ابن الحسيمة نوفل أحيدار يناقش أطروحته حول تثمين النباتات العطرية والطبية بالريف    الناظور .. افتتاح فعاليات الدورة 14 للمهرجان الدولي لسنيما الذاكرة    أمين نقطى: زيارة أخنوش لمديونة سنة 2021 آتت أكلها بتنفيذ عدة مشاريع لفائدة الساكنة    كوب 30: تسليط الضوء على جهود المغرب في تعزيز السياحة المسؤولة والمستدامة    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025): البطلة المغربية أمينة الدحاوي تتوج بذهبية التايكواندو لفئة أقل من 57 كلغ    المنتخب المغربي الرديف يتفوق وديا على منتخب جيبوتي ب( 6-0)    حجز كميات قياسية من الكوكايين والشيرا بوجدة وتوقيف أربعة متورطين    أحكام ثقيلة في الحسيمة ضد متهمين بالاتجار في المخدرات القوية والاعتداء على موظفين عموميين    الرميلي: الدولة الاجتماعية تتحقق على الأرض ونجاحات الجماعات الترابية بالبيضاء دليل على أن التنمية المجالية ممكنة    العلمي يهاجم "العقول المتحجرة" .. ويرفض توزيع صكوك الغفران السياسية    سيدات الجيش في نصف نهائي الأبطال    عمر هلال: الدبلوماسية المغربية تقوم على الفعل الملموس بقيادة جلالة الملك    البرازيل تزيد تصدير اللحوم للمغرب    المحروقات للربع الثاني من 2025 .. الأسعار تتقلب وهوامش الربح تستقر    تطبيقا للقرار 2797.. واشنطن تدفع البوليساريو نحو مفاوضات على أساس الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية    منعطف جديد في ملف أدم بنشقرون.. متابعة الأم بجنايات ثقيلة وإحالة الابن على المحكمة الابتدائية    المعتقل نبيل أحمجيق «بلبل حراك الريف» ينجح في مباراة ولوج سلك الدكتوراه    فيروس "ماربورغ" يقتل في إثيوبيا    في ظرف ثلاثة أشهر .. أنترنت الجيل الخامس (5G) يغطي 60 مدينة بالمغرب    نشرة إنذارية.. زخات مطرية محليا قوية مرتقبة اليوم السبت وغدا الأحد بعدد من مناطق المملكة    بعد افتتاحه.. صحيفة AS الإسبانية تشيد بملعب طنجة وتبرز أبرز ميزاته    "كاف" تثمن افتتاح ملعب طنجة الكبير    هجوم إلكتروني بالصومال.. بيانات آلاف الأمريكيين بقبضة مجهولة    المغرب... دولة الفعل لا الخطاب    رياض السلطان يقدم مسرحية الهامش وموسيقى لؤلؤة البحيرات العاجية ولقاء فكري حول ذاكرة المثقف    غزة: عشرات الخيام تغرق في مواصي خان يونس جراء الأمطار الغزيرة    نزاع حول أرض زراعية يخلف قتلى بالعراق    عامل العرائش و السلة الفارغة: كيف أنهى الأسطورة و تحققت نبوءة الانهيار!    وليد الركراكي: علينا المحافظة على الثقة في هذه المجموعة ونحن نعرف كيفية تحقيق الفوز    ليكيب: المغرب يحطم رقمه العالمي في عدد الانتصارات المتتالية بفوزه على الموزمبيق    ترامب: آمل بانضمام السعودية إلى "اتفاقات أبراهام" قريبا... وبن سلمان يزور واشنطن الأسبوع المقبل    ارتفاع سعر صرف الدرهم ب 0,2 في المائة مقابل الدولار الأمريكي ما بين 6 و12 نونبر 2025    استفادة الجيش الصيني من "علي بابا" تثير الجدل    الملك يجدد الدعم لحقوق الفلسطينيين    أمطار رعدية قوية... نشرة إنذارية تشمل طنجة وتطوان وعدة مناطق شمالية    لحمداني ينال "جائزة العويس الثقافية"    وزارة الثقافة تعلن الإطلاق الرسمي لمشروع تسجيل "فن زليج فاس وتطوان" على قائمة يونسكو للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية    تطور جديد في ملف "إنتي باغية واحد".. متابعة دي جي فان بتهمة تهديد سعد لمجرد    قمة متناقضة بين "الماط" المتصدر ورجاء بني ملال الأخير    نواب "العدالة والتنمية" يطالبون بلجنة تقصّي حقائق في صفقات الدواء وسط اتهامات بتضارب المصالح بين الوزراء    محام: المحجوزات تتراكم في المحاكم    ترامب يلمح لقرار بشأن فنزويلا والجيش الأمريكي يبدأ عملية ضد تجار المخدرات في أمريكا اللاتينية    إطلاق الموسم الفلاحي الجديد مع برنامج بقيمة 12.8 مليار درهم وتوزيع 1.5 مليون قنطار من البذور المختارة    "ترانسافيا" تطلق أربع رحلات أسبوعياً بين رين وبريست ومراكش على مدار السنة    طقس ممطر في توقعات اليوم السبت بالمغرب    الجديدة تحتضن المؤتمر العام الإقليمي للاتحاد العام للمقاولات والمهن بحضور شخصيات وازنة    هل تستطيع الجزائر تفكيك سردية العداء لبناء وطنها المُتخيَّل؟ .    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    أبوظبي.. ثلاثة أعمال أدبية مغربية ضمن القوائم القصيرة لجائزة "سرد الذهب 2025"    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للكشف والتحسيس بداء السكري    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    المسلم والإسلامي..    دراسة: لا صلة بين تناول الباراسيتامول خلال الحمل وإصابة الطفل بالتوحد    مرض السل تسبب بوفاة أزيد من مليون شخص العام الماضي وفقا لمنظمة الصحة العالمية    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فضيحة دقيق القصيبة الفاسد!

على عكس ما خص الإسلام به الإنسان من حقوق، وألزم الله سبحانه وتعالى البشرية جمعاء باحترامها وتقديرها، حيث يقول في سورة الإسراء (الآية 70): «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا». وقد تعددت هذه الحقوق وتنوعت لتميزه عن باقي الكائنات، ولعل أبرزها الحق في الحياة الذي يعد حقا مقدسا لا يجوز حرمان أحد منه أو انتهاكه، وحق الحرية في اختيار الدين وما شبه ذلك، حق المساواة مع الغير، حق العدالة، حق الكرامة الإنسانية، حق التعليم، حق الشغل وحق السكن الملائم وغيره…
وعلى خلاف ما جاء به أيضا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 دجنبر 1948 الذي يعتبر أساس القانون الدولي ومصدر إلهام لمجموعة من معاهدات حقوق الإنسان الدولية الملزمة قانونا في معالجة عديد القضايا وعلى رأسها الظلم في المجتمعات التي يعاني أفرادها من القمع والتهميش، وضمان الحق في التعليم والحق في العمل وفق ظروف عادلة ومرضية، الحق في الحماية الاجتماعية ومستوى العيش الكريم، وما إلى ذلك من حقوق مشروعة…
يأبى العديد من مدبري الشأن العام في البلدان النامية والمغرب من ضمنها إلا أن يستمروا في إقصاء بعض المناطق وحرمانها من ثمرات التنمية وهضم حقوق المواطنين، مما يفسر تواصل مسلسل القمع والاعتقالات والمحاكمات الصورية ضد أبناء الشعب الذين يطالبون بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. فمن الخزي والعار ونحن في القرن الواحد والعشرين وفي ظل الثورة التنموية التي يقودها بثبات الملك محمد السادس، أن يظل مصطلح «المغرب غير النافع» يلازم الكثير من المناطق، التي تعاني منذ سنوات طوال من الفقر والهشاشة والفوارق الاجتماعية والمجالية، ولا تستفيد من النمو الاجتماعي والاقتصادي…
وفي هذا الإطار تعد مدينة القصيبة بإقليم بني ملال واحدة من المناطق التي تعيش ساكنتها على إيقاع التهميش والظلم والفقر، كما تثبت ذلك «فضيحة الدقيق الفاسد» التي فجرتها إحدى السيدات عبر شريط فيديو، سارع بعض نشطاء الفضاء الأزرق إلى تناقله على نطاق واسع يوم الخميس 23 يونيو 2022بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي. وهو الشريط الذي اهتز له الرأي العام لما يتضمنه من صور مقززة للدقيق المدعم الذي يتم توزيعه على المواطنات والمواطنين، دون أدنى مراعاة لصحتهم وسلامتهم.
وجدير بالذكر أن توزيع الحصص الإجمالية للدقيق المدعم على المراكز المستفيدة في مختلف العمالات والأقاليم، يعهد إلى لجن خاصة تضم عدة وزارات، وأن المطاحن الممونة هي من تحرص على اختيار التجار لتسويق تلك الحصص. والأهم من ذلك، أن الدولة تتكفل بأداء الفرق ما بين سعر بيع الكيس الواحد وسعر السوق، مع الأخذ بعين الاعتبار عدة معطيات أهمها القدرة الشرائية للمستهلكين وحالة التموين والخصوصيات الجهوية، كنمط العيش والحاجيات المعبر عنها من طرف السلطات المحلية…
ثم إن «فضيحة القصيبة» التي أثارت استياء عميقا وغضبا شديا ليس فقط في أوساط السكان بمدينة القصيبة، بل في جميع مناطق المغرب بما فيها المحظوظة، ليست هي الأولى من نوعها فيما يرتبط بتوزيع دقيق فاسد، بل سبق أن تفجرت فضائح مماثلة بالعديد من المناطق في السنوات الماضية. مما أدى بمجلس النواب إلى تشكيل لجنة برلمانية استطلاعية مؤقتة سنة 2019 للنبش في مصير أزيد من 200 مليار سنتيم، تخصصها الحكومة لدقيق مدعم غالبا ما لا يصل إلى مستحقيه. والوقوف كذلك على عمليات تدبير وتوزيع الدقيق المدعم، وحول عملية تحويل القمح اللين المخصص له والاختلالات التي ترافق عملية التوزيع والمعايير المعتمدة في بلوغ هذه المادة للفئات المستهدفة، ومدى احترام المطاحن المخصصة لإنتاج هذا النوع من الدقيق لمعايير الجودة، وما إلى ذلك من تدابير وإجراءات في اتجاه كشف الفساد والتلاعبات التي تطال الدقيق المدعم…
فها هي الجمعية المغربية لحماية المال العام تعود اليوم من جديد وتدخل على خط هذه الفضيحة النكراء، التي أقدم عليها بعض منعدمي الضمير الذين لا يمكن لهم بأي حق الإفلات من العقاب، وتطالب بضرورة التعجيل بفتح تحقيق نزيه وشفاف في ملابساتها، للكشف عن جميع المتورطين فيها وتقديمهم للعدالة، متوعدة بمواصلة رصدها لمختلف التجاوزات وفضح المفسدين والمتسترين عليهم. حيث أن لجنة مكونة من أعضاء الفرع المحلي بالمدينة، قابلت «بطلة» الشريط التي أطلعتها على الدقيق «الملوث»، وثبت لديها بالملموس صحة أقوالها، لما تحتوي عليه أكياس عينة من مادة الدقيق من حشرات وديدان وأجسام غريبة تؤكد عدم صلاحيتها. مما جعلها تندد باستمرار هذا المسلسل الرهيب من ترويج المواد الغذائية الفاسدة من بيض ولحوم ودقيق، إذ لا يعقل أن يظل المواطن ضحية استشراء الفساد وغلاء الأسعار.
إننا إذ نحمل مسؤولية «فضيحة القصيبة»للجن حفظ الصحة والسلطات الوصية المنوط بها مهمة تحريك لجن المراقبة وتفعيل أدوارها في زجر المتورطين في الغش وعدم احترام معايير الجودة والسلامة الصحية، فإننا ندين بشدة تمادي «لوبيات الدقيق المدعم» في استغلال ضعف المواطنين غير القادرين على الاستغناء عنه، والاستمرار في التلاعب بجودة مختلف المواد الغذائية بحثا عن مزيد من الكسب السريع والاغتناء الفاحش على حساب صحة وكرامة تلك الفئات المستضعفة من الفقراء والمعوزين، مما لن يعمل سوى على تأجيج نيران الغضب وتغذية روح الانتقام، في الوقت الذي تعيش فيه بلادنا على صفيح ساخن من الاحتقان الاجتماعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.