الأحزاب السياسية تشيد بالمقاربة التشاركية لجلالة الملك من أجل تفصيل وتحيين مبادرة الحكم الذاتي    أتالانتا الإيطالي ينفصل عن مدربه يوريتش بعد سلسلة النتائج السلبية    الدبلوماسي الأمريكي السابق كريستوفر روس: قرار مجلس الأمن بشأن الصحراء "تراجع إلى الوراء"    أجواء غائمة مع ارتفاع طفيف لدرجات الحرارة في توقعات طقس الثلاثاء    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    فضيحة في وزارة الصحة: تراخيص لمراكز الأشعة تُمنح في ظل شكاوى نصب واحتيال    الفاعل المدني خالد مصلوحي ينال شهادة الدكتوراه في موضوع "السلطة التنظيمية لرئيس الحكومة في ضوء دستور 2011"    تغير المناخ أدى لنزوح ملايين الأشخاص حول العالم وفقا لتقرير أممي    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    مباحثات تجمع العلمي ونياغ في الرباط    الأحزاب السياسية تشيد بالمقاربة التشاركية للملك محمد السادس من أجل تفصيل وتحيين مبادرة الحكم الذاتي    "أسود الأطلس" يتمرنون في المعمورة    الرايس حسن أرسموك يشارك أفراد الجالية أفراح الاحتفال بالذكرى 50 للمسيرة الخضراء    تنصيب عمر حنيش عميداً جديدا لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    المعارضة تقدم عشرات التعديلات على مشروع قانون المالية والأغلبية تكتفي ب23 تعديلا    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    تداولات بورصة البيضاء تنتهي "سلبية"    أمن طنجة يُحقق في قضية دفن رضيع قرب مجمع سكني    كرة أمم إفريقيا 2025.. لمسة مغربية خالصة    نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية تترأس تنصيب عامل إقليم الجديدة    مصرع شخص جراء حادثة سير بين طنجة وتطوان    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    "حماية المستهلك" تطالب بضمان حقوق المرضى وشفافية سوق الأدوية    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    تدهور خطير يهدد التعليم الجامعي بورزازات والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر    تلاميذ ثانوية الرواضي يحتجون ضد تدهور الأوضاع داخل المؤسسة والداخلية    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرحبا‮ بكم‮ في‮ النادي‮
نشر في المساء يوم 23 - 03 - 2011

لا‮ يسع‮ المرء‮ سوى‮ أن‮ يشعر‮ بالسعادة‮ وهو‮ يرى‮ أن‮ الغالبية‮ الساحقة‮ من‮ الشعارات‮ والمطالب،‮ التي‮ رفعها‮ المتظاهرون‮ في‮ شتى‮ ربوع‮ المملكة‮ يوم‮ 20‮ مارس‮ الأخير،‮ كنا‮ سباقين‮ إلى‮ المناداة‮ بها‮ والمطالبة‮ بتحقيقها‮.‬
وعوض‮ أن‮ نظل‮ لوحدنا‮ نصرخ‮ كل‮ يوم‮ في‮ أعمدتنا،‮ أصبحنا‮ مدعومين‮ بعشرات‮ الآلاف‮ من‮ كتاب‮ الأعمدة‮ الذين‮ يحررون‮ شعاراتهم‮ ومطالبهم‮ وآراءهم‮ وتحاليلهم‮ المركزة‮ والذكية‮ للوضع‮ فوق‮ لافتاتهم‮ ويافطاتهم‮ وقمصانهم،‮ ثم‮ ينزلون‮ بها‮ إلى‮ الشوارع‮ والساحات‮ لكي‮ يبلغوها‮ إلى‮ من‮ يهمهم‮ الأمر‮.‬
مرحبا‮ بكم‮ جميعا‮ في‮ النادي،‮ فقد‮ أدمنا‮ الصراخ‮ لسنوات‮ طويلة‮ كل‮ يوم‮ منددين‮ بلصوص‮ المال‮ العام‮ ومفسدي‮ الحياة‮ الاقتصادية‮ والسياسية‮ والأخلاقية،‮ لكن‮ لا‮ أحد‮ أراد‮ الاستماع‮ إلى‮ صراخنا،‮ وها‮ أنتم‮ تضمون‮ مسيراتكم‮ الصاخبة‮ إلى‮ صراخنا‮ اليومي،‮ لعل‮ هؤلاء‮ المصابين‮ بالصمم‮ في‮ أبراجهم‮ العاجية‮ يفتحون‮ آذانهم‮ قليلا‮ لسماع‮ صوت‮ الشعب‮ القادم‮ من‮ الأزقة‮ والساحات‮.‬
ولا‮ بد‮ أن‮ أولئك‮ الذين‮ ظلوا‮ ينعتوننا‮ بزرّاع‮ اليأس‮ والسوداويين،‮ ويسمون‮ انتقاداتنا‮ للمسؤولين‮ الذين‮ يسيرون‮ الشأن‮ العام‮ سبا‮ وقذفا‮ وتشهيرا‮ واعتداء‮ على‮ حياتهم‮ الخاصة،‮ سيجدون‮ أنفسهم‮ مجبرين‮ على‮ مراجعة‮ حساباتهم‮ وهم‮ يكتشفون‮ أن‮ كل‮ الذين‮ شملهم‮ نقدنا‮ رفعت‮ أسماؤهم‮ وصورهم‮ في‮ المسيرات‮ والوقفات‮ الاحتجاجية‮ للمطالبة‮ بمحاسبتهم‮.‬
في‮ تطوان،‮ رفع‮ المتظاهرون‮ لافتات‮ عليها‮ صور‮ مديرة‮ دار‮ الثقافة‮ سميرة‮ قدري‮ ومندوب‮ وزارة‮ الثقافة‮ وابن‮ المستشار‮ الملكي‮ الراحل‮ مزيان‮ بلفيقه،‮ مطالبين‮ بمحاسبتهم‮. وقد‮ كنا‮ أول‮ من‮ كسر‮ الصمت‮ حول‮ تجاوزات‮ مديرة‮ دار‮ الثقافة‮ وزوجها‮ المهندس‮ ومندوب‮ وزارة‮ الثقافة،‮ واحتكارهم‮ لصفقات‮ الوزارة‮ في‮ جهة‮ تطوان‮ طنجة،‮ واستفادة‮ الفنانة‮ سميرة‮ قدري‮ من‮ ميزانيات‮ الوزارة‮ لصالح‮ جمعيات‮ تتولى‮ تسييرها‮ هي‮ وسعادة‮ المندوب،‮ وتوفرها‮ على‮ حسابات‮ بنكية‮ في‮ الخارج‮ تودع‮ بها‮ العملة‮ الصعبة‮ دون‮ علم‮ مكتب‮ الصرف‮ أو‮ مكتب‮ الضرائب‮.‬
وفي‮ الدار‮ البيضاء،‮ رفع‮ المتظاهرون‮ لافتات‮ تطالب‮ برحيل‮ شركة‮ «‬ليدك‮» والعمدة‮ ساجد‮ المتواطئ‮ معها‮ على‮ نهب‮ جيوب‮ ساكنة‮ الدار‮ البيضاء‮ الكبرى‮. وربما‮ نحن‮ أول‮ جريدة‮ تهددها‮ «‬ليدك‮» بالمتابعة‮ القضائية‮ عبر‮ مساحات‮ إعلانية‮ تقتنيها‮ هذه‮ الأيام‮ في‮ بعض‮ الجرائد‮. والسبب‮ هو‮ أننا‮ لم‮ نخضع‮ لإغراء‮ هذه‮ الشركة‮ مثلما‮ فعل‮ البعض،‮ وبقينا‮ على‮ موقفنا‮ المنتقد‮ لطريقة‮ تدبيرها‮ لماء‮ وكهرباء‮ ونظافة‮ ملايين‮ المواطنين‮.
وفي‮ الرباط،‮ رفع‮ المتظاهرون‮ لافتات‮ بها‮ صور‮ سميرة‮ سيطايل‮ ونور‮ الدين‮ الصايل‮ والعرايشي،‮ مطالبين‮ برحيلهم‮. وربما‮ نحن‮ الجريدة‮ الوحيدة‮ الممنوعة‮ من‮ المرور‮ عبر‮ شاشة‮ القناة‮ الثانية،‮ بسبب‮ انتقادنا‮ للانحدار‮ الإعلامي‮ الذي‮ وصلت‮ إليه‮ القناة،‮ بتوصية‮ شخصية‮ من‮ سميرة‮ سيطايل،‮ والتي‮ لازالت‮ تشغل‮ منصبها‮ ضدا‮ على‮ القانون‮ الذي‮ يقول‮ إن‮ زوجة‮ السفير‮ لا‮ يجب‮ أن‮ تشتغل‮ وإن‮ عليها‮ أن‮ ترافق‮ زوجها‮ إلى‮ مقر‮ سفارته‮ لتمثيل‮ المغرب‮.‬
ورغم‮ أن‮ سميرة‮ سيطايل‮ استعملت‮ نفوذها‮ لدى‮ الطيب‮ الفاسي‮ الفهري‮ لكي‮ ترقي‮ زوجها‮ من‮ قنصل‮ في‮ فرنسا‮ إلى‮ سفير‮ في‮ بروكسيل،‮ فإنها‮ تحدت‮ القانون‮ وتشبثت‮ بمنصبها‮ كمديرة‮ للأخبار‮ في‮ القناة‮ الثانية‮ ولم‮ تلتحق‮ بزوجها‮ السفير‮.
أما‮ مدير‮ المركز‮ السينمائي‮ المغربي،‮ الذي‮ وضعه‮ المتظاهرون‮ في‮ خانة‮ أفراد‮ البوليس‮ الإعلامي‮ الذي‮ يجب‮ تنحيته،‮ فقد‮ تابع‮ الجميع‮ كيف‮ حشد‮ العشرات‮ من‮ أصدقائه‮ المخرجين‮ والصحافيين‮ وكتاب‮ السيناريو‮ الدائرين‮ في‮ فلكه‮ والمقتاتين‮ من‮ فتات‮ مائدة‮ دعمه،‮ لكي‮ يوقعوا‮ عريضة‮ ضدنا‮ لمجرد‮ أننا‮ طالبنا‮ القضاء‮ بإعمال‮ النظر‮ في‮ تقارير‮ المجلس‮ الأعلى‮ للحسابات‮ التي‮ تتحدث‮ عن‮ التجاوزات‮ والاختلالات‮ المالية‮ التي‮ عرفها‮ المركز‮ السينمائي‮ على‮ عهده‮.‬
أكثر‮ من‮ ذلك،‮ عوض‮ أن‮ ينكب‮ القضاء‮ على‮ تقارير‮ المجلس‮ الأعلى‮ للحسابات‮ ضد‮ نور‮ الدين‮ الصايل،‮ فضل‮ الانكباب‮ على‮ الشكاية‮ التي‮ قدمها‮ هذا‮ الأخير‮ ضدنا‮ والتي‮ يتهمنا‮ فيها‮ بشتمه‮ والتدخل‮ في‮ حياته‮ الخاصة،‮ رغم‮ أننا‮ لم‮ نفعل‮ غير‮ انتقاد‮ المنتوج‮ السينمائي‮ المنحط‮ الذي‮ يدعمه‮ بأموال‮ دافعي‮ الضرائب،‮ والتعليق‮ على‮ إقدام‮ زوجته‮ على‮ التعري‮ على‮ غلاف‮ مجلة‮ نسائية‮ وهي‮ حامل‮.‬
وهكذا‮ عوض‮ أن‮ يحكم‮ القضاء‮ لمصلحة‮ الشعب‮ ويجبر‮ الصايل‮ على‮ رد‮ الأموال‮ التي‮ بددها‮ إلى‮ خزينة‮ الدولة،‮ حكم‮ علينا‮ القاضي‮ العلوي‮ من‮ جديد‮ قبل‮ شهر‮ بدفع‮ تعويض‮ مالي‮ للسيد‮ نور‮ الدين‮ الصايل،‮ جزاء‮ لنا‮ على‮ انتقاد‮ ذوق‮ سعادته‮ السينمائي‮ والتعليق‮ على‮ «‬تزبيط‮» السيدة‮ حرمه‮ على‮ غلاف‮ المجلة‮.‬
وفي‮ الرباط،‮ رفع‮ متظاهرون‮ لافتة‮ تطالب‮ بالاقتصاص‮ من‮ الموثقة‮ القوية‮ صونيا‮ العوفي،‮ ابنة‮ الوكيل‮ العام‮ للملك‮ في‮ الرباط،‮ التي‮ تدخل‮ لها‮ والدها‮ من‮ أجل‮ توفير‮ الحماية‮ لها‮ وتجنيبها‮ المتابعة‮ بعدما‮ تورطت‮ في‮ ملف‮ تحفيظ‮ عقاري‮ ذهب‮ بسببه‮ آخرون‮ إلى‮ السجن‮ مكانها‮.‬
وقد‮ كنا‮ أول‮ جريدة‮ تطرقت‮ إلى‮ نفوذ‮ هذه‮ السيدة‮ المتعاظم‮ في‮ الرباط،‮ وكيف‮ تحولت،‮ بقدرة‮ قادر،‮ وفي‮ ظرف‮ زمني‮ وجيز،‮ إلى‮ واحدة‮ من‮ الموثقات‮ المليارديرات‮ في‮ العاصمة‮ بعد‮ مشوار‮ دراسي‮ فاشل‮ في‮ شعبة‮ البيولوجيا‮.‬
وليس‮ مفاجئا‮ بالنسبة‮ إلينا‮ أن‮ نلاحظ‮ كيف‮ أن‮ تسعين‮ في‮ المائة‮ من‮ شعارات‮ ومطالب‮ المحتجين،‮ التي‮ رفعوها‮ في‮ لافتاتهم‮ ويافطاتهم‮ في‮ كل‮ ربوع‮ المملكة،‮ هي‮ نفسها‮ الشعارات‮ والمطالب‮ التي‮ كنا‮ دائما‮ سباقين‮ إلى‮ رفعها‮ يوميا‮ في‮ هذه‮ الجريدة،‮ فقد‮ كانت‮ قناعتنا‮ دائما‮ أننا‮ نسير‮ على‮ إيقاع‮ النبض‮ اليومي‮ للشارع‮ والرأي‮ العام‮.
الجميع‮ اليوم‮ ينزل‮ إلى‮ الشارع‮ لكي‮ يرفع‮ شعارات‮ ضد‮ الدستور‮ المتقادم‮ وضد‮ «‬أمانديس‮» وضد‮ فساد‮ القضاء‮ وتخلف‮ الإعلام‮ وجشع‮ المقاولين،‮ ومطالب‮ بمحاكمة‮ المفسدين‮ وإرجاع‮ الأموال‮ المنهوبة‮ والمساءلة‮ الجنائية‮ لرموز‮ الفساد‮.
وهذا‮ لوحده‮ يعتبر‮ إيذانا‮ بمغرب‮ جديد‮ يقطع‮ مع‮ عهد‮ الخوف‮ الذي‮ سكن‮ أجيالا‮ من‮ المغاربة‮ ومنعها‮ من‮ التعبير‮ الحر‮ والجريء‮ عن‮ آمالها‮ ومطالبها‮ وانتظاراتها‮.‬
في‮ ساحات‮ المدن‮ وشوارعها‮ وأزقتها،‮ رفع‮ المتظاهرون‮ شعارات‮ تعبر‮ عن‮ اختلاف‮ وجهات‮ نظرهم‮ ومرجعياتهم‮ السياسية‮ والفكرية‮ والإيديولوجية‮. وهكذا،‮ تنتقل‮ الشعارات‮ من‮ المطالب‮ الاجتماعية‮ كالشغل‮ والسكن،‮ إلى‮ المطالب‮ السياسية‮ كرفض‮ الجمع‮ بين‮ السلطة‮ والثروة،‮ إلى‮ المطالب‮ العلمانية‮ كفصل‮ الدين‮ عن‮ الدولة،‮ إلى‮ المطالب‮ الثورية‮ الراديكالية‮ التي‮ تطالب‮ بتغيير‮ النظام،‮ إلى‮ المطالب‮ الساخرة‮ والتي‮ جسدتها‮ عبارة‮ مكتوبة‮ فوق‮ قميص‮ الطبيبة‮ النفسانية‮ التي‮ سبق‮ لها‮ أن‮ تزعمت‮ حركة‮ «‬مالي‮» للإفطار‮ العلني‮ في‮ رمضان‮ والتي‮ تقول‮ «‬لست‮ بحاجة‮ إلى‮ ممارسة‮ الجنس،‮ لأن‮ الحكومة‮ تمارسه‮ علي‮ يوميا‮».
الجميع‮ رفع‮ شعاره‮ وعبر‮ عن‮ مطلبه‮ بطريقة‮ حضارية،‮ وفي‮ الأخير‮ جمع‮ كل‮ واحد‮ شعاره‮ وطوى‮ لافتته‮ وعاد‮ إلى‮ بيته‮ دون‮ أن‮ تتكسر‮ أسنانه‮ أو‮ أضلاعه‮ أو‮ تتعرض‮ واجهة‮ محل‮ واحد‮ للتكسير‮.
هذا‮ يعني‮ شيئا‮ واحدا‮ فقط،‮ وهو‮ أن‮ الديمقراطية‮ التي‮ تسمح‮ للجميع‮ بالتعبير‮ عن‮ رأيه‮ وموقفه‮ بطريقة‮ سلمية‮ وحضارية‮ هي‮ الحل‮. أما‮ العنف‮ فجواب‮ العاجزين‮ والمستبدين‮ والباحثين‮ عن‮ تأليب‮ الدولة‮ ضد‮ المجتمع‮ من‮ أجل‮ الحفاظ‮ على‮ مصالحهم‮ الضيقة‮ والاستمرار‮ في‮ لعب‮ دور‮ رجل‮ الإطفاء‮ المولع‮ بإضرام‮ النيران‮.‬
والآن،‮ بعدما‮ أوصلت‮ كل‮ هذه‮ الآلاف‮ من‮ المغاربة‮ مطالبها‮ وشعاراتها‮ إلى‮ آذان‮ من‮ يهمهم‮ الأمر،‮ وتحول‮ المواطنون‮ الذين‮ ظلوا‮ مكتفين‮ بقراءة‮ ما‮ يكتب‮ في‮ الصحف‮ إلى‮ كتاب‮ بدورهم‮ يشاركون‮ بأعمدتهم‮ وتعليقاتهم‮ وشعاراتهم‮ في‮ المسيرات‮ التي‮ تجوب‮ الشوارع،‮ هل‮ سنرى‮ تفاعلا‮ فوريا‮ وإيجابيا‮ مع‮ هذه‮ المطالب‮ والشعارات،‮ أم‮ إن‮ هؤلاء‮ الذين‮ يهمهم‮ الأمر‮ سيكتفون‮ بتسجيلها‮ و‮«‬ترقيدها‮» كما‮ تعودوا‮ أن‮ يفعلوا‮ دائما؟
إن‮ الفرق‮ بين‮ مغرب‮ الأمس‮ ومغرب‮ اليوم‮ هو‮ أن‮ المواطن‮ أصبح‮ يملك‮ الجرأة‮ والشجاعة‮ على‮ الإمساك‮ بالورقة‮ والقلم‮ وكتابة‮ لائحة‮ مطالبه‮ والخروج‮ إلى‮ الشارع‮ للتلويح‮ بها‮ نحو‮ من‮ يحكمونه‮ مباشرة‮ وبدون‮ انتظار‮ وساطة‮ وسائل‮ الإعلام‮.‬
لقد‮ أصبح‮ الجميع‮ في‮ هذه‮ البلاد‮ كاتب‮ عمود‮ وصاحب‮ رأي‮ يملك‮ القدرة‮ على‮ التعبير‮ بوسائل‮ متعددة،‮ لذلك‮ تستطيع‮ سميرة‮ سيطايل‮ أن‮ تغلق‮ منافذ‮ غرفة‮ أخبارها‮ جيدا،‮ فالمغاربة‮ أصبحت‮ لديهم‮ قنوات‮ أخرى‮ للتعبير‮ عن‮ رأيهم‮ خارج‮ هذا‮ السجن‮ الإعلامي‮ العمومي‮ الذي‮ أرادوا‮ أن‮ يضعوهم‮ فيه‮ ويسلطوا‮ عليهم‮ المسلسلات‮ المكسيكية‮ والهندية‮ السخيفة‮ لتبليد‮ ذوقهم‮ وتخريب‮ أخلاق‮ أبنائهم‮ وبناتهم‮.‬
اليوم،‮ أصبح‮ كافيا‮ أن‮ يأخذ‮ المرء‮ قلم‮ حبر‮ ولافتة‮ لكي‮ يخط‮ عليها‮ مطالبه‮ ويخرج‮ بها‮ إلى‮ الشارع‮ لكي‮ تتسابق‮ لتصويره‮ وسائل‮ الإعلام‮ المحلية‮ والدولية‮.
لذلك،‮ فالذين‮ لازالوا‮ يعتقدون‮ أن‮ المغاربة‮ إذا‮ لم‮ يظهروا‮ في‮ نشرات‮ أخبارهم‮ وبرامجهم‮ فلن‮ يكون‮ لهم‮ وجود‮ واهمون‮ ويعيشون‮ خارج‮ اللحظة‮ التاريخية‮.
إن‮ المطالب‮ التي‮ كنا‮ ندافع‮ عنها‮ ونطالب‮ بتحقيقها‮ على‮ الورق،‮ نزلت‮ اليوم‮ إلى‮ أرض‮ الواقع‮ وأصبحت‮ تتحرك‮ في‮ الشوارع‮ والساحات‮ والأزقة،‮ محمولة‮ بسواعد‮ هؤلاء‮ المواطنين‮ الذين‮ كان‮ البعض‮ يعتقد‮ أننا‮ عندما‮ نخاطبهم‮ فكأنما‮ نسكب‮ الماء‮ في‮ الرمل‮.
ما‮ يحدث‮ اليوم‮ في‮ المغرب‮ يقول‮ العكس‮. ما‮ كنا‮ نسكبه‮ يوميا‮ طيلة‮ كل‮ هذه‮ السنوات‮ لم‮ يذهب‮ سدى‮. والدليل‮ هو‮ ما‮ ترونه‮ اليوم‮ على‮ الأرض‮. إقرؤوا‮ اللافتات‮ جيدا‮ وستفهمون‮ كل‮ شيء‮.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.