رسمياً.. إلغاء مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب    أخبار الساحة    نهائي "كأس العرب".. التشكيلة الرسمية للمنتخب المغربي ضد الأردن    بلاغ من وزارة الأوقاف حول موسم الحج    العرايشي ينادي بإعلام رياضي قوي    انهض يا عمر.. لترى ما ضحيت من أجله بروحك كيف أصبح؟    الملعب الأولمبي يعزز إشعاع الرباط    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الجزيرة الخضراء.. إحباط محاولات تهريب 14 سيارة مسروقة نحو طنجة    تنفيذا للتعليمات الملكية.. الحكومة تطلق برنامجا لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات الاستثنائية التي عرفتها مدينة آسفي    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    الملك يشيد بالقيادة الحكيمة للشيخ تميم    اليوم الدولي للمهاجر يجدد النقاش حول تحيين السياسات العمومية بالمغرب    توقيف مروج للمخدرات والمؤثرات العقلية بطنجة وحجز أزيد من 1200 قرص طبي    مستشفى ميداني عسكري يقام بأزيلال    متحف اللوفر يفتح أبوابه جزئيا رغم تصويت موظفيه على تمديد الإضراب    أسعار الذهب تستقر    ميناء المضيق .. ارتفاع كمية مفرغات الصيد البحري    الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    الطالبي العلمي: الرياضة رافعة للتنمية والتلاحم الوطني وإشعاع المغرب قارياً ودولياً    خبراء التربية يناقشون في الرباط قضايا الخطاب وعلاقته باللسانيات والعلوم المعرفية    قمة نارية بين نابولي وميلان في كأس السوبر الإيطالية بالعاصمة السعودية        تصنيف دولي يضع المغرب بمراتب متأخرة في مؤشر "الحرية الإنسانية" لسنة 2025    أمريكا توافق على أكبر مبيعات أسلحة لتايوان على الإطلاق بقيمة 11.1 مليار دولار    بحضور محمد صلاح.. الفراعنة يصلون أكادير استعداداً لانطلاق المنافسات القارية    الموت يفجع أمينوكس في جدته    غوغل تطور أداة البحث العميق في مساعدها الذكي جيميناي        المغرب في المرتبة 62 عالميًا ومن بين الأوائل إفريقيًا في رأس المال الفكري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    مركز موكادور يعلن فهرسة مجلة «ليكسوس» ضمن قاعدة DOAJ الدولية    توقعات أحوال الطقس لليوم الخميس    انهيار منزل يخلف مصابَين بالدار البيضاء    ترامب يؤكد مواصلة المسار الاقتصادي    مركز وطني للدفاع يواجه "الدرونات" في ألمانيا    أطر الصحة تحتج ببني ملال ضد تدهور الأوضاع وخرق الاتفاقا    التسجيل الأوتوماتيكي في اللوائح الانتخابية ضرورة ديموقراطية    عامل إقليم الجديدة ينهي مهام نائبين لرئيس جماعة أزمور    إحداث مصرف مائي سطحي على جنبات الطريق بين أولاد حمدان و الجديدة يهدد السلامة الطرقية.    الحوض المائي اللوكوس .. الأمطار الأخيرة عززت المخزون المائي بالسدود بأكثر من 26 مليون متر مكعب    الرباط تحتضن مهرجان "أقدم قفطان" .. مسار زي مغربي عابر للأجيال    ودائع الأسر المغربية لدى البنوك تتجاوز 959 مليار درهم بنهاية أكتوبر 2025    لماذا تراهن بكين على أبوظبي؟ الإمارات شريك الثقة في شرق أوسط يعاد تشكيله    فرحات مهني يكتب: الحق في تقرير مصير شعب القبائل    وفاة الفنانة المصرية نيفين مندور عن 53 عاما إثر حريق داخل منزلها بالإسكندرية    أكادير تحتضن الدورة العشرين لمهرجان تيميتار الدولي بمشاركة فنانين مغاربة وأجانب    في حفل فني بالرباط.. السفيرة الكرواتية تشيد بالتعايش الديني بالمغرب    تمارين في التخلي (1)    واشنطن توسّع حظر السفر ليشمل عددا من الدول بينها سوريا وفلسطين    خلف "الأبواب المغلقة" .. ترامب يتهم نتنياهو بإفشال السلام في غزة    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراكش عاصمة دولية لمحاربة الإرهاب الداعشي

في معنى احتضان المغرب لمؤتمر دولي ضد الإرهاب ومن أجل الاستقرار في إفريقيا

تحتضن مدينة مراكش، بعد غد الأربعاء، اجتماعا للتحالف الدولي ضد «داعش»، الذي يأتي في ظل التحولات التي تشهدها أساليب واستراتيجيات هذا التنظيم الإرهابي، خاصة في إفريقيا.
ويعكس هذا الاجتماع، الذي ينعقد بدعوة مشتركة بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة وكاتب الدولة الأمريكي، أنتوني بلينكن، ريادة المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف.
وسيشهد هذا الحدث الدولي الهام حضور ممثلي أزيد من 80 دولة ومنظمة دولية، سيبحثون خلاله سبل مواجهة التهديدات التي تطرحها إعادة تموقع التنظيم بالقارة السمراء.
وسيشكل اجتماع مراكش، على هذا الأساس، مناسبة لبحث سبل العمل المشترك لمواجهة هذه الأخطار الإرهابية بشتى أشكالها، وكذا تعزيز الاستراتيجيات والقدرات الامنية لبلدان القارة، من أجل إضعاف قدرات تنظيم داعش ودحره.
وتأتي استضافة مراكش لهذا الاجتماع الدولي الهام، لتؤكد الثقة التي تحظى بها المقاربة المتفردة التي طورها المغرب، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف.
يشار إلى أن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش»، الذي تأسس في شتنبر 2014، يهدف إلى القضاء على هذا التنظيم الإرهابي، على مختلف الجبهات، وتفكيك شبكاته ومجابهة مطامعه العالمية. كما يلتزم هذا التحالف الدولي بتدمير البنى التحتية الاقتصادية والمالية لتنظيم (داعش)، والحيلولة دون تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب عبر الحدود، علاوة على دعم استقرار المناطق المحررة من التنظيم.
أن تكون مراكش المغربية أول أرض إفريقية تحتضن المؤتمر الخاص ب«التحالف العالمي لمحاربة داعش»، الذي يعقد يوم غد الأربعاء 11 ماي الجاري، فذلك ليس من باب الصدفة في شيء، ولا هو بالحدث العادي الذي يدخل في سياق شبه بروتوكولي، بل إن للقاء مسارا معقولا واختيارا معقلنا، متعدد الدلالات والرسائل .
المدينة المغربية تحتضن اجتماعا ذا صبغة دولية، بمشاركة 92 مشاركا، منهم الدول ومنهم المنظمات الدولية العاملة في مجال محاربة الإرهاب، وذات الصلة بالمجهود العالمي في هذا الباب، وهذا له معنى واحد هو أن المغرب أصبح له وزن دولي خاص في ترتيب الأجندة الدولية في الحرب على الإرهاب، وهو أمر تأتى له بالفعالية والنجاعة والقدرة على تأهيل الأداة المخول لها ذلك، ونقصد بها جهازه الأمني والاستخباراتي وقدرات دولته على تنسيق مقوماته المدنية والثقافية والعسكرية والروحية والأمنية، طبعا، في مواجهة الإرهاب.
والواضح أن الرسالة الأولى تكمن في الدور المركزي الذي صار المغرب يحتله في الدينامية الدولية لمحاربة الإرهاب.
أما الرسالة الثانية فهي في كون جزء من المجهود يشمل القارة السمراء نفسها، التي أصبحت القِبلة الجديدة للعمل المتطرف والحركات الجهادية، التي انتقلت من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى إلى جواره الإفريقي.
الرسالة الثالثة، تتمثل في كون المؤتمر امتداد للتواجد المغربي في قلب المعركة الإفريقية، بالتفكير والتخطيط والمعلومات، ضد الأشكال الجديدة للتنظيمات الإرهابية، وتجدر الإشارة في هذا الباب، إلى أن المغرب، الذي حضر اجتماع التحالف الدولي ضد داعش في دجنبر من السنة الماضية، كان منصة « إطلاق مجموعة التفكير حول إفريقيا»، في مواجهة التطور المستمر للوضع بالقارة، بعد أن كان قد استضاف في يونيو 2018 في الصخيرات الاجتماع الإقليمي للمدراء السياسيين للتحالف العالمي ضد "داعش".
1 المغرب يترأس المؤتمر بشكل مشترك مع الدولة العظمى والحليفة الاستراتيجية في المجهود المتعلق بالحرب على الإرهاب، الولايات المتحدة، وهي صاحبة المشروع أو حاملته الاستراتيجية باعتبار أن إنشاء التحالف كان بمبادرة أمريكية في سنة 2014.
وبهذا الخصوص، كان موضوع المجهود الطويل في تمتين المواجهة موضوع التقرير، صادر عن الخارجية الأمريكية في دجنبر الماضي ويحسن بنا أن نذكر ببعض عناصره التي سبق لنا تناولها في مقالة سابقة، ومنها:
* الولايات المتحدة والمغرب يجمعهما «تعاون قوي وطويل الأمد» في هذا المجال.
‫* المغرب واصل تنفيذ «الاستراتيجية الشاملة التي تشمل تعاونا إقليميا ودوليا وسياسات لمكافحة التطرف».‬
‫* قوات الأمن وظفت «جميع المعلومات الاستخباراتية والعمل الأمني والتعاون مع شركاء دوليين لتنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب»…‬

* المملكة تترأس حاليا، بشكل مشترك مع كندا، المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب.
* المغرب يحتضن مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا.
‫* المغرب عضو في شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء، وهو يستضيف مناورات الأسد الإفريقي السنوية، واستضاف اجتماع فريق العمل المعني بمكافحة الإرهاب في إطار مؤتمر وارسو والتمويل غير المشروع الذي تمحور حول محاربة تنظيم القاعدة…‬
ومن عناصر المتابعة ما سبق أن عبر عنه وزير الخارجية نفسه، انطوني بلينكن، إبان تواجده في المغرب في الفترة الأخيرة‫.‬
ومن الأشياء التي تدخل في منطق المؤتمر الحالي ، ما ورد ‫في‬‮ ‬‫تدوينة له في‬‮ ‬‫2021،‬‮ ‬من ‫أن‬‮ «‬‫الهجمات الأخيرة بينت أن‬‮ «‬‫داعش‬‮» ‬‫ما زالت تمثل تهديدا‬‮ وما زال بمقدورها استقطاب مجموعات قتالية‬‮»‬‫،‬‮ ‬‫ودعا إلى‬‮ «‬‫ضرورة إدماج مبادرات مدنية لمعالجة التطرف وتأمين الاستقرار في‬‮ ‬‫المناطق المعنية‬‮»‬.
‫وهو نفسه قد وضع شعارا لزياراته الأخيرة للرباط، هو‬‮ «‬‫التزام بالاستقرار والرفاه‬‮» ‬‫ذاكرا في‬‮ ‬‫الوقت ذاته أن‬‮ «‬‫التعاون العسكري‬‮ ‬‫بين المغرب والولايات المتحدة‬‮ يعد من أهم مجالات التعاون بين البلدين، وأن لهما نظرة مشتركة موحدة‬‮». ‬
‫المغرب بالمعنى الوارد في الفهم الأمريكي شريك،‬‮ «مانح للأمن‬‮» ‬‫بفعل ريادته للمنتدى الدولي‬‮ ‬‫لمحاربة الإرهاب،‬‮ ‬‫لمدة ثلاث دورات متتالية، وبفعل دوره الداعم في‬‮ ‬‫التحالف الدولي‬‮ ‬‫ضد داعش‬‮.‬‫. وهويستعد لاحتضان المنتدى الأفرو آسيوي في يوليوز القادم، في تزامن مع تمرينات الأسد الإفريقي التي بدأت منذ 2004 وتطورت بشكل كبير للغاية، وتعد أكبر مناورات للقوات الأمريكية خارج ترابها وتراب دول الناتو.‬
اللقاء له سياقه العادي، أي المنتظِم الذي يندرج في الأجندة المتفق عليها، وفي «مواسمه» المتوافق بخصوصها، ولكنه لقاء أو مؤتمر له سياقه المستجد، والذي يتمثل في العديد من النقط:
أولا:قاريا، تنامت المخاطر والتهديدات بشكل مقلق للغاية، وصارت القارة السمراء مركز تمركز للتنظيمات الإرهابية، والمعطيات المتوفرة حاليا، والتي تجمعت لدى المنتدى الدولي لمكافحة الإرهاب أو لدى التحالف أو لدى المنظمات الدولية تكشف عن جيوش متطرفة تتحرك في جغرافيا متسعة أمام عجز واضح للدول.
= نحن أمام قرابة ثلاثين تنظيما إرهابيا، مدرجة في لائحة العقوبات التي رصدها مجال الأمن التابع للأمم المتحدة، تضم جيشا عرمرما من المقاتلين المحليين أو العائدين من جبهات القتال ومن الأراضي التي كانت تحكمها داعش في سوريا والعراق. نحن أمام أرقام مهولة من حيث عدد ضحايا هاته التنظميات التي تجاوزت 13000 قتيل في سنتي 2020 و2021.. وإجراء قرابة 7 آلاف هجوم وعملية مسلحة في سنة 2020 لوحدها.
‫=‬ التطور الرهيب في وسائل العمل والقتال، من تنظيمات عسكرية وجيوش منظمة اكتسبت خبرة قتالية في مناطق عديدة من العالم بالإضافة إلى التمكن من لوجيستيك حربي يضم طائرات بدون طيار وتكنولوجيات متقدمة وذكاء لا ينكر في طرق تمويل نفسها.. وفي الوقت نفسه يكلف الإرهاب، حسب إحصائيات تقدم بها المغرب في اجتماع دجنبر 2021، ما يقارب 170 مليار دولار خسائر للدول التي يخترقها ويرهبها.
‫= الجريمة المنظمة في إفريقيا باتت اليوم مصدر قلق دولي بالنظر للحجم الكبير من شبكات الاتجار بالمخدرات والأسلحة التي تم اكتشافها عبر ربوع القارة، خصوصا بالنظر لارتباطات شبكاتها وأنشطتها مع شبكات الإرهاب والتطرف والجماعات الانفصالية‫…‬
وهو ما جعل المغرب يشدد دائما على «ضرورة العمل على تحييد قدرات المنظمات الإرهابية وباقي التنظيمات المسلحة من غير الدول، بما في ذلك التنظيمات الانفصالية»‫..‬ وهو موضوع صار حاسما في بناء المواقف والتغيرات الدولية الخاصة بالمنطقة الشمال إفريقية وفي جنوب الصحراء‫.‬
وفي خضم هذه التغيرات المثيرة للدوخة الاستراتيجية عند الكثير من مراكز القرار، نجد المغرب يقترح مفاهيم جديدة وعملية في « إدارة أمن الحدود والتعاون الاستراتيجي والوصول إلى فهم مشترك للتهديدات والاستراتيجيات الخاصة المتعلقة بداعش في القارة، ومن أجل تزويد البلدان الإفريقية بوسائل مكافحة الهجمات الإرهابية من خلال تطوير وتعزيز القدرات الوطنية..» ، وهو في ذلك طوَّر عقيدة أمنية فعالة مفادها أن الإرهاب «غيَّر وظيفة الحدود بين الدول».. وهو ما جعل تقرير الخارجية الأمريكية الأخيرة يتحدث عن كون «أمن الحدود ظل أولوية مطلقة للسلطات المغربية»!.
وهذا التغير العميق في التعاون الدولي ضد الإرهاب وَعتْ به العواصم، التي بنى معها المغرب شراكات أمنية وعلى رأسها أمريكا..
‫=‬ تحول منطقة الساحل والصحراء إلى« حزام جغرافي ناسف»، بفعل تمدد الحركات الإرهابية فيه، انطلاقا من مالي نحو دول الجوار، وانتقال عدوى الجهاديين من شمال هذا البلد إلى النيجر وبوركينا فاسو المجاورتين وتهدد بالاتساع جنوبا إلى خليج‮ ‬غينيا‮.‬
‫=‬ الفشل العسكري والأمني لدول معروفة بعلاقاتها التقليدية بالمنطقة، وتنامي الروح العدائية ضدها، وانسحاب قواتها من المنطقة جزئيا مع تراجع التواجد الأوروبي ذي الطبيعة العسكرية، في الوقت ذاته التي لا تملك قوات حفظ السلام الأممية ما يفيد في حفظ السلام وحماية المدنيين ونشر الأمن والسلم…
في الزاوية الإقليمية، ينعقد اللقاء، في سياق علاقات جديدة بين المغرب وأوروبا، وقد كان تقرير الخارجية الأمريكية السابق الذكر قد نوه بكون ا‫لمغرب يقيم تعاونا «وثيقا مع شركائه الأوروبيين، ولا سيما بلجيكا وفرنسا وإسبانيا، لإحباط التهديدات الإرهابية المحتملة في أوروبا»…‬
ويهمنا هنا بشكل مدقق التعاون وبينه وبين إسبانيا تحديدا، والتي تعتبر بوابة القارة ،وهنا نسجل
= أولا، أن العمل الأمني المشترك لم يتأثر بالأزمة ولكنه أثبت ضرورة العمل مع المغرب وأجهزته لتحصين إسبانيا والقارة معا.
= ثانيا أن إسبانيا هي المضيفة للمؤتمر غير العادي لدول حلف الناتو، وهو يجتمع بعد مؤتمر مراكش مباشرة.
وفي جدوى ربط المؤتمر الخاص بالناتو مع مؤتمر مراكش، نذكر أنه سبق للأمين العام أنطونيو غوتيريش أن كشف في رسالة إلى مجلس الأمن أن حلف شمال الأطلسي يدرس «خيارات لزيادة الدعم لمجموعة دول الساحل الخمس».
وقد أعطت «كارمن روميرو‮»، ‬المتحدثة باسم حلف شمال الأطلسي‮ ‬الناتو، المعنى للنقاش الذي يسود بدول الناتو وهي تستعد لمؤتمرها بالقول‮ «‬لن نغفل التهديد الإرهابي‮ ‬في‮ ‬الساحل والصحراء‮»…‬
من المتوقع‮ أن ‬تناقش قمة دول الحلف الأطلسي‮ ‬في‮ ‬يونيو المقبل،‮ إضافة إلى‮ ‬السياق الحربي‮ ‬الحالي،‮ ‬والذي‮ ‬توجد الناتو‮ ‬في‮ ‬قلبه، وثيقة جديدة،‮ ‬تحت عنوان‮« ‬المفهوم الاستراتيجي‮«‬،‮ ‬للحلف الأطلسي،‮ ‬هي‮ ‬الوثيقة التي‮ ‬تطلبت قرابة السنتين من النقاش والدراسة قبل هذا التاريخ‮.‬
وهي ليست الورقة الاستراتيجية الوحيدة ‮بل هناك ورقة أخرى تهم الدول الأوروبية‮، ‬وتتعلق بال«بوصلة الاستراتيجية‮ » ‬والمتعلقة بالتوجه الذي‮ ‬سيتحدد أوروبيا بالنسبة للدفاع الاستراتيجي‮.. ‬ والحرب ضد الإرهاب في صميمه‫.‬
أما في مجال التعاون الثنائي المغربي الإسباني في محاربة الإرهاب، فقد أبرز وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، دور المغرب، مشيرا إلى الأهمية التي يكتسيها اجتماع التحالف الدولي ضد "داعش"، الذي سيعقد في 11 ماي الجاري بمراكش، وخلص إلى القول "نحن في حاجة إلى تعاون المغرب في محاربة الإرهاب الجهادي".
لقد كان التحول الأساسي في جغرافيات الإرهاب هو انتقال المعقل الدولي للإرهاب من قلب آسيا في أفغانستان، مع ضربات 2001، وما تلاه، إلى قلب الشرق الأوسط، بعد سقوط طالبان في نسختها الأولى‫.‬ التحول الذي جعل طالبان حركة سياسية تحل محل طالبان الأولى رافقه تمركزها في العراق وسوريا، وهو ما جعل قطب الرحى يقترب أكثر من دول شمال إفريقيا، والقارة نفسها‫،‬ مع اندحار داعش في معاقله ببلاد الرافدين، والهلال الخصيب، فبدأ انتقال بنية الدولة إلى شمال إفريقيا، ولاسيما في مصر وليبيا‫…‬
وصار الحديث عن سيناريو أفغاني عندما تتمكن الجماعات المسلحة من السيطرة على الحكم في‮ ‬مالي،‮ ‬أو في‮ ‬مناطق معينة من شمالي‮ ‬البلاد‮ .‬
‮ و‬المغرب استشعر هذا التحول والاقتراب منه، مع مطلع الألفية الثالثة عندما قامت الجماعات الإرهابية بالتفجيرات الدامية في الدار البيضاء، إيذانا بدخول المغرب لنادي الدول ضحية الإرهاب‫.‬
‫=‬ بعد عشرين سنة من الضربات الإرهابية التي خلفت عشرات الضحايا استطاع المغرب أن يبلور خطة متكاملة الأطراف، تمتد من التصحيح الديني، إلى الضربات الاستباقية، مرورا بالتنمية الثقافية والاقتصادية وتفعيل البند الحقوقي وترشيد الأوضاع الاجتماعية‫..‬
وكانت الحصيلة توفر المغرب على أجندة واضحة، وأسلوب مكرس، وعرض متكامل، مع مواصلة الدينامية الإصلاحية التي شرع فيها بدون تأثير بين من الضربات الدامية، فلم يُضحِّ بأي ضلع من أضلاع المواجهة ، سواء في العمل على تجفيف ينابيع الإرهاب أو في تصليب الإصلاح الديموقراطي أو في التثقيف الديني وتصحيح العقائد‫..‬.
وهوما جعل عرضه دوليا مقدمة لشراكات عميقة في هذا الباب‫…‬ويهمنا هنا الاستنتاج بأن الضربات التي أصابت المغرب، كما أصابت الدول الشريكة في الحرب الحالية، قد حسمت تموقع المغرب في الحرب الدائرة دوليا، كما في شمال إفريقيا والساحل، وهو ما انتبهت إليه الولايات المتحدة، التي رأت في المنطقة جبهة جديدة لآفة الإرهاب‫.‬
الخطوة المغربية الحالية، التي تجسد الثقة في البلاد على قيادة معركة مصيرية للعالم ترمي إلى « فهم مشترك للتهديدات والاستراتيجيات الخاصة المتعلقة بداعش في القارة ومن أجل تزويد البلدان الإفريقية بوسائل مكافحة الهجمات الإرهابية من خلال تطوير وتعزيز القدرات الوطنية بطريقة عقلانية ومنسقة»، زد على ذلك أن »العديد من الدول العربية معرضة لتهديد جهادي أكبر، باعتبار أن معظم قادة العمليات و"الأمراء" الإرهابيين ينتمون إلى بلدان الشمال الإفريقي، من بينهم القائدان البارزان في تنظيمي ال«القاعدة» و «الدولة الإسلامية» عبد المالك دروكدال وعدنان أبو وليد الصحراوي، الدليل الحي الميت على وجود تنسيق إرهابي انفصالي ما فتئ المغرب يركز عليه، ولعل المؤتمر سيكون‫ منصة دولية للتقدم على هذه الجبهة، فلا شك أن قدرة الإرهاب والمنظمات الإرهابية على تغيير الأوضاع الجيوسياسية الدولية والإقليمية كما الأوضاع الداخلية المتعلقة بالدول نفسها، ستتضاعف بالانفصال وبالقتالية الانتحارية للانفصاليين‫..‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.