آثار القرار الأممي 2797 على الجزائر والمغرب!    "الاستقلال" يطالب باستبعاد المفسدين    سدس عشر نهائي مونديال قطر لأقل من 17 سنة.."أشبال الأطلس" يرغبون في الزئير بقوة أمام المنتخب الأمريكي    "فيفا" يكشف حكام مبارتي "الأسود"    اختبار مزدوج يحسم جاهزية "أسود الأطلس" لنهائيات كأس إفريقيا على أرض الوطن    تساقطات مطرية تنعش السدود والمزروعات والجديدة وآسفي تتصدران بأعلى المعدلات    امطار متفرقة مرتقبة بمنطقة الريف    الترجمة الفلسفية وفلسفة الترجمة - مقاربة استراتيجية    نجاح واسع لحملة الكشف المبكر عن داء السكري بالعرائش    ثَلَاثَةُ أَطْيَافٍ مِنْ آسِفِي: إِدْمُون، سَلُومُون، أَسِيدُون    الوكيل العام يكشف خيوط "شبكة إسكوبار الصحراء" ويلتمس إدانة المتهمين    اليابان تسمح للشرطة باستخدام الأسلحة النارية لمواجهة انتشار الدببة    وزير الداخلية يدافع عن تجريم نشر إشاعات تشككك في نزاهة الانتخابات.. لا نستهدف تكميم الأفواه    "ملايير الدراهم لا نعرف هل تصل إلى المواطن أم لا".. التويزي يدعو إلى تقييم دعم الدقيق والغاز    تقرير رسمي يسجل تنامي الجريمة في المغرب على مرّ السنوات وجرائم الرشوة تضاعفت 9 مرات    المجلس الاقتصادي والاجتماعي يوصي بإجراء تقييم مرحلي للإصلاح الجبائي وقياس أثره على المقاولات الصغيرة    المغرب يستأنف الرحلات الجوية مع إسرائيل اليوم الخميس    وزير خارجية مالي: سيطرة المتشددين على باماكو أمر مستبعد    بعد القرار 2797.. تغييرات إدارية في بعثة "المينورسو" تمهد لمرحلة جديدة من الإصلاح    انتعاش مؤشرات بورصة الدار البيضاء    المنتخب الوطني يجري آخر حصة تدريبية بمركب محمد السادس قبل التوجه إلى طنجة    مجلس ‬المنافسة ‬ومندوبية ‬التخطيط ‬يستعدان ‬لوضع ‬النقط ‬على ‬الحروف الكشف ‬عن ‬جشع ‬الوسطاء ‬والمضاربات ‬غير ‬المشروعة    المنهجية ‬التشاركية ‬الاستشرافية ‬تنبثق ‬عن ‬الرؤية ‬الملكية ‬الحكيمة    وزير الفلاحة يتفقد مشاريع "الجيل الأخضر" بالجديدة وبنسليمان    إسلام آباد.. ولد الرشيد يجري مباحثات مع عدد من رؤساء وفود البرلمانات الوطنية المشاركين في مؤتمر البرلمانات الدولي    موريتانيا تُحرج البوليساريو وترفض الانجرار وراء أوهام الانفصال    قمة المناخ 30.. البرازيل تقرر تمديد المحادثات بشأن قضايا خلافية شائكة    مباحثات تجمع بنعليلو برئيس "الأنتربول"    الكونغرس يقرّ إنهاء الإغلاق الحكومي    بالصور .. باحثون يكتشفون سحلية مفترسة عاشت قبل 240 مليون عام    المديرية الإقليمية للشركة الجهوية متعددة الخدمات ابن مسيك سيدي عثمان مولاي رشيد سباتة .. تدخلات متواصلة لصيانة و تنظيف شبكة التطهير السائل    كيوسك الخميس | المغرب يضاعف إنتاج محطات تحلية المياه عشر مرات    تراجع أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي    افتتاح مركز دار المقاول بمدينة الرشيدية    إسرائيل تشن غارات في جنوب لبنان    دراسة: لا صلة بين تناول الباراسيتامول خلال الحمل وإصابة الطفل بالتوحد    ديمقراطيون يكشفون عن رسائل مسرّبة تكشف اطلاع ترامب على فضائح إبستين الجنسية قبل تفجّرها    انبعاثات الوقود الأحفوري العالمية ستسجل رقما قياسيا جديدا في 2025    برنامج طموح يزود الشباب بالمهارات التقنية في مجال الطاقة المستدامة    تعاون أمني مغربي–إسباني يُفكك شبكة لتهريب المخدرات بطائرات مسيرة    مرض السل تسبب بوفاة أزيد من مليون شخص العام الماضي وفقا لمنظمة الصحة العالمية    أشبال الأطلس يرفعون التحدي قبل مواجهة أمريكا في مونديال الناشئين    توقيع اتفاقية شراكة بالرباط للنهوض بالثقافة الرقمية والألعاب الإلكترونية    الاسبانيّ-الكطلانيّ إدوَاردُو ميندُوثا يحصد جائزة"أميرة أستورياس"    مسارات متقاطعة يوحدها حلم الكتابة    أمينوكس يستعد لإطلاق ألبومه الجديد "AURA "    مؤسسة منتدى أصيلة تفوز بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والاداب في مجال المؤسسات الثقافية الخاصة    أربعة منتخبات إفريقية تتصارع في الرباط على بطاقة المونديال الأخيرة    مباريات الدور ال32 ب"مونديال" الناشئين في قطر    "الماط" يستغل تعثر شباب المحمدية أمام اتحاد أبي الجعد ويزاحمه في الصدارة    ليلة الذبح العظيم..    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسن إغلان.. صداقةُ الحياة والأدب

كنّا نلتقيه ونجالسه مبصرا، وها هو اليوم فاقدا لهذه النعمة. لكنه ظل هو هو، متشبّتا بالحياة، مقبلا عليها، شغوفا بالقراءة والكتابة، متسائلا وباحثا عن النصوص والأصدقاء. ذلك هو الكاتب الصديق حسن إغلان الذي تحتفل مدينة سطات اليوم بأحد الكتّاب المقيمين بها منذ التسعينيات من القرن الماضي. وهو الكاتب والقاصّ حسن إغلان. منذ أن تعرفتُ على الصديق والقاص حسن إغلان، في بداية الثمانينيات، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية وأنا أتتبع حرصه على المزاوجة بين الكتابة الإبداعية والمتابعة النقدية. ومنذ أن اختار القصة القصيرة جنْسا أدبيّا مفضّلا وهو يسعى إلى تطوير آلياتها وطرق تعبيرها. كما عرفته في بيته مضيافا بشوشا رفقة زوجته الصديقة خديجة سلام.
لقد ظلّ إغلان حريصا على عدم التقليد خصوصا وأنه شرع في الكتابة القصصية عندما كانت الساحة الإبداعية تعرف بزوغ جيل من الكتاب، من طينة ادريس الخوري ومحمد زفزاف وأحمد بوزفور ومحمد الهرادي والأمين الخمليشي، الذين جددوا وتجاوزوا الكتابة القصصية التقليدية. كان على إغلان أن يجد صوتا آخر ويجدد من داخل الصوت القصصي الجديد آنذاك. لذلك نستشفّ من نصوصه السعي إلى تعميق الحكي والابتعاد عن التجريب المتعدد والوفاء للغة سردية شفافة تتبع شخوصها في حيواتها المتعددة وآمالها وآلامها.
كان حسن إغلان كذلك، ولا يزال، حريصا على ارتياد المكتبات وشراء الكتب، لمْ تمنعه من القراءة والكتابة معاناته مع البصر. بل ربما يمكن القوْل إن فقدانه اليوم لحاسة البصر لمْ يزدْه إلا التصاقا بالأدب بالكتابة، وهو حرص لا نجده عند الكثيرين من «المبصرين».
من جهة أخرى كان المهرجان الدولي التاسع للفيلم بمراكش، قد قام بمبادرة قدّم فيها أشرطة سينمائية استعملتْ فيها تقنية «الوصف السمعي»، بحيث أُتيح للمكفوفين وضعاف البصر الاستمتاع بمتابعة الأفلام السينمائية داخل قاعة مخصصة لذلك. هكذا تمكّن المكفوفون وضعاف البصر من الاستفادة من المعرض بفضل مختلف وسائل الاتصال ذات المعاني غير المباشرة، أو التي تعتمد الإشارات، وتصور عمل المصور الفوتوغرافي، إذ وجدوا رهن إشارتهم جهازا يقدم معلومات ملموسة حول صورة، مطبوعة ومكتوبة بطريقة براي، مترجمة إلى مختلف اللغات. وقد كان من بين المشاركين في هذا العروض حسن إغلان بمداخلة عن «المكفوفين والصورة». إغلان وضع نفسه في قلب هذه التجربة على اعتبار أنه كاتب عاش التجربة المرّة التي لا يمكننا التعبير عنها بنفس القوّة والألم.
نتذكّر أن الكتاب الأرجنتيني، خورخي لوي بورخيس، عاش التجربة ذاتها. وحين أصابه العمى، كتب نصّا سنة 1977 بعنوان «العمى». من بين الجمل القوية الواردة فيه:» واحد من بين الألوان التي يأسف الأعمى (على الأقل هذا الذي يتحدث إليكم) لعدم رؤيتها من جديد هو اللون الأسود. والشيء نفسه يصدق على اللون الأحمر. «الأحمر والأسود» هما اللونان اللذان نفتقدهما. أنا الذي كنتُ متعوّدا على النوم في الظلام الدامس، كان دائما يزعجني الاضطرار إلى النوم في هذا العالم من الضباب المائل إلى الخضرة أو الزرقة، والذي لا يتبيّن ضوِؤه، الذي هو عالم الأعمى». يتصور الناس العميان، عموما، وكأنهم مسجونون في عالم أسود. من بين الأمثلة على ذلك عبارة شكسبير الشهيرة: «إذا فهمنا الظلام على إنه السواد فإنّ شكسبير مخطئ.»
وكمثال أيضا على العمى وفائدته على بورخيس بالتحديد أسوق مثالا آخر يقول فيه: «للعمى منافعه، إنني أدين ?للظلام ببعض الهبات، معرفتي بالإيسلاندية، متعة الكثير من أبيات الشعر والكثير من القصائد وتأليفي لكتاب آخر ?هو «مديح الظلام». وكأن بورخيس هنا يقدّس العمى. ?العمى تحفيز على إثبات ابداعه والقول إن الابداع لا يقف في وجهه أي شيء. المهم أن هناك فكرة ?تتبلور، فكرة تقدم شيئا مفيدا للبشر، ولو على الصعيد النفسي. الذائقة والارتياح «إلى حد ما»، الذي تخلفه قراءة ?بورخيس.
إذا فكّر الأعمى بهذه الطريقة فهو في أمان. العمى هبة لا يستشعرها الآخرون. «لقد أرقتكم بالهبات التي منحني إياها. وهبه العمى الشجاعة والضحك والتتبع والحرص ، وهبنه فرصة الكتابة ، جعله العمى يشعر بأنه محاط بلطف الآخرين. فالناس يشعرون بالودّ إزاء العميان.
كل شيء قريب يصبح بعيدا. كان غوته يشير فيه إلى الغروب. كل شيء قريب يصبح بعيدا. هذا صحيح. عند الغروب الأشياء القريبة منا تبدو أنها تبتعد عن عيوننا. هكذا ابتعد العالم المرئي عن عينيه، ربما إلى الأبد.
ربما كان غوته يتحدث ليس فقط عن الغروب بل عن الحياة. كل الأشياء تختفي، مبتعدة عنا. قد تكون الشيخوخة هي العزلة القصوى باستثناء أن العزلة القصوى هي الموت. و»كل شيء قريب يصبح بعيدا» أيضا تشير إلى الحدوث البطيء للعمى الذي كان بورخيص يأمل أن يبين بأنه ليس محنة كلية. إنه وسيلة أخرى بين العديد من الوسائل كلها غريبة جدا التي يمدنا بها القدر أو الحظ. إنّ حسن إغلان يستحقّ أكثر من تكريم، يستحق أنْ تبادر وزارة الثقافة إلى طبع أعماله والاحتفاء بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.