مجلس النواب ينتخب أعضاء المكتب .. وخلافات تؤجل الحسم في رؤساء اللجان    وزيرة الشؤون الخارجية الليبيرية تنوه بمستوى العلاقات التي تجمع بلادها بالمغرب    مدير "الفاو" يحذر من تفاقم الجوع بإفريقيا ويشيد بالنموذج المغربي في الزراعة    مباحثات تجمع رئيس الحكومة ومدير "الفاو"    شركة سافران والخطوط الملكية المغربية تعلنان تعزيز شراكتهما في مجال خدمات محركات الطائرات بالمغرب    غوغل تطرد 28 من موظفيها لمشاركتهم في احتجاج ضد عقد مع إسرائيل    إيران تتوعد إسرائيل: "ستندم" على أي هجوم    مصرع قائد الجيش الكيني في تحطم مروحية    الدكيك: نستعد لمواجهة ليبيا بجدية كبيرة    المنتخب المغربي للفتيان يتعادل مع الجزائر    تلميذ يرسل أستاذا إلى المستعجلات بتزنيت        شاهدها.. الإعلان عن أحسن صورة صحفية لعام 2024    ما هو تلقيح السحب وهل تسبب في فيضانات دبي؟    طنجة.. توقيف شخص لتورطه في سرقة بطاريات السيارات    لماذا يصرّ الكابرانات على إهانة الكفاح الفلسطيني؟    بوركينا فاسو تطرد 3 دبلوماسيين فرنسيين    الحكومة ستستورد ازيد من 600 الف رأس من الأغنام لعيد الاضحى    طنجة: توقيف شخص وحجز 1800 قرص مخدر من نوع "زيبام"    بوريطة يشيد بمواقف ليبيريا الثابثة في قضية الصحراء المغربية    مجلس الحكومة يصادق على مشاريع وتعيينات    مطار حمد الدولي يحصد لقب "أفضل مطار في العالم"    نجوم مغاربة في المربع الذهبي لأبطال أوروبا    نهضة بركان يحل ضيفا على اتحاد الجزائر يوم الأحد في نصف نهائي كأس الكاف    المغرب متراجع بزاف فمؤشر "جودة الحياة"    البيجيدي يجدد الثقة في بووانو رئيسا لمجموعته النيابية    واش تنادم معهم الحال حيث شافوه محيح مع العين؟ نايضة فالأهلي المصري بسبب سفيان رحيمي    ما الذي قاله هشام الدكيك قبل المواجهة الحاسمة أمام ليبيا؟    السفينة الشراعية التدريبية للبحرية الألمانية "غورتش فوك" ترسو بميناء طنجة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    المغرب وليبيريا يجددان التأكيد على مواصلة تعزيز تعاونهما الثنائي    هل تغير أميركا موقفها بشأن عضوية فلسطين بالأمم المتحدة؟    تاجر مخدرات يوجه طعنة غادرة لشرطي خلال مزاولته لمهامه والأمن يتدخل    أصيلة.. توقيف ثلاثة أشخاص للاشتباه في ارتباطهم بالاتجار في المخدرات    فدوى طالب تكشف موعد عرض "مروكية حارة" بالقاعات السينمائية    منير بنرقي : عالم صغير يمثل الكون اللامتناهي    هل يتراجع "الكاف" عن تنظيم نسخة جديدة من "السوبرليغ" في 2024؟    تقرير دولي يكشف عن عدد مليونيرات طنجة.. وشخص واحد بالمدينة تفوق ثروته المليار دولار    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    عزيز حطاب يكشف ل"القناة" حقيقة عودة "بين القصور" بجزء ثانٍ في رمضان المقبل!    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أكادير تحتضن الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ    تنظيم الدورة الثانية لمعرض كتاب التاريخ للجديدة بحضور كتاب ومثقفين مغاربة وأجانب    يوفنتوس ملزم بدفع أزيد من 9 ملايين أورو لكريستيانو رونالدو وهذا هو السبب    بينهم سوري.. عقود عمل وهمية والإتجار بالبشر يطيحان ب5 أشخاص في فاس    "نتفليكس" تعرض مسلسلا مقتبسا من رواية "مئة عام من العزلة" لغارسيا ماركيز    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    زلزال بقوة 6,3 درجات يضرب هذه الدولة        قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    وزارة الصحة: حوالي 3000 إصابة بمرض الهيموفيليا بالمغرب    أرقام رسمية.. 3000 مغربي مصاب بمرض "الهيموفيليا" الوراثي وها شنو موجدة وزارة الصحة لهاد النزيف الدموي    عينات من دماء المصابين بكوفيد طويل الأمد يمكن أن تساعد في تجارب علمية مستقبلاً    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروبيو يكشف جزءا من خبايا عوالم شكري السفلى
نشر في الصحراء المغربية يوم 22 - 04 - 2010

كشف صديق الراحل محمد شكري، ونديمه طيلة 30 سنة، أحمد الكباشي، الملقب ب"الروبيو" عن بعض خبايا العالم السفلي لصاحب "زمن الأخطاء"وأكد أن الكاتب المغربي الراحل، مارس نزعاته الجنسية المثلية، في فترات من حياته، تحت وقع الفاقة والحاجة، وكذا الرغبة في التجربة والتنويع، كما يفعل البوهيميون، سواء عندما كان يتسكع في أزقة "سوق الداخل" في طنجة، أو عندما تعرف على كتاب أجانب ربط معهم علاقات، لم تكن كلها أدبية، أمثال جان جينيه في العرائش، وبول بولز في طنجة، حسب ما قاله في حديث إلى إذاعة هولندا الدولية.
وأبدى"الروبيو"، الذي لم يكن يفارق شكري في قرع كؤوس النبيذ، والويسكي خاصة، رغبة في الحديث عن مغامرات شكري الليلية، مع بنات الهوى ومع الصهباء في حانات طنجة، التي كان يتردد عليها ويسكنها وتسكنه، إذ لا تذكر طنجة إلا مقرونة باسم كاتبها المشاغب محمد شكري، الذي رحل عن الدنيا منذ ست سنوات.
أزقتها وأمكنتها الغامضة تكاد تنطق، كما أنطقها شكري في كتاباته، لتتحدث عن عالم "سفلي" لم يألفه الأدب العربي من قبل. وشخوص حكايات شكري لم تكن من نسج خيالات صعلوك تقمصه مس من الأدب، بل كانت من لحم ودم تصارع من أجل البقاء، تقتات من بقايا ليالي طنجة المريرة وحاناتها، التي تلفظ أنفاسها الأخيرة مع انبلاج كل صباح. أحد شخوص شكري الروائية يدعى "الروبيو"، الذي يعيش الآن وحيدا صحبة كلب، وسلحفاة لا تعبأ بأحد.
"ذكريات محمد شكري لن تنسى. لم نكن نفترق، كنا دائما في الحانات. وحينما نسكر نتحدث عن كل شيء، عن الفن والأدب والسياسة وتقواديت (القوادة)". و"تقواديت" في عرف هؤلاء الليليين تعني الحديث عن بائعات الهوى وعالم الغلمان. "لم تكن تحكمنا رقابة"، وغلمان محمد شكري دائما فوق سن العشرين، يضيف "الروبيو". حياة محمد شكري، صاحب "الخبز الحافي" و زمن الأخطاء"، مليئة بدوائر الظل، منها ما يتعلق بحياته كأديب، ومنها ما يرتبط بحياته كإنسان قست عليه الحياة، فقسا بدوره على قيمها الأخلاقية في ما يشبه الانتقام. تصعلك في صباه وتشرد بين أزقة طنجة الضيقة. فضيق الحال وقلة ذات اليد دفعاه إلى امتهان أي شيء، حتى الدعارة. "إلا أن ذلك كان في فترات ضعفه".
وأحد فصول حياته كشف عنها في لعبة الكشف والمكاشفة، إذ لم يتردد شكري عن بعث رسائل فيها الكثير من البوح والمعاناة لصديقه الأديب والروائي محمد برادة، إذ جمعها الأخير في كتاب يحمل عنوان"ورد ورماد". وقال برادة في مقدمة هذا العمل" الأهم من كل ذلك، أن الحوار امتد بيني وبين شكري خلال اللقاءات، ثم عبر الرسائل لأنني وجدت فيه محاورا قريبا إلى النفس، متصفا بالتلقائية والصراحة. وكان يخيل إلي، ولعلي كنت مخطئا، أن شكري يحتاج إلى من يذكره بضرورة الاستمرار في الكتابة لمقاومة تفاهة المحيط الذي يعيش فيه".
من شذرات ذكريات شكري، التي حاول أن يبوح بها إلى صديقه محمد برادة، نقتطف منها ما يلي، وتحديدا في رسالة بعث بها إلى برادة، مؤرخة في 12/1/1982 يقول فيها"منذ أيام كنت في مرقص ففكرت في هؤلاء الذين ينكحون الهواء.إنهم يصنعهم الليل والنهار مزبلتهم. ذكاؤهم في الضوء الفراشي، الذي يرقصهم، كل يوم لقاء مع الذين لا ينتظرونهم، يفجرون أفراحهم التي لم يعشها آباؤهم".
وفي رسالة أخرى مؤرخة في 2/5/1986 كتب فيها" لم أعد أفتح باب منزلي إلا لبعض الحوريات، حسب تعبيرك الرومانسي في رسالتك. من تنكر لي من الرجال أكثر ممن تنكر لي من النساء. مازالت صداقتي حميمة مع الكثيرات المحترفات منهن وغير المحترفات. كل واحدة تريد أن تتزوج. أنا لا أجزم بشيء ثابت".
هذا فيض من غيظ من حديقة شكري الليلية، التي قاربها زميله ونديمه "الروبيو"، الذي أعاد إلى الأذهان قصة بوهيمي لا يتجرأ في إمتاع القارئ، والسفر به إلى عوالمه السفلى والعليا، أيضا، إذ يقول "الروبيو" وهو يفتح ملفات تحوي شذرات من ذكرياته مع شكري "هناك أشياء عن محمد شكري يصعب البوح بها" . وحينما يشعر بوزر السؤال عن ماهية تلك الأشياء، يتردد بعض الشيء قبل أن يشرع في الحكي. "كان معدما لا يملك أي شيء.
كان يكتب قصصا صغيرة يبيعها لسيدة أوروبية في السوق الداخل تفتح له ساقيها ومطعمها ليأكل ب "الكريدي" (الدين)"، وبهذه الطريقة ضاع الكثير من القصص التي خطها شكري بيده وباعها بالتقسيط، "لم يكن شكري يعتقد أنه سيصبح كاتبا".
المعروف أن شكري لم يتزوج كما هو حال صديقه "الروبيو" أيضا. وإذا كانت "الظروف" هي التي حالت بين "الروبيو" والزواج، فإن شكري كان يردد، بحسب قول رفيقه الروبيو "هل سأتزوج بامرأة واحدة وأترك مائة امرأة؟ كانت هذه مراوغة من "الروبيو" لتفادي الخوض في الجانب الآخر من حياة شكري، جانب نزوعه الغلماني، الذي طالما اقترب منه شكري في كتاباته دون إفصاح. وحول السؤال المباشر ألم يكن شكري يميل أيضا إلى الرجال؟ يجيب "الروبيو" بطريقة ملتوية "أنت تعلم أن شكري كان صديق جان جينيه، وهذا الأخير كان مثليا".
دعارة محمد شكري الغلمانية في "السوق الداخل" يسميها "الروبيو" ب "العملية". مشيرا إلى أن هناك أشياء لا يمكن الجهر بها هنا في المغرب".
عاشر "الروبيو" الكاتب الفرنسي البوهيمي جان جينيه في مدينة العرائش، كما عاشره شكري. وفي إحدى المرات قدم شكري صديقه "الروبيو" للكاتب بول بولز، المقيم في طنجة على أساس أنه "غلام جان جينيه". يعلق "الروبيو" عن الحادثة قائلا "قلت لمحمد شكري قل له (لبولز) نحن الاثنان من غلمان جان جينيه".
طور الروبيو ومحمد شكري لغة مرموزة كانا يتحدثان بها عن مغامراتهما الجنسية مع الذكور. "كنا على سبيل المثال نقول هل سُرقت أم سَرقت"؟ (هل مارست الجنس أم مورس عليك؟). كانت حانة "سكوتش" في طنجة (لم تعد قائمة الآن) هي ملتقى الشاذين جنسيا والمثليين. وكان شكري و"الروبيو" يترددان عليها باستمرار. وفي آخر الليل يعودان إلى البيت مصحوبين بصيدهما أو يُصادان.
وعن الأسباب التي جعلت شكري يلمح في كتاباته إلى ميولاته المثلية ولا يفصح عنها، يقول الروبيو "لأنه كان يخاف". فنظرة المجتمع نحو من يمارس الجنس "على" الذكور أخف وطأة ممن يمارس عليه. كما إن الإطار الديني المحافظ في المغرب يحتم اتخاذ الحذر، رغم أنه كان صاحب المعول، الذي هوى على كل التابوهات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.