المخابرات الجزائرية وخبرها المزعوم حول المغرب يحولها واعلامها الغبي الى اضحوكة    تطوان.. توقيف سيدة وشقيقها للاشتباه في تورطهما في قتل الزوج قبل أزيد من 20 سنة    في أول خرجة إعلامية له عبد الصمد ناصر : مغادرتي "الجزيرة" جاءت نتيجة قرار شخص واحد    في مقال لائتلاف من المفكرين : الجزائر تنغلق مثل «مصيدة رهيبة» حول المعارضين السياسيين    تذاكر إياب الأهلي والوداد تحظى بالإقبال    تتويج "أسود إشبيلية" يثير فرح المغاربة    "القرض الفلاحي" يحقق أرباحا قدرها 73 مليارا منذ مطلع هذا العام    فيلم "أزرق القفطان" يوزع في المغرب    بايتاس: أسعار المواد الأساسية تعرف انخفاضا في السوق الدولية وسينعكس ذلك على الأثمان بالمغرب    تأجيل محاكمة البرلماني محمد الحمامي في مواجهة الصحفي الوهابي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم لتطبيق القانون المتعلق بالحالة المدنية    بنموسى يؤكد اتخاذ التدابير وتعبئة الموارد البشرية اللازمة لضمان نجاح البكالوريا 2023    المغاربة ينفقون 10 ملايين دولار على طلبات تأشيرات شينغن في 2022    الطاهر بنجلون لقناة i24News : ماكرون تصرف بطريقة غير ملائمة ولم يحترم ملك المغرب    هذه تفاصيل زفاف ولي عهد الأردن.. "موكب أحمر" و"شخصيات هامة"    بايتاس يصف تصريح نائب رئيس المفوضية الأوروبية حول سبتة ومليلية ب"الانزلاق" (+فيديو)    القبض على منتحل صفة مسؤول بالقصر كان يطلب خدمات من مسؤولين في الدولة    وزارة الداخلية توجّه صفعة لعمدة مدينة الدار البيضاء    الحكومة تعلن خلق وتهيئ 34 سوقا مؤقتا للعيد في مختلف جهات المملكة    فتح باب الترشيح لجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الثامنة عشرة    طنجة.. إدارة مستشفى محمد السادس تلغي تفويت خدمات التخدير والإنعاش للقطاع الخاص    نقابة الصحافة تتهم الجزائر بالوقوف وراء طرد المذيع المغربي عبد الصمد ناصر من قناة "الجزيرة" الجزيرة    ابتداء من الموسم المقبل.. المغرب يشرع في التوسيع التدريجي لتدريس اللغة الأمازيغية في السلك الابتدائي    طنجة.. لقاء جامعي مغربي فرنسي يستعرض تجربة المغرب في مجال اللوجستيك    الرصاص الحي يلعلع في مخيمات تندوف    البطل بونو يكشف وصفته لصد الضربات الترجيحية    المدرب غاليتيه يعلن رحيل ليونيل ميسي عن باريس سان جيرمان    دوري أبطال إفريقيا: السلطات المصرية توافق على حضور 50 ألف مشجع في مباراة الوداد البيضاوي والأهلي    الفيفا والكاف يشيدان بالحارس ياسين بونو    نشرة إنذارية جديدة.. زخّات مطرية قوية اليوم وغداً    النواب الأمريكي يمرر مشروع قانون سقف الدين    "الحركة الشعبية" تطالب بتسريع تنزيل الدعم المباشر للسكن الذي وعدت الحكومة بصرفه    اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي.. هذا ما كشفته المفوضية الأوروبية    سيكَار كماه رئيس الوزراء البريطاني الأشهر تشرشل فالرباط قريب يتباع فالمزاد العلني    إعلامي مشهور يهاجم قرار وزارة الأوقاف المصرية ب"الصلاة على النبي" يوم الجمعة    توقيف 3 أشخاص بسلا وحجز معدات إلكترونية متطورة تستعمل في الغش في الامتحانات    نشرة إنذارية..زخات مطرية رعدية قوية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    الدورة السابعة عشرة من فعاليات المهرجان الدولي للشعر والزجل بالدار البيضاء    البرلمان المغربي بمجلسيه يشارك في المعرض الدولي للنشر والكتاب    الدراج المغربي عياد المفتحي يصل إلى القاهرة المحطة السادسة عشر من رحلة عبر ثلاث قارات    الاتحاد المغربي للشغل يعلن فشل الحوار الاجتماعي ويحمل المسؤولية للحكومة    بطاريات السيارات الكهربائية.. مجموعة صينية أوروبية تستعد لبناء أول مصنع ضخم في إفريقيا بالمغرب    مجلس النواب الأرجنتيني يحتفي بمدينة شفشاون من خلال معرض للصور الفوتوغرافية    المخرج حميد زيان فخور بتتويج "الصفقة" في مهرجان مكناس للدراما    اليماني: إفراج الحكومة على مراسيم مجلس المنافسة.. يضعنا أمام تمرين كبير لقياس مصداقية هذه المؤسسة الدستورية    أفلام وحكام مسابقة الدورة 14 للفيدادوك    الصين تريد تعزيز تنظيم قطاع الذكاء الاصطناعي    د.محمد صديق: مجرد بوح    غاينافس ترامب.. مايك بنس بدا حملتو لانتخابات الرئاسة    بونو حيح فالفينال بين إشبيلة وروما وربح الفريق الإسباني لقب جديد فاليوروبا ليك    6 أسباب تدفعك لتناول عصير الكمثرى    سيدة من جنسية فرنسية تشهر إسلامهابمقر المجلس العلمي بالناظور.    طبيبة فرنسية تعلن اعتناقها للإسلام بشمال المغرب    أبرزها الشمر والزنجبيل.. 9 أطعمة تمنع الانتفاخ وتعزز صحة الجهاز الهضمي    لتحسين ظروف أداء فريضة الحج.. مطالب للتوفيق برفع عدد المؤطرين وأعضاء الهيئة الطبية    وزراة الصحة تدخل على خط انتشار فيروس "شلل الأطفال"    المغرب يتبنى استراتيجية شاملة للتخلص من مشكلة الكلاب الضالة والحد من قت لها    عالم صيني: لا يجب استبعاد تسرب فيروس كورونا من معمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نستنكر قيمَهم، حسنٌ، فما هي قِيمُنا؛ من نحن؟

في مسرحية» أوديب ملكا» لسوفوكليس(495 406 ق م) يتوجه أوديب إلى الحكيم الضرير تيرسياس ليساعده على استبصار السبب من وراء الآفة التي تضرب طيبة، يناشده :» إن حياتنا بين يديك. وليس أنبل من مهمة لرجل مثل أن يساعد الآخرين في حدود قوته وإمكاناته». مناشدةٌ ستذهب سُدى، فتيرسياس ذو النظر الثاقب والحدوس كان على علم بالمصير المأساوي لسائله، واستنكف عن الجواب، بالأحرى آثر أن يأتي جوابُه بصيغة الحِكمة التي تليق به، قائلا: «واأسفاه! واأسفاه! كم هو مرعب أن تعرف، حين لا تصلح المعرفةُ في شيء لمن يملكها!». قرون بعد هذه العبارات الذهبية التي أردفها صاحبُها بأغنى منها حكمةً قائلا بأنه لم يكن يجهل هذا، ولكن نسيَه، ولولا ذلك لما حضر بين يدي أوديب الملك، كما طلب منه.
قرون طويلة مرت على الحكماء والفلاسفة كانوا فيها ينيرون السبيل ويعرفون الحقيقة ويجهرون بها ولقوا من زمانهم على يد الحكام وبطانتهم ومن الجهال والمتعصبين أشدَّ العنَت من قتل وحرق وتعذيب وتشريد ونفي، ما يخبرنا به التاريخ ولا يجفّ المداد لو أريد تسطيره، ولكنّ أسوأه نعتُ العامّة لهم بالحمقى، وهكذا أصبح الجهلُ والجهلةُ يتحكمون في معنى المعرفة ويقرّرون الحقيقة التي تحتاج إلى ألف عقل لتقال على ألف طريقة ومنوال، يصنعها العقل البشري على مِحك التفكير ومِراس الأيام وتبدّل الأزمنة والأحوال. ليكن معلوماً أننا لا نعني التغير الحتمي إذا طال أنماط الحياةَ والفكرَ ومشاعرَ ومطامحَ الإنسان لعيشٍ كريم بإرادته وسعيِه الدائم لاكتساب حقوقه المشروعة، فهذا معنى بدهيٌّ رغم أنه عند المستبدين وعتاة الفكر الرجعي مناقضٌ للطبيعة ومُنافٍ لعقلية الاستعباد والسُّخرة بدونها سيختل عندهم مفهوما الحكم والوجود، أي رؤيتهم للعالم لا يستطيعون القبول بأيّ مساس بها أو سينهار عالمهم!
التبدلُ الذي نعنيه يطوي معنى الأسوأ والأفدح عندما نتجاوز في الشعور بالعجز، مفكرين مستنيرين، وسياسيين مناضلين بالمعنى الفاعل المغيّر، وكلِّ ذي نفَس وطني وقومي أصيل، مرتبةَ الوعي بالهزيمة ومقدارَ الخسارة، تُمسي مُسَلَّمةً، ترانا نسقط في هاوية عميقة أن كل ما عشناه وحلمنا به مضى وفَنى بل لم يكن ذا قيمة، البتة، وقد تعرّضنا فيه للخديعة لأننا ببساطة كنا بُلهاء، كلّ من يؤمن بقضية أبله ومغفّل وراح ضحية الإيديولوجيا كأن الإيديولوجيا بشحنة النضال والتغيير بعبعٌ تحت الوسادة وغولٌ كامنٌ لأول من يُطِلّ من شرفة عقله ويخرج من شغاف وجدانه ليرى الحقيقة ويقبِس شعاعا من شمس الحرية وينفُضَ عنه غبار الهوان. أقول يتجاوز ما ذكرت جُرحا تعفَّنَ، إلى آخرَ أشدّ مضضا يبلغ فيه الاستبلاه مداه، ويصعد الكُذابُ على النفس إلى ذُراه،عندما يتم طرز أوهام التغيير والتجديد وتلك الكلمات الكبرى بصراحة بتُّ عاجزاً مطلقاً عن استعمالها في أي جملة أو سأصاب بدُوار وقرف فأخرج عن طور البشر العادي وأتحول إلى شخصية روائية جاهزة تالفة تحتاج إلى روائي ماهر كي يُدخلها في حبكة أذكى وأرفع من العقدة المغربية حيث يتوهم أبطالٌ خاسرون وجثثٌ في المزاد والعيّارون ومن ما زال بأيديهم دمٌ وفي خزائنهم أوراقُ خِسّةٍ وشهاداتٌ مزورة عن كذا وكيت، أنهم مصلحون وسيعيدون القطار إلى السكة القويم، بعد أن زاغ «زغنا» عنها في عهدنا القديم.
والآن، تعالوا إلى فورة الغضب اشتعلت عند كثير، منهم من كانوا في سبات طويل، ووجدوها فرصة لينقضّوا على عدو لهم لذود من عشرات السنين. الغرب «اللعين، الأسود، الحقود، العنصري، الاستعماري، الإمبريالي» وما إلى هذا من النعوت والشتائم. ما من شك أن هذه الجهة بعديد مكوناتها العرقية الجغرافية الثقافية الحضارية المدنياتية والاقتصادية والعسكرية المتفوقة أظهرت هذه الأيام صلفا واعتدادا كبيرين في حرب تتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية ضد روسيا عبر القارة العجوز ردّاً على الهجوم الروسي على أوكرانيا وباسمه. في غمرة ما لا نعلم إلى أن سيؤول الأمر، الكلمة المفتاح عند النخبة السياسية الحاكمة والفكرية وأصواتها الإعلامية هو الدفاع، هكذا يعبر بالحرف عن «قيمنا»(Nos valeurs). يقصد بها في هذا السياق تحديدا: الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان. وسواء اتفقنا أو اختلفنا حول كيفية اعتناق الغرب (الآخر) لها، الغرب الذي سيظل يعيش في منطقة ضبابية في أذهاننا ومِلحا ملتصقاً ببشراتنا وحلما وكابوسا في المنام؛ فإن هذه القيم موجودةٌ ومهاجمته لأنه في موقف واحد ممن يعتبره عدوا مشتركا، ولأنه لا يطبق هذا المبادئ نفسها تجاه إسرائيل الغاصبة للحق الفلسطيني والتي قتل جنودُها بدم فائر سيدة فلسطينية عزلاء فارتقت شهيدة إلى السماء وبالمناسبة فشيرين أبو عاقلة شهيدة هذا الحق وليس قناة الجزيرة كما يروّج إعلام مشبوه أقول لا يكفي هذا سندا للغضب والهجوم على ما عزّ علينا امتلاكه ولن..
ماذا لو سألنا أنفسنا، غاضبين ومهزومين ومجروحين ومُهانين في كرامة قومية نستعيدها بين الحين والحين، ما هي قيمُنا؟ في حصاد أجوبة قد تَحتشِد، منها مليشيات داعش، والجنود المجندون للفصل بين الحلال والحرام، المؤهلون وحدهم لفهم وتأويل الدين الحنيف ومن ينبغي أن نترحم عليه ونرسله إلى عذاب السعير؛ ومنهم خياطو أزياء الأصالة، والمرتدون بقياس لهندام متكيف مع الوقت هذا يجوز لا يجوز وسلاحهم ترسانة قوانين أو قيدُ معصم. الأجوبة الكبرى، العظمى، المصيرية التي نبتت في الشوك والدم وخلف القضبان، واستنفدت أعمارا وأجيالا وُئدت، وما أفلت منها، مبنى ومعنى، ابتُذلت وسُفِّهت واستُرخصت، وقيل القاموس القديم مات، اللغة العربية لا تصلح لهذا العصر، القصد أبناؤها المؤمنون بأمتها، وقيل لِمَ يصلح النضال وقد تكسّرت النصال على النصال، وقيل بعد المغادرة الطوعية من لم يطِع اضغط على (jukebox) ففيه أكثر من أغنية تُلهي وترقص من الصباح إلى العشية، وزِه وزِه إلى آخر رحيل القافلة وسكون القافية. أكاد أقول إنهما سكنا معاً وإلا لننتظر المعجزة!
ما هي قيمُنا إذن لننعى قيم الآخرين؟ كنت وأبقى دائما ضد التعميم، ولا يحسبنّ أحد أن في استعمال ضمير الجمع تجنِّيّاً فإني واع سلفا بالفصل بين من يجلس في صف التقدم والأنوار والقابعين في الظلام وطمأنينة الجمود. لكني لست في موقع وتأهيل من يقدم جوابا على سؤال (من نحن) التاريخي الإشكالي يتعثر فيه العرب منذ نهاية القرن التاسع عشر وما يزالون. لعلنا نحتاج إلى هزائمَ أفجع وصدماتٍ أوجع وهوانٍ أشنع وإلى صولات كي نستحق بعض قيم الغرب. تأخرنا عمدا عن تعريف القيم، نورده على لسان فيلسوف الغيرية الفرنسي فرنسوا جوليان، بأنها «حوامل إعلان الذات وتندرج في ميزان قوى، وهي قطعية»؛ لنطرح أسئلتنا ونتأمل أنفسنا من جديد في ضوء هذا التعريف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.