تغير مفاجئ.. هكذا نشرت قناة "فرنسا 3" خريطة المغرب    فلقاء الخطاط مع وزير الدفاع البريطاني السابق.. قدم ليه شروحات على التنمية وفرص الاستثمار بالأقاليم الجنوبية والحكم الذاتي    مجلس المنافسة كيحقق فوجود اتفاق حول تحديد الأسعار بين عدد من الفاعلين الاقتصاديين فسوق توريد السردين    برنامج "فرصة".. عمور: 50 ألف حامل مشروع استفادوا من التكوينات وهاد البرنامج مكن بزاف ديال الشباب من تحويل الفكرة لمشروع    الغالبية الساحقة من المقاولات راضية عن استقرارها بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة    أول تعليق من الاتحاد الجزائري على رفض "الطاس" طعن اتحاد العاصمة    جنايات الحسيمة تدين "مشرمل" قاصر بخمس سنوات سجنا نافذا    خلال أسبوع.. 17 قتيلا و2894 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    نشرة إنذارية.. أمطار قوية أحيانا رعدية مرتقبة بتطوان    طابع تذكاري يحتفي بستينية السكك الحديدية    مقتل فتى يبلغ 14 عاماً في هجوم بسيف في لندن    الأمثال العامية بتطوان... (586)    المهمة الجديدة للمدرب رمزي مع هولندا تحبس أنفاس لقجع والركراكي!    نقابي: الزيادة في الأجور لن تحسن القدرة الشرائية للطبقة العاملة والمستضعفة في ظل ارتفاع الأسعار بشكل مخيف    الدوحة.. المنتدى العربي مع دول آسيا الوسطى وأذربيجان يؤكد على ضرورة الالتزام باحترام سيادة الدول واستقلالها وضمان وحدتها    محطات الوقود تخفض سعر الكازوال ب40 سنتيما وتبقي على ثمن البنزين مستقرا    لأول مرة.. "أسترازينيكا" تعترف بآثار جانبية مميتة للقاح كورونا    هجرة/تغير مناخي.. رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يشيد بمستوى التعاون مع البرلمان المغربي    من يراقب محلات بيع المأكولات بالجديدة حتى لا تتكرر فاجعة مراكش    في عز التوتر.. المنتخب المغربي والجزائري وجها لوجه في تصفيات المونديال    ليفاندوفسكي: "مسألة الرحيل عن برشلونة غير واردة"    بلينكن يؤكد أن الاتفاقات الأمنية مع السعودية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل شبه مكتملة    مساء اليوم في البرنامج الأدبي "مدارات" : المفكر المغربي طه عبد الرحمان.. بين روح الدين وفلسفة الاخلاق    ستة قتلى في هجوم على مسجد في هرات بأفغانستان    وزارة الاقتصاد: عدد المشتركين في الهاتف يناهز 56 مليون سنة 2023    توقيف نائب رئيس جماعة تطوان بمطار الرباط في ملف "المال مقابل التوظيف"    دل بوسكي يشرف على الاتحاد الإسباني    مساعد الذكاء الاصطناعي (كوبيلوت) يدعم 16 لغة جديدة منها العربية    تعبئة متواصلة وشراكة فاعلة لتعزيز تلقيح الأطفال بعمالة طنجة أصيلة    الدورة ال17 من المهرجان الدولي مسرح وثقافات تحتفي بالكوميديا الموسيقية من 15 إلى 25 ماي بالدار البيضاء    مقاييس الأمطار بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    استهداف المنتوج المغربي يدفع مصدرين إلى التهديد بمقاطعة الاتحاد الأوروبي    توقيت واحد فماتشات البطولة هو لحل ديال العصبة لضمان تكافؤ الفرص فالدورات الأخيرة من البطولة    تم إنقاذهم فظروف مناخية خايبة بزاف.. البحرية الملكية قدمات المساعدة لأزيد من 80 حراك كانوا باغيين يمشيو لجزر الكناري    "الظاهرة" رونالدو باع الفريق ديالو الأم كروزيرو    الريال يخشى "الوحش الأسود" بايرن في ال"كلاسيكو الأوروبي"    "أفاذار".. قراءة في مسلسل أمازيغي    أفلام بنسعيدي تتلقى الإشادة في تطوان    الملك محمد السادس يهنئ عاهل السويد    ثمن الإنتاج يزيد في الصناعة التحويلية    صور تلسكوب "جيمس ويب" تقدم تفاصيل سديم رأس الحصان    دراسة علمية: الوجبات المتوازنة تحافظ على الأدمغة البشرية    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و535 شهيدا منذ بدء الحرب    التنسيق الوطني بقطاع الصحة يشل حركة المستشفيات ويتوعد الحكومة بانزال قوي بالرباط    فرنسا تعزز أمن مباني العبادة المسيحية    العثور على رفاة شخص بين أنقاض سوق المتلاشيات المحترق بإنزكان    عرض فيلم "الصيف الجميل" للمخرجة الإيطالية لورا لوتشيتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    فيلم من "عبدول إلى ليلى" للمخرجة ليلى البياتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    "النهج" ينتقد نتائج الحوار الاجتماعي ويعتبر أن الزيادات الهزيلة في الأجور ستتبخر مع ارتفاع الأسعار    مدينة طنجة توقد شعلة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى "الجاز"    تكريم الممثل التركي "ميرت أرتميسك" الشهير بكمال بمهرجان سينما المتوسط بتطوان    توقعات طقس اليوم الثلاثاء في المغرب    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة حور العين بين القرآن و البهتان


تقديم:
{ يحيى أبو زكريا: حياكم الله وجعل الجنة متواكم،
أصبحت لفظة حور العين من أكثر الألفاظ شيوعا و انتشارا وسط الجماعات المسلحة التي يوحي خطابها أن نهج القتل و العنف والذبح و السلخ والتدمير لديها هو من أجل الحصول على حور العين , و قد صيغت أناشيد و أهازيج دينية كثيرة تتحدث عن الإستقبال الملحمي بين الإنتحاري و حور العين التي أحيطت بهالة من التأويلات والتفسيرات الى درجة أن بعض المتفيقهين يتحدثون عن ضرورة الاستعداد الجنسي لمقابلة 70 حورية ، ولكل حورية سبعون وصيفة والعبور الى الحور يقتضي أن يقتل المرء في سبيل الله ، كيفما اتفق تفخيخا وتفجيرا وانتحارا ، ورغم أن القران الكريم لم يشر لا من قريب ولا من بعيد الى تفاصيل الحور ولا عددهن لكل مؤمن ، بل اكتفى بالقول كذلك « وزوجناهم بحور عين « في سورة الدخان وفي سورة الطور أيضا « متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين « وقد نقل ابن كثير عن بعض المحدثين مايلي: قال عبد الله بن مسعود وبن عباس وسعيد بن المسيب وعكرمة والحسن وقتادة والاعمش وسليمان التيمي وزعيمي في قوله تعالى « ان أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون « ، قالوا شغلهم افتضاض الابكار بمعنى ألا شغل لأهل الجنة غير افتضاض الابكار والتمتع بالملذات الجنسية ، والتفسير اللغوي من التفسير الارامي والسرياني للحور العين هو بيض الاعناب, وعند علماء اللغة والاصطلاح الشرعي ، الحور عين هو شدة بياض العين وشدة سوادها وذات العين الواسعة .
أحد مفجري برج مانهانتن في 11 شتنبر 2001 وهو عبد العالي العمري أعلن في وصيته التي بثها موقع القاعدة قال « اعلموا أن الجنان قد تزينت لكم بأحلى ظلالها والحور تناديكم « وقد أصبحت الحور عين طرف في أي عملية ارهابية وانتحارية وتدميرية وتفخيخية, فقبل التنفيذ يطلق الانتحاري نداء « ايتها الحور أنا قادم ، فتزيني واستعدي لي « فما هي حقيقة الحور العين , و لماذا باتت العقد الجنسية تسوّغ القتل و الإرهاب ، ثقافة حور العين بين القران والبهتان عنوان برنامج « ألم « ويشاركنا في النقاش الباحث في الدراسات الاسلامية الشيخ احمد كنعان ومن مصر الشيخ تاج الدين الهلالي مفتى استراليا, ومن سوريا الشيخ توفيق البوطي رئيس اتحاد علماء بلاد الشام .
{ يحيى أبو زكريا : الشيخ أحمد ، عندما نعود الى جهاد السلف والى غزواة الرسول ، واذا دققنا في مفردات التاريخ الاسلامي ، لم نقرأ بتاتا ، أن الصحابة تحركوا للجهاد من أجل حور ، ولم نسمع أن تابعيا عمل السيف من أجل انتصار للإسلام ورد كيد المعتدين من أجل الحور العين ، من أين جاء مصطلح الحور العين ؟ ولماذا أقحم بأي عملية انتحارية وارهابية ؟ هل هناك تغيير في مصطلح الجهاد والغرض منه ؟ ماذا حدث على وجه التحديد في العالم الاسلامي ؟
أحمد كنعان : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، ونصلي ونسلم على خاتم الانبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين ، بداية قبل الجواب عن سؤالك ، لابد من توضيح ، من الأساليب البارزة في القران الكريم أسلوب التقابل في اسلوب من أساليب البلاغة في اللغة العربية ، أسلوب الترغيب والترهيب ، القرآن الكريم كتاب دعوة ومن الأساليب الناجعة في الدعوة اعتماد مبدأ الثواب والعقاب أي الترغيب والترهيب ، لان الإنسان في جلبته منفطر الى الميل عن كل ما يطمئن اليه ويحببه الى قلبه ، والعكس صحيح كل ما يؤديه او يمسه بسوء ، فمبدأ الترغيب و الترهيب موجود في القران الكريم ، بمعنى أن سبحانه وتعالى ذكر في القران الكريم في آية واحدة الترغيب والترهيب في آيات متفرقات او في مجموع الآيات ، هذا المبدأ اعتمد في القران والسنة النبوية المطهرة ليحث الناس على طاعته وعلى عبادته وعلى الايمان به ، حينما يعملوا,في صلاتهم وزكاتهم وجهادهم وفي كل طاعة لتقربهم الى الله عز وجل ، لهم ثواب يوم القيامة او في الدنيا قبل الاخرة ، يتشجع ويتحمس الناس ويقدموا على هذا العمل باخلاص وتفان ، حتى يصلوا الى مبتغاهم ، فما ورد في القران الكريم من أمور كثيرة ترغيبية لعباد الله الصالحين ، موضوع الحور العين ، مثلا نجد في الترغيب موضوع الانهار ، الماء البارد . وتعريف الحور العين, هناك مصطلحات عديدة ولكن ما ذكرته هو الخلاصة هي شديدة بياض العين وواسعة سواد العين ، هذا الامر لا ينكر ولا يجوز انكاره لأنه ورد في القران الكريم ، وهنا تجدر الاشارة الى ان كثير من الناس يحاولون ابراز ملذات أو النعيم ، وحتى العذاب الذي ذكر في القران الكريم أو على لسان الرسول الكريم في الحديث الصحيح من باب المجاز ، وهذا أيضا لا يجوز ، النعيم والعذاب في الاخرة جسدي حسي بالجسد والروح معا ، كما تبعث الروح يوم القيامة ، في الجنة ينعم وتتنعم وتتلذذ بجسده وروحه ، وكذلك في جهنم يتعذب بجسده وروحه .
{ يحيى أبو زكريا : أشرت الشيخ أحمد أن الحور تكاد تكون واحدة من الترغيبات الربانية للإنسان المؤمن حتى يزداد إيمانا وتنفيذ الفرائض الاسلامية . الشيخ تاج الدين الهلالي: حينما نفصل بين ماهية الحور العين في القران الكريم وبن ما يسود اليوم في الخطاب التكفيري والجهادي والمسلح ، هل هناك مقاربة تصلح للتقارب بين حور العين في ثقافة القرآن وحور العين في ثقافة البهتان ؟
تاج الدين الهلالي : يا أمت ضحكت من جهلها الامم ، يا أمت مات فيها كل شيء إلا شهواتها ، مع الأسف أننا نعاني من انفصالية فكرية ، جعلتنا نستغرق في فرعيات تلهينا عن الكليات الاسلامية وعن قضايا الامة العالمية والمصيرية ، نحن لا ننكر فضل الله عز وجل بما عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، لكن المؤسف اننا نعاني من عملية سطو وقرصنة على المصطلحات العالمية ، ونجيرها ونستعملها ونسخرها في غير موضعها ، من هذا السطو والغزو الفكري ، نحن لا ننكر ان الله تباركه وتعالى بفضله وكرمه أعد لنا جنات تجري من تحتها الانهار ، وماذكرتم من حور عين ، ومن قصور ومن انهار ومن أشجار الى غير ذلك من الامور . ان استغلال هذا الخطاب الجنسي بكل معنى الكلمة في أمة قد تكون حاجة الشباب وضروراتهم ومتطلباتهم غير ميسرة في الزواج والمسكن ، يلعبون على هذا الوتر بالثقافة الجنسية من اجل استقطاب الشباب, في ماذا ، من اجل ان نحرر فلسطين ونقاوم المشروع الامريكي في المنطقة, من أجل أن نحصل على الحور العين باي ثمن من اجل الحصول عليه .
المؤسف اننا نشتغل على تصدع الامة الاسلامية ، يجب ان نواجه هذه المصانع التي تصنع هذا الخطاب ، يجب ان نعالج هذا مع الشيوخ الذين يدعون الى هذه الحور العين بتفكير معمق ، نحن نؤمن بالحور العين ، حينما تسطو هذه المافيا من التفكير على مقدسات من الاسلام, من ذلك كما امرنا الله سبحانه وتعالى أن نكبر بعد الصيام وبعد الرجم ونكبر على خبر سار ، لا نكبر في ذبح ولانكبر في حالة النحر ولانكبر ببقر البطون ، اننا أسأنا لفظ التكبير وسطونا على المصطلحات وأسأنا على الحور العين عندما استعملناهم كطعم لاصطياد الشباب ، لأنه ماتت في الامة نخوتها وما بقيت الا شهواتها .
{ يحيى أبو زكريا : الشيخ تاج الدين يبدو أن الكثير من الانتحاريين, وحينما نتتبع بياناتهم يتحدثون بصراحة, «يا أيتها الحور انتظري انني قادم» والكثير من شبابنا الذين زجوا في عمليات انتحارية في كل عواصمنا العربية والاسلامية التي يراق الدم فيها رخيصا ومجانا ، للاسف هم عزاب لم يتزوجوا وكأنهم سيذهبون الى الحور.
شيخنا توفيق البوطي رئيس اتحاد علماء بلاد الشام ، أليست الجنة هي منتهى الكمال العقلي والعرفاني ؟ أليس في الجنة تتكشف الحقائق ويزداد الانسان قربا من الله ؟ فلماذا حاصر البعض الجنة في الملذات الجنسية واوحوا الى شبابنا ان يذهبوا الى الجنة ليفرغوا عقدهم الجنسية, ربما هناك في الجنة ؟
الشيخ توفيق البوطي : ينبغي أن نميز بين حياة الإنسان المسلم وفي توجهه الى عمل يميز فيه بين أمرين ، بين الغاية والنتيجة ، الغاية أمر مطلوب منا ، وهي النية ، القصد وتكون دائما سابقة عن العمل مقترنة به ، أما النتيجة فهي ليست من شأننا ، هي اكرام من الله عز وجل للعبد الصالح أو عقاب من الله سبحانه وتعالى للإنسان السيئ ، فالغاية سامية ، ويسمو العمل بمقدار سموها ، فمن كانت نتيجته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها ، فهجرته الى ما هاجر اليه ، أرأيت كيف أن العمل يسمو بمقدار سمو الغاية التي يتوجه اليها العامل والقائم بهذا العمل السامي اذا كان ساميا .فهناك خلط بين الغاية والنتيجة ، أبدا لا يجوز ولن تكون الغاية الجنة ، أعتقد أن ربيعة العدوية كانت مصيبة وصادقة ، عندما قالت» ما عبدتك حين عبدتك طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك ولكني عبدتك لانك أهل للتعبد «. وأقول لهؤلاء ، ترى لو أن الله لم يعدنا بالجنة بكل ما فيها ولم يتوعدنا بالنار بكل ما فيها ، ألم يكن اهلا أن يعبد ويطاع ، هذا التوجه الذي نراه في صفوف هؤلاء الذين تتحدثون عنهم ، هذا التوجه يحمل توجهين اثنين ، الامر الاول اثارة تلك النفوس المريضة والضعيفة والجاهلة الى أمر ترغبه نفوسهم وتشتهيه تلك النفوس اغراء لهم بأعمال يريدون ان يزجوهم بها بغض النظر عن طبيعة هذه الأعمال. الأمر الثاني وهو الأخطر, وهو الذي اضع تحته الخط الأحمر وهو عمل الغرض منه تشويه الإسلام ، والإساءة إلى مبادئه وقيمه ، وتحويل الجهاد الذي هو تضحية بأثمن ما يمكن في سبيل اسمي ما يسمو في هذا الكون ، وهو رضى الله سبحانه وتعالى ، تحجيم وتقزيم هذا العمل العظيم من خلال الغاية التي تتوجه إليها ، إذا قصد عملا إلى غير وجه الله فقد أشرك ، فحينما أعبد الله أعبده لوحده ، ولا اعبد غيره معه ، لا حور ولا
جنة ولا غير ذلك ، فاذا كان القصد وجه الله فهو قد نال ما أراد ، أما إذا قصد الجنة أو دنيا فقد انحط عمله بانحطاط القصد الذي توجه إليه .الله سبحانه وتعالى وعد وتوعد, وموضوع الترغيب والترهيب موجود في كتاب الله ، موضوع الحوافز والروادع والزواجر امر موجود في كتاب الله وهي نتيجة لعمل وليس غاية . الناس نفوسهم مريضة اشبعت رغباتهم بالجنس لكي تنجر في حرب مع الانظمة وضد كل من يعترض خطتهم .
{ يحيى أبو زكريا :الشيخ توفيق إذا سمحتم في نفس السياق حينما نتتبع بعض المتفيقهين من شيوخ السلفية او غيرهم ، او في محاضرات نشاهدها دائما في قنوات خليجية وغيرها ، الذي يحث على الحور ويتحدثون بغرابة شديدة حد الغنجة ، هؤلاء شبابنا ضللوا بسبب فقهاء حور العين وفقهاء الجنس, وصور الحور بشيء فظيع, حيت قال بعض الفقهاء «استعدوا استعدو وخذوا معكم المقويات, لان الحور سيكون عددهم كثير وأن الانسان المؤمن يأتى من قوة جنسية شيء فظيع«..
لشيخ توفيق البوطي :يا دكتور يحيى, اريد ان أسأل سؤالا ,هؤلاء الذين يتحدثون بهذه اللغة الجنسية الساقطة وهذا التعبير المغري, لا أدري لماذا وفروا لانفسهم البقاء في الدنيا ولم يستعجلوا للوصول الى الحور العين ، جزوا بالشباب البسطاء الجهلة الذين لا يعرفون من الامور الدينية السطحية شيئا ، لماذا قبروا في مكاتبهم ومكتباتهم ودورهم ولم يخرجوا الى الحور العين ليصلوا بسرعة فائقة ونتخلص منهم ومن تضليلهم .
{ يحيى أبو زكريا: الغريب شيخنا توفيق ، أحدهم كان يلقي خطابا عن الحور العين وجمالها ، وماذا سيفعل بالحور العين ، فاتصلت به امرأة قائلة ان الله غير عادل ، كيف يخلق للرجال حور عين ولا يخلق للنساء شيئا ، فبهت الذي افتى بالحور .
الشيخ احمد كنا نستمع الى نشيد جبهة النصرة او داعش او حتى شباب الجهاد في أفغانستان وهو نشيد معتمد ويردده الشباب وهم يتدربون « فدعيني أماه دعيني ، الحور العين تناديني ، عن دربي لا لن تثنيني ، لا تبكي ، دموعك يا أمي « حينما نعود الى ثقافة الحور العين ، نجد تشويها للدين الاسلامي ، هذا الاسلام الحضاري العملاق الذي انشأ حضارة ودولة ونشر قيم انسانية لا يرقى اليها الطير ، تحول الى حورية هنا وهناك ، حتى في الاعلام العربي اليوم ومواقع التواصل الاجتماعي اصبح التنكيت والتبكيت في قضايا الحور التي صارت ترسم في صور كاريكاتورية ويضحك على هذا الانتحاري الذي يتبع هذا الحور والتي تصور بطريقة جنسية مقيتة لا يقبلها الانسان .ماذا تريد ان تضيف ؟
أحمد كنعان: صحيح أن الترغيب من محفزات من يقبل على طاعة الله سبحانه وتعالى ، ولكن ليس الهدف والغاية ، كثير من الناس يغفلون عن أمر مهم جدا ، ألا وهو أن لن يدخل الجنة أحد بعمله ، كما قال النبي (ص) ، قال ولا حتى انت يارسول الله ، قال حتى أنا ، الا ان يتغمدني الله برحمته ، فالغاية الاولى والاخيرة هي رحمة الله سبحانه وتعالى في الاخرة وفي الدنيا ، وبالتالي العمل مع المحفزات نرجو أن تصلنا الى هذا الهدف ، أي رحمة الله سبحانه وتعالى ، فبرحمة الله ندخل الى الجنة ، هذا الامر الاول ، الامر الثاني هو ان في الجنة الكثير من النعيم ، خاصة حينما نتكلم عن موضوع الجهاد الآن وموضوع الشهيد .
الشهيد كما ورد في الحديث الصحيح الذي رواه الترميذي ، له ست خصال ، اولها يغفر له من اول نقطة دم تنزل من جسمه ، يرى مقعدا في الجنة ثم يجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الاكبر يوم القيامة عند البعث ويوضع على رأسه تاج الوقار ، خير من الدنيا وما فيها ، ويزوج 72 من الحور العين ويشفع ل 70 شخص من أقربائه ، ست خصال لما يحصر الكلام عن واحدة منهم وينسى جميع الخصال المهمة ، والكل يحاول ان والكل يحاول ان يحصل على واحدة منها .
{ يحيى ابو زكريا : بالنسبة لعدد الحوريات في القرآن لم يثبت شيء على الاطلاق ، التفسير هنا في الرواية, والرواية هي محل نقاش
أحمد كنعان : الحديث صحيح حدد عدد الحور العين ، أول زمرة تدخل الجنة كما ورد في صحيح البخاري, لها اثنتان من الحور العين وورد 72 للشهيد ، موضوع العدد ليس موضوعنا الآن ، ونحن نعلم السنة المطهرة وكلام النبي ( ص) ليس فيه نقاش خاصة في احاديث الصحاح . أعداء الاسلام وخاصة في الإعلام, ينتظرون منا هفوة او كبوة حتى يستغلونها لتشويه الاسلام ، فجاءهم خطاب بعض الجهاديين حتى الصحيحين في منهج الحق, كما يقال في فلسطين .. هذا أمر جهاد ، كل واحد وما يشتهي من النعيم ، مثلا النظر يوم القيامة في وجه الله الكريم ، لماذا ننظر الى الحور العين ، البعض يحب بطنه والآخر له رغبات جنسية .
{ يحيى ابو زكريا : كتب أحد المعلقين ، اذا أردتم ان توقفوا الارهاب في العالم ، قولوا ان الحوريات انتهوا من الجنة ، والعدد الموجود وزع على بقية الانتحاريين والارهابيين ، لولا مصائبنا لما علق الآخرون علينا ، فتحنا لهم المجال حتى بدأوا يستهزؤوا منا . الشيخ تاج الدين الهلالي نحن الان امام ثورة في الفكر الاسلامي وضرورة اعادة تأهيل النصوص وقراءتها . لماذا عندما نفسر بعض الآيات والأحاديث وخصوصا المتعلقة بالجنة ، نعتبر الجنة دار دنيوية, مثل الزواج بين ذكر وانثى في الدنيا, مثله ذكر وانثى في الجنة؟ أليست الاخرة من نسخ اخر ونمط خاص ، لا عين رأت ولا اذن سمعت ؟ كيف ننظر الى الدنيا بمنظار الجنة ، وان الاسرائيليين هم الذين قدموا لنا الحوريات وتبناها المسلمون .
تاج الدين الهلالي : يؤسفني وربما ، أقول يا موت زر إن الحياة مريرة ، ويا نفس جدي ان ظهرك هازل ، السطحية التفكيرية في مثل هذه الامور تجعلنا نسيء الى الغاية الاسمى لمفهوم الجهاد في الاسلام ، عندما نختزل فهمنا التعبدي من اجل هذا ، كرم الجنة كريم من عند الله ، لا يجوز ان نسخره ونفسره ولا نستغله او نجعله طعما ، لا يجوز ان نفهم جهادنا السلفي جهادنا المحمدي كأكل خبز الشعير أو النوم على الحصير أو لبس الثوب القصير او ختان الصغيرة والصغير أو ارضاع الكبير ، او بالقتل والنحر مع التكبير ، هذه اساءة للغلاة والمتطرفين ، نريد ان نرتقي بمفاهيم شبابنا من اجل ان نسخر هذه الطاقات من اجل كلمة الله هي العليا ، الحور العين على باب فلسطين ومن اجل تحرير الاقصى ، الحور العين هو رفع راية التوحيد خفاقة في كل مكان .
{ يحيى ابو زكريا : كنا نتحدث عن موروثنا الاسلامي ، اذا تضارب حديث فيه تفصيل ، مع اية مطلقة ، بأيهما نعمل ؟ هؤلاء الذين تكلموا عن الحور العين وسندهم الحديث الشريف ، كيف نتعامل معهم ؟ أ نقدم لهم تقافة اسلامية واقعية وعدم الخروج عن دائرة العقلانية ؟
توفيق البوطي : الحور, الجنة, الثواب ، كل هاته لا اريد ان أضعها في حسباني, اذا كنت مسلما ابتغي وجه الله ، القران الكريم وعد بنتيجة, ولكن كان دائما يضع الاخلاص شرطا لأي عمل يقبله الله سبحانه وتعالى ، الغاية يجب ان تكون في قلب الإنسان المؤمن ، ان صلى او صام او جاهد او تصدق, وأي عمل يضع نصب اعينه القبول عند الله وهذا وحده فقط ، اما ما يترتب عن ذلك من نتائج فهو من كرم الله عز وجل ان شاء اعطى وان شاء منع . المسألة رهينة بقبول العمل ، صمت وزكيت وصليت ، هل يقبل الله لي هذا العمل ام لا ؟ هذا الامر متوقف على شرطين ، الشرط الاول ان لا ابتغي من هذا العمل الا وجه الله عز وجل والقبول عنده ، انا عبد عند الله يأمرني وينهاني ، وهذا هو مرتكز المسلم في سلوكه والتزامه ، الشرط الثاني لقبول العمل هو ان يكون هذا العمل صحيحا في ميزان الشرع الحنيف مرتبط بشروطه وضوابطه الشرعية . هؤلاء الرعناء هل ينضبطون للروابط الشرعية, هل عرفوا آداب الجهاد وشروطه ، هل قصف المساجد جهاد ؟ هل اغتيال العلماء جهاد ؟ سفك الدماء البريئة جهاد ؟...تربط به تلك المغريات حتى تنكس الامور ، فتصبح الجريمة جهادا والنتيجة غاية ، ان تصبح الاغراءات الجنسية هي الغاية والوسيلة لتحقيقها ارتكاب كل تلك المبيقات ، نكسوا حقيقة الجهاد السامية ، التي عرفت انها اسمى ممارسة شريفة ، نقلت الهدى والخير الى العالم كله .
الأحاديث نتيجة ولا ينبغي ان تكون غاية ، وهي تفسير ،و يتحول العمل الصالح إلى معصية ، نية اخلاص الى الله ومنضبط الى الشرع الاسلامي . هل ما يجرى الان منضبط للضوابط الشرعية ؟ هناك غاية لابد ان نتجاهلها وننساها ، الغرض من هذا الطرح هو تشويه الاسلام والاساءة اليه . هل الطريق الى الجنة يمر عبر قصف الجامع الاموي بالقاذفات .
{ يحيى ابو زكريا : الافظع من ذلك وما يبكيني ويحزنني ، هل الطريق الى الجنة والحور العين في قتل رجل في قامة ابيكم العلامة والمفكر الاسلامي الشيخ البوطي رحمة الله عليه ، هل هذا الذي قتله في المسجد وهو يعلم المسلمين العرفان وحب الله . هناك كتاب يقول بأن تدمير المسلمين يجب ان يدمر من الداخل وضرب الاسلام بالاسلام .
كان يفترض أن يكون هؤلاء الشباب في الثانويات والجامعات وليس الذهاب الى القتل والتدمير من اجل الحور العين . كيف نعيد هؤلاء الشباب وما هي الحلول للخروج من هذا المأزق ؟
أحمد كنعان : اذا غرر ببعض الشباب المسلم وصور له الانتحار وقتل الابرياء هو جهاد وبعد استشهاده سيحصل على النعيم والحور العين، هذا جزء مما سيحصل عليه الانسان المؤمن جزاء بما كانوا يعملون في الحياة الدنيا ، هذا لا نستطيع ان ننكره ، هذا جزء من تشويه الاسلام ، وهو ضرب للقران وللجهاد .
الحل هو علماء صادقين مخلصين ، لا يتبعون لا سلطان ولا حكام وتوجيه شباب الامة الى الهدف الصحيح والطريق المستقيم الذي رسمه رب العالمين ورسوله الكريم وسيرته وسيرة الخلفاء من بعده ، وأوكد على الوعي والفهم الحقيقي للقرآن ومفهوم الجهاد وفقه احكام الجهاد ، من الذي اعطى له صلاحية وضع الحد ؟ ، لا سلطان لا في دستور الامة ، هؤلاء لا يفقهون الا القشور والمظاهر .
{ يحيى ابو زكرياء: من يعيدنا الى فقه الدين مع انتشار 70 فضائية اعادتنا الى عصور الفتنة الكبرى ؟ كيف السبيل للخروج من ثقافة الحور العين الى ثقافة البناء وتحصين الاوطان واسترجاع الامن المفقود ووقف الدماء التي تراق باسم الحور العين في الدين الاسلامي , والعمل على اعادة الشباب الى الاتجاه الصحيح ؟
تاج الدين الهلالي : لا يجب ان تلهينا ثقافة الحور العين ، البديل لهذا المرض المستشري ، سمو الفكرة والهدف من الجهاد ، لابد من الكلام علميا وعمليا ، لا يمكن لهؤلاء الشباب ولأمتنا الاسلامية ان تجتمع الا ان نؤصل اولا لمشروع ثقافة العزة والجهاد ومفاهيمه . أؤكد لشبابنا تعميق فكرة الجهاد لهم ، وادعوا العلماء في السعودية وايران لان لهم ثقافتين متناقضتين الى مؤتمر علمي , لنوقف ونقفل هذه المصانع التي تخرج لنا اصحاب التكفير ، لأن التكفير يؤدي الى التفجير .
{ يحيى ابو زكريا : ما المخرج ؟ وكيف ننقد اسلامنا ؟
توفيق البوطي : المشكل يكمن في امرين اثنين أساسيين ، الاول الجهل ، وعدم وجود ضوابط علمية و دليل الذين دفعوا بشبابنا الى هذا المستنقع الخطير ، فالجهل اخطر ما يهدد شبابنا ، والثاني هو صلة بالله عز وجل على نحو سليم وصحيح حتى تصبح اوعية القلوب صافية خاشعة لوجه الله .
{ يحيى ابو زكريا : هل اخذتم الحالة السورية في التفكير في فكر الازمة ؟
توفيق البوطي : هو تحصيل لمفهوم الجهاد ومفاهيم ما يطرح على الساحة اليوم كلها ، وكان والدي رحمه الله قد عالج مشكل الجزائر قبل مشكلة سوريا .
{ يحيى ابو زكريا : هل هناك جهود تبدل اليوم لانقاذ شباب العالم الاسلامي ؟ ، الان لا أحد يقرأ واصبحت امتي امة اذبح ؟ ما هو دور الفضائيات؟
حمد كنعان : اعداؤنا ينشرون حقدهم ضد الامة الاسلامية ونحن نقرأ ولا نحرك ساكنا ، مشكلتنا اننا لا نقرأ ، والاعلام سلاح خطير اقوى سلاح ضد المسلمين ويشوه الاسلام ، والاعلام العربي سقط في هذا ويشارك في هذه المؤامرة، يجب ان نؤسس لاعلام نخبوي يوجه الشباب والوجه الحقيقي للاسلام وغاية الدين ومهماته .
{ يحيى ابو زكريا : قال أحد الدعاة إن الملائكة تجاهد مع المجاهدين المسلمين ، كيف وصل الحد بهؤلاء الى هذا الادعاء في الفضائيات وفي بعض المواقع ؟
تاج الدين الهلالي : للاسف فقدنا البوصلة وبدأنا نتناطح كالعجول ، ولكن اين نسير ؟ الان اصبحت ثقافة الاستئناس ، حينما تحولت الشعوب الى مستئنسة يتوارثها الابناء والاباء والاجداد, منذ ان ضاعت خلافاتنا واصبحت معيشتنا ضنكة واصبحت رؤوس الظلم تحكمنا ، الامة لن يجمعها الا مشروع عزة ثقافي ، قراني محمدي ، انا ليس لي فلسطين شيعية ولا فلسطين سنية ولا قدس شيعية وقدس سنية, عندي صورة فلسطين في صورة ذكرها الله عز وجل في قرآنه الكريم . نحن نقتل لنعانق الحور العين ، اننا بجهلنا نبني المشروع الامريكي في منطقتنا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.