سعر الدرهم يرتفع أمام الدولار الأمريكي    ترامب يعلن لقاء بوتين في ولاية ألاسكا    المقاتل المغربي الرشيدي يرفع التحدي في بطولة PFL إفريقيا            أربع أولويات كبرى ضمن مشروع قانون المالية 2026    مراكش.. توقيف ضابط أمن عن العمل بعد اتهامه بتلقي رشوة من سائق سيارة ارتكب مخالفة    رئيس جنوب إفريقيا الأسبق يدافع عن زيارته للمغرب    الشان يؤخر صافرة بداية البطولة الوطنية في قسميها الأول والثاني        حرائق كاليفورنيا .. 2000 هكتار في ساعات وأوامر إخلاء عاجلة للسكان    فتح تحقيق مع ضابط أمن للاشتباه في تورطه في طلب رشوة من سائق سيارة    تيزنيت : شبهات تواطؤ بين مسؤولين ولوبي العقار في قضية الواد المدفون    الولايات المتحدة.. ترامب يعين مستشاره الاقتصادي عضوا في مجلس البنك المركزي    مشروع قانون مالية 2026.. 60% من الاستثمارات للمناطق القروية والجبلية وبرامج اجتماعية لتعزيز العدالة المجالية    أوغندا تكتسح غينيا بثلاثية في "الشان"    قانون مالية 2026.. مواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية والحفاظ على التوازنات المالية    فرنسا تندد ب"شدة" بخطة الحكومة الإسرائيلية لاحتلال غزة بالكامل    أسود البطولة يرفعون التحدي قبل مواجهة كينيا    شيخ الطريقة القادرية البودشيشية في ذمة الله    الحضري: بونو يستحق الأفضل في العالم    موجة حر مع درجات حرارة تصل الى 48 بعدد من مناطق المغرب    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بالأخضر    واشنطن توضح سياسة "رسوم الذهب"    وقفات مغربية تواصل مناصرة غزة    "أولمبياد تيفيناغ" .. احتفاء بالهوية عبر منافسات تربوية في الحرف واللغة    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    المغرب يحتفي بأبنائه في المهجر ببرامج صيفية تعزز الانتماء للوطن وتواكب ورش الرقمنة (صور)    المعرض الوطني للطوابع والمسكوكات يتوج نسخته الثانية في مدينة خنيفرة بندوة علمية حول تاريخ النقود والبريد    عيطة الحال ... صرخة فنية من قلب البرنوصي ضد الاستبداد والعبث    الرباط تحتضن النسخة الأولى من «سهرة الجالية» بمناسبة اليوم الوطني للمهاجر    قادة دول ورجال أعمال يلتمسون ود ترامب بالذهب والهدايا والمديح    الجمارك المغربية تجدد إجراءات الرقابة على المعدات العسكرية والأمنية    المغرب في قائمة الوجهات الأكثر تفضيلا لدى الإسبان في 2025    بطولة إسبانيا.. مهاجم برشلونة ليفاندوفسكي يتعرض للإصابة    مدافع برشلونة إينيغو مارتينيز في طريقه إلى النصر السعودي    الشرطة توقف طبيبا متلبسا بتلقي رشوة 3000 درهم مقابل تسريع خبرة طبية    بطولة أمم إفريقيا للمحليين.. بوابة اللاعبين المحليين صوب العالمية    مقاييس الأمطار المسجَّلة بطنجة ومناطق أخرى خلال ال24 ساعة الماضية    وفاة الفنان المصري سيد صادق    المغرب يصدّر أول شحنة من القنب الهندي الطبي نحو أستراليا    لطيفة رأفت تعلق على "إلغاء حفلين"    النجم الحساني سعيد الشرادي يغرد بمغربية الصحراء في مهرجان "راب افريكا"        العربيّ المسّاري فى ذكرىَ رحيله العاشرة    واشنطن تعلن عن جائزة 50 مليون دولار مقابل معلومات للقبض على الرئيس الفنزويلي    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    مسؤول أممي يرفض "احتلال غزة"    استخدام الذكاء الاصطناعي للتحقق من الصور يؤدي إلى توليد أجوبة خاطئة    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟        الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيران من الخليج... إلى المحيط!

ماذا إذا تبنّت إيران حركة البوليساريو التي تعمل على فصل الصحراء عن المغرب؟ ماذا إذا زوّدت إيران هذه الحركة السياسية المسلحة بالمال والسلاح كما تفعل في لبنان مع «حزب الله»، وفي فلسطين مع حركة «حماس»؟ وماذا إذا صحّت اتهامات المغرب بأن إيران تعمل على ضرب النسيج المذهبي المالكي الذي تقوم عليه الوحدة الوطنية في المغرب.
تنطلق علامات الاستفهام هذه من الاتهامات التي وجّهها المغرب إلى إيران كمبرّر لقرار قطع العلاقات الدبلوماسية معها، غير أن التساؤل الأهم يتعلق بموقف الجزائر التي كانت منذ عام 1975 حتى اليوم، الداعم الأول لحركة البوليساريو دبلوماسياً وسياسياً؟ فإذا كانت الاتهامات المغربية صحيحة، فهل تتحمل الجزائر النتائج المترتبة عن تحوّل البوليساريو إلى حركة إقليمية مسلحة متحالفة مع إيران؟ وإذا كان الجواب بالنفي، كما هو مفترض، هل يتحول التحالف الجزائري مع البوليساريو إلى تحالف جزائري- مغربي ضد التوجه الجديد للبوليساريو؟
ثم ماذا عن مواقف كل من منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية، ومنظمة الاتحاد الأفريقي، وحتى الاتحاد المغاربي المتعثر بسبب الاختلاف حول قضية الصحراء بالذات؟
من حيث الشكل، ربما يلزم التنبيه إلى أن تسمية «البوليساريو» هي كلمة مركبة تمثل الأحرف الأولى باللغة الإسبانية لعبارة «جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب».
ومنذ انسحاب إسبانيا من الصحراء في عام 1975 رفعت هذه الجبهة شعار المطالبة بانفصال الصحراء لإقامة دولة «مستقلة» على رغم افتقارها إلى الحدّ الأدنى من مقومات الدولة بشرياً واقتصادياً وإدارياً وأمنياً، ولولا ثروتها الكبيرة من الفوسفاط لما أثارت كل هذا الاهتمام أصلا.
وكان السؤال لدى بداية الأزمة وحتى اليوم هو: هل يحتاج العالم العربي إلى دولة جديدة؟ وأي تغيير استراتيجي يحققه ذلك في المغرب العربي؟
أما الآن فقد باتت التطورات التي كشف عنها الموقف المغربي، تعيد صياغة السؤال على خلفية العلاقات العربية- الإيرانية التي لا تمرّ في أحسن أحوالها. والسؤال هو: هل يتحمّل العالم العربي دوراً جديداً لإيران على شاطئ الأطلسي مماثل لدورها في الخليج العربي المتمثل في احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى؟
للإجابة عن هذا السؤال، لابد من الإشارة إلى الأمرين التاليين. الأمر الأول هو التجربة الموريتانية. فعلى رغم أن موريتانيا تتمتع بالمقومات الذاتية التي تمكّنها من التصرف كدولة، إلا أن حاجتها إلى المساعدة الخارجية نقلتها خلال الثمانينيات والتسعينيات من الحضن الفرنسي إلى حضن حزب البعث (جناح العراق سابقاً) ومن حضن البعث إلى الحضن الليبي. ومنه انتقلت إلى الحضن الإسرائيلي حيث كانت حتى الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، الدولة العربية الوحيدة من غير الدول الملتزمة بمعاهدة سلام مع إسرائيل التي تقيم علاقات دبلوماسية كاملة معها. وإذا كان هذا الواقع المرير يصور كيف أن ضعف الإمكانات لدى موريتانيا جعلها دولة متأثرة بالمتغيرات الإقليمية.. فكيف يكون الحال بالنسبة للصحراء الأكثر فقراً وضعفاً؟
ثم إن البوليساريو قد تندفع أكثر في الذهاب بعيداً في التحالف مع إيران، وفي الاعتماد عليها كبديل عن الجزائر، إذا ما تضامنت هذه الأخيرة مع المغرب.
أما الأمر الثاني فهو ما يجري في الجزائر نفسها من تجاذبات داخلية. فالتجاذبات ذات البعد الثقافي بين العرب والأمازيغ (أحداث تيزي أوزو في شرق وجنوب شرق العاصمة الجزائرية) تشير إلى أن ثمة أياد خارجية تحاول العبث بوحدة الجزائر، وتريد بها شراً. فماذا إذا صحّت اتهامات المغرب بأن إيران دخلت على خط البوليساريو؟
استناداً إلى ما يقوله وزير خارجية المغرب الأسبق محمد بوستة، فإن الصحراء هي مصدر السلاح الذي يستخدم في أعمال العنف الدامية التي تعاني منها الجزائر منذ عدة أعوام. وهو يعني بذلك أن السلاح الذي زوّدت به الجزائر حركة البوليساريو قد تسرب مع الأسف الشديد. ذلك أن وظيفة السلاح هي القتل. وعندما خمدت الحرب في الصحراء بعد اتفاق وقف النار الذي رعته الأمم المتحدة، وجد هذا السلاح وظيفة جديدة له في الجزائر، حيث حصلت عليه الجماعات التي تدّعي الإسلام وتغير على القرى النائية فتذبح وتقتل لمجرد إثارة الرعب والانتقام. وإذا أصبح السلاح مرتبطاً بمشروع إيراني للمنطقة، فماذا تكون النتيجة؟
من هنا وجوب التصرّف على قاعدة أن سلامة المغرب هي من سلامة الجزائر، وبالعكس من دون أن يكون ذلك على حساب حقوق أحد. ومن مقتضيات هذه السلامة العمل معاً على سحب فتائل القنابل الموقوتة من قضية الصحراء الغربية -التي يبدو أن أبوابها فتحت كما يقول المغرب- على احتمالات الاستغلال الإيراني، حتى قضية الأمازيغ -التي تؤكد الجزائر أنها موضع استغلال خارجي- مروراً باستثمار الثروات المعدنية على الحدود المشتركة.
وفي ضوء ارتفاع معدلات الولادة وانخفاض فرص العمل والتضييق الأوروبي على الهجرة والقيود على الصادرات إلى دول السوق المشتركة، فإن الدولتين الشقيقتين محكومتان بالتعاون وبإعادة الصدقية إلى الاتحاد المغاربي الذي يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة. وتشكل التجربة الناجحة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية مثلا يحتذى. فبدلا من الإنفاق على التطوير الاقتصادي وعلى التنمية الاجتماعية، امتصت رمال الصحراء المليارات من الدولارات من خزائن المغرب والجزائر لتزيد من معاناة شعبيهما ولتعمق الهوة السياسية بين حكومتيهما، حتى إن الحدود المشتركة بينهما مقفلة منذ عقد ونصف عقد تقريباً، مما قطع جسور التبادل والتكامل بينهما.
وإذا لم تكن المعاناة الاقتصادية كافية وحدها لوقف عملية النزف، وإذا لم يشكل الخطر الجدي من احتمال اصطناع وتفجير قضية الأمازيغ حافزاً للتفاهم، وإذا لم يكن الاستنزاف الصحراوي درساً كافياً لوقف تدهور العلاقات، ألا يشكل الخوف من احتمال التوظيف الإيراني للبوليساريو سبباً للعودة إلى الأخوة وإلى مقتضيات المصير المشترك؟
تعرف الجزائر، كما يعرف المغرب، أن ثمة قوى أجنبية تعمل على استغلال قضية الأمازيغ وعلى التحريض على الفتنة في شمال أفريقيا. وتعرفان أيضاً أن هذا الأمر يجري منذ سنوات طويلة، وأن عمليات التحريض لم تتوقف أبداً.
فقد عجز الفرنسيون أثناء احتلالهم للمغرب والجزائر عن ضرب الوحدة الوطنية بين العرب والأمازيغ. وقضية «الظهير البربري» -أي المرسوم البربري الذي أصدره المفوض السامي الفرنسي في المغرب في عام 1930- تشكل علامة بارزة في هذا الشأن.
فقد حاول الظهير البربري إغراء البربر بمنحهم حق اللجوء إلى محاكمهم الخاصة التي تعتمد على الأعراف والعادات القبلية الخاصة بهم، والتحرر بالتالي من أي التزام بالمحاكم الشرعية التي تستند إلى الشريعة الاسلامية. ولكن البربر -الأمازيغ- تضامنوا مع إخوانهم العرب في إسقاط تلك المؤامرة على وحدتهم الوطنية، وقطفوا ثمن ذلك الاستقلال عن فرنسا. إلا أن محاولات شق الصف لم تتوقف منذ ذلك الوقت.
فهل يشكل اتهام إيران بتبنّي حركة البوليساريو سبباً لوعي مغربي- جزائري يوحّدهما في وجه هذا الاحتمال الخطير، ويكون مدخلا لإعادة ترتيب علاقاتهما الثنائية في إطار الوحدة المغاربية؟
لقد بات من المحتم أن تعمل الجزائر والمغرب على معالجة هذه القضية، وتحويلها من سبب لتصارعهما إلى سبب لتفاهمهما واتحادهما. فعندما يعاني الجناح الغربي للوطن العربي من خطر التمزق بسبب قضية الصحراء (خاصة إذا دخلت إيران على الخط)، وبسبب قضية الأمازيغ، تضعف مقومات المجابهة والصمود في وجه الخطر الصهيوني الذي يتهدد الأمة العربية، مشرقاً ومغرباً، في مصيرها ومستقبلها.
ولا يحتاج العالم العربي إلى مزيد من بؤر الاستغلال الخارجي. فالانقسامات عرقية كانت أو طائفية أو مذهبية ، مرض معدٍ وسريع الانتشار.
عن «الاتحاد» الإماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.