رغم الدعوات الحقوقية والمدنية التي طالبت بإحالته على المحكمة الدستورية للتحقق من مدى دستورية عدد من مواده، صدر أخيرا بالجريدة الرسمية عدد 7437 بتاريخ 8 شتنبر 2025، القانون رقم 03.23 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، على أن تدخل أحكامه حيّز التنفيذ بعد ثلاثة أشهر. ولم تتجه الجهات المخول لها ذلك بموجب الفصل 132 من الدستور إلى إحالة النص على القضاء الدستوري، بخلاف ما جرى مع قانون المسطرة المدنية الذي عُرض على الفحص والتدقيق. وتعد المادتين الثالثة والسابعة، أبرز النقاط التي فجّرت الجدل، حيث حضرت المادة الثالثة إمكانية تحريك الأبحاث أو إقامة الدعوى العمومية في قضايا المال العام بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات أو تقرير من المفتشية العامة للمالية. فيما نصّت المادة السابعة على ضرورة شرط المنفعة العامة والحصول على إذن من وزارة العدل حتى تتمكن الجمعيات من التنصيب كطرف مدني، وهو ما اعتبره حقوقيون ومؤسسات دستورية تقييدا لدور المجتمع المدني. في المقابل، أشادت وزارة العدل ب"استكمال المسار التشريعي الذي أفضى إلى اعتماد القانون رقم 03.23′′، معتبرة أنه يمثل محطة تاريخية تجسد الإرادة السياسية للمملكة بقيادة الملك محمد السادس لترسيخ دولة الحق والقانون. وزير العدل عبد اللطيف وهبي أكد أن القانون الجديد يشكل "ركيزة أساسية في البناء الإصلاحي الكبير"، مبرزا أن تحديث المنظومة القضائية وضمان أمن قضائي حديث سيكونان عاملين حاسمين في تعزيز مكانة المغرب، خاصة مع اقتراب احتضان كأس العالم 2030. وبحسب بلاغ وزارة العدل، فإن النص الجديد يكرّس قفزة نوعية في مجال ضمانات المحاكمة العادلة من خلال: تكريس قرينة البراءة وتحسين شروط الدفاع. ضمان محاكمة داخل أجل معقول وتوسيع نطاق المساعدة القانونية. تقليص الاعتقال الاحتياطي وتفعيل بدائل احترازية حديثة. تعزيز حقوق الضحايا، مع تدابير خاصة لحماية النساء والأطفال ضحايا العنف. إحداث مرصد وطني للإجرام لتوجيه السياسة الجنائية. واعتبرت الوزارة أن اعتماد هذا القانون يشكل لبنة أساسية ضمن ورش إصلاح العدالة إلى جانب مراجعة القانون الجنائي، تطوير قوانين المهن القضائية، وتسريع التحول الرقمي للمحاكم، انسجاما مع رؤية المغرب 2030 والنموذج التنموي الجديد.