إحباط محاولة تهريب شحنة من المخدرات بمعبر باب سبتة    مقتل أربعة أشخاص و إصابة آخرين في حادثة سير باليوسفية    وزان تهتز على وقع جريمة قتل راح ضحيتها جندي متقاعد    عائلة كوثر بودراجة تنفي شائعة وفاتها وتلوّح باللجوء إلى القضاء    لجنة ال24/الصحراء.. قطر تجدد تأكيد دعمها للمخطط المغربي للحكم الذاتي، "المبادرة البناءة"    فرع الحزب الاشتراكي الموحد –هولندا يدين العدوان الإسرائيلي على إيران ويؤكد موقفه الثابت ضد الحروب والإمبريالية    فاطمة الحمامصي… مسار نسائي رائد يُكرَّم في طنجة    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    وكالة: الملك محمد السادس سيزور فرنسا في نهاية العام الحالي أو في بداية 2026    تهديد مباشر لخامنئي.. ترامب نعرف تحديداً أين يختبئ المرشد الأعلى    المغرب وإثيوبيا يعززان شراكتهما الدفاعية بإحداث لجنة عسكرية مشتركة    من الزليج المغربي إلى تمور المجهول.. أخنوش يسلّط الضوء على إبداعات محلية تقود الاقتصاد نحو العالمية    مباحثات تجمع العلمي ووزير بنمي    تداولات بورصة البيضاء تتشح بالأحمر    برنامج "مدارات" يسلط الضوء على مسيرة المؤرخ والأديب الراحل عبد الحق المريني    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    4.2 مليار درهم عائدات الضريبة على المركبات في 2024    في المغرب .. الفاشلون يطاردون المتفوقين عبر ساحات التنمر الإلكتروني    الصحة والنزاهة على طاولة واحدة .. ورشة تسائل التوريد والممارسات الطبية    تأجيل الجمع العام للرجاء الرياضي إلى غاية السابع من شهر يوليوز    الوداد الرياضي يختتم تحضيراته قبل مواجهة السيتي    رونالدو يهدي قميصه لترامب برسالة غير متوقعة    توقيف منتشل هواتف في طنجة بعد 16 شكاية ضده        لاليغا تدخل على خط تطوير البطولة الوطنية بشراكة مؤسساتية        رئيس الحكومة يؤكد على مكانة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في النموذج التنموي    استئنافية الرباط تحجز ملف الصحافي حميد المهدوي للمداولة والنطق بالحكم في 30 يونيو    "سي إن إن": تقديرات استخباراتية تفيد بتأخير البرنامج النووي الإيراني لأشهر بسبب الضربات الإسرائيلية    هجوم إلكتروني يشل بنك "سبه" الإيراني    هلال: المغرب يلتزم بالتصدي للكراهية    الذهب يصعد وسط القتال بين إسرائيل وإيران ودعوة ترامب لإخلاء طهران    الصويرة ترحب بزوار مهرجان كناوة    طنجة الدولية.. اختبار فرضيتي التحول والتفاعل    مجزرة جديدة تحصد أرواح المجوعين.. مقتل 47 فلسطينيا بنيران إسرائيلية قرب مركز مساعدات في غزة    أمطار رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة اليوم الثلاثاء بعدد من مناطق المغرب    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    ترامب يقول إنه يريد "نهاية فعلية" للنزاع بين إسرائيل وإيران "وليس وقف إطلاق نار"    موازين 2025… أزمة توزيع المنصات تثير استياء الجمهور    تقنيون بالتعليم العالي يحتجون أمام الوزارة رفضا للتهميش    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    سطات تطلق مشروعا لإنشاء 30 محطة لتحلية المياه لمواجهة الإجهاد المائي    برشلونة يعزز تصنيفه الائتماني ويترقب زيادة إيراداته بعد العودة إلى كامب نو    الأمير مولاي رشيد يترأس الجمع العام الاستثنائي للجامعة الملكية المغربية للغولف    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    22 دولة إسلامية تدين العدوان الإسرائيلي على إيران وتطالب بوقف فوري للتصعيد في الشرق الأوسط    د محمد صبري : الصيدلة دعامة أساسية في الرعاية الصحية القريبة من المواطن..    مجموعة السبع تؤكد على"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" وتعارض امتلاك إيران لسلاح نووي    وليد الركراكي.. بين فورة الغضب ومتطلبات البناء الوطني    ثنائية فلامنغو تهزم الترجي التونسي    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    نصائح ذهبية لحماية المسنين من ارتفاع الحرارة    "أرواح غيوانية" يُكرّم رموز المجموعات الغيوانية ويُعيد أمجاد الأغنية الملتزمة    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عبد الإله حسنين للاتحاد الاشتراكي الاستثمار في الطفولة هو الاستثمار الحقيقي وهو القاعدة الرئيسية

الدكتور عبد الإله حسنين، الكاتب العام لحركة الطفولة الشعبية، أهلا بك في هذا الحوار الشامل حول ملف المخيمات الصيفية، لإطلاع قرائنا على نقط الاختلاف بينكم وبين وزارة الشباب والرياضة حول هذا الموضوع، وعلى الاختلالات الحاصلة هذه السنة، والبدائل التي تقترحون للخروج من هذه الوضعية والتقدم بهذا الملف الحيوي الذي يمس حوالي ستة ملايين من الأطفال الذين هم في سن التخييم.
هل يمكنكم في البداية إعطاء نظرة عن تطور المخيمات بالمغرب؟
< لقد أخذ تطور قطاع المخيمات التي نسميها المخيمات التربوية وجوها عدة، منها تنوع ملحوظ في المهتمين به وتكاثر عدد المتدخلين، وتطور عدد المستفيدين وبذلك انتقل الاهتمام الى فئات عريضة أخرجت القطاع من دائرة ضيقة الى أخرى أوسع بكثير، وسجلت مبادرات إبداعية لدى بعض الجمعيات الوطنية في التطوير وتنويع النشاط ذاته، ورغم هذا الاهتمام الحكومي والجمعوي، فإنه لازال لم يعترف بموقع المخيم في مستوى مؤسسة مجتمعية مثل باقي المؤسسات التي تساهم في تنشئة الطفولة وتربيتها بشكل أو بآخر.
وقد شكل قطاع التخييم منذ عقد الأربعينات مجالا لتجاذب الأفكار والمواقف وللمساءلة لدى المهتمين بميدان الطفولة والشباب ببلادنا، وإذا كان المتتبعون يعتبرون بأن ملف التخييم يتطلب تظافر جهود كل الفاعلين من أجل مواكبته للتحولات التي يعرفها مجتمعنا، سواء على المستوى الديمغرافي أو المؤسساتي لأنشطة متجددة في المجتمع، فإنه مع ذلك، ظل على هامش كل الرهانات الاجتماعية، في الوقت الذي تزداد فيه خطورة الوقت الحر بسبب التحولات التي تخترق الأسرة المغربية وتزايد حضور الشارع والإعلام في مسلسل التنشئة الاجتماعية، ورغم أنه قطاع له أهمية تربوية واجتماعية بالغة، حيث يلعب دوراً طلائعياً هاماً في رعية الطفولة والشباب، ويشكل من جهة أخرى حلا لمشكلة العطلة لدى الأسر، كما يعكس ببنياته وطموحاته ومكاسبه صورة واضحة للواجهة الأمامية للتحولات التي يعرفها التنشيط السوسيو ثقافي ببلادنا.
وإذا كانت التجربة المغربية في مجال التخييم إحدى التجارب التي استطاعت أن تؤسس لنفسها مكانة متميزة في شكلها ومضمونها من دون أكثر الدول العربية بالنظر إلى المسيرة الطويلة التي قطعتها وللمجهودات التي راكمتها الحركة الجمعوية والفاعلين التربويين وعطاءاتهم الإيجابية المتواصلة، والتي تحدث كثيراً من الصعاب والعقبات والإحباطات، فإن الاهتمام بها لم يحظ دائماً بما يلزم من رعاية وعناية، سواء من طرف الدارسين والباحثين، أو من طرف المسؤولين السياسيين عندما يخططون للبرامج والتوجهات الكبرى للبلاد.
ولم يأخذ التمحيص في هذا الموضوع شكلا جديا إلا عندما استطاعت الجمعيات الوطنية أن تنتزع حقها في التمثيل وأسست لجنة وطنية للتخييم سنة 1983 بعد أن شاركت في لجن تنسيقية سابقة بدون مرتكزات قانونية، وأرست دعائم حوار دائم ومستمر بعد أن تم تغييب المجلس الأعلى للشباب، وعلى الرغم من بريق الأمل بمجالس أخرى لم تر النور، وكانت المناظرة الوطنية للتخييم الخامسة سنة 1987، والتي اختزلت المواقف والدراسات في شعارها حول مسؤولية الجميع للنهوض بالقطاع قد سجلت أهمية توسيع دائرة المسؤولية للمؤسسة التخييمية باعتبارها مؤسسة مجتمعية متكاملة، وذلك بشكل جيد وجديد منح هذا النشاط فعلا مكانة كان يمكن أن تصبح أكثر إشعاعا وتركيزاً لو تم المسير في نفس الاتجاه.
ويمكن القول إن الاهتمام بالمخيم اليوم أصبح ملحوظاً من طرف الجميع، حيث توسعت دائرة الاهتمام به وبأهميته ومكانته، فأصبحت الجهات الراغبة فيه والعاملة فيه تتوسع يوما عن يوم بغض النظر عن تطور عدد المستفيدين.
{ كيف تفسرون كون المخيمات من وجهة نظركم يمكن أن تكون حلا لمشكل العطلة؟
< إذا كانت العطلة المدرسية تعني الاستراحة من عناء سنة دراسية، فإنها تعني كذلك بالنسبة للآباء فترة فراغ وربما ضياع بالنسبة لمستوى من الحياة وانتظامها طوال سنة كاملة، فترة غير مأمونة. فهي فترة متاعب بالنسبة للأسرة المغربية، والسؤال المطروح: هل ساهم المخيم في حل هذه المعضلة؟ وكيف يمكن أن يساهم في حل أوسع وأشمل لهذه الأعداد الغفيرة من الأطفال؟ والعبء الأكبر الذي يظل اليوم على عاتق الأسر هو إيجاد حل لمشكلة عطلة منظمة لأبنائهم، والبحث عن جهات مقنعة لتخييم أبنائها من حيث برامجها والفضاءات المقترحة، والتمكن من مساهمة مالية لتغطية المصاريف، فالمشاركة تفوق بكثير نصيب الأبناء في ميزانية عائلاتهم، وذلك يحتم علينا العمل على اشراك أطراف أخرى يجب أن تساهم مع الأسر في حل هذه المعضلة وتشاركهم في الاختيار والتكاليف.
وإذا كانت المدرسة تساهم في هذا الباب بشكل معين على مستوى جمعية المخيمات المدرسية، فذلك نابع من مبادرة مساهمة قطاع التعليم في حل مشكلة قلة أعداد المستفيدين والفضاءات المخصصة وتوفر القطاع على فضاءات يمكنها أن تساهم في ذلك، بالإضافة الى الطاقم التربوي التعليمي الذي هو مؤهل من قبل ومن بعد لذلك، فإنه يمكن للمدرسة أن تساهم بجانب الفاعلين الآخرين في فتح أبوابها لاستقطاب الأطفال والاستفادة كذلك من الفضاءات القابلة للتحول الى مجال قابل لنوع من التنشيط السوسيو تربوي والثقافي للأطفال والشباب، وبذلك تكثر الفضاءات القابلة لاحتضان العديد من أشكال التخييم التربوي. وتوزع وتنوع المؤسسات التعليمية على امتداد بلادنا كفيل بخلق قاعدة منتشرة عبر كل المناطق والجهات، وبالتأكيد، فإن معايير أنواع المخيمات، كما يجب أن تحدد يجب أن تطبق على هذه الفضاءات المحتملة كذلك.
وانسجاما مع التوجهات السياسية الكبرى في بلدنا، الرامية الى نهج سياسة جهوية متقدمة ولامركزية محكومة بتضامن وتفاعل الساكنة ومواردها، فإن إدراج الهيئات المنتخبة محلياً وجهوياً كطرف فاعل في العملية التخييمية، سواء بدعم مجهود المنظمات العاملة في مجال التخييم بتوفير وسائل النقل الى المخيمات بالمغرب وخارجه، ودعمها بمنح تشجيعية وتجهيزات ووسائل تربوية ومادية، أو بدعم مالي لتغطية مساهمات الأطفال وساكنة الجماعة في إطار سياسة اجتماعية، أو بتشجيع الشباب على الانخراط في هذا العمل التربوي عبر المساهمة في تمويل حاجياتهم، أو بالعمل على تأسيس فضاءات للتخييم في كل الجماعات ووضعها رهن إشارة العاملين في الميدان التنشيطي السوسيو تربوي، وتوأمتها مع الجماعات الأخرى لتبادل الأطفال والزيارات وللإجابة عن رغبة السفر وتغيير الجو كعنصر من عناصر التخييم، واقتراح معادلة مقدار مالي مساعدة عن كل طفل يسجل من الجماعة في اتجاه أي مخيم كوسيلة لتشجيع الجمعيات وللرفع من أعداد أطفال المدينة المستفيدين من المخيمات. سيخلق هذا الإدراج الفعلي بعد أن يجد من يترافع عنه ويغنيه، رفيقاً جديداً ومتميزاً للأسرة، وسيمكن المؤسسة التخييمية من مكانة متميزة والعمل الجماعي الاجتماعي من تطوير أهدافه فعليا بدفع السياسات والمخططات المحلية الجهوية، لإيلاء الأهمية للموضوع بتبني طموح الوطن في خلق الشروط الموضوعية وتوفير الإمكانات اللازمة لتحقيق تربية مستمرة لأجيال اليوم والغد، ضمن مخططات تنموية مستمرة ومتكافئة بين الجهات والميادين. وكذلك يمكن العمل في نفس الاتجاه نحو الهيئات التعاضدية المنتخبة، والتي يساهم فيها المواطنون ماديا من أجورهم، بالدفع الى إشراكهم في هذه العملية بدعمها المادي لتمتيع أبناء منخرطيها بمخيمات مفيدة ومريحة ليس فقط من تنظيم هيئاتها، بل كل المخيمات التي يختارها المنخرطون لأبنائهم.
{ ما هي قراءتكم لمخيمات صيف 2009؟
< على المستوى العملي، تعرف بلادنا تدبيراً لقطاع المخيمات، لا يرقى الى ما يستحقه من حيث عدم تعميم أنظمته على الجميع، ومن حيث غياب معايير ومواصفات قانونية، كما أن هناك ملاحظة حول ضعف التأطير والميزانيات المرصودة وكذا نوع الإطار القانوني للعمل التشاركي الذي ناضلت من أجله الجمعيات، والذي عرف منذ التراجع عن المجلس الأعلى للشباب الى لجنة للتنسيق في الستينيات، ثم إلى لجنة وطنية في الثمانينيات، وكذا من حيث درجة الأهمية التي توليها السلطة الحكومية، بمقارنة مع القطاعات الأخرى التي تشرف عليها. ومن جهة أخرى، كان رفع عدد المستفيدين الى حوالي 200 ألف مستفيد، قفزة نوعية/ كمية متميزة يتم التراجع عنه اليوم إلى أكثر من النصف، ومن جهة ثالثة، تراجعت الفضاءات المخصصة للمخيمات بشكل دائم بإقفال بعضها وعدم الحسم في وضعية بعضها وإهمالها في انتظار تفويتها ضمن مخططات أخرى وغاب وضوح اختيار مبادلة فضاءات أخرى في استثمارات مربحة للوطن ضمن خطته التنموية ووضعية تأطيرها الدائم، كما أن القطاع عرف من جهة أخرى بروز ظواهر جديدة، حيث بدأت بلادنا تعرف «إنشاء» مخيمات حرة خارج الإطار القانوني لفتح المخيمات الذي يعود قانونا فقط للقطاع الحكومي المكلف بالشباب والرياضة، هذا بغض النظر عن التأرجح في تحسين شروط استقبال وإيواء وتغذية وتنشيط المستفيدين من المخيمات، حيث انه ليست هناك خطة علمية ولا توازن بين الجهات والمخيمات ولا تغطية كاملة للحد الأدنى، لا لأشغال الصيانة والإصلاح فقط، بل كذلك لتجديد الأدوات والمعدات، وأخيراً إشكالية صرف منح التغذية التي وإن عرفت زيادة السنة الماضية، فإنها تعرضت لامتحان عسير مع موجة تصاعد الأسعار وتضاربها و ظلت عرضة لنسبة كبيرة من التآكل قد يصل في بعض المناطق الى النصف بسبب صيغ صرفها البيروقراطي والمتعثر، سواء كمناقصات أو طلبات ضمن مناقصة أشمل، أو كتدبير مفوض لمجموعة من الممونين الذين لم يحترموا في غالبيتهم كناش التحملات، كما تثبت ذلك تجربة السنة الماضية وحسب تقارير الجمعيات التي فرضت عليها العملية، كما أن هناك عدم قبول الانتقال الى نظام الخوالات Les régies الذي يتميز بصرف مباشر، ويمكن أن يخضع لترتيبات متميزة يشارك فيها الجميع، كما أن تقديم الوجبات عن طريق الممون «التريتور» في بعض المخيمات،عرف اختلالات كبيرة من حيث جودة الأطعمة المقدمة وتوفر التجهيزات الدنيا والتحضير بعين المكان وضعف الوجبات وعدم خبرة الممونين بالوجبات الجماعية والخاصة بالأطفال من حيث التوازن الغذائي وتنوعه ومناسبته للمستهدفين وسنهم نشاطاتهم البدنية. عدا مشاكل تفعيل اتفاقية التأمين المبرمة بين الوزارة وشركة التأمين، وغموض الموقف من مسؤولية الدولة القانونية، كما هو معروف من زمن وتراجعها عن المطالبة بتأمين عرف تلاعباً خطيراً في بعض المدن. ومشاكل التطبيب بعين المكان وانعدام معايير الأمن والسلامة في المخيمات وانعدام ضبط مواعيد نقل الأطفال عبر القطارات الخاصة، والتي يجب أن تجد لها حلا يراعي رغبات الآباء والعائلات من جهة ويحمي المنظمات التربوية وينظم القطاع في أبعاده التربوية والاجتماعية. وتهييء الظروف المادية للاستقبال واستقرار المستفيدين بشكل ملائم يساعد في النهاية على التفرغ للعطاء التربوي وتهديفه والرقي بالمجهودات والعطاءات التربوية عوض الغرق في حل مشاكل الحياة المادية اليومية التي من الممكن تجاوزها بتعيين إدارات دائمة لهذه الفضاءات.
إن الرفع من أعداد المستفيدين من التخييم وفتح مجالاته لفئات أوسع لم يكن هو المطلب الوحيد لتجاوز الأزمة، بل إن مراجعة تحديد سن التخييم وتحينه وفتحه إلى ما دون التاسعة وما فوق الرابعة عشر كفيل بتجميع فئات عريضة من الأطفال بهذا الحق، وتجديد مراكز التخييم القائمة وإصلاح منشآتها ومعيرة المقاييس في هذا الباب وإخضاع الجميع لشروط إنشاء المخيمات، خاصة وشبه عمومية، وتوسيع خريطة التخييم بالبحث عن فضاءات جديدة وتحويل ما يمكن أن يسمح بذلك، ومراجعة صيغة صرف ميزانية التغذية وفتح اعتمادات الترميم وفق برنامج معلوم وميزانية التسيير وتسمية إدارات قارة للمخيمات ودعمها بكل الوسائل التقنية لمزاولة عملها الاداري والتربوي في أحسن الأحوال، ومدة التخييم أصبحت 12 يوماً ثم 15 يوماً عوض 21 يوماً وهو راجع لاعتبارات غير مفهومة تطورت منذ حوالي 30 سنة، عندما تزامنت العطلة الصيفية مع شهر رمضان أو بعض الأنشطة الرياضية الوطنية والدولية الكبرى، فقضى بعض المسؤولين بضرورة تقليص مدة التخييم، بينما تأكد أن الاستفادة من برامج تربوية منسجمة وتغذية متوازنة وتغيير الجو لا يتحقق إلا بقضاء ثلاثة أسابيع، فما أكثر خارج النظام العادي. هذه كلها يمكن اعتبارها مؤشرات لتشخيص أزمة التخييم اليوم ببلادنا. ولم تكن المناظرة الاخيرة التي عقدت في شهر دجنبر بواضحة المرامي، حيث التأم شمل العديد من المهتمين وانتهت الحفلة بالعرض في الأخبار ولم تتوصل المناظرة برسالة من جهات عليا على غرار مناظرة الرياضة وتنفس بعضهم الصعداء ولم يتم تحديد الأهداف لا القريبة المدى ولا البعيدة، وبالتالي كان اللقاء كمن أزال عبئا على عاتقه بأقل خسارة ممكنة. والاعتراف بالأزمة وأوجهها المختلفة لم يعد محل خلاف بين كل المتدخلين والمستفيدين، وميكانيزم الخروج من هذا المأزق مرتبط بالرغبة السياسية في إشراك المعنيين لما لهم من تراكم خبرات وقدرة على البذل، في كل أطوار التحضير والتنفيذ والتدبير وعلى المستويين المحلي والوطني، مع هدف استحضار مفهوم النوع والجودة في الخدمات التي يقدمها فضاء التخييم، وبتعبير أوضح، ضمن مؤسسة/ إطار قانوني له من الأهداف والاختصاصات ما يؤهله لتطوير القطاع برمته ورعايته كله حتى لا تبقى أجزاء منه مشتتة وبدون حسيب ولا رقيب.
{ وما هي بدائل حركة الطفولة الشعبية في مجال المخيمات؟
< إننا لا نريد استغلال تغيير المسؤول عن القطاع ومناسبة تبديل السيدة نوال المتوكل بالسيد منصف بلخياط، ولا نريد استباق الأحداث حتى نجتمع بالمسؤول الجديد ونتحاور معه حول قضايا الطفولة والشباب، ولنا موقف واضح من الوزيرة السابقة التي لم تعر العاملين المباشرين في قطاع الشباب والطفولة ككل أدنى اهتمام حيث لم تستجب لأي طلب من طلباتنا في اللقاء بها منذ توليها المسؤولية، ولم تجب عن أي مراسلة لنا حول ملفات القطاع، وبالخصوص ملف المخيمات واتفاقيتنا مع الوزارة حول خرزوزة، بل نؤكد على أن البدائل الشاملة لأزمة المخيمات يمكن تصنيفها إلى نوعين: نوع مفروض بحكم الفراغ وعدم تحمل المسؤولية وهو الذي طورته الإدارات والمؤسسات والشركات في غياب المراقبة المباشرة للوزارة المشرفة على القطاع ككل حسب القانون، عندما أسست «مراكز تخييم» بصفة مستقلة وتعمل فيها بنوع من الانفصال عن المفاهيم البيداغوجية والتربوية لجمعيات التخييم التربوي وتطورت هذه الوضعية الى حالة متشرذمة، وتسيبت الى ممارسات تجارية محضة من الصعب احتواؤها وتقويمها. ونوع ثان استقل بنفسه من خلال الممارسة اليومية لبعض المنظمات وهو المتمثل أولا برغبة وجهود الحركة الكشفية في الاستقلال بمراكزها ونشاطاتها وجهود حركة الطفولة الشعبية في إصلاح وتوسيع مخيم خرزوزة. بالإضافة إلى المقترحات الجريئة من «مشروع صندوق وطني لإنعاش المخيمات» الذي طرح إبان تحضير المناظرة الخامسة في محاولة للدفع نحو تكافؤ الفرص بين المستفيدين وتقريب المؤسسة التخييمية من أكثر عدد ممكن من الأطفال والشباب بديمقراطية ومساواة، إلى مقترح تحويل كل الاعتمادات المرصودة إجمالا الى أوراش إصلاح وتجهيز المخيمات تجاوزاً لأزمة ضعف المالية المخصصة لذلك، إلى مقترح فتح فضاءات أخرى للتخييم من مدارس وإعداديات مؤهلة لذلك.
ويهدف مقترح حركة الطفولة الشعبية بتخصيص مراكز التخييم للمنظمات التربوية في إطار شراكة مع الدولة بناء على دفتر تحملات وعقدة برنامج واحترام التشريعات الجارية المتعلقة بالمخيمات وبالمراقبة المالية والمحاسبة العمومية والبيئة والصحة، إلى الاستقلال بتدبير مخيم معين لتطوير وتحسين الشروط المادية لاستقبال الأطفال والمراهقين والشباب به وضمان أمنهم وراحتهم وتفتحهم على الطبيعة والمحيط. ويأتي هذا المقترح من أجل تمكين المنظمات التربوية من تسيير واستغلال وصيانة وتجديد وإعادة هيكلة مراكز التخييم وتوسيعها باتفاق وإشراك تربوي ومالي للإدارة المشرفة على قطاع الشباب والطفولة وتمكينها من استقطاب جهات مانحة وممولة بمعرفتها في إطار شفاف ومسؤول، وذلك انسجاماً مع اختيارنا بأن تقوي الدولة دورها في الميادين التنظيمية، وأن يظل على عاتق المنظمات السوسيو تربوية دور الاستمرار وتعميق أنشطتها التعبوية للشباب، كما تظل كذلك مسؤولة عن توظيف طاقاتها الخلاقة والجدية وتعبئة الإمكانات المادية الجديدة باستقطاب جماعات جديدة للاستفادة من قطاع التخييم لأطفال مؤسسات وجماعات محلية في إطار تعاقدي لتوسيع القاعدة التخييمية ببلادنا.
إن مشروع بديل حركة الطفولة الشعبية في المخيمات إنما جاء لتجاوز أزمة، تداخلت مظاهرها حتى أضحت محتاجة إلى حلول جذرية تهتم بالكل وليس بالترميم والترقيع، وإن شبكة المخيمات المغربية غنية ولا يجب التخلي عنها ولا تفويتها ونحن نطالب بتخصيصها لأصحاب الحق فيها أي الجمعيات التربوية. وحركتنا كانت واضحة وباستمرار فيما يخص اعتراضنا على تفويت أو خوصصة المنشآت العمومية المخصصة للطفولة والشباب أو التخلي عنها، ولذلك اقترحنا صيغة التخصيص AFFECTION التي تحافظ على الملك العام وتخضع المستفيدين الى شروط استغلال وتسيير في إطار عقدة/ برنامج تبعا لدفتر تحملات قانوني يوضح التزامات وحقوق كل الأطراف، وقد تكون هذه الصيغة قريبة من التدبير المفوض المعمول به اليوم في بعض القطاعات الخدماتية.
واليوم وأكثر من أي وقت مضى، فإن قطاع الشباب والطفولة برمته محتاج إلى سن سياسة واضحة المعالم وخطة وطنية متفق حولها يساهم فيها الجميع عن طريق تعاقد واضح ومنهجي يبقى لكل دوره المجتمعي والتاريخي، ويؤدي فيه كل طرف واجباته وفق نظرة واضحة ومسؤوليات مدققة ومعروفة بعيداً عن المستوى الذي لازالت تقوم به أجهزة الوزارة، أي الأداء المباشر الذي كان مقبولا في زمن كان المجتمع المدني بعيدا عن هذه الميادين والمجتمع السياسي لا يعترف له بحقه فيها، وكانت أغلب تلك الأنشطة ترفاً وعبئاً على الدولة، لقد آن الأوان لإيجاد صيغة تنسجم مع التطور الحالي لبلادنا بإيجاد إطار دستوري يرعى مصالح الشباب والطفولة ويعطيها مكانتها اللائقة، ويتمثل فيه كل الفاعلين المباشرين ويشرك كل المستفيدين من أجل وطن جدير بشبابه وأطفاله.
{ ومع كل هذا، هل يمكن الحديث عن مستقبل زاهر للمخيمات بالمغرب؟
< بالطبع لا يمكننا إلا التشبث بالأمل الراسخ في أن الاستثمار في الطفولة هو الاستثمار الحقيقي وهو القاعدة الرئيسية لتغيير السياسات المتبعة هنا وهناك، لاسيما على مستوى الجماعات والهيئات المنتخبة التي لابد لها من تأسيس مصالح تهتم بالطفولة والجمعيات والشباب عوض الاهتمام بالمنح وعلاقتها بالحملات الانتخابية. وهذا يدفعنا الى التأكيد أننا نؤمن بالمستقبل، مستقبل الوطن الأكثر انسجاماً وازدهاراً، ونؤمن أن مخيماتنا سترقى لدرجات مهمة من الجودة والتربية والأخلاق، فهذا ما ينقصها لأن الإمكانيات متوفرة والطاقات البشرية لا تحتاج إلا الى تكوين مستمر يوازي متطلبات المخيمات وحاجيات الطفولة، وهذا يمكن توفيره وضمانه بإبعاد كل المتلاعبين بهذا المرفق الخدماتي من موظفين وجمعويين لا يهمهم إلا الربح على حساب الأطفال والسرقة من منح التغذية وتضخيم الأعداد على حساب الجودة واستغلال كل ذلك في الحملات الانتخابية والتسابق السياسي نحو المقاعد بالجماعات أو المسؤولية بالأحزاب والنقابات.
إننا داخل حركة الطفولة الشعبية نحارب بأقصى جهودنا كل الاختلالات والانزلاقات، سواء كانت فردية أو جماعية، وسواء همت الفروع والجهات أو ارتبطت بالمسؤولين عن ذلك، سلاحنا في ذلك، قوانيننا الأساسية والداخلية ومبادئنا وأهدافنا التربوية ومكانتنا داخل المجتمع واستقلاليتنا عن كل الضغوطات المالية والسياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.