انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة للتعاون بين المغرب وبوروندي    انعقاد عاجل للمجلس الوزاري يُغيّب أخنوش عن جلسة المساءلة في البرلمان    الفريق الحركي بمجلس النواب يقدم مقترح قانون متعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك    الجزائر تطرد 15 موظفا آخر من السفارة الفرنسية.. وباريس: "سنرد بشكل حازم"    الاستثمارات الصينية في المغرب تجاوزت حاجز 10 مليارات دولار    نيسان تعلن تسريح 20 ألف موظف عالميا لمواجهة أزمتها المالية    أمريكا والصين تتفقان على خفض الرسوم الجمركية وتهدئة التوتر التجاري    أشرف حكيمي نجم إفريقيا في الملاعب الفرنسية    إحباط عملية تهريب كبيرة لمخدر الشيرا بأكادير    نداء العيون-الساقية الحمراء: الدعوة لتأسيس نهضة فكرية وتنموية في إفريقيا    غلق الحدود في وجه مصطفى لخصم ومتابعته في حالة سراح مقابل كفالة    الحكومة تؤكد أهمية التحولات التكنولوجية في تدبير المؤسسات السجنية    حزب العمال الكردستاني يعلن حل نفسه وإنهاء الصراع المسلح مع تركيا    ترامب يشيد بالحصول على طائرة رئاسية فاخرة من قطر    بلجيكا تحيي ذكرى معركة "جومبلو" وسط تكريم بطولات الجنود المغاربة في الدفاع عن حرية أوروبا    بنهاشم ينهي مهمته كمدرب مؤقت للوداد ويعود إلى الإدارة الرياضية    أشرف حكيمي يتوج بجائزة "فيفيان فوي" كأفضل لاعب أفريقي في "الليغ 1"    مبابي يحطم رقم زامورانو القياسي    الرجاء يحتفي بأطفال مدينة الداخلة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    شركة الدار البيضاء للخدمات تنفي توقف المجازر في عيد الأضحى    حريق مهول يلتهم قيسارية عريقة في بني ملال وخسائر مادية جسيمة دون إصابات    أمطار رعدية محتملة في العديد من مناطق المغرب    بنعلي يطالب ب"الفهم النبيل للسياسة"    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    النفط يرتفع أكثر من 3% متأثرا بالتفاهم التجاري بين أمريكا والصين    نعيمة بن يحيى تترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    فضيحة تدفع مسؤولا بالأمن القومي في السويد للاستقالة بعد ساعات من تعيينه    "كان الشباب".. الناخب الوطني: طموح أشبال الأطلس "الذهاب إلى أبعد نقطة ممكنة"    هذه هي حقيقة توقف مجازر الدار البيضاء في عيد الأضحى    كيوسك الاثنين | 86 ألف تاجر متجول استفادوا من برنامج إدماج التجارة الجائلة    مصرع سائق دراجة من امزورن في حادثة سير بجماعة تروكوت    بلجيكا.. 12 سنة سجنا لمغربي هرب 3 أطنان من الكوكايين عبر ميناء أنتويربن    حماس ستفرج عن الرهينة الإسرائيلي-الأميركي الإثنين بعد اتصالات مع واشنطن    الجيش الملكي يتأهل لعصبة الأبطال الإفريقية    المتسلقون يتوافدون على "إيفرست" قبل الزيادة في الرسوم    الآلاف يتظاهرون في باريس للتنديد بتصاعد الإسلاموفوبيا في البلاد    تكوين جمعيات في مجال تعزيز قدرات الفاعلين المدنيين في للترافع حول قضايا الشباب    بطولة فرنسا.. ديمبيليه يفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري    ندوة علمية بالحسيمة تسلط الضوء على التراث الثقافي بإبقوين ورهانات التنمية السياحية    "ريمالد" تنشر لعثماني عن الحكومة    آلاف المتظاهرين في طنجة يطالبون بوقف حصار غزة وفتح المعابر للمساعدات الإنسانية    المغرب والصين: تعاون استراتيجي يثمر في التصنيع والطاقة الخضراء    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بالحسيمة(فيديو)    نجم هوليوود غاري دوردان يقع في حب المغرب خلال تصوير فيلمه الجديد    الصحراء المغربية تلهم مصممي "أسبوع القفطان 2025" في نسخته الفضية    "سكرات" تتوّج بالجائزة الكبرى في المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب    سعر الدرهم يرتفع أمام الأورو والدولار.. واحتياطيات المغرب تقفز إلى أزيد من 400 مليار درهم    سلا تحتضن الدورة الأولى من مهرجان فن الشارع " حيطان"    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروعي المسرحي أصبح حبيس أدراج سلطة القرار السياسي

قال المخرج العراقي عزيز خيون في لقاء أجريناه معه بالقاهرة على هامش الدورة الثانية عشر للمهرجان العربي للهواة أن وضع المثقف العربي عامة والعراقي خاصة يدعونا الى وضع التساؤل من بوابة الواقع المرير: «ماذا يستطيع هذا المثقف أن يفعل في وضع علت فيه سلطة المسدس والدبابة و الكلاشنكوف وكل أسلحة الدمار الخالقة لمشهد الدم والقبح أمام إشراقات الإبداع والفن والجمال؟ مضيفا أن السؤال لن يدفع إلا للاشتغال مرة أخرى في النضال بالكتابة والتواصل من فضاءات الإبداع نحو العقول لمحاربة الظلام والانخراط الفعلي في التنظيمات الوطنية التقدمية اليسارية والعلمانية دفاعا عن دولة المؤسسات ودولة الحق والقانون من أجل حماية القيم الإنسانية والأوطان العربية المعرضة للتفتيت والإلغاء وضرب السيادة لصالح الأنظمة العالمية المتوحشة التي برعت في استنزاف خيرات وطاقات أوطاننا. فالعراق لا يمكن أن يكون إلا بلدا علمانيا محترما للتعدد الديني والفكري والذهبي والطائفي وهذا هو المنطلق الفعلي لكل التشكيلات عبر العصور، علما أن العراق كان دائما متعددا ومختلفا وقوته كامنة في هذا الطيف الملون، والخلاف في العراق لم يكن أبدا طائفيا أو دينيا، بل كان سياسيا ومسؤولا. لهذا فالإسلام السياسي عنصر دخيل على ثقافة العراق، بل عنصرا مستوردا لتطبيق المسلسل الذي أشرنا عليه في إنعاش دائرة الفوضى الخلاقة. إن ما نراه اليوم من دولة « داعش» في تلوينها الإسلامي مع كل العناصر الأخرى في الاسلام السياسي هي ليست نابعة من تربة هذا العراق. ولهذا فإنه لا مناص من النضال من أجل المشروع الوطني القومي الذي سينقض العراق من هذه الأزمة البالغة التعقيد، وأملنا أن يتحقق الاستقرار في العراق ضمن هذا المشروع. و أضاف المخرج العراقي خيون الذي أجرينا معه هذا الحوار في القاهرة على هامش الدورة 12 للمسرح العربي للهواة، أنه على يقين أن العراقيين سينجحون في ذلك نصرة للوطن وقيم المواطنة وطي صفحة الماضي ترسيخا لقيم التسامح والتضامن والتآزر من أجل عراق واحد وموحد.
} أستاذ عزيز خيون نغتنم فرصة اللقاء بكم على هامش الدورة الثانية عشر للمسرح العربي للهواة لنسألكم عن تحليلكم للوضع في دول ما يسمى الربيع العربي؟
شخصيا أنا مع المتغير و الجديد، و هكذا كان الوجود، والإنسان الذي يطمح باتجاه الأفضل والأحسن من أجل تلبية حاجاته في المأكل والملبس والحرية والأمن والسلام. فالمتغير عندما ينتزع مني هذه الأمور ويقدم لي الموت اليومي في تدمير البنى التحتية وإشاعة الرعب والقلق في قلوب وبيوت الناس هنا يقفز طائر الشك، وأصبح في قلق دائم، لأتساءل عن الأفضل في هذا الوجود. هذا من جهة ، ومن جهة الأخرى عندما يكون التغيير مطلبا بدوافع أمريكية ، بمعنى أنها تصفق له و تباركه، فهذا يدل دلالة واضحة على أن هذا التغيير هو خاضع لسيناريوهات بعيدة كل البعد عما يشغلنا في عملية التطوير والبناء وإنجاز المطلب الديمقراطي في الحقوق والواجبات. وهذا ما أثبتته الوقائع عندما كانت الأنظمة تتهاوى بشكل متسارع كلعبة الدومينو، علما أنني شخصيا كنت سعيدا بهذا المشهد المتهاوي ظنا مني أننا انتقلنا إلى تحقيق مطلبنا الديمقراطي وأننا طوينا صفحة رتيبة وساكنة باتجاه تحقيق مشروعنا الوطني القومي و الإنساني، لكن هذا الحلم لم يتجل باستمرار استرسال الأحداث السلبية في منطقتنا على الخصوص، حيث صار الشعب والنخبة في حنين للماضي الذي طالما انتقدناه و سميناه بالممارسات الدكتاتورية ضد المطالب الشعبية العدالة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. ومن هذا المنطلق أعتقد أن المشهد واحد في المحيط الإقليمي والجهوي، حيث عدنا بدرجة أكثر تعقيدا إلى محطة الانتظار القديمة وكأننا لم نقدم أي تضحيات في الأرواح والممتلكات والحياة بصفة عامة قربانا للحظات الحرية التي كنا نحلم بها ونسعى لها بمختلف أوجه نضالنا. وأضاف خيون « العراق لا يمكن أن يكون إلا بلدا علمانيا محترما للتعدد الديني والفكري والمذهبي والطائفي، وهذا هو المنطلق الفعلي لكل التشكيلات عبر العصور، علما بأن العراق كان دائما متعددا ومختلفا وقوته كامنة في هذا الطيف الملون، والخلاف في العراق لم يكن أبدا طائفيا أو دينيا، بل كان سياسيا مسؤولا. لهذا فالإسلام السياسي عنصر دخيل على ثقافة العراق، بل عنصرا مستوردا لتطبيق المسلسل الذي أشرنا إليه في إنعاش دائرة الفوضى الخلاقة.
إن مانراه اليوم من دولة « داعش» في تلوينها الاسلامي مع كل العناصر الأخرى في الاسلام السياسي هي ليست نابعة من تربة هذا العراق، وبالتالي لم تنجح في تقديم مشروع واضح يساعد في تخليص بلد العراق مما كابده ويكابده. ولهذا فإنه لا مناص من النضال من أجل المشروع الوطني القومي الذي سينقض العراق من هذه الأزمة البالغة التعقيد، وأملنا أن يتحقق الاستقرار في العراق ضمن هذا المشروع، وأنا على يقين أننا سننجح كعراقيين في ذلك نصرة للوطن وقيم المواطنة وطي صفحة الماضي ترسيخا لقيم التسامح والتضامن والتآزر من أجل عراق واحد وموحد.
} يرى المراقبون أن العراق تختلف عن كل الساحات وأن ما يسمى بالربيع عرف بأدوات أخرى اغتالها الحضور العسكري الأمريكي ليحولها ألى ساحة حرب لا يعرف مستقبلها؟
أكاد أجزم أن الاشراقات الأولى لما سميناه الربيع العربي قد بدأت بالعراق من خلال الحراك الشعبي من أجل التغيير، ولكن دول القرار التي طالما تشدقت بالدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية هي نفسها من أجهضت هذه المنظومة على العراق وأبقت الحال على ما هو عليه، بل عملت على تراجع العراق إلى قرن من الزمن . ومن هذا المنطلق يتبين دون أوجه للشك أن دول القرار الغربي قد دافعت عن منظومتها الديمقراطية والحقوقية ليس خدمة لشعوب المنطقة العربية وباقي دول العالم الثالث، وإنما تعمل هذه المنظومة خدمة لشعوبها دفاعا منها على أن إنسان الجنوب ليس هو إنسان الشمال في غياب واضح لعنصر التكافؤ والمساواة بيننا وبينهم بدليل أنني منذ بوراق الوعي الأولي بالوجود كنت أسمع وأقرأ رسائل دول القرار باتجاه إعمار منطقتنا ومساعدة إنساننا في تحقيق الديمقراطية والتنمية والاستقرار، ولكن ذلك لم يتحقق، ومقابل ذلك تحققت أجندة الموت اليومي من بوابتها الواسعة في إهدار الطاقات البشرية والطبيعية خصوصا في بلد كالعراق الذي يعتبر من أغنى بلدان العالم، حيث يعوم على بحيرة من النفط انقلبت وبالا عليه وعلى الإنسان فيه.
} برزت داعش كملخص لمرحلة كاملة عانت فيها العراق من الطائفية العرقية و الدينية، ما قراءتكم لمشهد داعش الذي تصدر وسائل الاعلام العربية و الأجنبية؟
داعش هو الاسم الملخص لدولة العراق والشام الإسلامية، وهو هدية مسمومة أخرى من دول القرار اللاعبة في العراق و جواره، من أجل أن يظل المشروع الوطني العراقي معطلا، خدمة لتنفيذ حلقات السيناريو الذي وضع لبلادنا منذ أول وطأة للاستعمار الأجنبي لأرض العراق. فقد مرت 11 سنة وهذا السيناريو ينفذ تاركا وراءه خسارات لا حصر لها في الممتلكات و الأرواح، في غياب كامل لمنظمات المجتمع الدولي التي صدعت مسامعنا بالدفاع عن الإنسان وحقوقه.
إن المشهد العراقي الحالي يثير أكثر من علامات استفهام سواء عند النخبة أو عامة الشعب، فما نكاد نقفل صفحة دموية حتى نفتح آخرى في صورة أكثر تراجيدية يتعمد فيها الفاعل لمزيد من تأزيم الوضح وتأجيل كافة الحلول التي بإمكانها على الأقل أن تحقن دماء هذا الشعب من تفجيرات يومية أصبحت بالنسبة لنا مسلمات في كل صباح وكأنها هديا لأطفالنا وشيوخنا ونسائنا هؤلاء الذين اعتادوا على هذا المشهد الإجرامي ضد الانسان والإنسانية.
هذا المشهد يقابله جنون السلطة المحزم بالفساد الكبير في المؤسسات الرسمية وفي دوائر القرار الشخصي المحاط بغياب كامل للمحاسبة، كما غياب دولة المؤسسات التي كان من المفروض أن تلعب فيها المؤسسة القضائية دورا مسؤولا في الحد من الفساد كما الحد من المحسوبية والزبانية. ومن جانب آخر هناك استبعاد منظم ومحبوك من الطاقات الوطنية الشريفة والخلاقة التي بمقدورها أن تعمل على تحقيق التغيير في بلد في أشد حاجة الى أبنائه الشرفاء . هؤلاء الذين دفعوا قسرا إلى مغادرة الإدارات العراقية الداخلية مبعدين بالفعل من هذا الفضاء الحيوي والاستراتيجي في التغيير، بل هجر جانب آخر منهم إلى الخارج وهذه خسارة كبرى تضاف إلى سلسلة الخسارات الأخرى، علما بأن طاقاتنا التي كانت في بلدان فضلت عدم العودة أمام هذا الإقصاء الممنهج للطاقات الداخلية، مما لا يشجع على عودتها مرة أخرى إلى الوطن. إن هذا الوضع يؤشر على أن هناك لاعبين منظمين يسعون لتكريس هذا الواقع بنية مبيتة أن العراق ساحة للاحتراق لإضاءة مسلسل السيناريو المرسوم للمنطقة.
} من هذا المنطلق هل يمكن اعتبار صعود الإسلام السياسي إلى الواجهة السياسية معطى داخليا أم أجندة خارجية؟
إن الجواب عن هذا السؤال بخصوص الاسلام السياسي في العراق يتطلب منا معرفة من هذا العراق. إن العراق بلد الحضارات والنظم والقوانين وبلد الأبجدية، والحاضن الفعلي للعمل الثقافي ، بل الموجه له من رمزية بغداد الفكرية و الأدبية، إنها بغداد الحكمة والترجمة والفلسفة والفكر التنويري عبر العصور. إن هذه المعطيات التاريخية لا يمكنها أن تنهار أمام أجندة زمنية محددة في دول القرار، وبالتالي فالعراق لا يمكن أن يكون إلا بلدا علمانيا محترما للتعدد الديني والفكري والذهبي والطائفي، وهذا هو المنطلق الفعلي لكل التشكيلات عبر العصور، علما بأن العراق كان دائما متعددا ومختلفا وقوته كامنة في هذا الطيف الملون، والخلاف في العراق لم يكن أبدا طائفيا أو دينيا بل كان سياسيا و مسؤولا. لهذا فالإسلام السياسي عنصر دخيل على ثقافة العراق بل عنصر مستورد لتطبيق المسلسل الذي أشرنا إليه في إنعاش دائرة الفوضى الخلاقة. إن ما نراه اليوم من دولة « داعش» في تلوينها الاسلامي مع كل العناصر الأخرى في الاسلام السياسي هي ليست نابعة من تربة هذا العراق . ولهذا فإنه لا مناص من النضال من أجل المشروع الوطني القومي الذي سينقض العراق من هذه الأزمة البالغة التعقيد، وأملنا أن يتحقق الأستقرار في العراق ضمن هذا المشروع وأنا على يقين أننا سننجح كعراقيين في ذلك نصرة للوطن وقيم المواطنة وطي صفحة الماضي ترسيخا لقيم التسامح والتضامن والتآزر من أجل عراق واحد وموحد.
} أين هو المثقف العربي بصفة عامة والعراقي بصفة خاصة من هذا المشهد وما مسؤوليته اليوم؟
باعتقادي أن من دفع ضريبة الخسارات بشكل كبير هو هذا المثقف العربي الحالم بالديمقراطية وحرية التعبير وناضل لسنوات من أجل تحقيق ذلك سواء من خلال الابداع الشخصي أو إنخراطه السياسي. لقد عذب المثقف وشرد وسجن واستشهد، ومنعت أعماله الفكرية والثقافية ومورست عليه شتى أشكال التعذيب والحرمان جراء دفاعه عن القيم وعن المشروع الثقافي الإنساني المنفتح على المستقبل. هذا بصفة عامة، أما بخصوص المثقف العراقي وما عاناه وكابده قبل 2003 وبعد ذلك فهو يفوق الوصف من خلال شعوره بالإحباط سواء كان ذلك علنيا أو شعورا داخليا. إن كل هذه التضحيات التي قدمها المثقف العراقي من مختلف الأجناس التعبيرية والأدبية في الشعر والقصة والمسرح والرواية والتشكيل والموسيقى والأغنية إلى غير ذلك من الابداع الذي يميز العقل الخلاق لهذا البلد، لم تحقق حلمه في إنجاز مشروعه الوطني في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتناوب في السلطة ، وظلت كل أحلامه معلقة في الهواء، مؤجلة إلى زمن لا ندري أرقامه ولا لومه ولا نزوله على ارض الرافدين. لقد ظلم المثقف وحوصر بمعيشه اليومي إلى درجة حمل فيها كتبه إلى شارع المتنبي معلنا إفلاسه وعدم قدرته على معيشه اليومي الذي شكل عائقا فعليا لإستمراه في العطاء و الإبداع في وقت يتمتع فيه رجال السلطة بالعيش الباذخ، وكأن هناك نية مبيتة لتقزيم الفعل الثقافي ووضع المثقف في الدرجات الدنيا كي لا يسمو الفكر والثقافة فوق الأيادي الفاسدة التي تنتعش في غياب الفكر والوعي المؤديان حتما الى الرفض والاحتجاج والتمرد باعتبارهما الحلقة الأصعب في إزعاج الحاكم.
إن هذا المشهد في وضع المثقف العربي عامة والعراقي خاصة يدعونا الى وضع التساؤل من بوابة واقعهما المرير ماذا يستطيع هذا المثقف أن يفعل في وضع علت فيه سلطة المسدس والدبابة و الكلاشنكوف وكل أسلحة الدمار الخالقة لمشهد الدم والقبح أمام إشراقات الإبداع والفن والجمال ؟
سؤال يجيب عن نفسه لكنه سؤال لن يدفع إلا للاشتغال مرة أخرى في النضال بالكتابة والتواصل من فضاءات الابداع نحو العقول لمحاربة الظلام والانخراط الفعلي في التنظيمات الوطنية التقدمية اليسارية والعلمانية دفاعا عن دولة المؤسسات ودولة الحق والقانون من أجل حماية القيم الانسانية والأوطان العربية المعرضة للتفتيت و الإلغاء وضرب السيادة لصالح الأنظمة العالمية المتوحشة التي برعت في استنزاف خيرات وطاقات أوطاننا .
} نعود إلى عزيز خيون، كيف يشتغل ثقافيا وسط هذا الوضع، وهل الإبداع في وضع سابق بالنسبة لك كان أفضل من الوضع الحالي أم أن المعاناة أعطتنا مبدعا جديدا يسمى عزيز خيون مرة أخرى؟
على المستوى الشخصي ومنذ أن لامست عتبات الوعي أصبحت غير مقتنع بما هو حولي وإنما باستمرار أباعد بخطواتي باتجاه النقطة الأبعد أي أن المسرح الذي اخترته و اشتغلت به حتى هذه اللحظة لم يكن مطمئنا وإنما كان يمتطي جموح القلق لذلك يا سيدتي لا أعرف ما تعنين بالسابق أو اللاحق ؟
} أنا أعني فترة البداية قبل أن تتحول العراق الى معركة مفتوحة في وجه المجهول، أي منذ السبعينات؟
لم تكن التجربة سهلة على مستوى الابداع و إنجازه، في شرطيته الطموحة، كانت هناك عوائق ناتجة عن قناعات إيديولوجية مختلفة عن النظام. لقد كنت منتميا الى المعارضة في الحزب الشيوعي العراقي .وغادرت التنظيم بمحض إرادتي، وانصرفت الى عملي المسرحي كي أحقق فيه القيم التي أدافع عنها. وبعد بيروت عدت الى الوطن كي أستمر في عملي المسرحي وأحافظ على استقلاليتي في أن لا أجمع بين السياسة والمسرح على الركح. وبالرغم من إعلان هذه الاستقلالية إلا أن السلطة ظلت تعيق مشروعي بكافة الأساليب فمنعت بعض أعمالي كتابة وإنتاجا، إلا أن ذلك لم يحد من عزمي على مواصلة الدرب. لقد قدمت العديد من المشاريع إخراجا وتمثيلا وإعدادا. لقد تواصلت مضايقتي من طرف النظام وعالجت ذلك بالذهاب والاياب من الوطن نحو آفاق أخرى خارجه في الامارات وعمان وسوريا ومصر و ولبنان حفاظا على حيوية تجربتي..
} والآن هل تضخمت هذه العوائق أم أنها أصبحت تمزج بين الذات و الموضوع، أم أن استمراريتك لم تعر اهتماما لهذا؟
المعيقات تضخمت اليوم بشكل كبير، بل هدت حلما عمره قارب الأربعين عاما. فإذا حدث واستطعت أن أنجز مشروعا مسرحيا معروفا على المستوى العربي والعالمي قبل سنة 2003 ، فأنا اليوم أعيش لحظة قلق كبير على مشروعي المسرحي الذي منحته روحي وسنوات عمري وحلمت أن أتوجه بتجارب مثتالية لا تعرف الانقطاع ولا الولادة المستمرة. إنني أعاني معاناة مزدوجة في ان مشروعي أصبح حبيس أدراج الزمن السيئ وحبيس منظومات إدارية ضيقة لا تعترف بالثقافة المسرحية ولا بأدوارها في بناء الانسان الجديد. إن هذا الانقطاع أجهله تماما وأنا أحتار في كيفية الحصول على الدعم الذي هو من حقنا كمثقفين، لإنجاز مشارعنا الجمالية. لهذا أقول أن القطيعة التي تفرضها سلطة القرار اليوم في العراق مع ما هو جمالي لا يمكنها أن تنتج إلا هذا الخراب والتصحر في الفضاء وفي النفوس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.