الاتحاد الاشتراكي بطنجة يعقد لقاءً تنظيمياً ويُفرز مكاتب فرعي المدينة وبني مكادة    جناح الصناعة التقليدية المغربية يفوز بجائزة أفضل رواق في معرض باريس    دروس من الصراع الهندي - الباكستاني..    الأشبال: الهدف التأهل إلى المونديال    المغرب – السعودية .. افتتاح النسخة الثانية من معرض "جسور" بمراكش    الصين وروسيا تؤكدان التزامهما بحماية العدالة الدولية وتعزيز التعددية    الأقاليم الجنوبية.. ريمي ريو: الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو    ريال مدريد يعلن قائمته للكلاسيكو بحضور دياز ولخديم    تقديم 8 متهمين في قضية طنين من مخدر الشيرا بالعرائش    نادي السد يتوج بلقب كأس قطر لكرة القدم عقب فوزه على الدحيل (4-3)    نادي القضاة يستعد لعقد جمعه العام لانتخاب مكتب جديد    التعاون الفلاحي يتصدر إعلان نواكشوط    مركز مغربي: الحكم الذاتي يتيح تنافس قادة "البوليساريو" مع نخب الصحراء    أرسنال يجهز الممر الشرفي لليفربول    بدء منافسات بطولة المغرب للشطرنج    الأسهم تحفز تداولات بورصة البيضاء    الى صديقي يونس    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    مصرع 6 أشخاص في حادثة سير مروعة بالطريق السيار    زيارة استثنائية وإنسانية للزفزافي تنعش آمال الحل في ملف حراك الريف    زلزال تفوق قوته 5 درجات يضرب هذه الدولة    حريق مهول يلتهم وحدة صناعية للأغطية دون خسائر بشرية    الناظور غائبة.. المدن المغربية الكبرى تشارك في منتدى "حوار المدن العربية الأوروبية" بالرياض    البطولة.. الكوكب المراكشي على بعد نقطة من العودة إلى القسم الأول بتعادله مع رجاء بني ملال    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    سحابة كلور سامة في إسبانيا ترغم 160 ألف شخص على ملازمة منازلهم    إسبانيا تُطلق دراسة جديدة لمشروع النفق مع طنجة بميزانية 1.6 مليون أورو    بعد واقعة انهيار عمارة بفاس..التامني تسائل الداخلية عن نجاعة مشاريع تأهيل المباني الآيلة للسقوط    العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان تستنكر حرمانها من وصل الإيداع القانوني    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يستعد للإعلان عن اعتراف رسمي بالدولة الفلسطينية خلال جولته الشرق أوسطية    مهرجان مغربي في تاراغونا يبرز عمق العلاقات بين المغرب وإسبانيا    وساطة أمريكية تنهي التصعيد بين باكستان والهند    ديستانكت ومراد يرويان خيبة الحب بثلاث لغات    من الرباط إلى طنجة.. جولة كلاسيكية تحتفي بعبقرية موزارت    مهرجان "كان" يبرز مأساة غزة ويبعث برسائل احتجاجية    الأوروبيون يسعون لهدنة مع موسكو    وكالة الحوض المائي اللكوس تطلق حملة تحسيسية للتوعية بمخاطر السباحة في حقينات السدود    مهرجان مغربي يضيء سماء طاراغونا بمناسبة مرور 15 سنة على تأسيس قنصلية المملكة    الموت يفجع الفنان المغربي رشيد الوالي    تنظيم استثنائي لعيد الأضحى بالمجازر.. هل يتجه الناظور لتطبيق النموذج المعتمد وطنياً؟    القضاء الأمريكي يجمد تسريح موظفين    الفيفا يرفع عدد منتخبات كأس العالم للسيدات إلى 48 بدءاً من 2031    بينالي البندقية.. جلالة الملك بوأ الثقافة والفنون المكانة التي تليق بهما في مغرب حديث (مهدي قطبي)    بالقرعة وطوابير الانتظار.. الجزائريون يتسابقون للحصول على الخراف المستوردة في ظل أزمة اقتصادية خانقة بالبلاد (فيديوهات)    النصيري يستعيد بوصلة التسجيل بتوقيع هدف في مرمى باشاك شهير    المغرب يدفع بصغار التجار نحو الرقمنة لتقليص الاقتصاد غير المهيكل    إيران وأمريكا تستأنفان المحادثات النووية يوم الأحد    تطور دينامية سوق الشغل في المغرب .. المكتسبات لا تخفي التفاوتات    افتتاح فعاليات المعرض الدولي السابع والعشرون للتكنولوجيا المتقدمة في بكين    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرامج الساخرة: تهريج أم سلاح في مواجهة السلطة

البرامج السياسية الساخرة في العالم العربي ما تزال ظاهرة جديدة ارتبط ظهورها بمرحلة الربيع العربي. فهامش الحرية الذي اتسع في بعض الدول العربية، سمح بظهور مثل هذه البرامج. بعضها ينتقد السياسة الساسة «باحتشام» وبعضها يتعرض للسياسيين ولنافذين بشكل مباشر مثل برنامج «البرنامج» لصاحبه باسم يوسف الذي اكتسب شعبية كبيرة من خلاله، ليس في مصر فقط و إنما في العالم العربي، خاصة بعض المضايقات التي تعرض لها واتهامه بإهانة الرئيس المصري وازدراء الدين الإسلامي.
الكاتب المغربي إدريس كسيكس يرى في ظهور هذا النوع من البرامج في العالم العربي امتدادا طبيعيا لثورات الربيع العربي وما ظهر معه من حاجة إلى مساءلة المسؤولين والسياسة.
وبين من يعتبرها برامج هادفة وجريئة تسعى للنهوض بالمشهد السياسي، ومن يعتبرها مجرد وسيلة لتحقيق الشهرة والربح المادي، تحظى هذه البرامج باهتمام فئة من الجمهور العربي.
في لبنان البرامج السياسية الساخرة ليست بالأمر الجديد. فقد كان ظهورها مبكرا وتنوعت تلك البرامج ومضامينها بتنوع القنوات التلفزية اللبنانية وتوجهاتها، وتحولت إلى «سلاح» تستخدمه الأطراف السياسية المختلفة في لبنان لتمرير خطاباتها وخدمة مصالحها وأحيانا نقل الصراعات الموجودة بينها إلى التلفزيون. أما في تونس فقد تحولت قناة «نسمة» التلفزيونية من محطة تركز على المنوعات والترفيه في عهد بن علي إلى إنتاج برامج ساخرة تتناول قضايا المغرب العربي، ومنها برنامج «گينول الأخبار» الذي أطلقته القناة بالتعاون مع قناة «كنال بلوس» الفرنسية.
الكاتب المغربي إدريس كسيكس يقول في حوار أجرته معه «دوتشي فيلي عربية» ،إن هذا النوع من البرامج لم يكن موجودا بهذا الكم قبل الربيع العربي؛ بل كان الأمر يقتصر على الصحف التي كانت تنتقد من خلال الكاريكاتير، قبل أن يتطور ذلك أكثر مع المواقع الاجتماعية. والسبب في كل هذا برأي كسيكس هو أن الناس صاروا يرغبون في التعامل مع السياسيين ومساءلتهم وانتقادهم باعتبارهم أشخاصا عاديين وليسوا منزهين عن الخطأ. ويعطي مثالا على ذلك قناة نسمة الخاصة، التي «لم تكن تستطيع في عهد بن علي أن تنبس ولو بكلمة عن النظام، والآن صار هناك وعي بإمكانية دخول مجال السخرية السياسية وإنتاج برامج من هذا النوع».
سبب آخر يشير إليه الكاتب والصحفي التونسي صلاح الجورشي، وهو أن الإعلاميين والكتاب والمثقفين بشكل عام «كانوا يعانون الأمرين في عهد الأنظمة السابقة بسبب حرص الأخيرة على كتم أصواتهم وحريتهم، وهذه البرامج تأتي اليوم كرد فعل على ما عاشوه سابقا، و هكذا صاروا يسعون من خلالها إلى تقليص سلطة المسؤولين السياسيين في بلدانهم». 
في مصر أيضا ظهرت برامج متعددة من هذا النوع لكن أشهرها هو برنامج «البرنامج» للإعلامي الساخر باسم يوسف، «البرنامج» يحاكي من خلال شكله وطريقة معالجته للقضايا المطروحة أحد البرامج الساخرة الأمريكية، وسعت برامج أخرى في العالم العربي إلى «تقليد» برامج أجنبية، إلا أنها تلقت انتقادات لعل أبرزها استعمال لغة «هابطة» أحيانا، لا ترقى بمستوى المشاهد، ولا تحترم العادات و التقاليد العربية.
انتقادات أخرى وجهت لهذه البرامج مفادها أنها تسعى لتحقيق الربح المادي والشهرة أكثر من سعيها إلى إثارة القضايا المهمة ومناقشتها أمام الرأي العام، و هو ما يرد عليه كسيكس بالقول «لاشك أن العنصرين مع تحقيق الربح والحرية يتدخلان معا في الغاية من وراء إنتاج هذه البرامج، وأنا لا أعتبر الرغبة في تحقيق الربح أمرا سيئا مادام الهدف منه هو أن تصمد هذه المحطات وتستطيع تقديم الأفضل لمشاهديها»، ويضيف «من يظن أن مسألة الحرية غير مرتبطة بالمصالح والليبيرالية الاقتصادية فتفكيره ضيق، بل بالعكس فالأخيرة تنعش الحرية التي ننشدها».
ويعتبر كسيكس أن الأهم في كل هذا النقاش هو ترسيخ الحرية والحفاظ عليها، إذ أن «هناك من يصفق الآن لهذه البرامج  فقط لأنه يعتبرها نشازا، ومن الخاطئ جدا أن نصفق للحرية باعتبارها نشازا فالمفروض أنها الأصل والمكون الأساسي وغيابها هو النشاز».
في تونس اختلفت الآراء حول الدور الذي تلعبه البرامج الساخرة، لكن الكاتب صلاح الجورشي، يعتبر أنها تلعب دورا إيجابيا وساهمت في تغيير العلاقة بين المواطن والمسؤول السياسي «هناك من يعتبر أنها تسيء لشخص السياسي والدولة، لكن نتائجها باعتقادي معاكسة تماما فهي ساهمت في تهذيب السلوك السياسي للمسؤولين الذين صاروا يتقبلونها رغم نقدها اللاذع، و صاروا يتضايقون إن لم يتم التطرق إليهم فيها» ويضيف الجرشي أن الهدف من هذه البرامج هو جعل المسؤول السياسي أكثر حرصا في تعامله ومواقفه وجعله يتخلى عن القداسة المزيفة التي يحيط بها نفسه وحياته وتصرفاته.
وبغض النظر عن حجم الحرية التي تتمتع بها هذه البرامج فإن المتابعين لها يبدون خوفهم من أن يكون «انتعاشها» الآن مرتبطا فقط بالمرحلة الانتقالية التي تمر بها هذه الدول، واحتمال عودة الأمور إلى ما كانت عليه بمجرد استقرار الأوضاع وتسلم الحكومات الجديدة للسلطة بشكل كامل، خاصة في ظل تنامي نفوذ الإسلاميين في دول الربيع العربي.
و إن كانت «التجربة التونسية» في هذا السياق إيجابية إلى حد ما، فإن هذه البرامج تشهد تضييقا أكثر عليها في مصر سواء من قبل السلطات أو من قبل الموالين للسلطة. أحد الأمثلة على ذلك هو إطلاق برنامج «الإرهابي» التابع لإحدى القوى الدينية، كخطوة للرد على برنامج «البرنامج» من خلال انتقاد المعارضة المصرية بنفس الطريقة التي يتبعها «البرنامج» رغم أن تيار الإسلاميين في البلاد ظل يوجه انتقادات شديدة لأسلوب السخرية الذي يتبعه باسم يوسف في برنامجه واعتباره محرما في الدين.
و عن السبب في هذا التضييق الذي يمارس على هذا النوع من البرامج يقول الجورشي «هناك عقليات مازالت تربط بين المسؤول السياسي ورمزية الدولة، وتعتبر انتقاد المسؤول استخفافا بالدولة وتقليلا من أهميتها» وهو تصور خاطئ باعتقاده، لأنه في الديمقراطيات العريقة يتم الفصل تماما بين السياسي والدولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.