استشهاد 37 فلسطينيا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة معظمهم من منتظري المساعدات    البرتغال.. المحكمة الدستورية تمنع مشروع قانون يقيد الهجرة    شبهة رشوة تتسبب في توقيف ضابط أمن بمراكش    الملك يعزي في وفاة جمال الدين بودشيش    باريس تصدر مذكرة اعتقال دولية لدبلوماسي جزائري في قضية اختطاف مثيرة    زيلينسكي يحذر من إقصاء أوكرانيا عن قمة ترامب وبوتين ويؤكد رفض التنازل عن أراضٍ لروسيا    إسرائيل ترفض الانتقادات الدولية لخطة السيطرة على غزة، ومجلس الأمن يعقد جلسة الأحد لبحث التطورات    ماذا قال طارق السكتيوي قبل مواجهة منتخب كينيا في "شان 2024″؟    حكيمي ينسحب من سباق الكرة الذهبية لصالح منافسه!    خبر سار للركراكي قبل نهائيات إفريقيا    فرقة مركز البيئة للدرك الملكي تحجز 12 كلغ من اللحوم مجهولة المصدر بموسم مولاي عبد الله أمغار    حادثة سير تحت جنحة الفرار تقود درك الجديدة الى تفكيك مخزن للوقود المهرب    الرصاص يلعلع بتطوان    توقعات السبت.. طقس حار وزخات رعدية في بعض المناطق    "لوموند": إيلون ماسك يستلهم تحركاته من شخصية روائية    نصير شمّة في بلا قيود: لا توجد آلة موسيقية لديها تاريخ العود أو ثأثيره    ماذا نعرف عن فيروس "شيكونغونيا" الذي أعاد شبح "كورونا" إلى العالم؟    "نونييس" يكلّف الهلال 53 مليون يورو    20 عاما سجنًا لرئيس وزراء تشاد السابق    عشرات الآلاف يتظاهرون في تل أبيب ضد "خطة نتنياهو" لاحتلال مدينة غزة    العالم يختنق بحرارة غير مسبوقة وما هو قادم أسوأ من الجحيم    ودائع البنوك تتجاوز 1300 مليار درهم    إطلاق "GPT-5" يكشف فجوة بين طموحات "OpenAI" وتجربة المستخدمين    الوداد يعلن التعاقد رسميًا مع الصبار    عمل جديد يعيد ثنائية الإدريسي وداداس    ليفاندوفسكي ولامين جمال يتبادلان اللكمات في تدريب طريف (فيديو)    سقوط شاب من قنطرة وسط طنجة أثناء تصوير فيديو على "تيك توك" (صور)    إسبانيا.. وفاة عاملة مغربية دهساً داخل مزرعة في حادث شغل مأساوي    الاحتجاجات على اختفاء مروان المقدم تنتقل إلى اسبانيا    جثمان شيخ الزاوية البودشيشية يصل إلى مداغ والجنازة الأحد    رشقة بارود على مستوى الرأس تودي بحياة فارس شاب بجرسيف    اجتماع بين وزارة التربية الوطنية والنقابات التعليمية لبحث تتبع تنزيل اتفاقي دجنبر 2023        المغربي سعيد أوبايا يتوج بذهبية الكراطي في الألعاب العالمية بالصين    مواجهات الوداد وآسفي في كأس "كاف"    مشروع قانون المالية 2026 : المغرب يسرع التحول الاقتصادي بمشاريع كبرى    العودة الكبرى لنجوم مسرح الحي    الصخيرات تستعد لاحتضان الدورة الرابعة من مهرجان "تيم آرتي" بحضور 16 فنانا بارزا    مشروع قانون مالية 2026..الحكومة تتعهد بمواصلة سياسة الربط بين الأحواض ودعم مدارس "الريادة"    80% من المقاولات تعتبر الولوج للتمويل البنكي "عاديا" في الفصل الثاني من 2025            "رابأفريكا" ينطلق بحضور جماهيري لافت    "زومبي" الرعب وموت أخلاق الحرب    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    مستثمرون من مغاربة العالم: عراقيل إدارية تهدد مشاريعنا بالمغرب    الملك محمد السادس يواصل رعايته السامية لمغاربة العالم عبر برامج تعزز الارتباط بالوطن وتواكب التحول الرقمي    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية سنغافورة بمناسبة العيد الوطني لبلاده    وفاة محمد المنيع عمدة الفنانين الخليجيين    أنفوغرافيك | سوق الشغل بالمغرب خلال 2025.. انخفاض طفيف للبطالة مقابل ارتفاع الشغل الناقص    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب        الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلة القبض على سعيد في المطار
نشر في الصحراء المغربية يوم 26 - 01 - 2010

جمع سعيد أغراضه، وحمل الحقائب في سيارة الأجرة، وتوجه نحو المطار، كي يلحق بطائرته، التي ستحقق حلم حياته في حضور حفل زفاف ابنه المغترب، الذي يصادف غدا.توجه نحو الجوازات، بعد تسليم الحقائب، وسلم على الضابط، وأعطاه جوازه. نظر الضابط إليه مليا، ثم قال "لم صورتك في الجواز بذقن، وأنت حليق الذقن؟".
تعجب سعيد من السؤال، وقال "أنا ذاهب لحضور مراسم عرس ابني، ويوم أخذت الصورة، كنت على عجل، فلم ألحق أن أحلق ذقني".
ضرب الضابط حروف اسم سعيد في جهاز الكمبيوتر، وفجأة، اتسعت عيناه، وحمل السماعة، وتكلم بصوت خافت، حضرت على إثره، فورا، عناصر من الشرطة، وأمسكوا بسعيد، المذهول مما يجري، لدرجة أن لسانه انعقد عن النطق، بينما وقف ضابط الجوازات وهو يصرخ "خذوا هذا المجرم، المطلوب من القضاء، إلى الحجز، حتى ترحيله إلى النيابة".
فزع سعيد من كلمة النيابة، وتوسل بصوت أقرب للبكاء "سيدي، والله هناك سوء فهم، أنا رجل شريف، ولست مجرما، وغدا زواج ابني، ولا يمكن تأجيله. الله يرضى عنك، لا تحرمني من حلم حياتي، والله ما عندي غير هذا الولد، وأمه متوفاة. حرام عليك".
لم تجد توسلات سعيد نفعا، فاقتيد، مكبلا بالأغلال، وسط نظرات الناس في المطار، وكل منهم يفسر الموضوع على هواه، واحد يقول إنه تاجر مخدرات، وآخر يقول إنه إرهابي دولي، ونصاب، وكل تهمة شنيعة يمكن تصورها.
وفي الحجز، حاول سعيد أن يستذكر حياته، كي يعرف سبب اعتقاله، فلم يجد شيئا، فهو عاش، طوال حياته، بكل شرف وأمانة، واحترام للقانون، لكنه تذكر أنه، في أحد الأيام، نهر أحد زملائه في العمل، عندما كان يغرق في مدح الوزير، وأعطاه صفات لا تليق إلا بالرسل والأنبياء، وتقترب من الكفر، وتوعده زميله، وقتها، بأنه سيريه من هو الوزير. إلا أنه ترك الفكرة، لأن هذا الوزير طرد منذ سنوات، وهو، الآن، يقبع في بيته، ولا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا.
يا رب، ماذا يكون إذن؟ قالها لنفسه مائة مرة. ما الذي فعلته، كي أكون مطلوبا أمنيا؟ تذكر أن جاره، الذي يعمل في جهة أمنية، كان يوقف سيارته كل يوم أمام مدخل كاراج بيته، وفي يوم طلب منه أن يتوقف عن ذلك، فضربه الجار، وهدده بأن يغلق على حياته، إن هو اعترض مرة ثانية. لكنه استبعد ذلك من رأسه، مبتسما بمرارة، قائلا "منذ متى أصبحت المخابرات تصدر أحكاما بالاعتقال؟ هم يأخذونك، وانتهى الأمر، دون حكم، ولا مذكرة توقيف، ولا من يحزنون".
بات سعيد في الزنزانة دون أن يغمض له جفن، بين خوفه على مصيره، وحزنه على ابنه، الذي سينقلب عرسه إلى مصيبة، بعد اختفاء والده، دون أي خبر أو أثر، إذ لم يسمح له بالاتصال بأي أحد من أقاربه، أو معارفه.
وفي الصباح، اقتيد مخفورا إلى النيابة، ووقف على رجليه 3 ساعات، مع عتاة المجرمين، والقتلة، حتى جاء دوره، فوقف أمام قاضي التحقيق، الذي فتح ملفه، وقال لسعيد، الذي كاد قلبه أن يتوقف من الخوف "يا سيد سعيد، أنت عليك غرامة مرورية منذ 3 سنوات، لتوقفك في مكان ممنوع. ولأنك لم تسددها، صدر الأمر بإلقاء القبض عليك".
لم يصدق سعيد ما يسمع، فبعد معاناته، كان الأمر أشبه بنكتة سمجة، أو كابوس مرعب، لكنه قال "يا سيدي القاضي، أنا، أصلا، لا أملك سيارة، ولم أملك يوما سيارة، ولا أحمل رخصة قيادة، لأن قلبي، الذي يكاد يتوقف منذ ليلة أمس، لا يستحمل السواقة، وأنت تعتقلني بسبب غرامة مرورية! وعلى فرض صحة الموضوع، كم هي غرامة التوقف الممنوع؟ وهل يستحق هذا المبلغ التافه إهانة الناس، ومسح كرامتهم بالأرض ومعاملتهم كالمجرمين؟".
نظر القاضي إليه، وقال "ألست أنت سعيد وحيد حميد؟". أجاب "لا يا سيدي، أنا سعيد وحيد فريد".
أمسك القاضي بالقلم، وشطب على الملف وقال لسعيد "بسيطة يا عم، تشابه أسماء، وحصل كل خير، إن شاء الله! ولكن، كي ترفع أمر إلقاء القبض، يجب أن تأخذ هذه الورقة، وتذهب إلى المحافظة، والأمن العام، والجوازات، ودائرة تنفيذ الأحكام، ومديرية الكمبيوتر، ومركز شرطة الحي، الذي تسكن فيه. وهذا كل شيء مؤسف، وإن شاء الله، ما تزعل منا".
وكل تشابه أسماء، وأنتم بخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.