بقيمة تفوق 7 مليارات درهم..الحكومة تعتمد مشاريع استثمارية لخلق 7 ألاف منصب شغل    وزير خارجية إسبانيا يصدم تل أبيب: قنصليتنا في القدس تعمل قبل وجود إسرائيل    آيت منا يعلن ترشحه رسميا لرئاسة نادي الوداد الرياضي    مؤسسة محمد الخامس للتضامن تطلق النسخة ال24 من عملية "مرحبا"    8255 تلميذا يستعدون لاجتياز البكالوريا بالعيون.. والأكاديمية تسخر 2063 عنصرا لإنجاح المحطة    يستكشف تأثير "الإهمال والصراع" على العلاقة الزوجية.. "واحة المياه المتجمدة" في القاعات السينمائية    "أونسا" يكشف نتائج التحقيق في أسباب نفوق أغنام ببرشيد    ميناء طنجة المتوسط يحتل المركز الرابع وفقا للمؤشر العالمي لأداء موانئ الحاويات    فاجعة علال التازي .. عدد ضحايا "الماحيا المسمومة" يقفز إلى 15 وفاة    لأسباب غامضة.. المنتخب الوطني يفقد نجمين بارزين    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (15)    الصراع الحدودي والتكامل التنموي بين المغرب والجزائر الحلقة الاولى    قرار عاملي بمنع السباحة في الشواطئ في هذا التوقيت    المالكي يبرز أهمية إنشاء منطقتين للتسريع الصناعي للدفاع في المغرب    صديقي يتوقع بلوغ 7,8 ملايين رأس من الماشية في عرض عيد الأضحى    المستشارون يمررون "قانون السجون"    برنامج التحضير لعيد الأضحى على طاولة الحكومة    مبيعات الفوسفاط ومشتقاته تقفز إلى أزيد من 25 مليار درهم خلال 4 أشهر    "دعم الزلزال" يغطي أزيد من 63 ألف أسرة والحكومة ترخص لبناء 51 ألف منزل    السعودية تحذر من درجات حرارة "أعلى من المعدل الطبيعي" خلال موسم الحج    الحكومة صرفت 2.3 مليار درهم لفائدة ضحايا زلزال الحوز على شكل دفعات بهدف إعادة بناء المنازل أو دعم شهري    المنتدى رفيع المستوى بالرباط.. ذكاء اصطناعي أخلاقي من أجل تكنولوجيا مسؤولة وشاملة    محكمة إسبانية تستدعي زوجة سانشيز    الجرار يستنكر حملة التشهير ضد ليلى بنعلي    "الأحمر" ينهي تداولات بورصة البيضاء    بنطلحة يبرز ل"الأيام 24″ دور الدبلوماسية المغربية في نصرة القضية الفلسطينية    حيار: بطاقة الشخص في وضعية إعاقة تضمن العديد من الخدمات الصحية والاجتماعية    مطار العيون الدولي.. سيمتد على مساحة تزيد عن 3.000 هكتار    بوريطة يبرز الرؤية الملكية للتعاون الإفريقي والشراكة متعددة الأطراف في مكافحة الإرهاب    السعودية تحذر من درجات حرارة "أعلى من المعدل الطبيعي" خلال موسم الحج    دياز يعلق على صفقة انتقال مبابي إلى ريال مدريد    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    مبادرة موكب الحايك الوزاني.. رحلة عبر الزمن في أزقة وزان العتيقة    أميمة بن الزوين تطلق «ها الغدر بدا» وتحتفي بالموروث المغربي الأصيل    صفرو تحتفي بالذكرى المئوية لمهرجان حب الملوك    كأس العرش لكرة القدم داخل القاعة.. فريقا شباب علم طنجة وصقر أكادير يتأهلان إلى النهائي    المغرب.. مبيعات السيارات الجديدة تناهز 65 ألف وحدة متم ماي    سيول تحتضن القمة الكورية الإفريقية الأولى بمشاركة المغرب    الفنان نورالدين بدري يطلق أغنية «haute gamme » بطريقة شعبية    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    المندوبية السامية للتخطيط…نمو الطلب الداخلي بنسبة 3,3 في المئة سنة 2023    ندوة دولية بالرباط تقارب ذاكرة جزر القمر    "كاف" تعلن موعد ونظام مسابقتي دوري أبطال إفريقيا والكونفدرالية لموسم 2024/ 2025    زوما ‬و ‬رامافوزا ‬يتسببان ‬في ‬نكسة ‬انتخابية ‬قاسية ‬لحزب ‬نيلسون ‬مانديلا‮    تحقيق أمني بعد العثور على ج ثة داخل مستودع لمواد التنظيف بطنجة    التباس مفهوم العدالة وتحولاتها التاريخية    غواية النساء بين البارابول ومطاردة الشوارع    دراسة: القطط بوابة خلفية لانتقال أنفلونزا الطيور إلى البشر    تصريحات صادمة لفاوتشي بشأن إجراءات التباعد وقت كورونا تثير جدلا    واشنطن تؤكد أهمية دعم المغرب لمقترح بايدن وتشيد بجهود الملك محمد السادس    وليد الركراكي يعقد الخميس ندوة صحفية قبيل مواجهة زامبيا    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أربع من رهائنه في غزة    مودريتش يتمسك بالبقاء مع ريال مدريد ويرفض عروض خليجية بقيمة خيالية    طواف المغرب للدراجات : الفرنسي جيرار داميان يفوز بالمرحلة الرابعة ومواطنه بول كونيي يحافظ على القميص الأصفر    الأمثال العامية بتطوان... (615)    "بوحمرون" يستمر في حصد الأرواح نواحي تنغير.. والحصيلة ترتفع إلى 7 وفيات    المغرب يسجل 47 إصابة جديدة ب"كوفيد"    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجياع العرب ومليارات النفط
نشر في المساء يوم 01 - 06 - 2008


تبرعت دولة الإمارات العربية المتحدة بمبلغ 300 مليار دولار إلى الحكومة المغربية لمساعدتها في تغطية نفقات فاتورة الوقود بسبب ارتفاع أسعار النفط إلى معدلات قياسية، (المغرب يستورد جميع احتياجاته من الأسواق العالمية) كما أرسلت نصف مليون طن من القمح إلى اليمن لمساعدة الشعب اليمني على تجاوز أزمة الغذاء وارتفاع أسعاره. هذه المبادرة تستحق التنويه لأنها تعكس موقفا مسؤولا تجاه الأشقاء الفقراء، ولكنها ليست كافية، لأنها لا تنطلق من عمل مؤسساتي مؤطر ينطلق من استراتيجية خليجية أو عربية، مؤطرة وموحدة، تملك رؤية وتتسم بالديمومة. فبقدر ما أفادت المعدلات القياسية لأسعار النفط الدول المنتجة، سواء كانت خليجية أو مغاربية (الجزائر وليبيا)، من حيث زيادة عوائدها إلى أرقام فلكية، فإنها ألحقت أضرارا كبيرة بالدول العربية والإسلامية غير المنتجة، انعكست فقرا ومعاناة على المستويات الشعبية المسحوقة أصلا، وعجزا كبيرا في ميزانيات حكوماتها. دخل دول الخليج من العوائد النفطية ارتفع من 280 مليار دولار عام 2007 إلى ما يقارب 450 مليار دولار في عام 2008 حسب التوقعات العالمية، أي ما يعادل 1.3 مليار دولار يوميا. وحتى نشرح أكثر، وبلغة الأرقام، فإن دخل المملكة العربية السعودية الذي بلغ 235 مليار دولار عام 2007، سيرتفع إلى أكثر من 350 مليار دولار بنهاية هذا العام، والكويت من 60 مليار دولار العام الماضي إلى ما يقارب 90 مليار دولار هذا العام، أما دولة الإمارات العربية المتحدة فوصل دخلها في العام الماضي إلى 82 مليار دولار، وهو مرشح للزيادة بنسبة خمسين في المائة مع نهاية العام. أما دخل ليبيا فيفوق الستين مليار دولار حسب إحصاءات العام الماضي. وإذا أضفنا إلى هذه الأرقام الدخول الخليجية من الصناعات البترولية الأخرى، فإن الصورة تبدو أكثر وضوحا. وإذا حاولنا معرفة انعكاس هذه الزيادات الكبيرة في أسعار النفط على المنتوجات الغذائية والصناعية في البلدان الفقيرة، فان الآثار ستبدو مرعبة، فالمخصبات الصناعية المستخلصة من النفط (Fertiliser Produced Petro Chimically) ارتفعت أسعارها بمعدل 70% في عام واحد فقط، مثلما ارتفعت بالنسبة نفسها تقريبا أسعار وقود التراكتورات والآلات الزراعية، والشيء نفسه ينطبق على سلسلة من الخدمات المرتبطة بالإنتاج الزراعي، مثل التبريد والنقل والتوزيع والشحن. ولأن نصف دول العالم الثالث تقريبا هي من الدول العربية والإسلامية، فإن علينا أن نتخيل حجم المعاناة في أوساط شعوب هذه الدول، وما قد يصاحبها من أحقاد وربما كراهية للدول العربية المنتجة للنفط، خاصة إذا جرى نشر وتوزيع حجم الصناديق المالية الادخارية لهذه الدول أو ما يسمى (Sovereign Funds) حيث تحتل دولة الإمارات المرتبة الثانية بعد اليابان (875 مليار دولار) وبعدها الكويت (250 مليارا) وقطر (50 مليارا) وليبيا (40 مليارا) والمملكة العربية السعودية التي انضمت حديثا، أي في شهر نيسان (ابريل) الماضي (5.2 مليار)، وهذه الأرقام مرشحة للارتفاع شهريا. المنطق يقول بضرورة الاستفادة من هذه الثروة الهائلة في تحسين الظروف المعيشية لشعوب الدول النفطية أولا، من حيث استثمارها بشكل جيد في إقامة مشاريع منتجة توفر الوظائف، وتطور قطاعات الخدمات العامة من صحة وتعليم ومواصلات، فمن المؤسف أن معظم شعوب الدول العربية المنتجة للنفط لا تجد الرعاية الصحية الأساسية، حيث المستشفيات تعاني من الإهمال المطلق والنقص الحاد في الأدوية الأولية ناهيك عن الخبرات الطبية، الأمر الذي أدى إلى ازدهار الخدمات الطبية الخاصة، واستغلالها البشع للمواطنين بالتالي، ومن يزور مستشفيات وعيادات لندن وبرلين وفيينا يجد المأساة مجسدة في طوابير من المرضى القادمين من الدول العربية الثرية للعلاج من أمراض من المفترض أن يكون متوفرا علاجها في مستشفياتها الوطنية. وفي الوقت نفسه لا بد من الالتفات إلى دول الجوار العربي والإسلامي، وحتى دول العالم الثالث من خلال خطة مساعدات مدروسة، وتشكيل صناديق ومؤسسات خيرية لمساعدة هذه الدول، عبر تمويل مشاريع إنتاجية، وتحسين الخدمات الأساسية، شريطة أن تقدم هذه المساعدات بعيدا عن أساليب التمنن والمعايرة، وإذاعة وبث الأرقام عبر الصحف ومحطات التلفزة، مثلما حدث ويحدث في الماضي، وأبرز الأمثلة على ذلك ما حدث للفلسطينيين، ففي كل مرة كان يطرأ خلاف في العلاقات معهم أو مع منظمتهم (عندما كانت منظمة تحرير) نجد الحكومات تصدر بيانات عن حجم الدعم الذي قدمته لهم، بما في ذلك فاتورة أقلام الرصاص لمدارسهم، ولا نريد أن نفتح جروحا وهي كثيرة للأسف. نحن لا نحسد الدول العربية النفطية على ثرواتها الهائلة، بل ونتمنى لها أن تتضاعف، ولكننا نجد لزاما علينا أن نحذر من خطورة نهج الأنانية الذي نراه حاليا، أو التطنيش حسب التوصيف الشعبي، تجاه معاناة الآخرين، خاصة في منطقة متوترة أساسا، وتتنافس على قصعتها أمم كثيرة. فموقف الحكومتين السورية والمصرية على وجه الخصوص، حيث مستودع هائل من الفقر، قدم تغطية شرعية ضرورية للاستعانة بالقوات الأمريكية لإخراج القوات العراقية من الكويت. وشاهدنا الحكومة الكويتية ترسل وفودا سياسية وإعلامية إلى معظم الدول العربية، وغير النفطية خصوصا من أجل شرح وجهة نظرها، وكسب التأييد لقضيتها. الرئيس الراحل صدام حسين كسب تعاطفا شعبيا عربيا هائلا عندما تحدث عن التوزيع العادل للثروة العربية على الشعوب العربية جميعا، فقراء وأغنياء، قبل عشرين عاما تقريبا. ومن اللافت أن التاريخ يوشك أن يعيد نفسه، وبدأت المنطقة تزحف نحو حرب إقليمية جديدة ربما تصبح دول الخليج أحد أبرز ضحاياها. الدول الغنية تبادر بنفسها في تقديم مساعدات سنوية للفقراء في العالم، فالولايات المتحدة تقدم 21 مليار دولار سنويا، وألمانيا 11 مليارا، وفرنسا 9 مليارات، وبريطانيا 8.8 مليار، والنرويج 3.3 مليار، والدنمارك 2.3 مليار دولار، ونتمنى أن نجد الدول العربية في طليعة الدول المانحة بل والأكثر كرما. وما نقوله عن الدول والحكومات، نقوله أيضا عن المليارديرات العرب، الذين يتكاثرون كالأرانب هذه الأيام، ولا نرى منهم غير العقوق والشره لتكديس المليارات في حساباتهم. ومن المؤسف أن كرام القوم من هؤلاء ينفقون الفتات على المشاريع الخيرية، أو رصد جوائز لشراء المثقفين، وغالبا ما تكون مرفقة بالتمنن ومن أجل الدعاية الإعلامية لهم ولنسلهم. فلم نر ثريا عربيا واحدا مثل وارن بافيت، الملياردير الذي تبرع ب43.5 مليار دولار من ثروته الخاصة لمؤسسة ميليندا وبيل غيتس الخيرية، أو حتى مثل بيل غيتس نفسه الذي تبرع بمبلغ 30 مليار دولار للأعمال الخيرية، ولا ننسى تيد تيرنر الذي كان الرائد في هذا المجال وتبرع بمبلغ مليار دولار، أي نصف ثروته، لتمويل مشاريع لمنظمات الأمم المتحدة في العالم الثالث عام 2006. مرة أخرى نؤكد أننا لا نكتب هنا من منطلق الغيرة أو الحسد، أو طلبا لمساعدة، أو لأسباب طبقية، وإنما من منطلق محاولة إصلاح ظاهرة مؤسفة في وطننا العربي، حيث يزداد الأغنياء غنى والفقراء فقرا، دون أن يتحرك أحد لمعالجة هذا الخلل غير الأخلاقي وغير الإسلامي.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.