إقبال كبير من الجالية والنساء.. هذا عدد المغاربة المستفيدين من دعم السكن وتمكنوا من اقتناء سكنهم    حزب الله يشن أعمق هجوم في إسرائيل منذ 7 أكتوبر.. والاحتلال يستعد لاجتياح رفح    أبو عبيدة: العدو عالق في رمال غزة.. وهجوم إيران أربك حسابات الاحتلال    محلل رياضي مشهور: أمرابط بمانشستر ليس اللاعب المتألق الذي رأيناه مع المنتخب المغربي في قطر    طقس الأربعاء.. أمطار ورياح مع تناثر غبار بهذه المناطق    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    رد قوي من طرابلس على التكتل مجهول الهوية لي بغات تخلقو الجزائر.. ليبيا شكرات سيدنا على دعمه الثابت لقضيتها وأكدات أهمية تعزيز اتحاد المغرب العربي    "الأحرار" يحسم الاقتراع الجزئي بفاس    رحيمي والعين قصاو بونو والهلال وتأهلو لفينال شومبيونزليگ    موقف بركان قوي واتحاد العاصمة ضعيف وها الأحكام اللي يقدر يصدرها الكاف فقضية الغاء الماتش بسبب حماق الكابرانات    سيراليون دعمات الوحدة الترابية للمملكة.. هو الحل الوحيد لي عندو مصداقية    تلاميذ متميزون يستكشفون آفاق الدراسة في كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة    الحوار الاجتماعي.. الحكومة والنقابات داخلين فمفاوضات مكثفة على قبل الحق في الإضراب وحرية العمل    لومبارت كوساك : الفلاحة .. العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي "غنية جدا"    المنتخب الجزائري لكرة اليد شبان ينسحب من مواجهة المغرب بسبب خريطة المملكة    بطولة إيطاليا لكرة القدم.. تأجيل احتفالات فريق إنتر باللقب ومباراته ضد تورينو إلى الأحد المقبل    إليك أبرز أمراض فصل الربيع وكيفية الوقاية منها    وزير فلسطيني: المغرب الأكثر اهتماما وعناية بشؤون القدس    ميارة يستقبل فيرا كوفاروفا نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأمثال العامية بتطوان... (580)    يهم البذور والأغنام والحليب.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما الفلاحي    الأديب عبد الرفيع جواهري ضيفا على برنامج "مدارات"    وزير الخارجية الإسباني يؤكد افتتاح الجمارك بباب سبتة    تفتيش شابة على متن حافلة ببني ملال يسفر عن مفاجأة    تداولات البورصة تغلق على "أداء سلبي"    فرنسا معولة على مخابرات المغرب فتأمين أولمبياد باريس وها شنو گال جيرالد دارمانان    عاجل. حكم قاصح بزاف. الاستيناف طلع العقوبة الحبسية للطاوجني ل4 سنين بسباب شكاية دارها بيه وزير العدل    وهبي لوزيرة العدل ديال الساو تومي فاجتماع دولي: تكلمي السيدة الوزيرة أنت كإمراة عندك الحق تتكلمي عشرين مرة    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    وزارة إسبانية: "سيام" من أكثر المعارض الفلاحية الواعرة فشمال إفريقيا    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    ضمن جولة إقليمية.. حموشي يقود وفدا أمنيا مغربيا إلى الدوحة ويتباحث مع مدير "أمن الدولة"    جائزتها 25 مليون.. "ديزي دروس" و"طوطو" يترأسان لجنة تحكيم مسابقة في فن "الراب"    الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    الأقمصة الرياضية التي أرعبت السلطات الجزائرية!    وزير الزراعة والأمن الغذائي بنيجيريا: "نرغب في تعميق علاقات التعاون مع المغرب في المجال الفلاحي"    أمل تيزنيت يستنكر الأخطاء التحكيمية التي ارتكبت في مباراته أمام جمعية المنصورية    بعد أزمة نهضة بركان.. الاتحاد الدولي للمصارعة يعتمد خريطة المملكة في أقمصة المنتخب    بكين تنفي "كل المزاعم بتجسس صيني"    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    الذهب ينخفض لأدنى مستوى في أكثر من أسبوعين مع انحسار مخاوف الشرق الأوسط    بنموسى: الأزمة التي عاشتها المنظومة التعليمية شكّلت لنا فرصة للإصلاح    وزارة التربية الوطنية تشرع في عقد المجالس التأديبية للأساتذة الموقوفين وسط رفض نقابي لأي عقوبة في حقهم    حرائق الغابات تجتاح عددا من مقاطعات كندا    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)        سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    الأمثال العامية بتطوان... (579)    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مو إبراهيم: نحن سعداء باهتمام جلالة الملك بإفريقيا وزياراته المتكررة لها ونأمل أن تتضاعف
المستثمر البريطاني السوداني الأصل قال لالمغربية إن توجهات صاحب الجلالة مهمة للغاية وتساير العصر
نشر في الصحراء المغربية يوم 03 - 04 - 2014

عبر المستثمر البريطاني، السوداني الأصل، الدكتور مو إبراهيم، الذي يزور المغرب حاليا، عن سعادته بانفتاح المغرب على إفريقيا، والزيارات المتكررة لجلالة الملك لدول الجوار الإفريقي.
(سوري)
وأوضح في حوار خص به "المغربية" اعتزازه باهتمام جلالة الملك بإفريقيا مشيدا بالحضور الوازن لرجال الأعمال خلال الزيارات الملكية، ووصفه بالمهم، لأنه يحقق التكامل الاقتصادي ويساهم في وضع الأسس المتينة للعلاقات السياسية السليمة.
واعتبر الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك في افتتاح المنتدى الاقتصادي المغربي الإيفواري رسالة إيجابية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
ولم يخف مو إعجابه بما تحقق في المغرب من إطلاق للحريات قائلا إنه يتعامل بذكاء مع الأوضاع، "وبالتالي فإنه ينعم بالاستقرار الذي يكتسي أهمية بالغة، ومهم أيضا أن تستبق الأحداث، وتستشرف متطلبات الشعب وتستجيب لها. ونحن نقول دائما إن المغرب بلد استشرافي، وهذا جنبه كل المشاكل التي حدثت في شمال إفريقيا". وفي ما يلي نص الحوار:
الدكتور مو إبراهيم، في البداية نشكركم، على الموافقة على إجراء هذه المقابلة، في الأعراف العربية والإفريقية لا نسأل الضيوف عن أسباب زياراتهم، مخافة الاعتقاد أنهم غير مرغوب فيهم، لكن في مجال الإعلام قفزنا على ذلك، والسؤال الأول هو في أي إطار تدخل زيارتكم الحالية للمملكة المغربية؟
جئنا إلى المغرب تلبية لدعوة من مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة التجارة، لحضور تقديمه الرؤية المستقبلية للصناعة في المغرب، وتشرفنا بهذه الدعوة.
نحن في حوار مستمر مع الإخوة في المغرب، سواء تعلق الأمر بالحكومة أو رجال الأعمال، ونناقش معهم باستمرار قضايا القارة الإفريقية، وأهمية الدعم الاقتصادي والاستثمار فيها، وخلق فرص العمل للشباب في قارتنا، وهو التحدي الكبير الذي يواجهنا.
نحن نتبادل الأفكار ووجهات النظر باستمرار خلال زياراتنا للدول الإفريقية، وفي هذا الإطار نمت العلاقة بيننا وبين الإخوة المغاربة، وكانت لنا لقاءات في لندن، وجنيف، ولما تلقينا الدعوة لزيارة بلدكم لم نتردد في الاستجابة. نتطلع إلى توقيع اتفاق مع الحكومة المغربية، إذ سنتعاون في مجال الشفافية والحكامة الرشيدة في الأمور العامة وفي قطاع الاقتصاد، وكل ما يشكل مستقبل إفريقيا في إطار الحكامة الرشيدة.
كيف تنظرون إلى نموذج الحكامة المغربية؟
لدينا دليل للحكامة الرشيدة الذي يتضمن كل التفاصيل، إذ نعمل على قياس 93 مؤشرا، والمغرب في وضع متقدم، ونأمل أن يستمر هذا التقدم، لأن هذا مهم جدا.
يرتكز مؤشركم للحكامة الإفريقية على عدد من النقاط مثل الأمن ودولة الحق والقانون وحقوق الإنسان والمشاركة والتنمية المستدامة والبشرية، كيف تنظرون إلى تجربة المغرب، الذي قطع أشواطا مهمة في هذا المجال؟
نحن نرى أن هذه الخطوات إيجابية، ونقدر المرحلة التي بلغها المغرب في التطوير الديمقراطي، وفتح باب الحريات، ونرى أنه حقق تقدما ملموسا، ونثمن ما يجري تحقيقه في المغرب في هذا المجال، ونأمل أن يتواصل المنحى التصاعدي.
إن المغرب بلد مهم في إفريقيا ويجب أن يلعب دوره في القارة، في مجالات الاستثمار والتنمية، وتهييء فرص العمل بالنسبة للشباب المغربي والشباب الإفريقي، لأنه مستقبلنا، ونتمنى أن يستمر تحسن علاقات المغرب وإفريقيا.
فضلا عن اهتماماتكم المتعددة بالقارة السمراء، نود أن تحدثونا عن رأيكم في التحولات التي يشهدها المغرب، التي لا يكاد يمر يوم دون أن نطلع على الإشادة بها من قبل شخصيات وازنة تتحدر من الديمقراطيات العريقة؟
إنها تحولات مهمة ونحن سعداء ببعد نظر القيادة في المغرب، والنظرة الاستشرافية التي جنبت بلدكم المشاكل، إذ هناك مشكلات في مصر وفي تونس وليبيا وسوريا، ارتبطت بحسني مبارك وزين العابدين بنعلي والقذافي وبشار الأسد، الذين تأخروا في الإصلاح والاستجابة لمتطلبات العصر.
إن المغرب يتعامل بذكاء مع الأوضاع، وبالتالي فإنه ينعم بالاستقرار الذي يكتسي أهمية بالغة، ومهم أيضا أن تستبق الأحداث، وتستشرف متطلبات الشعب وتجري الاستجابة لها. نحن نقول دائما إن المغرب بلد استشرافي، وهذا جنبه كل المشاكل التي حدثت في شمال إفريقيا.
هل هذا المناخ الذي يشهده المغرب، والذي أصبح أكثر تشجيعا للاستثمار في المغرب محفز لكم من أجل الاستثمار، خصوصا أن مجال تخصصكم يشهد تطورا لافتا في المغرب؟
إن المغرب يجذب الاستثمارات بكل أنواعها، وشركات الهاتف المحمول أصبحت مثلها مثل شركات أي منتج، ولم تصبح مغرية، فعصر المعدلات العالية في النمو انتهى.
نحن نرى أنه يمكن الاستثمار في المغرب في تكنولوجيا الإعلاميات والخدمات والصحة، نعتقد أن المجال المصرفي مهم للغاية، كما أن التوزيع مجال مهم ويمكن الاستثمار فيه.
لديكم أيضا، قطاع السياحة الذي نما بشكل الملحوظ في السنوات الأخيرة، وبالتالي نحن بصفتنا مستثمرين جددا لا نفكر في هذا المجال، الذي يتوفر فيه المغرب على استثمارات كثيرة ومهمة.
نحن أمام شخصية على قدر كبير من المعرفة في ما يخص القدرات والمؤهلات المتوفرة في القارة السمراء، ودون شك لاحظتم الاهتمام الذي يكتسيه البعد الإفريقي في السياسة الخارجية للمملكة المغربية، والجولات الملكية المهمة لبلدان غرب ووسط القارة الإفريقية، فماذا يمكن أن تقولوا بخصوص هذا التوجه؟
نحن سعداء جدا بانفتاح المغرب على إفريقيا، ونلاحظ الزيارات المتكررة لجلالة الملك لدول الجوار الإفريقي، وهذا مهم لأن عددا من دول شمال إفريقيا على وشك أن تفقد هويتها الإفريقية، لأنها مع الأسف تنظر كثيرا إلى الشمال عبر البحر الأبيض المتوسط، أو للشرق عبر الجزيرة العربية وتنسى التوجه نحو جذورها. أظن أن الأمر مرتبط ببقايا عنصرية دفينة، هذا مؤسف لكن يجب أن نعترف بوجود هذا النوع من العنصرية أحيانا.
المغرب بلد متعدد الثقافات والهويات ولاحظنا بسعادة بالغة أن دستور المملكة المغربية يعترف بلغات أخرى إلى جانب اللغة العربية، هذا الاهتمام والتأصيل مهم جدا، ونحن نحييه.
إننا نأمل أن يستمر المغرب في توطيد علاقاته بإفريقيا، وأن تمتد هذه العلاقات إلى شرق القارة. نلاحظ تركيزا على الدول الإفريقية الناطقة باللغة الفرنسية، أعتقد أن للمغرب دورا يلعبه مع الدول الناطقة بالإنجليزية والسواحيلي وبلغات مختلفة، أقول هذا لأنني أقدر مكانة المغرب في قارتنا.
نحن سعداء باهتمام جلالة الملك بإفريقيا وزياراته المتكررة لها، ونأمل أن تتضاعف، ونلاحظ أنه في كل الزيارات الملكية هناك حضور وازن لرجال الأعمال، وهذا مهم لأن التكامل الاقتصادي والعلاقات الاقتصادية هي التي تضع الأسس المتينة للعلاقات السياسية السليمة. إن العلاقات بين الدول ليست مجرد إنشاء وخطابات وكلام أخوي، بل إن العلاقات الاقتصادية الوثيقة هي التي تربط الناس ببعضهم، ورجال الأعمال المغاربة سباقون في هذا المجال، وأتمنى أن يدركوا أن إفريقيا أكبر من الفرنكفونية.
خلال الجولة الإفريقية الأخيرة لجلالة الملك محمد السادس، وبالضبط في افتتاح المنتدى الاقتصادي المغربي الإيفواري، ألقى جلالة الملك خطابا مهما، اعتبرناه مجددا للوعي الإفريقي، لأن جلالته دعا فيه إلى القطع مع الفكر الذي ظل سائدا، والذي احتلت فيه السياسة الصدارة، مؤكدا أننا لسنا في زمن الحرب والقتال ومناهضة الاستعمار، بل في زمن صناعة المستقبل، وشدد على أهمية التفكير في المصالح المشتركة والتركيز على النجاعة والمردودية والمصداقية، أكيد أن الخطاب الملكي كانت فيه استجابة لتطلعاتكم بصفتكم ابن القارة في الأصل ومستثمرا مهتما بها؟
إنها رسالة إيجابية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، تحررت إفريقيا قبل خمسين عاما، ويؤسفنا أن عددا من الرؤساء الأفارقة ما يزالون يتحدثون عن الاستعمار. إنهم ينسون أن أمريكا كانت في السابق مستعمرة بريطانية، لم نسمع مواطنا أو رئيسا أمريكيا يشتكي ويردد أن لبلده مشكلة بسبب الاستعمار البريطاني. كثيرة هي الدول التي كانت مستعمرة، وأشير هنا إلى الصين والهند وغيرهما.
مضى على استقلالنا أكثر من نصف قرن، وخلال هذه المدة نحن المسؤولين عن مصيرنا، في فجر الاستقلال كان دخل الفرد في الكثير من البلدان الإفريقية أعلى منه في كوريا الجنوبية والصين وسنغافورة وماليزيا، أين نحن الآن من هذا؟ لا داعي للمقارنة في الوقت الراهن بين كوريا الجنوبية وغانا ومصر والسودان.
يجب أن نعترف بحصول فشل مؤسف في القيادة السياسية لعدد كبير من الدول الإفريقية، فبدل أن نهتم بالمقومات الأساسية للاقتصاد الإفريقي وهي فرص العمل والاستثمار تركنا كل شيء للمجهول. إن قارتنا لا تنقصها المساحات، فهي ثاني أكبر قارة، ويمكن تستوعب كلا من أوروبا وأمريكا والصين والبرازيل، ومع ذلك يبقى لديك فائض، إفريقيا برمتها لا يتجاوز مواطنوها مليار شخص، وهذا أقل من الهند والصين، ما يعني أننا لا نواجه أزمة أرض أو سكان.
لدينا المياه وثروة سمكية هائلة، وتحت الأرض أيضا هناك ثروات كثيرة، لماذا نحن فقراء؟ كان الراحل مانديلا يشكو قائلا إفريقيا قارة غنية ومواطنوها فقراء، هناك فشل في القيادة السياسية الإفريقية وفشل في الحكامة الرشيدة، وللأسف ابتلينا بأشخاص اهتموا بذواتهم وعائلاتهم وجرى نهب الثروات.
تغيرت الأمور وأصبحنا نرى جيلا جديدا من الحكام، وبدأت دائرة الديمقراطية تتسع، إذ يوجد في ثلاثين دولة نظام ديمقراطي يتم فيه تداول الحكم، بين عامي 2000 و2012 جرت حوالي 120 انتخابات في إفريقيا، وأسفرت 40 منها عن تداول السلطة، هذا أمر جيد مقارنة مع السابق، كما أن المجتمع المدني بدأ ينمو ويسير في اتجاه مرحلة النضج، ووسائل الاتصالات التقنية الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي خلقت للشباب إمكانيات مهمة للتواصل ولم تعد هناك أسرار، أو مكان للعتمة.
كيف تنظرون إلى دعوة جلالة الملك إلى الاهتمام بالاقتصاد في ما يخص العلاقات؟
كما سبق أن قلت إن توجهات جلالة الملك مهمة للغاية وتساير العصر، فالاقتصاد الذي يدعو إلى الاهتمام به هو أصل وأساس كل شيء، ونحن لدينا من الإمكانات ما لا يتوفر لدى غيرنا، إن مجموع 60 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة غير المستثمرة في العالم توجد في إفريقيا، كما أن ناتج الفدان الإفريقي أقل بكثير من الناتج العالمي، هذا خبر سيء لكن في الوقت نفسه خبر مفرح، لأنه أمامنا إمكانيات كبيرة لنرفع عائدات الفلاحة عبر استعمال البذور المنتقاة والأسمدة.
إن شعوب القارة الإفريقية لن تقتات من الشعارات السياسية، بل هي أمس الحاجة إلى تحسين وضعها، وهذا لا يتأتى إلا بإصلاح الاقتصاد والاهتمام به. الناس في حاجة إلى الطعام، ومناصب شغل للشباب ومدارس، وهذا هو الحكم الرشيد.
إذا اطلعت على مؤشر الحكامة ستلاحظ أن التفاصيل التي نلجأ إليها للتعريف بالحكم الرشيد وتحديده ستلاحظ أننا نبتعد عن لغة الخطاب التقليدي ونتعامل بلغة الأرقام، هذا أيضا هو النقاش بين الشعوب والقيادات، أي كم كيلومتر من الطرق المعبدة والسيارة؟ كم كرسي دراسة؟ وكم من الشباب استطاعوا الولوج إلى مناصب الشغل؟ وكم الدين العمومي؟ وكيف هو دخل الفرد؟ وكيف هي الاتصالات والمناطق الفلاحية؟ وغيرها...
سبق أن انتقدتم تقدم سن القادة في القارة السمراء، الذين أشرتم إلى أن معدل سنهم هو 60 عاما، كما أشرتم إلى حاجة القارة السمراء إلى الحكامة، ومع ذلك يمكن القول إنكم غامرتم واستثمرتم فيها بشكل لافت، فما الذي أغراكم للاستثمار؟
لا أظن أنني مغامر، نحن استثمرنا في إفريقيا، لأن الحاجة إلى الخدمات ملحة في إفريقيا، بعد مائة عام على الهاتف الثابت لم يتجاوز عدد الخطوط في إفريقيا 3 ملايين خط، أكثر من نصف الأفارقة لم يسمعوا رنة الهاتف، وبالتالي كان الهاتف المحمول أساسيا، لأنه يتلاءم مع الطبيعة الإفريقية، الأرض الكبيرة التي تحدثنا عنها يصعب حفرها لوضع الأسلاك تحت الأرض أو مدها عبر الصحاري والغابات والأنهار وغيرها.
إذن، استثمرنا في أشياء كانت القارة في حاجة إليها، اليوم أصبح الهاتف المحمول في إفريقيا أكثر من أوروبا وأمريكا. كان القرار صائبا وهو نتيجة شعور حاد بالحاجة إلى هاته الخدمات، وفي الوقت نفسه الصورة القاتمة لإفريقيا في أوروبا وأمريكا نحن نؤمن أنها غير صحيحة، لدينا مشاكل في إفريقيا، لكن ليس بالدرجة التي يجري الترويج لها، أي هناك فارق بين حقيقتنا وسمعتنا، وهنا تتمثل فرصة المستثمر.
فتصورهم عن الرشوة مختلف، نحن نؤمن أنها تجمع عدة أطراف، إذ هناك المسؤول وعدد من الشركاء، من بينهم المستثمرون ورجال الأعمال، فمن هم هؤلاء يا ترى؟ هناك طبعا شركات عظيمة، فهل جرت محاكمة هؤلاء الشركاء؟ لا أعتقد، في نظري يجب محاكمة جميع الأطراف.
نحن نقول إن الرشوة مشكلة عالمية وليست إفريقية، والرأسماليون ورجال الأعمال مسؤولون أيضا عن هذه الجريمة، ويجب محاسبة الجميع، ونحن نلاحظ أن القانون في أوروبا تغير فقط، اعتبارا من سنة 2000، إذ أصبحت الرشوة تعتبر جريمة، قبل هذا التاريخ لم تكن كذلك، بل كانت تحظى بإعفاءات ضريبية، أي أنك حين تدفع رشوة تسميها تكاليف البزنس ولا تؤدي عنها ضرائب.
في الحقيقة الدولة الوحيدة التي حاربت الرشوة بجدية هي الولايات المتحدة الأمريكية، للأسف في أوروبا تأخر القانون كثيرا وبعد إقرار القوانين لا نلمس تطبيقا لها. إننا ننتقد الأوروبيين في جميع اجتماعات الأعمال التي نعقدها معهم، ونؤكد لهم ونسألهم كم عدد رجال الأعمال الأوربيين، الذين حوكموا أو سجنوا بسبب الرشوة في إفريقيا، أم أنكم تعترفون بعدم وجود الرشوة في قارتنا. الأفارقة لا يرشون أنفسهم فإذا تحدثنا عن الرشاوى في مجال الاستثمار يجب أن نضفي على الأمر المزيد من المصداقية عبر محاكمة كل الأطراف.
نعرف الكثير عن مجال اشتغالكم وأنشطتكم، التي تشهد تحولات مهمة ربما أغفل الإعلام بعض جوانبها، فهلا حدثتمونا عن التطورات والآفاق أيضا؟
نحن نركز حاليا على المؤسسة الخيرية، "مؤسسة مو"، إذ نصدر الدليل السنوي الذي يتطلب جهدا كبيرا ويلقى ترحيبا من الجميع، فكل البلدان التي نزورها نلاحظ أن قادتها مهتمون بالموضوع ويناقشون معنا التفاصيل، والدول الغربية المانحة تناقش معنا النتائج وتعتمد عليها شأنها شأن رجال الأعمال. إننا نحاول جاهدين تطوير هذا الدليل، لأنه أكبر "مستودع" للمعلومات عن إفريقيا في العالم في الوقت الراهن. الجميل في الأمر أنه نتيجة جهد إفريقي ويمول بأموال إفريقية نحن لا نتلقى إعانات من أي جهة.
حان الوقت لتحل إفريقيا مشاكلها بنفسها، نعقد مؤتمرات للشباب، ونناقش كل سنة مواضيع ذات أهمية بالغة ونتحدث إلى الإعلام كما هو الأمر الآن معكم، نحن نعمل من أجل إيصال كلمتنا عن مستقبل إفريقيا، وفي رأينا مستقبل قارتنا واضح جدا.
إن التكامل الاقتصادي الإفريقي مهم جدا، لابد من إحداث سوق إفريقية موحدة، انظروا إلى ما يحدث في أوروبا، وأيضا في أمريكا بين الولايات المتحدة وكندا وغيرها، في كل مناطق العالم هناك تعاون عمل بوتيرة سريعة. إن قارتنا في منتهى البطء في هذا المجال، والمنظمات الإقليمية بطيئة، ولابد من إرادة سياسية لتحركها، وعلى رجال الأعمال أن يدفعوا في هذا الاتجاه.
تخيلوا أن سكان الصين هو نفسه عدد سكان إفريقيا، لو كانت الصين 50 أو 54 دولة وكل دولة لها قوانينها الخاصة، هل كان بإمكانها تحقيق ما تحققه حاليا، أنا متأكد أنها ستكون مثل إفريقيا، وبالتالي من سيهتم بها، لأنها دولة موحدة أوجدت لنفسها هذه المكانة المتميزة. إن الوحدة تصنع القوة وتفسح المجال من أجل النمو.
إن قارتنا في حاجة إلى الوحدة والاهتمام بالبنيات التحتية، خاصة الموانئ والسكك الحديدية وإنتاج الكهرباء التي تعني التقدم، كل هذا إذا أضفنا له البنية السياسية التي تقود إلى التكامل الاقتصادي والاهتمام بالشباب.
إن القارة الإفريقية شابة فنصف سكانها تقل أعمارهم عن 19 عاما ونصف العام، ماذا أعددنا لهم، أين هي فرص الشغل؟ كانت هناك فرص للعمل في الزراعة، لكننا أهملناها فأصبحنا نستورد الطعام، رغم أن لنا أراضي فلاحية أكبر من كل القارات تقريبا، وأقل عدد من السكان، والمناخ.
أجندة إفريقيا الحقيقية هي الأمور التي أسلفت ذكرها، فإذا ركزنا على ذلك سيكون مسقبل قارتنا أفضل.
ماذا عن الجائزة التي تمنحونها للقادة الأفارقة المتميزين اعترافا بما حققوه من إنجازات؟
للجائزة عدة أهداف، نحن نريد أن نحسن صورة إفريقيا في العالم، وفي عيون الأفارقة أنفسهم، نحن لاحظنا أن العالم لا يعرف عن القادة الأفارقة سوى عيدي أمين وأباشا والأشخاص الذين كانوا وراء مشاكل كثيرة، ولا يعرفون مع الأسف سوى الراحل نيلسون مانديلا، وهذا لا يعكس الحقيقة، لأن إفريقيا أنجبت الكثير من القادة الذين يستحقون الاحترام، لأنهم قدموا لبلدانهم خدمات جليلة وحققوا إنجازات ومع ذلك لا أحد يعرفهم، والمؤسف أننا نحن الأفارقة لا نعرفهم أيضا، فعندما أتوجه إلى الجامعات الإفريقية وأسأل عن رؤساء معينين لا أحد يعرفهم، وأشير هنا إلى جواكيم شيسانو، وفستوس موخاي وبرييس، مع العلم أن الثلاثة حصلوا على الجائزة. نحن نريد أن تثق إفريقيا في نفسها ورجالها، سئمنا أن يحدثونا باستمرار عن عيدي أمين وأباشا وغيرهما.
من أهداف الجائزة أيضا الاهتمام بوضع القادة الأفارقة الممتازين، فأغلبهم عندما يترك منصبه يتوجه إلى أوروبا أو أمريكا ليكتب مذكراته ويبيعها بعشرة ملايين دولار، البنوك العظمى في العالم تعج بالمسؤولين السابقين من رؤساء الوزراء وغيرهم، في إفريقيا لا وجود لنظير هذا، فالقائد أو المسؤول الجيد يغادر منصبه وهو فقير، لا نريد أن تكون عقوبة للأشخاص الجيدين، لذلك نعمل من أجل أن نوفر لهم سبل العيش الكريم، ونمنحهم فرصة التفرغ لخدمة القارة ومساعدتها، فالفائزون بالجائزة سابقا يشتغلون على قضية المناخ مع الأمم المتحدة، والمشاكل الحاصلة في مدغشقر، وفي كينيا لما كانت هناك مشاكل وفي الكونغو كينشاسا وأوغندا. برييس مثلا أقام معهدا لتدريب الموظفين والأطر لتأهيلهم ليكون لإفريقيا أطر قادرة على النهوض بها، كما نبرمج لهم محاضرات في الجامعات الإفريقية لأننا نتطلع إلى أن يعرف شباب القارة نماذج محترمة، ينظرون إليها بقدر مهم من الاحترام ويقتدون بها.
شخصيا لست عضوا في لجنة الجائزة، لأن هذا لا يصح، في الفترة الأولى كان كوفي عنان رئيسا لها ودامت رئاسته أربع سنوات، الآن رئيسها هو الدكتور سالم أحمد سالم الأمين العام السابق للاتحاد الإفريقي، وفيها عدد من الكفاءات من بينهم ثلاثة حائزون على جائزة نوبل وأربعة رؤساء سابقون ونساء، الغالبية أفارقة لكن هناك أوربيون أيضا، ليست لدينا أي مشكلة مع الأوروبيين وليست لنا عقدة نقص مع أي شخص، لكن لابد من أن يقود الأفارقة العمل في هذا المجال.
توزعت محطات حياتكم بين السودان الأصل، ومصر البلد الذي شهد تفوقكم الدراسي، وبريطانيا باعتباركم مواطنا بريطانيا حاليا، فأي المحطة أكثر تأثيرا في توجهاتكم؟
أنا من النوبة والنوبيون ما بين مصر والسودان، وأنا أعتبر مصر والسودان بلدا واحدا، أعتقد أن نشأتي هناك كانت مهمة لأنها تمنح الفرد الإحساس بالانتماء وتقدير الجذور، ففي قريتنا التضامن بين الناس هو السائد، ولدينا مثل يقول "الكفن ليست لديه جيوب"، وهو مثل رائع، لأنه يعلم الفرد معنى العلاقات الإنسانية. أما أوروبا فكانت مهمة بالنسبة إلي من الناحية الأكاديمية والمهنية، وحصلت على الدكتوراه في الجامعات البريطانية، وأنجزت أبحاثا مهمة، أي أنها منحتني فرصة تنمية قدراتي باعتباري مهندسا وباحثا وأكاديميا، وهيأتني لأصبح رجل أعمال.
أنا مدين في تكويني الخلقي للنوبة ومدين في إنجازاتي العلمية والمهنية لبريطانيا وأوروبا.
وعت الدول العربية متأخرة بأهمية المصالح المشتركة، وترجيح كفة الاقتصاد على السياسة وتشجيع الاستثمارات الخارجية، بصفتكم مستثمرا هل سيكون لذلك انعكاس إيجابي، لأن البرازيل وحدها تتفوق في الوقت الراهن على العالم العربي برمته في ما يخص جلب الاستثمارات؟
مشكلتي مع القمم العربية وعدد من دول هذه المنطقة أنها تتحدث أكثر مما تعمل، نسمع باستمرار عن قرارات رائعة من القمم العربية، لكن ما نراه على أرض الواقع، هو التشتت والتشرذم، وعدم القابلية بالرأي الآخر، وعدم سعة الصدر، الواقع العربي مؤسف. أحمد الله لأنني أعيش إفريقيا.
في الختام نشكركم مجددا على الموافقة على هذه المقابلة، ونترك لكم المجال لتوجيه رسالة إلى المواطن المغربي أو الحديث عن جانب ربما نكون أغفلناه في الحوار فتفضلوا..
المملكة المغربية من أجمل البلدان التي زرتها طيلة حياتي، فهي عريقة ولها تقاليد، وفي الوقت نفسه لها قدرة على الجمع بين الماضي والحاضر، لأنه لا يمكن أن ننسى أصلنا أو ننسلخ عن جذورنا، فبدون^جذور لا يمكن للشجرة أن تظل قائمة، وهذا جميل ومن المفروض أن تحافظوا عليه، هناك أشياء كثيرة بإمكانكم أن تعلموها لنا في إفريقيا، تعالوا إلينا نريد أن نراكم أكثر في إفريقيا فهي قارتكم وأنتم مرحب بكم دائما فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.