تعرضت الفنانة السورية أصالة نصري عند زيارة غير مبرمجة للمدينة العتيقة، لاستغلال بشع أثناء اقتنائها لبعض المنتوجات التقليدية، مما أغضب المنظمين الذين حركوا هواتفهم النقالة في كل الاتجاهات لمعرفة مكان وجودها لكن دون جدوى. استغلال كشفت عنه أصالة لمرافقيها الصحافي الشاب أمين القادري والفنان المبدع عزيز لشهب اللذين صاحباها خلال زيارتها الثانية لبعض المصانع التقليدية رغم يوم عطلة تقديرا للمكانة التي تحظى بها هذه الفنانة لدى الفاسيين، وهي تنظر إلى الفرق الشاسع بين قيمة المنتوجات التقليدية التي اقتناها مدير أعمالها بمجمع الصناعة التقليدية بفاس، والتي لم تتجاوز 95 أورو، ونفس المنتوجات التي اقتنتها لنفسها خلال الزيارة الأولى بكلفة تناهز 2220 دولارا أمريكيا، الشيء الذي أغضب زوجها وكاد أن يرجع البضاعة لصاحبها أو لأصحابها لولا ضيق الوقت واقتراب موعد السفر. وبدا واضحا سبب توتر وقلق الفنانة، الذي انعكس سلبا على أجواء الحفل، حيث من المؤكد أن الإحساس بالاستغلال أثار غضبها وجعلها في وضعية غير مريحة أثناء أداء أغانيها «يا مجنون أنا ليلى...» و»أنشودة الفن..» التي أهدتها إلى روح المرحوم الحسن الثاني، والأغنية المشهورة «سامحتك...»، إلى جانب عدم انسجامها مع الجوق المصري المرافق لها بقيادة الفنان يحيى الموجي، ابن الفنان محمد الموجي ملحن «قارئة الفنجان»، حيث لم تتوفق في إرضاء الجمهور وغادرت خشبة المسرح بشكل مفاجئ، حيث انتظر الفاسيون عودتها لتطرب عشاقها، الذين ضاقت بهم رحاب مكان الحفل، وكادت المدرجات أن تنهار بسبب الجمهور الغفير الذي أُغرق به الفضاء، ولولا تدخل الأجهزة الأمنية لوقع ما لا تحمد عقباه، نظرا لتدافع الحضور وهم يرددون شعارات مناوئة لإدارة المهرجان، حيث تحولت الفوضى إلى عنف وتبادل اللكمات، وارتفعت الأصوات الغاضبة التي أدت بين 200 و400 درهم دون الحصول على مقاعد تمكنهم من متابعة الحفل، بسبب حجزها لأقارب المسؤولين النافذين أغلبهم لم يؤدوا ثمن تذكرة الدخول. ورأبا للصدع، وتجنبا لأي انطباع قد يؤثر على سمعة المدينة وساكنتها، تدخل الفريق الفني، الذي رافقها إلى مطار فاس سايس، محاولا الرفع من معنوياتها من خلال الحديث عن خصال الفاسيين وقيمهم المثلى، مما جعلها تعد الفنان لشهب بتسجيل «فيديو كليب» قريبا بالحاضرة الإدريسية، وأسندت له مهمة إعداد أغنية مغربية تكون ضمن ألبومها الجديد، تقديرا لحفاوة الاستقبال وحسن الضيافة التي تميز أهل فاس عن غيرهم. ولعل الندوة الصحافية، التي نظمت على هامش مشاركة الفنانة السورية بالدورة 19 لمهرجان الموسيقى العريقة، هي نموذج للفوضى التي سادت محطات إعداد المهرجان وفي طليعتها طبيعة محطة اختيار اللجنة التي أوكلت لها مهمة التواصل والإعلام، حيث أسندت إدارتها لشاب حامل لدبلوم في الطبخ بدل تكليف شخص له علاقة بالموضوع، مما استعصى على اللجنة تنظيم وتدبير هذا الملف، نظرا لكونها تجهل طبيعة أهل المدينة وروادها وصحافيها الذين يواكبون مختلف أنشطة مؤسسة روح فاس بهدف إعطاء الإشعاع الثقافي لمدينة الأولياء، حيث اختلط الحابل بالنابل وعمت الفوضى داخل وخارج الفندق المحتضن، مما جعل الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة الجهوية فرع فاس بولمان، أن يتدخل لتهدئة الوضع، حيث حاول الاتصال بمدير المهرجان فوزي الصقلي، لكن هاتفه ظل يرن دون رد، الشيء الذي زاد من تأجيج الوضع، ووصل صدى الاحتجاجات إلى مدخل باب المكينة، إذ لم تتمكن مديرة محطة إذاعية بفاس وفريق عملها من الدخول لتغطية الجلسة الافتتاحية التي ترأستها صاحبة السمو الملكي الأميرة للاسلمى، لعدم حصولها على «البادجات» في الوقت المناسب، حيث لم تتمالك أعصابها وصرخت في وجه المنظمين لسوء معاملتهم مع الجسم الإعلامي المحلي، مما دفع بمدير المهرجان إلى ترضيتها، وأمر بفتح الباب الرسمي أمامها. أمام هذه الفوضى والتعامل اللامسؤول لإدارة المهرجان، عقد المكتب النقابي الصحافي لفرع فاس اجتماعا طارئا لاتخاذ الموقف المناسب، حيث أصدر بلاغا في الموضوع يندد فيه بالإهمال المقصود كل سنة للجسم الإعلامي بمدينة فاس، وقرر الرد على هذه التصرفات بمقاطعة أنشطة المهرجان التي علق عليه المتتبعون ووصفوه ب«الهَرٍم»، وذلك بإعادة نفسه من خلال البرامج المقدمة تقريبا، الشيء الذي دفع بالمتتبع إلى المطالبة بمراجعة تركيبة المهرجان بشقيها التنظيمي والفني. وإيمانا بالمسؤولية الإعلامية الحقيقية لم يرد أعضاء المكتب النقابي انتقاد المهرجان والتشويش على فقراته من خلال كتابتهم حتى لا يسجل أنهم يسعون لإفشالها، وانضبطوا للمثل القائل "مطرب الحي لا يطرب" الذي رفعه المنظمون. كما وقف الجمهور على الإهمال الذي طال مرافق فضاء باب المكينة طيلة أيام المهرجان، والذي هم الزرابي المهترئة و«الموكيطات» التي تفوح منها روائح كريهة تنضاف إلى روائح المراحيض التي تعود لفترة طويلة. وقد أجمع المعلقون من أهل فاس، أن المهرجان زاغ عن أهدافه الحقيقية فنا وموسيقى مقارنة مع مهرجان موازين الذي يستمتع بفقراته الرائعة كافة المواطنين عبر شاشات التلفاز والقنوات الإذاعية بالمجان، في حين أن مهرجان الموسيقى العريقة تصدر فقراته إلى دول أوروبا وأمريكا.... وعودة إلى موضوع العنف الذي بدأ يظهر مع انطلاق فعاليات هذه الدورة، حيث سجل مقر الجمعية حالة اعتداء على حارس أمن خاص على مستوى العين من طرف سائق أحد أعضاء مؤسسة روح فاس. هذا، وقد علق الزميل محمد بوهلال، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية فرع جهة فاس بولمان، في تصريح لجريدة«الاتحاد الاشتراكي»، أن هذه الدورة تميزت بالفوضى العارمة، التي توحي للمتتبع أن المهرجان مازال في دورته الأولى، في الوقت الذي انتظر الجمهور من هذه النسخة، أن تكون ناضجة وراشدة، غير أن سوء التدبير ومسألة إسناد الأمور لغير أهلها جعلا الارتباك يطبع جل فقراته، فغابت المهنية والاحترافية وغاب معهما فقرة «تسليم مفتاح فاس»، التي تعد محطة تتويج المهرجان وتقيم نجاحاته. واستغرب الإعلاميون لتدفق الجمهور لساحة بوجلود ومغادرتهم لفضاء باب المكينة في ساعات مبكرة وحجزهم للصفوف الأمامية، حتى يتسنى لهم متابعة العروض الفنية التي نالت إعجاب الجمهور الواسعة الذي حج بكثافة، والذي استمتع بفقرات انصهر فيها الفن المغربي بنظيره الغربي، رسمت صورة جسدت فيها عبقرية المدير الفني للمهرجان داخل المدينة الأستاذ عزيز لشهب، وبصمت بخفة المنشط الزميل أمين القادري، حيث أصبحت ساحة أبي الجنود قبلة لعشاق هذا اللون الموسيقي، مما جعل بعض رجال الأمن يدخلون على الخط، وأغرقوا المكان الذي كاد أن يعيش نفس أجواء فضاء باب المكينة، الذي عرف انتقادات واسعة، لولا تدخل نائب ولي الأمن ورئيس القيادة للهيئات الحضرية بفاس، اللذين انتقلا إلى عين المكان لإعادة الأمور إلى نصابها، حيث أعطوا تعليماتهم الصارمة لإبعاد تدخل رجال الأمن في عملية ولوج الفضاء المخصص لأصحاب جوازات المرور.