الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    بين الهزيمة الثقيلة والفوز التاريخي .. باها يبعث رسالة أمل للجمهور المغربي    مجلس الشيوخ الفرنسي يحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    الوداد يعود بانتصار ثمين من آسفي    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    أولمبيك الدشيرة يقسو على حسنية أكادير في ديربي سوس    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    بنكيران: النظام الملكي في المغرب هو الأفضل في العالم العربي    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كريستوف كولمبوس ويومياته

تطورت المعرفة الجغرافية خلال القرن الخامس عشر الميلادي بأوربا بالعودة لقراءة التراث الجغرافي الإغريقي والعربي الإسلامي. و ساعد هذا التحول في تغيير نظرة نخبة من الأوربيين إلى العالم و إلى علاقات ربوع الأرض ببعضها. و تمت قراءة و تعميم أفكار أرسطوAristote وسينيك Sénèque و بلينPline. وبموازاة هذا التطور في المعرفة بالعالم حدثت ثورة في تقنيات الملاحة باستعمال البوصلة التي عرفتها فئة الملاحين الأوربيين عبر وساطة العرب، ابتداء من القرن الرابع عشر الميلادي، و الأسطرلاب الذي يمكن من الملاحة في أعالي البحار بالاستدلال على الكواكب.
ولعبت الطباعة وانتشار الكتاب دورا في تطور الخرائطية، و تعميم مجموعة من المعطيات على شريحة أو سع من الملاحين تفيد في فتح آفاق جديدة للاستكشاف.
وتطورت صناعة السفن بالعمل على بناء الكرافيلا المنحدرة هندستها من هندسة السفن الشراعية.
أدت هذه التحولات في المعرفة الجغرافية و في مهنة الملاحة و الإبحار و في صناعة السفن إلى تغير النظرة إلى العالم في أوساط فئة من الطبقات الحاكمة و من التجار والملاحين في شبه الجزيرة الايبرية والدويلات الإيطالية, و تولدت الإرادة في اقتحام مجالات جغرافية جديدة, فازدهرت الملاحة وتم فتح آفاق جديدة أمام أوربا، فوصل الملاحون البرتغاليون إلى نقط بعيدة في قلب المحيط الأطلنتيكي، و دخل الأسبان المنافسة فاكتشفوا قارة جديدة.
وقد كان للملاحين الإيطاليين و على رأسهم كريستوف كولمبوسِChristophe Colomb وأمريكو فيسبوتشي Amérigo Vespucci دور في نجاح هذا المسلسل. و في هذا الإطار خلف المستكشفون، و ضمنهم كريستوف كولمبوس شهادات عن رحلاتهم إلى العالم الجديد.
وسيكون موضوعنا هو كريستوف كولمبوس "اكتشاف أمريكا"المنشور مترجما في طبعته الفرنسية1. وسنتوقف مع سياق الكتاب، وهو الاكتشافات الجغرافية الكبرى، و مؤلف الكتاب باعتباره إفرازا لهذا السياق، ثم الكتاب.
1- الاكتشافات الجغرافية الكبرى:
شهدت أوربا خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر أساسا أحداثا في الميدان العسكري، ممثلة في استمرار الحروب بين الملكيات، أو بينها وبين المسيدات. و قد كان لهذه الوقائع تأثير في تحويل الطرق التجارية الكبرى، بالاستغناء جزئيا عن المعابر البرية بين « فلاندرة و ايطاليا» 2 خصوصا والتركيز على الممرات البحرية « بين جنوة والبندقية و امسترادام» 3 ويلاحظ مارك فيرو في كتابه حول تاريخ الاستعمار بأن « سبتة أصبحت في هذا التاريخ نقطة استراتيجية...وبفضل هذا التحويل اغتنمت الموانئ الاطلنتيكية كثيرا، ولشبونة بشكل خاص» 4، وبلشبونة كان يستقر التجار الإيطاليون، ولا سيما الجنويون التواقون إلى الإبحار نحو الشرق من اجل التجارة.
وبالرغم من الحروب استمرت الطرق التجارية بين شبه الجزيرة الايبرية والعالم الإسلامي و« كانت الملاحة حتى جنوب المغرب آمنة » 5.
كانت أوروبا تحتاج إلى المعادن النفيسة من ذهب وفضة لصك النقود في عصر توثقت فيه العلاقات التجارية وازدادت المنافسة في هذا المجال بين البلدان المسيحية، والى السلع الشرقية وعلى رأسها التوابل، التي استفاد من تجارتها الجنويون و البنادقة و راكموا أرباحا من جراء وساطتهم مع التجار العرب واحتكارهم للسوق الأوروبية.
وزاوج الايبريون بين الأهداف التجارية المحضة والحملات الصليبية على شمال افريقيا المسلم برغبتهم في الملاحة حول إفريقيا إلى غاية بلوغ " الهند الأمامية" أو " الحبشة" التي يحكمها، حسب المسيحيين الايبريين، الراهب يوحنا، وبلوغ هذه الإمبراطورية والتحالف معها يسهل من إحكام الطوق على شمال افريقيا 6
كانت البرتغال بموقعها الجغرافي، وبوجود ميناء لشبونة الكبير، ملتقى الملاحين من مختلف البلدان الأوروبية، وابتداء من سنة 1416، أقام هنري الملاح ( 1394- 1460) ابن الملك يوحنا الأول البرتغالي بقصر ساغر قرب راس سان فانسان على الساحل البرتغالي مركزا للدراسة والبحث في الجغرافيا والخرائطية.
وظهرت نتائج هذا المجهود في الحملات الاستكشافية التي بلغت جزيرة ماديرة سنة 1412، وجزر الاصور في 1431. وفي سنة 1434 تجاوز الملاح جيل يانيس وفريقه رأس بوجدور الذي كان يعتبر أقصى نقطة في الجنوب وصلها الملاحون. وساعد تطور تقنيات بناء السفن الذي جبل من البرتغال " مركزا لبناء السفن بأوروبا"7 والتقدم في استعمال الشراع لمواجهة المصاعب الجوية وخاصة الرياح، على نمو الملاحة البرتغالية لمواصلة حركة الاستكشافات فوصلت إلى جزر الرأس الأخضر في 1444 وخليج غينيا ثم سيراليون في سنة 1460،و في 1471 تم اكتشاف جزر برانسيب و ساو تومي بخليج غينيا، وتجاوز المستكشفون خط الاستواء خلال هذه السنة وفي 1487-1488 تجاوز بارطلمي دياز راس العواصف الذي تم تلقيبه براس الرجاء الصالح.
ويربط مارك فيرو استمرار هذه الحركة لدى البرتغال بوجود أسس اجتماعية. فعلى الرغم من دور الإيطاليين في الابتكارات في مجال البحرية، فإن جنوة والبندقية لم يكن لهما الفائض في البشري والمجال الاجتماعي ولا الشريحة الممكن توطينها في الأراضي المفتوحة " عن ما يضمن الامتياز للشبونة، هو أنه إلى جانب بورجوازية حديثة العهد بالتطور، ثمة نبلاء يمتلكون الأرض مستعدون بتقديم أشخاص مؤهلين لقيادة القلاع أو استطلاع الأراضي التي تم اكتشافها فيما وراء البحار» 8 .
وأدت هذه الإنجازات إلى فتح باب المنافسة بين اسبانيا والبرتغال، خاصة وأن هذه الأخيرة ظلت متفوقة في الميدان البحري، وكرست احتكارها للمجالات التي تم اكتشافها بموجب معاهدة الكاسوفاس الموقعة سنة 1479 لتسوية مسألة الخلافة في قشتالة وتحديد مجالات النفوذ جنوب شبه الجزيرة الايبرية9.
2-كريسطوف كولومبس:
ليس هناك اتفاق على تاريخ ميلاد كريستوف كولومبس يكتب الكاتب الفرنسي الشهير جول فيرن، في كتاب خصصه له: « ..كان هذا الرجل هو كريستوف كولومبس المولود على وجه الاحتمال قرب جنوة حوالي 1436. نقول على وجه الاحتمال لان قريتي كوغوريو ونيرفي يدعيان مع ساقون وجنوة شرف ولادته فيهما، وفيما يخص السنة الحقيقية لميلاد هذا الملاح العظيم تختلف حسب الباحثين بين 1430 و 1445، غير أن سنة 1436 تبدو متطابقة بدقة مع الوثائق الأقل ارتيابا » 10 .
ويرى دنيس كروزي في نشر كتاب جول فيرن المذكور أن كولمبوس ولد في سنة 1451، لكنه يقر بأن ولادته كانت بين 25 غشت و 31 أكتوبر11، مرجحا أن تكون جنوة هي مسقط رأسه. ويذهب مشيل لوكين في تقديمه ليوميات اكتشاف أمريكا إلى أن "كولومبس ولد بجنوة، وهذا ما لا يمكن التشكيك فيه، وكثير من الوثائق الجنوية تعيد بناء تأكيدات الكتاب الأوائل سيرة كولومبس"12.
درس كريستوف كولمبوس الجغرافيا والفلك واللاتينية، و اقتحم مجال الملاحة في فترة مبكرة من حياته، و أبحر على سفن للقراصنة الكاطالانيين بالبحر الأبيض المتوسط. و حصل أن قام أحيانا بعمليات ضد السفن الإيطالية. ففي سنة 1476 و هو في خدمة القرصان الكاطالاني كازنوف كولون لحساب لويس الحادي عشر ملك فرنسا، شارك في مواجهة ضد بعض السفن الجنوية براس سان فانسان و احترقت السفينة التي كان على متنها فقطع سابحا إلى البرتغال و هناك ابتدا حياة جديدة.
تزوج في البرتغال من فليبا مونيز بيريستريلو بنت الحاكم الوريث لجزيرة بورتوسانتو) الباب المقدس(، و هي أعمق نقطة في المحيط غربا وصلها الملاحون. و في سنة 1477 شارك في حملة استكشافية نحو ايسلاندا و كروينلاند بدعم من الملكين ، كريستيان الاول ملك الدنمارك، و الفونس الخامس ملك البرتغال. و قد كتب بهذا الخصوص قي احدى رسائله:" ابحرت سنة 1477ن في شهر فبراير، مائة فرسخ خلف جزيرة تيلي )ايسلاندا(...انها ليست في الداخل كما قال بطليموس، و لكن بعيدة نحو الغرب. الى هذه الجزيرة التي هي كبيرة كانجلترا يذهب الانجليز و هصوصا اهل البريسطول.و في الوقت الذي كنت فيه مبحرا لم يكن البحر هائجا، لكن كانت هناك أمواج كثيرة... الحقيقة ان جزيرة تيلي الي عناها بطليموس توجد حيث هي والتي يسميها المحدثون فريسلاند ) جزر الفروي (13.
ويرى ميشيل لوكين بان كريستوف كولمبوس ذهب في رحلة اخرى وصل فيها الى غينيا واستوعب كل الوثائف التي تتعلق بما يحيط بالمحيط الاطلنتيكي من أخبار و حقائق و اساطير، و قرأ اعمال ماركو بولو، و التاريخ الطبيعي لبين، و أعمال ماران دي تير و هو جغرافي من القرن الاول الميلادي تحدث عن امكانية قطع المحيط. و يحصل الاعتقاد بان كولمبوس حصل على نسخة من الخريطة الافتراضية التي رسمها الفلكي الفلورنسي توسكانيلي و الموجودة في زمنه ضمن الوثائف الخاصة بالتج البرتغالي. و الحاصل ان كولمبوس كان واثقا من نجاح البحار غربا داخل المحيط.يقول برطليمي دي لاس كازاس كاتب سيرته و محرر يومياته :« كان واثقا من اكتشاف هذه الاراضي ن كما لو كان مفتاحها في جيبه» 14 .
وفي يناير 1486 سيقدم كولمبس مشروعه بالبحار غربا داخل المحيط إلى مستشارية الملك ايزابيلا، وقد رفض في سنة 1490 من طرف اللجنة الملكية، وفي شهر شتنبر 1491 سيتم فحص المشروع في محاولة ثانية، وبعد انتصار الاسبان في الحرب على غرناطة وإخضاعهم لها، قام كولومبس بأول رحلة له في إطار الكشوف الجغرافية تحت الراية الاسبانية.
انطلقت أول رحلة في 3 غشت 1492، وفي 12 أكتوبر 1492 وصلت الرحلة إلى جزيرة سان سلفادور، ثم الباهماس، في 28 أكتوبر 1492 وصلت إلى سواحل كوبا، وفي 5 و 6 دجنبر 1492 وصلت إلى جزيرة هايتي، ثم وصلت إلى جزيرة السلحفاة في 16 و 17 دجنبر 1492.
وفي 4 يناير 1493 قرر كولومبس العودة، ووصل لشبونة يوم 4 مارس 1493، وعاد كولومبس في رحلة ثانية ابتداء من يوم 25 شتنبر 1493 منطلقا من ميناء قادس فاكتشف الدومنك يوم 3-4 نونبر 1493، ثم الكوادلوب، والجزر البكر في 16 نونبر 1493.
وقد عاد كولومبس ابتداء من يوم 10 مارس 1496 ويوم 11 يونيو 1496 وصل ميناء قادس.وفي يوم 30 ماي 1498 ابتدأ كولمبس رحلته الثالثة انطلاقا من ميناء سان لوكار. ووصل جزيرة ترينيداد يوم 1 غشت 1498. وعاد كولومبس إلى قادس في شهر أكتوبر 1500.
وابتداء من 3 ماي 1502، انطلق كولمبس في رحلة رابعة، فوصل المارتنيك في 15 يونيو 1502 وفي 12 شتنبر 1504 عاد إلى اسبانيا واستقر باشبيلية، وقد توفي يوم 20 ابريل 1506....
3- يوميات كريسطوف كولمبوس) يوميات الإبحار 1492-1493(:
يوميات كريسطوف كولمبوس هي مشروع صاحب المؤلف منذ بداية الرحلة وهي مجرد ملخص حرره بارطليمي دي لاس كازاس انطلاقا من النص الأصلي الذي ضاع بمعية وثائق أخرى ويوميات أخرى لنفس المؤلف من الأرشيف الملكي. ففي مقدمة الكتاب الأول الخاص بالرحلة الأولى، يتحدث عن دوافع كتاب هذه اليوميات قائلا " لهذه الأسباب قطعت على نفسي بأن اكتب بانتظام، كل يوم، كل ما أقوم به وأراه ويحصل لي أثناء الرحلة" ( 1/33)15، ويضيف في نفس السياق:" زيادة على هذا سادتي الأمراء، فإنني بكتابة ما يحصل أثناء النهار كل ليلة، وفي النهار البحار الليل، فقد قدر لي أن ارسم خريطة بحرية جديدة أحدد فيها كل البخر وكل الأراضي بالبحر المحيط كل في موقعه الخاص .." ( 1/33)
إن الطريقة التي كتبت بها اليوميات هي التقطيع حسب الأيام التي تعتبر في نظر المؤلف جديرة بأن تدون من طرفه. وقدرا على محررها بارطليمي دي لاس كازاس هذا التقطيع.
تبتديء اليوميات بيوم الجمعة 3 ماي 1492 الذي انطلقت فيه الرحلة الأولى. و قد حرص محرر اليوميات على الكتابة بين ضمير المتكلم، أو بضمير الغائب واصفا كولمبوس بالأميرال.
يحدد تجاه الإبحار نحو الجنوب الغربي، وترد الإشارة إلى الكرافيلا بينتا Pinta، ثم نينيا، ويشير ناشر الكتاب إلى أن كولمبوس لا يشير في أي من كتاباته إلى السفينة التي كان على متنها خلال الرحلة وهي التي اشتهرت بسانتا ماريا، ويفيد الناس بأن السفينة لم تحمل إطلاقا الاسم الذي اشتهرت به، ذلك أنها كانت تدعى بماريا غالانتي Maria Galante.
ويفيد المؤلف بأن ربابنة السفن الثلاثة كانت لهم آراء مختلفة عن المكان الذي وجدوا فيه بعد خمسة أيام من الإبحار. و في معرض الحديث عن جزر الكناري التي وصلتها الرحلة من أجل الإسعاف بسبب العطب الذي حصل للسفينة بينتاPinta، يفيد محرر اليوميات:"قال الأميرال )كولمبوس( بان عددا من الأسبان، الرجال الشرفاء، ساكني جزيرة هييرون الذين كانوا في غوميرة مع السيدة إيناس بيزارا-أم غيلان بيزارا الذي أصبح فيما بعد اول كونت لغوميرة-أقسموا بأنهم كانوا يرون أرضا غرب جزر الكناري، أي في الغروب. و قد أكد ذلك أناس آخرين من سكان غوميرة تحت القسم. و هنا تذكر الأميرال بأنه لما كان في البرتغال سنة 1484 جاء احد من جزيرة ماديرة يطلب كرافيلا للملك من اجل الذهاب الى هذه الارض، وأن هذا الرجل كان يقسم بأنه كل سنة كان يراها في نفس الموقع. وقال الاميرال بأنه يتذكر بأن الشيء نفسه كان ...بجزر الاصور، وكان الكل يتفق على الوجهة والمظهر والأهمية ( 1/39)
ثم يتحدث عن تجهيز السفن بالماء العذب والخشب واللحم، وينطلق يوم 6 شتنبر 1492 في رحلة نحو الغرب، وجهة الأرض التي اخبر من طرف سكان الجزيرة بأنهم كانوا يرونها كل سنة وفي نفس الموقع، ويم 14 شتنبر يرقبون الخطيف البحري، وهو نوع من الطيور التي لا تبتعد عن البر حسب المؤلف بأكثر من 25 فرسخا. وفي يوم 16 شتنبر 1492 وجدوا أكواما من الربيع في البحر فاعتبروا ذلك علامة بر قريب وأنهم على وشك بلوغ إحدى الجزر، فهذه النباتات تأتي بدون شك من مجالات صخرية حسب المؤلف، ولذلك فهي في نظره علامة على أرض قريبة، ثم وجدوا نوعا آخر من النباتات تعرفوا عليه بأنه من نباتات الأنهار.
كما يتحدث عن ملاقاة الرحلة لمجموعة من الحيتان التي قام البحارة الذين كانوا على متن السفينة نينيا بقتل واحدة منها.تم عاينوا طائرا ابيض قال المؤلف بأنه لا ينام في البحر ) 1/44 (.
وفي صباح يوم 19 شتنبر 1492 حط طائر القطرسAlbatros فوق سفينة الأميرال، و اعتبر ذلك بشائر ارض جديدة لان هذه الطيور لا تبتعد بأكثر من عشرين فرسخا، ثم حط طائري قطرس يوم 20 شتنبر 1492 على سفينة الأميرال، فتأكد من قربه من البر و زاد تأكيده من ذلك لما وجدوا طائرا صغيرا اتضح لهم بأنه من الطيور النهرية. ثم جاء طائر قطرس آخر من جهة مابين الشمال الغربي والغرب.
خلال البحار كان يعتمد كولمبوس على الأسطرلاب والبوصلة. لكنه اعتمد في الأيام الأخيرة من الإبحار قبل بلوغه البر، و هو في طريقه غربا خلال الرحلة الأولى، على البوصلة بعد أن اقتنع بصعوبة الاعتماد على الاسطرلاب بسبب حركية النجم القطبي.
وتعددت في اليوميات الشهادات عن الطيور التي تأتي من الغرب مما كان يزيد في الأمل في بلوغها، و عن النباتات التي حصل بشأنها اقتناع لدى المؤلف بأنها علامة على الاقتراب من البر.
تتضمن اليوميات شهادات عن الاقتراب من الأرض الجديدة وعن الاحتكاك بالأهالي وعن وضع البحارة طيلة مدة استطلاع الجزر التي تم اكتشافها في الرحلة الأولى.
يقول ميشيل لوكين بان هذه اليوميات وصف أمين لما حصل في الرحلة و أنها كانت أكثر بلاغة من المؤرخين في حديثها عن كريسطوف كولمبوس16. و تتمتع بقوتها المرجعية كأقدم شهادة عن أول رحلة نحو اكتشاف العالم الجديد.
٭ هوامش:
1 Christophe Colomb, La découverte de l?Amérique :1-Journal de Bord 1492-1493,2-Relation1493-1504,traduction française, François Maspero , Paris,1979.
2 Marc Ferro, Histoire des colonisations :Des conquêtes aux indépendances XIIIe-XXe siècles, Seuil, Paris, 1994, p25.
3 Ibid.
4Ibid.
5 Ibid.
6 Ibid , P 123
7 Ibid, P 50
8 Ibid, P 90
9 Ibid, PP 50-51,90
10 Jules Vernes , Christophe Colomb,Librio, Paris , 2003, P 33
11 Ibid, P 93
12 Michel Lequenne, Introduction historique à la découverte de l?Amérique,op cit,p14.
13 Cité par Michl Lequenne, Op Cit, p 16.
14 Cité par Lequenne,op cit, p 17.
15 يشير الرقم الأول إلى الجزء الأول من اليوميات والرقم الثاني إلى الصفحة.
16 Michel Lequenne,Op cit,p 27/


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.