لاقتناعي بأنه بجوهره سيعطي دفعة قوية، لإيجاد حل نهائي للقضية العادلة لمغربية صحرائنا، على أساس مبادرتنا للحكم الذاتي. كما سيعزز الموقع الريادي للمغرب في محيطه الإقليمي، كدولة تنفرد بمسارها الديمقراطي الوحدوي المتميز.
وإني لأدعو الأحزاب السياسية، والمركزيات النقابية، ومنظمات المجتمع المدني، التي شاركت، بكل حرية والتزام، في صنع هذا الميثاق الدستوري المتقدم، من بدايته إلى نهايته، إلى العمل على تعبئة الشعب المغربي، ليس فقط من أجل التصويت لصالحه، بل بتفعيله؛ باعتباره خير وسيلة لتحقيق التطلع المشروع لشبابنا الواعي والمسؤول، بل لكل المغاربة، لتحقيق طموحنا الجماعي لتوطيد بناء مغرب الطمأنينة والوحدة والاستقرار، والديمقراطية والتنمية والازدهار، والعدالة والكرامة وسيادة القانون، ودولة المؤسسات.
وستجدني، شعبي الوفي، في طليعة العاملين على التفعيل الأمثل لهذا المشروع الدستوري المتقدم، الذي يوطد دعائم نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية، بعد إقراره، بعون الله وتوفيقه، بالاستفتاء الشعبي، ليوم فاتح يوليوز القادم».
«قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني». صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.