الطالبي العلمي: المملكة المغربية في سياق إصلاحي من سماته تجديد كبير في التشريعات    الهند تهاجم مواقع باكستانية بالصواريخ.. وإسلام آباد تتوعد بالرد وترامب يعلق    أخنوش يترأس بالرباط اجتماعا لتنزيل خارطة طريق قطاع التشغيل    انطلاق عملية استقبال طلبات الدعم العمومي الخاص بالصحافة والنشر    زكية الدريوش: الحكومة تشتغل على تقليص الوسطاء والمضاربين ومراجعة قانون بيع السمك    وفد مغربي سعودي يستقبل وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في مطار الدار البيضاء    إنتر يقصي البارصا من أبطال أوروبا    تألق مغربي في ختام البطولة الإفريقية التاسعة للووشو بالقاهرة    أبرزها نزع ملكية 7 هكتارات لإحداث مشاريع متنوعة.. مجلس جماعة الدريوش يصادق بالإجماع على نقاط دورة ماي    شحنة ضخمة من الكوكايين تستنفر أمن ميناء طنجة المتوسط    وزارة الداخلية توقف خليفة قائد للاشتباه في تورطه بجرائم فساد    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تفتتح بباكو المعرض الرقمي "الزربية الرباطية، نسيج من الفنون"    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    أخنوش يراهن على "خارطة التجارة الخارجية" لخلق 76 ألف منصب شغل    انتشال جثة غريق بشاطئ رأس الماء    إسبانيا تتمسك بتقليص ساعات العمل    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    تقدم خطوتين فقط بعد جائحة كوفيد.. المغرب في المرتبة 120 عالميا في مؤشر التنمية البشرية لعام 2025    رئيس الحكومة يترأس اجتماعا لتدارس خارطة طريق التجارة الخارجية 2025-2027    مراكش…تسجيل هزة أرضية بقوة 4.6    وزير خارجية فرنسا: "الوضع عالق" بين باريس والجزائر    الرجاء الرياضي يحتج على التحكيم    فرنسا وأيرلندا تدينان خطة إسرائيل لاحتلال غزة    ابتداءً من 8 ماي خط بحري جديد يربط المغرب بإسبانيا في أقل من ساعة    مداخل تنزيل مبادرة الحكم الذاتي المغربية بالصحراء    نيروبي: افتتاح أشغال مؤتمر دولي لليونيسكو حول التراث الثقافي بإفريقيا بمشاركة المغرب    مكونات المعارضة النيابية تنادي بتحرير الجماعات الترابية من "سلطة الوصاية"    ارتفاع أسعار الذهب إلى أعلى مستوى    موسم طانطان ينطلق في 14 ماي.. احتفاء بتقاليد الرحل وبالثقافة الحسانية    "قفطان المغرب" يكرم التراث الصحراوي    وزير إسرائيلي: "غزة ستدمر بالكامل"    متى كانت الجزائر صوتا للشرعية البرلمانية العربية؟ بقلم // عبده حقي    افتتاح فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بالحسيمة    بحث وطني يشمل 14 ألف أسرة لفهم تحولات العائلة المغربية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    وجهة غير متوقعة تُهدد انتقال سفيان أمرابط إلى الدوري السعودي    الفريق الاستقلالي يطالب بإحالة محمد أوزين على لجنة الأخلاقيات    غوارديولا يكشف اسم أقوى مدرب واجهه في مسيرته    هزة أرضية بقوة 4.6 درجات تضرب مراكش ونواحيها    استراتيجية حكومية لضمان تكاثر القطيع الحيواني تغني عن اللجوء للاستيراد    منطقة الغرب.. توقع إنتاج 691 ألف طن من الزراعات السكرية    جمهور فنربخشة يطلق صافرات استهجان ضد يوسف النصيري    زوربا اليوناني    العصبة تلزم فرق البطولة بحذف جميع إشهارات الشركات المتخصصة في نقل الأشخاص والوساطة في النقل    لقجع: الطلب العمومي الأخضر محور أساسي في استراتيجية التنمية المستدامة بالمملكة    الجنون الاستبدادي لقيس سعيّد: رئيس يقوّض أسس الديمقراطية التونسية    اتفاق مغربي-مصري لرفع وتيرة التبادل التجاري وتعزيز الصادرات الصناعية    الرباط تحتضن ملتقىً دولي حول آلة القانون بمشاركة فنانين وأكاديميين من المغرب والعراق ومصر    مايكروسوفت توقف تطبيق الاتصال عبر الإنترنت "سكايب"    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    ارتفاع حالات الإصابة بالحصبة في أوروبا خلال شهر مارس الماضي    عضة كلب تنهي حياة شاب بعد أسابيع من الإهمال    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كيف تُنقذ حياة شخص من أزمة قلبية؟.. أخصائي يوضّح    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واجهه المستعمر الفرنسي بالتضييق والمنفى حين أفتى بقتل بن عرفة والكلاوي

كانت «جامعة القرويين» هي مدرسة محمد بلعربي العلوي الأولى، التي ولّدت فيه الروح الثورية، وهو ما يزال طالبا بها، للوقوف في وجه المستعمر، الذي جر على البلاد كل أصناف الذل والمهانة، وقد زاد هذا الشعور الثوري تأججا لديه، بعد التقائه بمحمد بن عبد الكريم الخطابي الذي كان يتابع دراسته بنفس الجامعة، إذ وجد فيه نفس الروح، ونفس الميولات والتطلعات التي يراها لإنقاذ البلاد من التدهور، فكانا يتبادلان فيما بينهما الأفكار الإسلامية المستقلة والآراء المتحررة من ربقة الجهل والخرافة والتقليد، والتي تدعو إلى الجهاد من أجل حرية الإنسان وكرامته، وعملا معا على نشر أفكارهما بين الفئات الشعبية، وفي مقدمتها الطلبة، بحيث لم يمض غير قليل من الوقت حتى أصبح عدد هام من طلاب العلم وغيرهم من الحرفيين والعمال والفلاحين، يجتمعون لدراسة الأحداث الوطنية والدولية المستجدة.
هذا الشعور الجياش نحو وطنه، ورغبته الجامحة في ضرب المستعمر وهزمه أين ما كان هي التي جعلته يبيع كل ما يملك من الكتب النفيسة حتى يستطيع شراء ما يحتاج إليه المقاتل المتطوع؛ ولذلك حاول أن يلتحق بجبهة القتال في حرب الريف، وفي الأطلس، غير أن ظروف الحصار المضروب على البلاد من قبل العدو، حالت دون ذلك، كما أن القائد موحا وحمو الزيان أقدم على تغيير خطته القتالية، بعد أن اكتفى بأبناء المنطقة الثائرة، لمعرفتهم الدقيقة بمسالكها الوعرة.
من جهة أخرى، عمد ابن العربي العلوي إلى مراسلة الزعيم الفلسطيني الحاج أمين الحسيني، ليسمح له بالالتحاق بأرض فلسطين، بغية الجهاد مساهمة منه في تحريرها، لكن لم يصل له أي جواب.
يقول علال الفاسي: «وما بدأ الجهاد في المغرب ضد الفرنسيين حتى اشترى بندقية، وتوجه مع المجاهدين لمقاومة المهاجمين، ملهبا حماس الجند، ضاربا المثل بشجاعته وصبره».
ومن أبرز المحطات النضالية التي سجلها له التاريخ ضد المستعمر موقفه الشجاع سنة 1944، سواء أمام السلطان محمد الخامس، أو أمام المقيم العام الفرنسي، عندما وضعت «عريضة الاستقلال» التي قدمها حزب الاستقلال- الذي أسسه تلميذه علال الفاسي- على طاولة المناقشة، كان ابن العربي العلوي الوحيد من أعضاء الحكومة الذي آمن بالفكرة دون تردد، وأيد «حزب الاستقلال» بآرائه الصارمة في الموضوع، بخلاف بقية أعضاء الحكومة الذي تراجعوا أمام رفض المقيم العام للعريضة، وتهديده لكل من يساند مطالب هذه العريضة، باستثناء ابن العربي العلوي الذي تحدى تهديد المقيم العام، وقدم استقالته من حكومة الصدر الأعظم احتجاجا على هذا الموقف، الذي اتخذته فرنسا من هذا المطلب الوطني، واحتجاجا على تخاذل الهيئة الوزارية وتراجعها، أما رد السلطات الاستعمارية على هذا الموقف، فكان نفي ابن العربي إلى قرية «القصابي» ثم إلى «ميسور»، وبعد ذلك إلى «مدغرة» مسقط رأسه.
ومن مواقفه الجريئة الأخرى، وما أكثرها، افتاؤه بوجوب قتل محمد بن عرفة الذي حاولت فرنسا فرضه سلطاناً على المغرب بعد نفيها لملك البلاد محمد الخامس سنة 1953 تطبيقاً للحديث الشريف: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما»، ورفض التوقيع على بيعة محمد بن عرفة سلطانا على المغرب، ومن مظاهر وفائه وحبه وإخلاصه لمحمد الخامس، معارضته لتأسيس «مجلس المحافظة على العرش» بعد انسحاب بن عرفة.
كشف المؤرخ عبد الكريم الفيلالي في كتابه «التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير» أن هذه المؤامرة ضد السلطان كانت من تدبير التهامي الكلاوي الذي أصدر بيانا وقع عليه 270 من الباشاوات والقواد فيه: «إننا معشر القواد في مختلف الجهات المغربية ومن في دائرتهم من المغاربة رجال حركة المعارضة والإصلاح الممضين أسفله تحت رئاسة سعادة الباشا الهمام السيد الحاج التهامي المزواري الكلاوي، نتقدم بكل شرف إلى سعادة المقيم العام للدولة الفرنسية الفخيمة بما يأتي: بما أن السلطان سيدي محمد بن يوسف خرج عن جميع رجال المغرب العاملين، واتبع طريقا مخالفا للقواعد الدينية بانتمائه للأحزاب المتطرفة غير المعترف بها وتطبيق مبادئها في البلاد، الشيء الذي جعله يسير بالمغرب في طريق الهاوية، فإننا بصفتنا كبراء المغرب وأصحاب الحل والعقد، ومن ذوي الغيرة على الدين الإسلامي نقدم لسعادة المقيم العام وللدولة الفرنسية طلب عزل السلطان عن الحكم وتنحيته عن العرش وإسناد هذا الأمر إلى من يستحقه».
بعد انكشاف مؤامرة الكلاوي ضد السلطان الشرعي، خرجت فتوى شيخ الإسلام محمد بن العربي العلوي بكفر الكلاوي ومن معه وإباحة دمائهم، وهي الفتوى التي تبناها 300 عالم من كل أنحاء المغرب، وعززتها فتوى علماء الأزهر «بكفر الكلاوي ومروقه».
وبسبب هذا الموقف والفتاوى نفاه الفرنسيون إلى القصابي قرب ميدلت، ثم نقلوه الى قصر السوق نحو عامين، ثم نفوه مرة ثانية من فاس فاختار الإقامة بمصطاف إيموزار وذلك لأنه كان يقوم بدروس بجامع القرويين فتضايقت منها السلطات الاستعمارية، فطلبت منه الانقطاع عن تلك الدروس فأبى الخنوع لإرادتها فقررت نفيه ونفذته في 18 رمضان 1371ه، ثم رجع الى فاس في آخر رمضان وأقام بمنزله بدرب الورد بالمدينة الجديدة لكنه بقي ممنوعا من دخول المدينة العتيقة لأنها اعتبرت أن منزله خارج المدينة، وعند محاولة فرنسا إبعاد الملك محمد الخامس عن عرشه جعلت الحراسة على باب منزله ومنعته من الخروج منه ومنع جميع الناس من الاتصال به، وبقي الأمر كذلك الى أن نفي مرة ثالثة في 11 ربيع الثاني 1373ه، وكان المنفى بمدينة تزنيت، ثم رجع إلى منزله بفاس بعد أن قضى عاما كاملا.
وبعد عودة محمد الخامس من منفاه عام 1376ه، وحصول المغرب على استقلاله كان ابن العربي في طليعة المستقبلين للملك المحبوب الذي استقبله بالأحضان، وأسند له بعد ذلك «وزارة التاج» ليصبح مستشارا خاصا به، وعينه قاضياً شرعياً بالقصر الملكي وعضوا في لجنة مدونة الفقه الإسلامي بيد أنه حضر في الاجتماع مرة واحدة ولم يوقع على القرارات لاصطدام بعض فصولها مع أفكاره، ولما عرض مشروع الدستور الذي نص على أن الحاكم يجوز له التشريع أفتى أن الحاكم هو الشريعة الإسلامية، فتعرض بسبب هذه الفتوى لجملة من المحن وحاربه الوزير رضا أكديرة العلماني ونعته بالضلال، فقدم استقالته من مجلس التاج في 1379ه- 1959م، وأعفي من منصب القضاء وأبى أن يتسلم راتبه بعد استقالته. ورجع إلى منزله بفاس وصار يقوم بدروس بين الآونة والأخرى بمسجد السنة بالمدينة الجديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.