حذرت منظمة الصحة العالمية من تفش واسع لوباء الكوليرا في مختلف أنحاء العالم، بعدما جرى تسجيل أكثر من 409 آلاف إصابة و4738 وفاة في 31 دولة منذ مطلع سنة 2024 وحتى منتصف شهر غشت الجاري. وأوضحت المنظمة أن عوامل متشابكة مثل النزاعات المسلحة والفقر والنزوح الجماعي والتغير المناخي ساهمت بشكل مباشر في انتشار المرض، خاصة في المناطق الريفية والمتضررة من الفيضانات، حيث يؤدي ضعف البنية التحتية الصحية وصعوبة الولوج إلى العلاج إلى تفاقم الخسائر البشرية. ورغم تسجيل انخفاض بنسبة 20% في عدد الإصابات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، إلا أن الوفيات ارتفعت بما يقارب 46%، وهو ما وصفته المنظمة بالمؤشر الخطير، لكونه يكشف عن ثغرات في التشخيص المبكر وفعالية العلاج. وأشارت إلى أن معدل الوفاة تجاوز عتبة 1% في ست دول، وهو ما يعد مرتفعا جدًا في معايير الصحة العالمية. وسجلت كل من جمهورية الكونغو الديمقراطية وتشاد أعلى نسب وفيات بلغت 7.7% و6.8% على التوالي، فيما يبقى السودان الأكثر تضررا عالميا، إذ وثقت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسف) أكثر من 2400 وفاة مرتبطة بالكوليرا في 17 ولاية خلال عام واحد. ويقدّر الباحثون أن الكوليرا تتسبب سنويًا في ما بين 1.3 و4 ملايين إصابة و21 ألفا إلى 143 ألف وفاة. ورغم أن معظم الحالات يمكن علاجها بسهولة عبر محلول الإماهة الفموي، إلا أن بعض الإصابات تتطور بسرعة إلى إسهال مائي حاد وتجفاف قاتل قد يودي بالحياة خلال ساعات ما لم يتم التدخل الطبي العاجل. واعتبرت المنظمة أن الكوليرا تمثل مؤشرا على غياب العدالة الاجتماعية والتنمية غير المتوازنة، مشددة على أن السبب الجوهري لتفشي المرض يكمن في انعدام المياه النظيفة وضعف خدمات الصرف الصحي، خصوصًا في المناطق المتأثرة بالنزاعات أو الأزمات المناخية. كما دعت إلى الاستثمار في البنية التحتية للمياه والصرف الصحي وتحسين خدمات النظافة، إلى جانب تعزيز الترصد الوبائيوتطوير قدرات المختبرات من أجل الكشف المبكر عن الفاشيات. وأشارت المنظمة إلى أن المجتمع الدولي يعتمد أيضًا على اللقاحات الفموية مثل "يوفيتشول-بلاس" و"يوفيتشول-إس"، غير أن النقص العالمي في الإمدادات منذ أكتوبر 2022 أجبر فرق الصحة على الاكتفاء بجرعة واحدة بدل جرعتين في الحملات الميدانية. وأكدت منظمة الصحة العالمية أن المشاركة المجتمعية تمثل ركيزة أساسية في مواجهة الوباء، سواء عبر الإبلاغ المبكر عن الحالات أو من خلال الالتزام بممارسات النظافة وسلامة الغذاء والماء. وتعتمد الجهود الدولية في الوقت الراهن على "خريطة طريق 2030″، التي تستهدف خفض وفيات الكوليرا بنسبة 90%، والقضاء على المرض في 20 دولة بحلول ذلك التاريخ.