سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كاير: تقليص حجم الاستثمارات في قانون المالية قد يؤثر سلبا على نسبة النمو أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة المحمدية يعتبر أنه تحكم فيه هاجس تقليص عجز الميزانية
يرى عثمان كاير، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الحسن الثاني المحمدية، أن القانون المالي لسنة 2014 يغلب عليه طابع التقشف في النفقات العمومية، وتقليص نسبة عجز الميزانية، معتبرا أن ذلك يخلق عائقا أمام تشكيل آلية للرفع من نسبة النمو، المرتقبة في حدود 4.2 في المائة. وبخصوص الجانب الضريبي في هذا القانون، تطرق كاير، في حوار مع "المغربية"، لزوايا عدة، من قبيل تضريب القطاع الفلاحي، والضريبة على القيمة المضافة، ليخلص إلى أن الحكومة تتردد في تنزيل توصيات مناظرة الصخيرات، التي ربطت أي إصلاح بضرورة إقرار عدالة ضريبية حقيقية. ما هي قراءتكم لقانون المالية 2014؟ - أعتقد أن العنوان الأبرز للقانون المالي لسنة 2014 هو التقشف، على اعتبار أن الهاجس الذي تحكم في التوجهات العامة المتضمنة فيه، هو التحكم في النفقات العمومية، وتقليص نسبة عجز الميزانية، التي من المرتقب، رغم كل ذلك، أن تفوق نسبة 4.9 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وبالتالي، فمن الصعب أن يتمكن مشروع انكماشي بهذا الشكل، أولويته الأساسية هي تحقيق التوازنات الماكرو اقتصادية، من أن يشكل آلية للرفع من نسبة النمو المرتقبة في حدود 4.2 في المائة. في هذا الصدد، وجب تنسيب الأثر الإيجابي لتوجه اقتصادي من هذا القبيل، على اعتبار أن التجربة أثبتت أن اختيارات من هذا النوع تعزز الأزمة، عوض الخروج منها، خصوصا في حالة الاقتصاد المغربي. وتتجلى السياسة التقشفية في طبيعة الاختيارات المنتهجة، التي تهدف إلى إعادة النظر في الإنفاق العمومي والتحكم في حجمه، لكن دون مقاربة إصلاحية واضحة المعالم. فالحكومة، من خلال هذا المشروع، تسعى إلى التقليص من تحملاتها في صندوق المقاصة، مع تخفيض الاستثمار العمومي، وتجميد كتلة الأجور، عبر الخفض من عدد الوظائف المحدثة في القطاع العام، وتجميد الترقيات المستحقة للموظفين. يجب التأكيد، في هذا الإطار، أن الاستثمار العمومي طالما شكل الرافعة الأساسية للنمو بالبلاد، عبر الطلبات العمومية في مجالات البنيات التحتية، وبرامج التنمية، ما يعني أن الاستمرار في تقليص حجم الاعتمادات الاستثمارية خلال سنة 2014 بعد تقليص الميزانية المرصودة لذلك في 2013 بمبلغ 15 مليار درهم، ينم عن قصر نظر حقيقي، لا يقيم التأثير الهيكلي الإيجابي للإنفاق العمومي على الدورة الاقتصادية. bثار قرار تضريب القطاع الفلاحي ردود فعل متباينة، عبرت عن تناقض هذا التدبير مع توجهات مخطط المغرب الأخضر، ما رأيكم في هذا الموضوع؟ - أعتقد أن روح مناظرة الصخيرات المتعلقة بإصلاح النظام الضريبي تبقى غائبة عن هذا القانون، الذي لم يستثمر بالشكل الكافي ما خلصت إليه التوصيات والنقاشات من ضرورة إعادة النظر في المنظومة الضريبية ككل، عبر التوفيق بين أهداف العدالة الاجتماعية وهاجس تنافسية المقاولة المغربية، مع تحسين مردودية مداخيل الدولة. في هذا الصدد، كان منتظرا أن تعيد الحكومة النظر في حزمة الامتيازات الضريبية، مع تقليص الإنفاق الضريبي، عبر إلغاء الإعفاءات والامتيازات غير المنتجة، التي أصبحت تهم قطاعات واسعة في النسيج الاقتصادي، وتحقق مداخيل وأرباحا خيالية. غير أن الحكومة فضلت عدم الاقتراب من هذا الملف، بل ذهبت في اتجاه تنظيم إعفاء القطاع الفلاحي، وليس إلغائه بالنسبة للاستغلاليات الكبرى. فتضريب القطاع الفلاحي، كما تتصوره الحكومة من خلال مشروع ميزانية 2014، لن يهم سوى استغلاليات محدودة، بالنظر للحد الأدنى من رقم المعاملات، الذي حددته الحكومة في 5 ملايين درهم، وهو ما يعني، بشكل أو بآخر، أن استغلاليات كثيرة قابلة للتضريب أصبحت معفية بقوة القانون وبشكل دائم. ينضاف إلى ذلك أن التضريب التدريجي للاستغلاليات الكبرى لن يوسع من قاعدة المداخيل الجبائية الفلاحية، نظرا لمحدودية الاستغلاليات، التي يفوق رقم معاملاتها 10 ملايين درهم. bمن قانون المالية للسنة الجارية تعديلات همت الضريبة على القيمة المضافة، والضريبة على السيارات الفخمة وغيرهما، ألا تتوقعون أن تكون لهذه المقتضيات تداعيات محتملة على القطاعات المعنية بهذا الأمر؟/b - هذا القرار هو بالأساس استجابة لمطالب قديمة، عبر عنها رجال الأعمال، ويهم تقليص عدد النسب المطبقة في إطار الضريبة على القيمة المضافة، مع توسيع قاعدة تطبيقها. معلوم، في هذا الصدد، أن الضريبة على القيمة المضافة هي بالأساس ضريبة غير عادلة اجتماعيا، على اعتبار أنها لا تحقق الاستهداف اللازم من حيث حجم المداخيل ومستوى المعيشة، ما يجعل العاطل والمتقاعد يساهمان بالشكل نفسه والحجم ذاته، مقارنة مع من هم في وضع اقتصادي أحسن. هذا ما يجعلنا نستخلص تردد الحكومة في تنزيل توصيات مناظرة الصخيرات (في ماي 2013، حول الجبايات)، التي ربطت بين أي إصلاح وضرورة إقرار عدالة ضريبية حقيقية. بالمقابل، كان على الحكومة، عوض إقرار إجراءات معزولة كالضريبة على السفر أو السيارات الفخمة، الانكباب بشكل جدي على تحصيل مداخيل الضريبة على الشركات، التي تشهد اختلالا كبيرا، لأن 2 في المائة فقط من الشركات تؤدي أكثر من 80 في المائة من مداخيل هذه الضريبة، مع الحرص على تخفيض ملحوظ لنسبة الضريبة على الدخل المفروضة على الموظفين والأجراء، الذين يشكلون العمود الفقري للطبقات المتوسطة. b هي السبل الكفيلة بتحقيق الجاذبية المرجوة في مجالات الصناعة والسياحة وغيرهما؟/b أعتقد أن عمق الإشكال يتجلى في أن الحكومة مازالت رهينة الشعارات، ولا تتوفر حقيقة على رؤية للإصلاح، خارج إطار الحلول الكلاسيكية، التي أصبحت متجاوزة، بفعل تشابك وترابط الإشكاليات الاقتصادية، ومحدودية تأثير السياسات الوطنية. إن الحكومة مطالبة بتطوير إمكانيات تفاعلها مع المعضلات البنيوية للاقتصاد الوطني، وعدم الارتكان لحلول، قد تساهم في تكريس وضع الأزمة، بل قد ترهن مستقبل الأجيال المقبلة. لقد حاولت الحكومة حماية المؤشرات الاقتصادية من الانهيار، لكن ذلك لم يتجسد من خلال سياسات عمومية واضحة المعالم ومتجانسة الهوية، وهو ما فتح الباب أمام إجراءات ظرفية، لا تحقق الالتقائية المطلوبة بين الفعالية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي. بل إن الحكومة تسير بالمغرب في طريق التفريط في سيادة قراره الاقتصادي، ورهن الحكومات ومستقبل الأجيال المقبلة، وهو ما يطرح بحدة إشكالية غياب روح المسؤولية والجدية في تعامل الحكومة مع الشأن الاقتصادي، وتقدير تداعياته السلبية على الاستقرار السياسي، وصلابة النموذج المغربي المتفرد في المنطقة ككل. فالمراقب لعمل الحكومة يمكن أن يستنتج بسهولة أن أولوياتها انزاحت بمرور الوقت، لتجعل من الشأن الاقتصادي موضوعا هامشيا في سلم انشغالاتها الأساسية. واقع غذى كل شروط وظروف الانتظارية القاتلة، وغياب الرؤية المؤطرة لدى الفاعلين الاقتصاديين، التي لن تحل معضلتها فقط بتعيين رجل أعمال على رأس وزارة التجارة والصناعة.