كان الإمام الشهير العيون الكوشي، ليلة أمس الخميس، يشنف أسماع الالاف المصلين، الذين اصطفوا وراءه، داخل مسجد الأندلس، وعبر الشوارع والأزقة المحيطة به، في حي أناسي بالدارالبيضاء، بتلاوة مؤثرة لسورة البقرة، خلال صلاة التراويح، عندما انقطع صوته فجأة، ويُتبع بسماع أصوات غير عادية تصدر من جهة المحراب. ظل المصلون واقفين خاشعين في انتظار استئناف صوت الإمام لإكمال الركعة السادسة من صلاة التراويح لأول أيام شهر رمضان الحالي، فإذا بالكوشي يعلن عبر مكبر الصوت أن أمرا خطيرا اضطره إلى قطع الصلاة. اضطر المصلون بدورهم إلى التسليم قبل إتمام الركعة، للإنصات لكلمة إمامهم المفضل، الذي يأتون للصلاة خلفه من جميع جهات الدارالبيضاء، وخارجها. قال الكوشي بصوت خافت إن شخصا تبدو عليه علامات الاختلال العقلي تسلل من وسط حشود المصلين إلى أن وصل إليه، قبل أن يتصدى له بعض الأشخاص في الصفوف الأولى لإخراجه من المسجد. بعد طمأنة الناس عن سلامته وعدم تعرضه لأي أذى، طلب الكوشي من المصلين بنبرة لا تخلو من معاتبة، أن يتصدوا لكل ما من شأنه الإخلال بنظام الصلاة، موضحا أن بإمكان المصلي أن يقطع صلاته إذا تبين له أن مكروها سيقع في المسجد، من أجل إيقافه أو الحد من خطورته. وبعد إبعاد الشخص المهاجم عن قاعة الصلاة، والذي تبين أنه لم يكن يحمل أي شيء قد يؤذي به سلامة المصلين، استأنف الكوشي صلاة التراويح في جو مفعم بالخشوع والطمأنينة. ويعد هذا الاقتحام، الثاني من نوعه خلال هذا الأسبوع بمدينة الدار البيضاء، إذ كان بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني ذكر أن الفرقة الوطنية بمنطقة عين الشق، تمكنت، منذ ثلاثة أيام، من إيقاف شخص للاشتباه في تورطه في قضية اعتداء بالضرب والجرح بواسطة السلاح الأبيض على أحد المصلين بمسجد "الحمد"، ما تسبب للضحية في جرح في البطن، يخضع بشأنه حاليا للعلاجات الضرورية بإحدى المؤسسات الاستشفائية بالعاصمة الاقتصادية. وكان مسجد حسان، بالرباط، تعرض بدوره، منذ أسبوعين، لاقتحام مماثل، أدى إلى اعتلاء أحد الأشخاص المنبر بطريقة غريبة، وتهديد المصلين بسلاح أبيض عبارة عن مدية، بعد تدخلهم لثنيه عن التمادي في هذا التصرف، ما أحدث اضطرابا بوقار العبادة وقدسيتها خلال صلاة الجمعة. ولعل ما يثير الانتباه في هذه القضايا الثلاث أن المعتدين تظهر عليهم جميعا علامات الخلل العقلي، ما يطرح إشكالية حماية المساجد من مثل هذه الاعتداءات، في ظل وجود العديد من الأشخاص المختلين عقليا يجوبون شوارع المدن، والساحات العمومية، ويجلسون قرب المساجد والمدارس، دون رعاية طبية، وبلا حماية أمنية لهم، ولباقي المواطنين، الذين قد يتعرضون للإيذاء من طرفهم في أي لحظة وفي أي مكان، ولو في المحراب.