باشرت إحدى الوكالات التابعة لمجموعة تأمين كبرى، مقرها الرئيسي في مدينة الدارالبيضاء، تحقيقا داخليا دقيقا بعد رصد تكرار مثير للريبة في لوحات ترقيم سيارات واردة ضمن ملفات تعويض عن حوادث سير، ما أثار شبهات قوية بوجود عملية احتيال منظمة داخل قطاع التأمين. القضية بدأت حين لاحظ المسؤول عن معالجة الملفات، عبر النظام المعلوماتي المعتمد، أن عددا من المطالبات الواردة خلال العامين الماضيين يتكرر فيها اسم طرف ثان بشكل غريب، ويتعلق الأمر بصاحب دراجة نارية، تم إدراجه في جميع الملفات المشبوهة. كما تبين أن هذه الملفات مرتبطة بثلاث سيارات فقط، وهو ما عزز فرضية وجود تلاعب واحتيال متعمد. وبناء على هذه الملاحظات الأولية، تم إشعار الإدارة المركزية للمجموعة التي قررت، بتنسيق مع شركات تأمين أخرى، فتح تحقيق موسع في هذه الملفات. وتبين أن لوحتي ترقيم لسيارتين وردتا في مطالبات تعويض مقدمة لثلاث شركات تأمين مختلفة، ما شكل دليلا إضافيا على وجود خلل خطير في النظام. التحريات التي أجريت لاحقا أفضت إلى الاشتباه في وجود شبكة منظمة تنشط في افتعال حوادث سير وهمية بهدف الحصول على تعويضات مالية دون وجه حق. وكشفت التحقيقات أن المتورطين كانوا يعتمدون على أسلوب محكم يتمثل في اكتتاب عقود تأمين قصيرة الأجل لا تتجاوز ثلاثة أشهر، ثم تقديم ملفات مشكوك في صحتها للحصول على تعويض، قبل أن ينتقلوا إلى شركة تأمين أخرى ويكرروا العملية نفسها. وقد قدرت قيمة التعويضات التي حصلوا عليها بشكل غير قانوني بنحو 7 ملايين درهم، مما يسلط الضوء على حجم الأضرار التي لحقت بقطاع التأمين جراء هذه الممارسات. وكشف التنسيق المشترك بين الشركات المتضررة عن شبكة احتيالية تمتد عبر عدة مدن، تضم عناصر متعددة من أصحاب محلات إصلاح وطلاء السيارات، إلى جانب متدخلين لهم صلة مباشرة بمساطر التعويض، ما يعكس خطورة الظاهرة وتغلغلها في منظومة التأمين.