رئيس الحكومة يناقش الاستثمار والعمل    مجلس الحكومة يتتبع عرضا حول برنامج التحضير لعيد الأضحى    حريق يسقط مصابين في مدينة صفرو    تشغيل الوحدة الصناعية الضخمة لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية بالقنيطرة سينطلق في يونيو 2026    هذا تاريخ عيد الأضحى بإسبانيا    وفرة المهاجمين تحير وليد الركراكي    عموتة يكشف حقيقة قيادة فريق الوداد    عواصف قوية تخلف ضحايا في أمريكا    أيوب الكعبي يقدر انتظارات المغاربة    فتاة تطوان تخاطبكم    في مدح المصادفات..    إطلاق منصة رقمية للإبلاغ عن المحتويات غير المشروعة على الأنترنيت    الأمثال العامية بتطوان... (618)    وليد الركراكي يوضح موقفه من حج نصير مزراوي    بسبب "الفسق والفجور".. القضاء يصدم حليمة بولند من جديد    مليون و200 ألف مجموع الحجاج الذين قدموا لأداء مناسك الحج في حصيلة أولية    الملك يهنئ عاهل مملكة السويد والملكة سيلفيا بمناسبة العيد الوطني لبلدهما    "غياب الشعور العقدي وآثاره على سلامة الإرادة الإنسانية"    إصدار جديد بعنوان: "أبحاث ودراسات في الرسم والتجويد والقراءات"    تداولات إغلاق البورصة تتشح بالأخضر    بايتاس: الاستثمار بالمغرب عرف نموا مهما منذ دخول ميثاق الاستثمار الجديد حيز التنفيذ    الحكومة تحدد مسطرة جديدة لإخراج قطع أرضية من الملك العمومي المائي    الأرض تهتز تحت أقدام ساكنة الحسيمة    طنحة تطلق العد التنازلي لموسم الصيف وتنهي تهيئة شواطئها لاستقبال المصطافين    أساتذة العلوم يحتجون في كلية تطوان    الحكومة تؤكد فتح تحقيق قضائي في فاجعة "الماحيا"    الحكومة تؤكد فتح تحقيق قضائي في فاجعة الكحول المسمومة    مانشستر يونايتد يفاجئ الجميع بهذا القرار الذي يحدد مصير أمرابط    هذه أسباب نفوق 70 من أضاحي العيد    غزة.. مقتل عشرات الأشخاص في غارة تبنتها إسرائيل على مدرسة للأونروا تؤوي نازحين    مبيعات الإسمنت تتجاوز 5,52 مليون طن    ضبط سيارة بمخدرات في القصر الكبير    في وداع حقوقي مَغربي    الإجهاد الفسيولوجي يضعف قدرة الدماغ على أداء الوظائف الطبيعية    أونسا يكشف أسباب نفوق أغنام نواحي برشيد    إسبانيا تنضم رسميًا لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة    "الأسود" يختتمون تحضيراتهم بالمعمورة ويتوجهون إلى أكادير لملاقاة زامبيا    مقتل قرابة 100 شخص بولاية الجزيرة في السودان إثر هجوم    قرض ألماني بقيمة 100 مليون أورو لإعادة إعمار مناطق زلزال "الحوز"    أولمبياد باريس 2024 : ارتفاع أسعار السكن والإقامة    تكريم مدير المركز السينمائي عبد العزيز البوجدايني في مهرجان الداخلة    توقيف شخص بطنجة وثلاثة بمدن أخرى موالين لتنظيم "داعش" الإرهابي للاشتباه في تورطهم في التحضير لتنفيذ مخططات إرهابية    الصناعة التحويلية .. أرباب المقاولات يتوقعون ارتفاع الإنتاج    ارتفاع أسعار الذهب مع تراجع الدولار وعوائد سندات الخزانة    أولمبياكوس يُغري الكعبي بعرض يتجاوز 5 ملايين يورو    الإعلام الجزائري.. مدرسة المدلّسين    أمسية شعرية تسلط الضوء على "فلسطين" في شعر الراحل علال الفاسي    هشام جعيط وقضايا الهوية والحداثة والكونية...    الصحة العالمية: تسجيل أول وفاة بفيروس إنفلونزا الطيور من نوع A(H5N2) في المكسيك    مقتل 37 شخصا في قصف مدرسة بغزة    الممثلة حليمة البحراوي تستحضر تجربة قيادتها لأول سربة نسوية ل"التبوريدة" بالمغرب    اليونيسف: 90% من أطفال غزة يفتقرون إلى الغذاء اللازم للنمو السليم    نور الدين مفتاح يكتب: آش غادي نكملوا؟    "التسمين" وراء نفوق عشرات الخرفان المعدة لعيد الأضحى بإقليم برشيد    طبيب مغربي يبتكر "لعبة الفتح" لتخليص الأطفال من إدمان الشاشات    حكومة الاحتلال واعتبار (الأونروا) منظمة إرهابية    قوافل الحجاج المغاربة تغادر المدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعب يريد حكومة العقد الاجتماعي

«ولد الإنسان حرا، لكنه كبل بالأصفاد في كل مكان، وتم إخضاعه للهيمنة»
روسو
لم يظهر كتاب العقد الاجتماعي في فضاء تسوده العدمية، يتحرك فيه الشعب المخدر الإدراك بترياق الكنيسة، بل هناك تطور تاريخي اقتحم العقل الكلي، وحصل انفتاح على الحياة السياسية المتنورة، وتحول الحوار من الحياة الأخرى وشقاء هذه الحياة، إلى حوار حول الديمقراطية، وكيفية القضاء على السياسة الطغيانية، والاندفاع إلى الإيمان بالمساواة والحرية، مما جعل نظرية العقد الاجتماعي تقع في قلب هذه النهضة السياسية التي بدأت تنتشر في عقول الناس، وبدأت أذهانهم تتخلص من وباء الحكم الطغياني، الذي كان يمزق الأجساد في الساحات العمومية، لتكون عبرة لمن أراد أن يطالب بالحق في الحق. هكذا انقلبت مقولة ميكيافيلي على ملك فرنسا، لأن الرهبة والعنف لا يولدان الطاعة، بل يولدان الثورة، وبخاصة إذا كان هناك فكر تنويري يؤسس لهذه الثورة، وليس فكر ظلامي ينقض عليها كما وقع في القضاء العربي المقهور.
يا لها من قوة مدمرة للاستبداد ولو كان متخفيا وراء الحق الإلهي، من أجل ممارسة القهر في الواقع السياسي، هذه القوة التي تخلت عن كل اعتقاد قديم لتضع نفسها رهن إشارة عصر التغيير والتنوير، شعارها كتاب العقد الاجتماعي الذي ينطلق من الدعوة لولادة إنسان حر، إذ يقول: «ولد الإنسان حرا، لكنه كبل بالأصفاد في كل مكان»، ولا يضع اختيارا آخر أمام الإنسانية، إما العقد الاجتماعي الذي يوفر الحرية والمساواة، وإما النظام الاستبدادي الذي يفرض العبودية واللامساواة، وليس النظام الاجتماعي هبة الطبيعة للإنسان، بل هو تطور في وعي الإنسان. لأن الإنسان يشيد حريته بنفسه.
فكيف يمكن إبرام هذا العقد في مجتمع مشتت ضائع في الفوضى، غير مبالي بوضعه الاجتماعي؟، وبلغة روسو هل بإمكان العقد الاجتماعي أن يكون فعالا في المجتمع الطبيعي أم لابد من الانتقال إلى المجتمع المدني؟.
الواقع أن التعاقد بين الشعب ومن يحكمه، ينبغي النظر إليه كمعيار سياسي يخترق دائرة النور، ولذلك فإن التعاقد التاريخي لن يتحقق في شعب يتمتع بحرية تنام في حضن العبودية، إن لم يكن هو نفسه نائما، بل إنه يمتلك عمقه السياسي عند شعب مستيقظ، منفعل مع الواقع السياسي لبلاده وإلا سيكون التعاقد الأول: «حصيلة خداع وتضليل، من شأنه تعزيز اللامساواة وتدعيمها، ومد الأغنياء بسلطان إضافي والحكم على الشعب بالفقر والعبودية والشقاء». فمهمة العقد الاجتماعي، ليست هي تحرير الشعب من الهيمنة، بل إنه كمال بما هو كمال، لا يتحقق إلا عندما يحصل الانتقال من المجتمع البدائي والوسطوي إلى المجتمع المدني الحداثي، عندما يصل الإنسان إلى تحقيق غايته في الإنسانية. فكيف يمكن الوصول إلى المجتمع المدني؟، هل بواسطة إصلاح المؤسسات أم من خلال هدم الوعي الشقي وتغييره بالوعي الذاتي؟، وبعبارة أخرى، هل يمكن بناء المجتمع المدني بإنسان يتحكم فيه العقل الأسطوري؟.
ينصحنا روسو بأنه يجب الانطلاق من الميثاق الاجتماعي، للوصول إلى المجتمع المدني، لأن الميثاق هو الذي يحدث في الإنسان هزة في كينونته، من خلال تعميم التربية والتعليم. فالسلوك الإنساني يبدأ بارتداء طابع أخلاقي، ويحل العدل محل الغريزة، وصوت الواجب محل اندفاع الجسد، والحق محل الشهوات الجنسية: «إن ما يخسره الإنسان من جراء العقد هو حريته الطبيعية، والحق اللامحدود في كل ما يغريه وكل ما يستطيع أن يبلغه، وما يربحه بالمقابل هو الحرية المدنية، وحق تملكه لكل ما ملكت يداه». وهذه الحرية المدنية لا يمكن أن تأتي وحدها، بل ترافقها الحرية الأخلاقية: «ذلك أن الخضوع للشهوات وحدها عبودية، والانصياع للقانون الذي أزمنا به أنفسنا حرية». فالإنسان السعيد والمبارك الحظ هو الذي ينتقل من مرحلة الحيوان الغبي إلى مرحلة الإنسان العاقل والفاضل. فهل حكومة العقد الاجتماعي بإمكانها أن تتحقق في أي مكان ما غير هذه البلاد؟، وما الذي يجعل هذه الحكومة منفصلة عن المجتمع؟، وكيف يمكن غياب التناغم داخلها؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.