المغرب وإسبانيا يُعززان تعاونهما القضائي عبر مذكرة تفاهم جديدة            2024 أكثر الأعوام حرارة في العالم العربي ومؤشرات الإنذار تتزايد        بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع        المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية يشيد بجهود لجنة القدس برئاسة الملك محمد السادس في دعم القضية الفلسطينية        المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج يجدد التأكيد على مغربية الصحراء ويرحب بقرار مجلس الأمن 2797    "بلاناس" يشيد بروابط الجوار مع المغرب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة        مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    تعزيز التعاون المائي محور مباحثات مغربية–صينية في المؤتمر العالمي التاسع عشر للمياه بمراكش    ‬ بميزانية ‬100 ‬مليون ‬درهم ‬قيوح ‬يطلق ‬برنامجاً ‬لوجستياً ‬واعداً..‬    كورتوا: محظوظ لأن مبابي يلعب معي وليس ضدي    "فيفا" يعلن عن منع الزمالك من التعاقدات لثلاث فترات    قرار قضائي يهزّ جامعة الكراطي... والصباري يعيد الاعتبار لجهات الجنوب    قضية بشرى كربوبي تتفجر.. الحكمة الدولية تقاضي مسؤولا بعصبة سوس ماسة بالتشهير    قافلة نحتافلوا كاملين تحط الرحال ببرشيد    ماكرون قلق بعد سجن صحافي بالجزائر    تقرير يكشف ضغط ترامب على نتنياهو بشأن غزة وسوريا    أستراليا تحظر المراهقين دون 16 سنة من استخدام شبكات التواصل الاجتماعي    البنك الإفريقي للتنمية يمنح ضمانة 450 مليون أورو لدعم "الاستثمار الأخضر" ل"أو سي بي"    "حبيبتي الدولة".. من تكون؟!: في زمن التشظي وغياب اليقين    "قمة دول الخليج" تشيد بجهود الملك    الشيخي القيادي ب"العدالة والتنمية" يوجّه رسالة شديدة اللهجة لوهبي ويتهمه ب"الإساءة للبرلمان وانحدار الخطاب السياسي"    مشاهير عالميون يطالبون إسرائيل بإطلاق سراح القيادي الفلسطيني البارز مروان البرغوثي    إصابتان في معسكر "المنتخب الوطني" بقطر..    وقفة احتجاجية في المحمدية للتنديد بانتهاك إسرائيل لاتفاق وقف النار بغزة    خط مباشر بين البيضاء ولوس أنجلوس    المديرية الإقليمية للعدل بالحسيمة تنظم حفلا لتوشيح موظفين بأوسمة ملكية شريفة    الجامعة الحرة للتعليم تطالب برادة بتسوية مستحقات مفتشي الشؤون المالية وتزويدهم بالحواسب المحمولة    رصاصة تحذيرية توقف أربعيني أحدث فوضى قرب مؤسسة تعليمية باليوسفية        التشريع على المقاس... حينما تتحول الأغلبية الحكومية إلى أداة طيعة في يد اللوبيات    الصين: مدينة ايوو تسجل رقما قياسيا في حجم التجارة يتجاوز 99 مليار دولار    من مدريد.. أخنوش يطرح رؤية طموحة للربط بين إفريقيا وأوروبا عبر بوابة المغرب وإسبانيا    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    من الكروج إلى داحا.. أربعة عمال تعاقبوا ومحطة الطرقية الجديدة ما تزال مغلقة    طنجة تكبر في الصور... وتتراجع في الواقع: عمدة يطارد الأضواء ومدينة تبحث عمّن يدبّرها    الشرفي يلقي خطاب عضوية "أكاديمية المملكة" ويرصد "غزو علمنة المجتمع"    المدينة الحمراء : من جامع الفنا إلى قصر المؤتمرات .. ألف عام من الفرجة!    شكري في ذكرىَ رحيله.. وعزلة بُول بَاولز في طنجة وآخرين    "تبّان كقناع".. ظهور غريب لعمر لطفي في مراكش يثير جدلا واسعا    التعب أثناء السياقة يضاهي تأثير تناول الكحول        يسرا : فخري الأكبر هو الرصيد الفني الذي ستتناقله الأجيال القادمة    مهرجان مراكش يكرم راوية ويمنحها "النجمة الذهبية" اعترافا بمسار حافل    نصائح صحية: هذه الأغذية تهددك ب"النقرس"!    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فضيحة دقيق القصيبة الفاسد!

على عكس ما خص الإسلام به الإنسان من حقوق، وألزم الله سبحانه وتعالى البشرية جمعاء باحترامها وتقديرها، حيث يقول في سورة الإسراء (الآية 70): «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا». وقد تعددت هذه الحقوق وتنوعت لتميزه عن باقي الكائنات، ولعل أبرزها الحق في الحياة الذي يعد حقا مقدسا لا يجوز حرمان أحد منه أو انتهاكه، وحق الحرية في اختيار الدين وما شبه ذلك، حق المساواة مع الغير، حق العدالة، حق الكرامة الإنسانية، حق التعليم، حق الشغل وحق السكن الملائم وغيره…
وعلى خلاف ما جاء به أيضا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 دجنبر 1948 الذي يعتبر أساس القانون الدولي ومصدر إلهام لمجموعة من معاهدات حقوق الإنسان الدولية الملزمة قانونا في معالجة عديد القضايا وعلى رأسها الظلم في المجتمعات التي يعاني أفرادها من القمع والتهميش، وضمان الحق في التعليم والحق في العمل وفق ظروف عادلة ومرضية، الحق في الحماية الاجتماعية ومستوى العيش الكريم، وما إلى ذلك من حقوق مشروعة…
يأبى العديد من مدبري الشأن العام في البلدان النامية والمغرب من ضمنها إلا أن يستمروا في إقصاء بعض المناطق وحرمانها من ثمرات التنمية وهضم حقوق المواطنين، مما يفسر تواصل مسلسل القمع والاعتقالات والمحاكمات الصورية ضد أبناء الشعب الذين يطالبون بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. فمن الخزي والعار ونحن في القرن الواحد والعشرين وفي ظل الثورة التنموية التي يقودها بثبات الملك محمد السادس، أن يظل مصطلح «المغرب غير النافع» يلازم الكثير من المناطق، التي تعاني منذ سنوات طوال من الفقر والهشاشة والفوارق الاجتماعية والمجالية، ولا تستفيد من النمو الاجتماعي والاقتصادي…
وفي هذا الإطار تعد مدينة القصيبة بإقليم بني ملال واحدة من المناطق التي تعيش ساكنتها على إيقاع التهميش والظلم والفقر، كما تثبت ذلك «فضيحة الدقيق الفاسد» التي فجرتها إحدى السيدات عبر شريط فيديو، سارع بعض نشطاء الفضاء الأزرق إلى تناقله على نطاق واسع يوم الخميس 23 يونيو 2022بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي. وهو الشريط الذي اهتز له الرأي العام لما يتضمنه من صور مقززة للدقيق المدعم الذي يتم توزيعه على المواطنات والمواطنين، دون أدنى مراعاة لصحتهم وسلامتهم.
وجدير بالذكر أن توزيع الحصص الإجمالية للدقيق المدعم على المراكز المستفيدة في مختلف العمالات والأقاليم، يعهد إلى لجن خاصة تضم عدة وزارات، وأن المطاحن الممونة هي من تحرص على اختيار التجار لتسويق تلك الحصص. والأهم من ذلك، أن الدولة تتكفل بأداء الفرق ما بين سعر بيع الكيس الواحد وسعر السوق، مع الأخذ بعين الاعتبار عدة معطيات أهمها القدرة الشرائية للمستهلكين وحالة التموين والخصوصيات الجهوية، كنمط العيش والحاجيات المعبر عنها من طرف السلطات المحلية…
ثم إن «فضيحة القصيبة» التي أثارت استياء عميقا وغضبا شديا ليس فقط في أوساط السكان بمدينة القصيبة، بل في جميع مناطق المغرب بما فيها المحظوظة، ليست هي الأولى من نوعها فيما يرتبط بتوزيع دقيق فاسد، بل سبق أن تفجرت فضائح مماثلة بالعديد من المناطق في السنوات الماضية. مما أدى بمجلس النواب إلى تشكيل لجنة برلمانية استطلاعية مؤقتة سنة 2019 للنبش في مصير أزيد من 200 مليار سنتيم، تخصصها الحكومة لدقيق مدعم غالبا ما لا يصل إلى مستحقيه. والوقوف كذلك على عمليات تدبير وتوزيع الدقيق المدعم، وحول عملية تحويل القمح اللين المخصص له والاختلالات التي ترافق عملية التوزيع والمعايير المعتمدة في بلوغ هذه المادة للفئات المستهدفة، ومدى احترام المطاحن المخصصة لإنتاج هذا النوع من الدقيق لمعايير الجودة، وما إلى ذلك من تدابير وإجراءات في اتجاه كشف الفساد والتلاعبات التي تطال الدقيق المدعم…
فها هي الجمعية المغربية لحماية المال العام تعود اليوم من جديد وتدخل على خط هذه الفضيحة النكراء، التي أقدم عليها بعض منعدمي الضمير الذين لا يمكن لهم بأي حق الإفلات من العقاب، وتطالب بضرورة التعجيل بفتح تحقيق نزيه وشفاف في ملابساتها، للكشف عن جميع المتورطين فيها وتقديمهم للعدالة، متوعدة بمواصلة رصدها لمختلف التجاوزات وفضح المفسدين والمتسترين عليهم. حيث أن لجنة مكونة من أعضاء الفرع المحلي بالمدينة، قابلت «بطلة» الشريط التي أطلعتها على الدقيق «الملوث»، وثبت لديها بالملموس صحة أقوالها، لما تحتوي عليه أكياس عينة من مادة الدقيق من حشرات وديدان وأجسام غريبة تؤكد عدم صلاحيتها. مما جعلها تندد باستمرار هذا المسلسل الرهيب من ترويج المواد الغذائية الفاسدة من بيض ولحوم ودقيق، إذ لا يعقل أن يظل المواطن ضحية استشراء الفساد وغلاء الأسعار.
إننا إذ نحمل مسؤولية «فضيحة القصيبة»للجن حفظ الصحة والسلطات الوصية المنوط بها مهمة تحريك لجن المراقبة وتفعيل أدوارها في زجر المتورطين في الغش وعدم احترام معايير الجودة والسلامة الصحية، فإننا ندين بشدة تمادي «لوبيات الدقيق المدعم» في استغلال ضعف المواطنين غير القادرين على الاستغناء عنه، والاستمرار في التلاعب بجودة مختلف المواد الغذائية بحثا عن مزيد من الكسب السريع والاغتناء الفاحش على حساب صحة وكرامة تلك الفئات المستضعفة من الفقراء والمعوزين، مما لن يعمل سوى على تأجيج نيران الغضب وتغذية روح الانتقام، في الوقت الذي تعيش فيه بلادنا على صفيح ساخن من الاحتقان الاجتماعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.