لمياء الزايدي .. الصوت الذي يأسر القلوب ويخطف الأنفاس    محاكمة إسكوبار الصحراء .. الدفاع يشكك في المحاضر و الشهادات    ‪المغرب وإسبانيا يعززان تعاون الصيد    كأس العرب لكرة القدم (قطر 2025).. المنتخب الفلسطيني يخلق المفاجأة ويتعادل مع نظيره التونسي (2-2)    اعتقال المعارض التونسي أحمد نجيب الشابي    أمن شفشاون يرفع درجة اليقظة مع اقتراب رأس السنة الجديدة ويشدد الخناق على مخالفي قانون السير    مقتل "أبو شباب" إثر "ضربات كليلة" في غزة بعد شجار داخلي مع مجموعته    كيروش: منتخب المغرب اختبار قوي    مدريد.. التعاون الثنائي محور سلسلة مباحثات مغربية-إسبانية على المستوى الوزاري    في إطار الدورة 13 للاجتماع رفيع المستوى المغرب – إسبانيا.. أخنوش يجري مباحثات مع بيدرو سانشيز    السلطات تُطلق حملة لإيواء الأشخاص بدون مأوى بجهة طنجة    أخنوش وسانشيز يرسمان ملامح مرحلة متقدمة بين المغرب وإسبانيا    تاريخ تسريح اللاعبين ل "كان 2025" يتغير.. فيفا يصدر قرارا جديدا يخدم الأندية    أشادت إسبانيا بالإصلاحات التي قام بها المغرب بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وكذا بالمبادرات الملكية من أجل إفريقيا    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    إيطاليا ماريتيما تطلق خطا بحريا مباشرا بين المغرب وإسبانيا    عام 2024 هو الأشد حرارة على الإطلاق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    مجلس المستشارين يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2026    التامني: غلاء أسعار السكن و"النوار" يفرغان الدعم المباشر من أهدافه وعلى الوزارة التدخل    "المستشارين" يقر مشروع قانون المالية    العنف النفسي يتصدر حالات العنف المسجلة ضد النساء    المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج يجدد التأكيد على مغربية الصحراء ويرحب بقرار مجلس الأمن 2797    شهادة في حق الفنانة خلود البطيوي بمناسبة تكريمها في الدورة 14 للجامعة السينمائية بمكناس    شهادة في حق الأستاذ حفيظ العيساوي الرئيس الأسبق للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب    حميد بناني: شاعر الصورة وفيلسوف الوجود    سانشيز يشيد بالروابط القوية مع المغرب    مبادرة "Be Proactive" تعزّز الوقاية من حساسية الأسنان في عيادات المغرب        هولندا.. ثلاثة قتلى في حادث مروع خلال مطاردة للشرطة    مونديال 2026 .. أنظار العالم تتجه صوب واشنطن لمتابعة سحب قرعة مرتقب بشدة    وزير الخارجية الإسباني يستقبل بوريطة ويؤكد: العلاقات مع المغرب تعيش لحظة تاريخية    بين الراي والراب الميلودي... Wrapped 2025 يرصد التحولات الموسيقية بالمغرب    المغرب وإسبانيا يُعززان تعاونهما القضائي عبر مذكرة تفاهم جديدة    تعزيز التعاون المائي محور مباحثات مغربية–صينية في المؤتمر العالمي التاسع عشر للمياه بمراكش        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    كورتوا: محظوظ لأن مبابي يلعب معي وليس ضدي    "فيفا" يعلن عن منع الزمالك من التعاقدات لثلاث فترات    قرار قضائي يهزّ جامعة الكراطي... والصباري يعيد الاعتبار لجهات الجنوب    ماكرون قلق بعد سجن صحافي بالجزائر    تقرير يكشف ضغط ترامب على نتنياهو بشأن غزة وسوريا    "حبيبتي الدولة".. من تكون؟!: في زمن التشظي وغياب اليقين    البنك الإفريقي للتنمية يمنح ضمانة 450 مليون أورو لدعم "الاستثمار الأخضر" ل"أو سي بي"    "قمة دول الخليج" تشيد بجهود الملك    إصابتان في معسكر "المنتخب الوطني" بقطر..    مشاهير عالميون يطالبون إسرائيل بإطلاق سراح القيادي الفلسطيني البارز مروان البرغوثي    الصين: مدينة ايوو تسجل رقما قياسيا في حجم التجارة يتجاوز 99 مليار دولار    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    الشرفي يلقي خطاب عضوية "أكاديمية المملكة" ويرصد "غزو علمنة المجتمع"    نصائح صحية: هذه الأغذية تهددك ب"النقرس"!    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استمراء العيش في الأوهام
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 09 - 10 - 2024

*العيش في الأوهام أو في أحلام اليقظة، هو كذب على النفس وذلك بإشباع رغباتها عن طريق التخيل والأحلام. ويتم اللجوء إلى هذه الوسيلة حين يفشل المرء في إشباع هذه الرغبات في الواقع بدل الخبال. وبمعنى آخر، فالفاشل يمني النفس إما بأشياء غير قابلة للتحقق وإما بأشياء ليست مستحيلة التحقق، لكنه لا يتخذ الأسباب المناسبة لتحقيقها ولا يقوم بأي مجهود فكري أو عملي يوصله إلى المبتغى، فيظل حيث هو فكريا، نفسيا واجتماعيا؛ ذلك أن المستمرئ للعيش في الأوهام، هو إنسان غير سوي نفسا وعقليا.
والأوهام (جمع وهم) تعني، في علم النفس (عذرا على هذا التطفل على مجال المتخصصين)، الاضطراب؛ وهذا الاضطراب قد يكون نفسيا وقد يكون عقليا؛ وهو يصيب الفرد كما قد يصيب الجماعة. ومن بين أعراضه الشعور بالعظمة (جنون أو أوهام العظمة) أو الإحساس بالقوة (وهْم إدراك الذات على أنها قوية بشكل غير عادي) أو، بالعكس، الإحساس بالاضطهاد كأن يعتقد المرء بأنه ضحية سوء معاملة أو يتم التجسس عليه، أو يُتآمر عليه أو تُضمر مشاعر سلبية تجاهه أو غير ذلك.
والمصاب بهذا الاضطراب أو الاختلال لا يدرك بأنه يعيش في الأوهام وبأن أفكاره وتصوراته تتناقض مع الواقع. فهو لا يستطيع أن يميز بين الحقيقة والوهم؛ وبقاء الوهم واستمراره يعتمد على الخلط بينه وبين الواقع. ويقول الدكتور عمر بنعياش،في تدوينة فيسبوكية: "…إذا تمكنت من إدراك الوهم بوصفه وهما، فإنه يتلاشى؛ ذلك أن إدراك الوهم هو نهايته أيضا". لكن، هل من السهل أن يدرك المدمن على الوهم بأنه واهم؟
لقد أُطلق على هذا الاضطراب اسم "الوُهام"؛ وهو مصطلح علمي يحيل على اضطراب عام في التفكير الذي يتسم باعتقاد خاطئ لكنه ثابت لا يتزعزع حتى لو اعتقد الكل خلاف ذلك أو برزت أدلة دامغة تنفي ذلك الاعتقاد. فالمصاب ب"الوُهام" يؤمن إيماناً راسخاً بأوهامه ومعتقداته غير العقلانية.
وإذا أردنا أن نأخذ أمثلة تطبيقية على هذا النوع من الاضطراب (أو الاضطرابات)، فلن نجد أفضل من الجزائر الغارقة في الوهم من رأسها إلى أخمص قدميها سواء على المستوى الفردي (الأشخاص) أو على المستوى الجماعي (النظام بكل مكوناته وأبواقه والمُبرْدعين من الشعب المغيب).
هناك ظاهرة فريدة في الجزائر تجمع بين الأفراد (محلل سياسي أو اقتصادي أو رياضي أو إعلامي أو ناشط في وسائل التواصل الاجتماعي أو من الذباب الإليكترونيأو مجرد مُبرْدَع) والجماعات (أحزاب سياسية، منظمات اجتماعية، النظام بكل مكوناته ونخبه)، تتمثل في إطلاق أكاذيب ثم يصدقونها؛ والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى.وهذا دليل على أن مَلَكة التمييز تكاد تكون منعدمة في هذه البلاد. وقد نفسر ذلك بالغباء والعبط الذي تناولناه في مقالات سابقة.
لنأخذ بعض الأمثلة ولنبدأ برأس الهرم. كل ما قلناه في الفقرة الثانية من هذا المقال عن أعراض "الوُهام"، نجده في كلام رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون. فتارة يقدم لنا الجزائر على أنها قوة ضاربة، قوة قاهرة، قوة إقليمية، لها أحسن منظومة صحية في إفريقيا وتتربع، اقتصاديا، على الرتبة الثالثة عالميا، مضيفا أن الدول الكبرى تستشير معها في كل شيء (أوهام العظمة والقوة)، وتارة يبكي علينا بسبب ما تتعرض له بلاده من مؤامرات (الجزائر مستهدفة، يقول تبون) ويقر بأنها مخترقة ويتم التجسس عليها؛ مما يقوي لديه الإحساس بالاضطهاد والشعور بالخوف والضعف، وهو يتحدث عن الأعداء؛ وبالأخص العدو الكلاسيكي؛ أي المغرب.
وما قاله تبون، يمكن أن نسمعه من جزائريين بُسطاء، نجح النظام العسكري في تدجينهم وملء عقولهم بالعداء للمغرب؛ كما يمكن أن نسمعه من محللين سياسيين واقتصاديين وإعلاميين ورياضيين وعيرهم ممن يحسبون على النخبة. إنهم يدورون كلهم في فلك الخرافات والأوهام ويرفضون الاعتراف بالواقع. فإذا حدثت هذا الصنف من الجزائريين عن واقع بلادهم المأساوي، فلن تسلم من السب والشتم وكل أنواع الألفاظ البذيئة ويمطرونك بألفاظ وشعارات جوفاء لا علاقة لها بالواقع مثل نحن أحرار، الجزائر كبيرة عليك، نحن أصحاب النيف، نحن "شواكر" إفريقيا، نحن بلاد الشهداء (البد الوحيد في العالم الذي يتاجر بالشهداء وينفخ في أعدادهم بشكل خرافي)، نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة (لكن الجزائري ممنوع من الخروج إلى الشارع تضامنا مع الشعب الفلسطيني، وبلاده لم تتحرج من إمداد إسرائيل بالغاز في عز أزمة غزة أو عقد اتفاقيات بملايين الدولارات بهدف تلميع صورة الجزائر التي أصبحت في الحضيض مع شركات تمول إسرائيل في حربها على الفلسطينيين…).
ونذكر أن الرئيس عبد المجيد تبون سَرَحَ الجزائريين لشهور عديدة بمسألة الدخول إلى مجموعة "البريكس". وقد سافر إلى روسيا والصين لاستجداء موطئ قدم في هذا التكتل. ونتذكر كيف تذلل لبوتين جاعلا منه حامي استقلال الجزائر وواصفا إياه بصديق العالم (نتذكر ابتسامة بوتين الساخرة من كلام تبون وعبطه وهبله).
خسر تبون كل رهاناته وتبخرحلم "البريكس" لكون الجزائر ليس لها لا وزن ولا هيبة ولا مواقف دولية مشرفة، كما شرح ذلك "لبروف"، وزير خارجية روسيا، في الندوة الصحفية التي أعقبت اجتماع المجموعة المذكورة. وللتخفيف من آثار الصدمة، خرجت أصوات رسمية وغير رسمية تقلل من قيمة ذاك التكتل ومعتبرة أن هذا الأخير هو الخاسر، وليس العكس(أنظر مقالنا الساخر بعنوان "مجموعة "بريكس" أهدرت فرصة تاريخية قد تندم عليها"، نشر بموقع "كوالس اليوم"، بتاريخ 27 غشت 2023).
ومنذ ذلك الحين وأبواق النظام والمبردعون من النخب الإعلامية والسياسية والثقافية يهذون ويغرقون في أوهامهم وتهيؤاتهم وهلوساتهم؛ مما يدل على أنهم مصابون بشتى أنواع الاضطراب النفسي والعقلي، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي. وقد سبق لي أن وجهت رسالة إلى منظمة الصحة العالمية مطالبا إياها بإنقاذ الجزائر من الحمق الجماعي (أنظر "رسالة مستعجلة موجهة إلى منظمة الصحة العالمية: أنقذواالجزائر من الحمق الجماعي"، "فاس نيوز"، 9 ماي 2024).
خلاصة القول، يبدو أن لا أمل في أن تدرك الجزائر واقعها بسبب الإدمان على الأوهام. فأن تظل البلاد متمسكة بوهم عمره قرابة نصف قرن دون أن تستفيق من أحلامها وتراجع أوراقها بمنطق الربح والخسارة، لهو منتهى العبط والسفه.ويكفي الاستماع إلى كلمة أحمد عطاف، وزير الخارجية الجزائري، في الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة لإدراك مدى إفلاس الديبلوماسية الجزائرية ومدى حقارتها ونذالتها.
لكن السيد عمر هلال، سفير المملكة المغربية بالأمم المتحدة، دائما موجود لتجفيف الأرض بهذه الديبلوماسية المتخلفة، الفاشلة، البئيسة التي تعكس المستوى الحقيقي للنظام الجزائري المفلس على كل المستويات، وأبسطها العجز عن توفير أبسط المواد الغذائية الأساسية للمواطنين وتوفير قنينات الغاز في بلاد البترول والغاز. فالجزائريون طبعوا مع الطوابير بسبب الخصاص في كل شيء. ومع ذلك، الزلط والتفرعين…!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.