وضع ابتسام لشكر تحت الحراسة النظرية وفتح بحث في شبهة اساءتها للذات الإلهية وللدين الإسلامي    تركيا: زلزال بقوة 6,1 درجات يضرب غرب البلاد    طنجة .. توقيف هولندي مطلوب لبلجيكا متورط في السرقة بالعنف واختطاف رضيع    السلطات ترحّل عدداً من المهاجرين إلى جنوب المغرب بعد محاولتهم السباحة نحو سبتة            النيابة العامة المختصة تأمر بوضع ابتسام لشكر رهن تدابير الحراسة النظرية    المهاجم الدولي خالد بوطيب يعزز صفوف الكوكب المراكشي    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني بمدينة الدار البيضاء        "إساءة للذات الإلهية" تستنفر الشرطة    توقعات مديرية الأرصاد الجوية..طقس ممطر وحار غدا الاثنين    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تطلق الدورة الرابعة من الأبواب المفتوحة لفائدة مغاربة العالم    بلال مرابط يكتب..فن التعليق على كل شيء: بين سقراط وجيل لا يهدأ    محكمة ألمانية تلغي غرامة رادار من نوعية اقتناها المغرب.. وجدل محلي حول نجاعته    رسمياً وابتداء من نونبر.. إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تعطي الضوء الأخضر لقطرة VIZZ لعلاج ضعف النظر    صرخة العرائش:قراءة في بلاغ الجسد المديني ومقاومة المعنى !    بعد مشاركتها في مهرجان المضيف .. دعاء يحياوي تحيي حفلها الأول بمهرجان صيف العرائش    مسؤول أممي يحذر من الخطة الإسرائيلية بشأن غزة    أشرف حكيمي: "إنه حلم أن ألعب مع المغرب خلال كأس إفريقيا للأمم"    باحثون مغاربة يرسمون "خرائط التربة الخصبة" من أجل دعم الفلاحين في إدارة التسميد    مغاربة يحتجون على رسو سفينة بطنجة    هل يختفي "البيتكوين"؟ .. "الذهب الرقمي" يواجه امتحان البقاء الأخير        رحيل الشيخ جمال .. نور يتجدد وروح لا تموت    "البوليساريو" تتدثر بثوب الضحية لمواجهة المواقف الدولية في الصحراء المغربية    التقلبات ترفع الذهب في المغرب ب"زيادة طفيفة".. وضُعف الطلب مستمر    أشرف حكيمي: اتهامي بالاغتصاب ظالم    تشكيلة المنتخب المحلي أمام كينيا        بعثة تجارية بلغارية تستعد لزيارة المغرب    مجلة الشرطة .. ملف خاص حول الدورة السادسة لأيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني    إذا حضر الاحتراف، يغيب الاختلاف أو التنازع: من يحمي الدستورانية في المغرب؟        وقفة احتجاجية بألميريا للمطالبة بكشف مصير المختفي مروان المقدم    خط بحري جديد لنقل الفواكه والخضروات المغربية نحو أوروبا    يوليوز 2025 هو الأقل حرارة في 6 سنوات في المغرب.. لكنه "مخادع" مناخيا    قادة أوروبا يؤكدون دعم أوكرانيا ويواصلون الضغط على روسيا    لماذا غابت القوى اليسارية والعلمانية عن مشهد تحرير سوريا؟    مداخل المرجعية الأمازيغية لبناء مغرب جديد    حادث شغل يودي بحياة عاملة زراعية مغربية في إسبانيا    ميسي يواصل الغياب عن إنتر ميامي بسبب إصابة عضلية طفيفة    بعد انهيار قاتل.. منجم نحاس في تشيلي يستأنف العمل    تشاد.. 20 عاما سجنًا لرئيس الوزراء السابق    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    ارتفاع ودائع الجالية في البنوك المغربية إلى 213,2 مليار درهم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    ماذا نعرف عن فيروس "شيكونغونيا" الذي أعاد شبح "كورونا" إلى العالم؟    الوداد يعلن التعاقد رسميًا مع الصبار    سقوط شاب من قنطرة وسط طنجة أثناء تصوير فيديو على "تيك توك" (صور)    "رابأفريكا" ينطلق بحضور جماهيري لافت    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    وفاة محمد المنيع عمدة الفنانين الخليجيين    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين        الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لتحقيق ثورة ثقافية تجنبنا الأسوأ
نشر في المساء يوم 23 - 04 - 2012

اعتمد بعض الباحثين الدستورانيين ومن سار على منوالهم من بعض القادة السياسيين القراءة الشَكلانية للوثيقة الدستورية، زاعمين أن الدستور الجديد لم يرُم سوى التغيير في إطار الاستمرارية. هذا الرأي قابل للنقاش، غير أننا نرى أن الدستور الحالي، وبعيدا عن لغة المزايدات أو لغة التطبيل، يمكن أن يكون قوة في اتجاه تكريس دولة المؤسسات
إذا ما استطاعت التنظيمات السياسية استيعاب جوهر التحول الديمقراطي الذي تعرفه بلادنا دون الانغماس في هوس الأنا اللامعقول. إن الاختيار الحداثي يمر وجوبا بتجميع قوى الحركة الاتحادية مع الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار.
لن ندخل هنا في السجال العقيم، فالمرحلة تستدعي إدراك مغزاها والتحلي بالمسؤولية من أجل مواصلة رسالتنا الخالدة: تحررية، تقدمية، حداثة.
سنحاول من خلال ما يلي توضيح الطرح الذي تفرضه قوة الواقع، وذلك من أجل ترسيخ البنية التحتية للخيار الديمقراطي الذي أقره دستور 2011 «فلا ديمقراطية بدون حداثة، ولا حداثة بدون حداثيين».
أولاد الشعب كإفراز للمرحلة
إن العولمة كحركة تاريخية في مسار التطور الإنساني جعلتنا، كباحثين وكسوسيولوجيين، مدعوين إلى البحث وإبداع مفاهيم أخرى تستجيب لمرحلة العولمة التي نعيشها، مثل الطبقة الوسطى، إذ وجب إما ابتكار مفهوم آخر أو تعبير آخر لتصنيف ضحاياها من الفئات الضعيفة التي هي الأكثر إحساسا بالتهميش نتيجة تعمق الفوارق الطبقية أو الاجتماعية، وهي الفئة التي «أسميها بفئة أولاد الشعب»، الفئة التي كانت تصنف بالمعيار التعليمي ضمن فئة الطبقة الوسطى التي تعيش ضمن العاطلين والمهمشين والمقصيين، الأمر الذي يقتضي بالضرورة حزبا حداثيا جماهيريا من أجل تأطير جيل صدمة التحديث لتأمين مرور الوطن من هذه المرحلة الصعبة التي يقف فيها في مفترق الطرق.
إن المرحلة الحالية مرحلة مفصلية في التاريخ السياسي للمغرب الحديث، ينبغي استيعابها وفهم مغزاها ليس بمنطق استحضار الماضي النضالي كنوستالجيا تقوي رغبة نفسية في التشبث بالقيادات التاريخية كنوع من التباكي على الماضي، أو بالاستسلام لخطاب التنافر والصراع والاختباء من وراء رفع صور الشهداء. المرحلة تقتضي ركوب موجة التغيير قصد مواكبة التحول عبر مرافقة جيل الثورة الرقمية الذي هو جيل بحمولات ثقافية وتمثلات فكرية ودلالات رمزية مختلفة واستثمار التراكم التاريخي بشكل راق عبر توفير البنية التحتية للخيار الديمقراطي بإعلان تحالف تاريخي بيننا وبين القوى الحداثية بعيدا عن منطق أحقاد الماضي، فالسياسة لا تبنى بالأحقاد وإلا سوف نخطئ الموعد مع التاريخ وسنقدم خدمة إلى القوى العدمية والظلامية التي ستكون المستفيد من الارتباك الذي تعرفه القوى المحافظة الموجودة في الحكومة. علينا جميعا استيعاب التنصيص الدستوري على حرية الفكر والإبداع، ينبغي أن يتشكل لدينا كقوى شبابية منفتحة على العالم المحفز على الإسهام في التغيير عبر تفجير طاقتنا لإبداع الحلول والخروج من ثقافة إلقاء اللوم على الآخر، بأخذ مصيرنا بين أيدنا وعدم الاستسلام للقوى التي تمنعنا من ولوج عالم الحداثة. ويبتدئ ذلك بإحداث ثورة مفاهيمية وتحويل مصطلح «تنظيم» إلى مصطلح «مؤسسات» بكل ما يحمله من دلالات ثقافية والتحرر من عقد الأبوية أو، بتعبير سوسيولوجي، عقد إسماعيل التي بدأت تتجه بنا من منطق الحزب إلى منطق الزاوية الذي يقوم على التبرك بأبناء القيادات، فقد ولى زمن الزعامات التاريخية وحل زمن التعاقد. إن الربيع الديمقراطي والقانون السوسيولوجي لتعاقب الأجيال يجب أن تدركه القيادات، فالملك محمد السادس وجه رسالة قوية من خلال المكونات المشكلة للجنة صياغة الدستور التي تجسد مائة في المائة «أولاد الشعب» خريجي المدرسة المغربية، غير أن النخب الحزبية لازالت، على ما يبدو، لم تستوعب دستور الخيار الديمقراطي الذي يعتبر أولاد الشعب هم الحل وليس جزءا من المشكل.
فتراجع الاتحاد لا يتلخص في تراجعه عن رسالته التاريخية، بل في جموده التنظيمي نتيجة مقاومة كل الخطط التي تهدف إلى تحقيق الحركية التي تمكن الحزب من تحقيق مرحلة التحول، فالجيل الجديد يجد صعوبة في الوصول إلى المؤسسات التقريرية من خلال الوسائل الديمقراطية للمؤسسات نتيجة عدم تكافؤ الفرص، بفعل بروز جيل يبدع أساليب نضالية جديدة، فالنفوذ العائلي يهدد الحزب بالتحول من حزب يمثل تطلع الجماهير إلى حزب يمثل عائلات بعينها، لهذا فإن أي خطاب جديد يجد مقاومة كبرى شعارها المشروعية التاريخية، الأمر الذي يؤشر على الإقصاء الممنهج لكل حملة مشروعٍ يمكن أن يحقق تحولا حقيقيا. هذا الإقصاء وصل إلى درجة يمكن معها تسميته بالأبرتايد السياسي، لفئة تعاني أصلا من الأبرتايد الاجتماعي، وهذا ما جعلنا نطلق عليها اسم أبناء الشعب بهدف إظهار هذا التمايز، ويكفي الرجوع إلى التزكيات التي يتقدم بها الحزب في مختلف الاستحقاقات للتأكد من هذا الطرح... وهذا ما جعل الحزب يحرم من طاقاتٍ مكانها الطبيعي هو الاتحاد الاشتراكي نتيجة يأسها من إحداث تغيير، ولا يقف الأمر عند ذلك بل يسدون في وجهها باب الظهور الإعلامي في محاولة لتطويق استشعارها البئيس، فتسلك نتيجة ذلك أحد سلوكين: إما الانعزالية وإما الانتحار السياسي. إن داء الإقصاء الذي صار بنية قائمة الذات والذي جعل جيلا بكامله يغادر السياسة أو يستسلم لواقع بئيس لم يعد يرضي أحدا.
الحزب محتاج إلى نخب من رحم الشعب المغربي، وليس الاتجاه إلى التوريث المقنع عبر استيراد نخب لتسيير الحزب وفق نظام المقاولة أو بلغة التدبير المفوض الذي لن يذهب ضحيته سوى أولاد الشعب، نحن محتاجون إلى بروسترويكا لإعادة بناء الحزب وفق هوية واضحة ومعارضة قوية، عبر اعتماد الجلاسنوست في اتخاذ القرار الحزبي والتي تبتدئ بتفعيل الدستور لكي لا نخلف الموعد مع رسالتنا التاريخية عبر تحديد مسؤوليتنا المتمثلة في توفير البنية التحتية للخيار الديمقراطي.
مسؤولية الاتحاد الحالية
لعلنا ندرك جميعا أن الجبهة الحداثية، كحاجة مجتمعية ملحة، ينبغي أن تواكب التحول الديمقراطي الذي يشهده المغرب من خلال الحكمة والتبصر الواعي بمتطلبات المرحلة التي تمر منها بلادنا، إنها مرحلة تكريس الخيار الديمقراطي وبنيته التحتية الحداثية؛ هذا الخيار الذي خاضت القوى الاتحادية، في سبيل تكريسه، نضالا شجاعا وعصيبا، ومعه أظهرت الذات الاتحادية حسا وطنيا رفيعا بتخليها على الشوفينية الحزبية الضيقة لفائدة المصلحة الوطنية. وبالفعل، حقق هذا المسار النضالي وما شهده من صراع وتوافق في نهايته دسترة الخيار الديمقراطي. والسؤال الواجب طرحه الآن هو: هل دسترة الخيار الديمقراطي وحدها كافية لتكريس الديمقراطية؟
إن دسترة هذا الخيار بدون توفير بنية تحتية حداثية لا يمكن أن يحقق حلمنا المشترك بوطن يستفيد من الجميع ويستفيد منه الجميع، لهذا فتنظيماتنا السياسية مدعوة إلى أن تتجاوز التردد غير المفهوم وغير المبرر للإعلان عن تأسيس قطب حداثي في أفق تناوب رابع ينهي مرحلة التحول الديمقراطي ويحدد زمن إحقاق الديمقراطية.
صحيح أن دسترة الخيار الديمقراطي جاءت مع فوز العدالة والتنمية من خلال صناديق الاقتراع، غير أن كل عاقل لبيب يدرك أن الديمقراطية لازالت في حاجة ملحة إلى توفير حمولة اجتماعية وسياسية تخلق وثبة ثقافية، لذلك فخروج الاتحاد إلى المعارضة هو تحول ينبغي أن يكون عمقه السياسي في هذا المنحى، بغية مواجهة التيار الديني، سواء الموجود في الحكومة أو ذاك المقاطع المتأهب لاستغلال المكتسبات، مع رغبة في الارتداد والنكوص.
وهنا سأتوقف قليلا قصد الرد على من يستدل بفوز حزب العدالة والتنمية للترويج لأطروحة مفادها نهاية مطلب الديمقراطية، بدعوى أن هذا الأخير (حزب العدالة والتنمية) حائز على الشرعية الشعبية المنبثقة من صناديق الاقتراع، غير أننا نعتبر أن هذا الطر ح هو نظرة ضيقة على اعتبار أن الديمقراطية لا تقاس فقط بصناديق الاقتراع ولا بالحزب الفائز في الانتخابات فقط، فالديمقراطية أعمق من هذا الاستدلال، وما على المهللين لهذا الزعم إلا أخذ العبرة من التجارب العالمية، ولعل التجربتين الألمانية والايطالية في بداية القرن الماضي خير دليل، حيث أوصلت صناديق الاقتراع بأغلبية مطلقة النازية والفاشية إلى السلطة، ومعها اندلعت أكبر حرب دموية في تاريخ البشرية.




رشيد لزرق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.