بعد مسار طويل من النقاش داخل المؤسسة التشريعية، نشر القانون رقم 03.23 المعدل لقانون المسطرة الجنائية (22.01) في الجريدة الرسمية، على أن يبدأ تطبيقه بعد ثلاثة أشهر من تاريخ النشر. وعلى خلاف ما وقع مع قانون المسطرة المدنية، لم تتم إحالة النص الجديد إلى المحكمة الدستورية من طرف الجهات المخولة دستوريا، رغم دعوات بعض الهيئات الحقوقية والمدنية إلى ذلك، خاصة بخصوص المادتين الثالثة والسابعة. وتنص المادة الثالثة على أن متابعة الجرائم المتعلقة بالمال العام لن تتم إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بصفته رئيسا للنيابة العامة، بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات أو تقرير من المفتشية العامة للمالية، أما المادة السابعة فترهن إمكانية الجمعيات في التنصيب كطرف مدني بتوفر شرط المنفعة العامة والحصول على ترخيص من وزارة العدل، وهو ما أثار اعتراضا واسعا من حقوقيين ومؤسسات مدنية. ويعتبر قانون المسطرة الجنائية بمثابة المرجع العام الذي ينظم القواعد المتعلقة بحق الدولة في العقاب، بدءا من البحث والتحقيق وضبط المتهمين ووسائل الإثبات، وصولا إلى إجراءات المحاكمة وطرق الطعن وتنفيذ الأحكام. وزارة العدل وصفت صدور هذا القانون بأنه محطة بارزة في مسار تحديث المنظومة القضائية بالمغرب، مؤكدة في بلاغ رسمي أن ذلك يجسد الإرادة السياسية بقيادة الملك محمد السادس لترسيخ دولة الحق والقانون. من جانبه، اعتبر وزير العدل عبد اللطيف وهبي أن اعتماد هذا النص يشكل لبنة أساسية في ورش الإصلاح الشامل للعدالة، ويعكس ثقة الدولة في مؤسساتها، مضيفا أن تحديث المنظومة القضائية سيكون عنصرا حاسما في إنجاح الاستحقاقات الوطنية المقبلة، وعلى رأسها تنظيم نهائيات كأس العالم 2030. البلاغ الوزاري أشار أيضا إلى أن القانون الجديد يعزز ضمانات المحاكمة العادلة، من خلال تكريس قرينة البراءة، وضمان الحق في الدفاع، وتمكين المشتبه فيهم من التواصل مع محام، والحد من اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، كما يوفر حقوقا موسعة للضحايا، مع تدابير خاصة لحماية النساء والأطفال، ويحدث مرصدا وطنيا للإجرام لتوجيه السياسة الجنائية على أسس علمية. وختمت وزارة العدل بالتأكيد على أن هذا الإصلاح يعد خطوة مركزية ضمن ورش تحديث العدالة، إلى جانب مراجعة القانون الجنائي والمهن القضائية، وتسريع التحول الرقمي بالمحاكم، بما ينسجم مع أهداف النموذج التنموي الجديد ورؤية المغرب 2030.