غريب، شيء لا يصدق أن يتحول المغاربة إلى وحوش ضارية تقتل بعضها البعض وتغتصب وتسرق وتفعل كل شيء لا يليق بإنسان عادي، فبالأحرى بإنسان حضاري يزعم أنه ركب قطار الحداثة.. إن الذي يقرأ الجرائد أو يستمع إلى الأخبار المتداوَلة بين الناس هنا أو هناك يصاب بالذهول مما أصبح عليه هؤلاء الناس من وحشية ومن طغيان الجانب الحيواني»الشيطاني» على العمق الروحي «الملائكي». وأنت تتأمل هذا المجتمع، وأنت تسير فيه، أصبحت تشعر وكأنك تسير في حقل ألغام. وحتى وإن خرجت سالما من هذا الحقل فالخوف يبقى حاضرا حتى والمرء في بيته وقد أوصد عليه الأبواب!.. لقد أصبح أغلب الناس يقولون إنهم يشعرون أن هناك من يحمل سيفا وسيكسر الباب وسيذبحهم وهم نيام... فلماذا، إذن، أصيب المغاربة بهذا الجنون البهائمي؟ من أين جاءهم هذا الحقد على بعضهم البعض؟ وأين تعلموا دوروس فن الحرب هذه عوض دروس فن الحب والتعايش وإشاعة الطمأنينة في ما بينهم؟ يمكن أن يكون واقع المغاربة الحالي، وبدون مبالغة، مضمون رواية بوليسية وعبثية وعجائبية وإلى غير ذلك من التجنيسات... ويمكن أن يكون «الأبطال» في هذه الرواية مجموعة من المسؤولين عن قطاعات مختلفة في المغرب «السعيد». فمن هؤلاء يمكن أن يجعل الروائي المحنك شخصياته بدون خلفية ثقافية ولا أخلاقية أيضا ولا أي حس وطني حقيقي.. مع العلم أن واقعها هو كذلك.. وبقدْر ما ألبست نفسها ثوبا يوهم الناس أنهم أكثر غيرة على الوطن وأنهم سيهبّون من أفرشتهم، الوثيرة، في قلب الليل، تاركين السيقان الشمعية والكؤوس المشعشعة لنجدة البلاد.. بقدْر ما هي الحقيقة شيء آخر.. الحقيقة هي أن الشخصيات تتحرك فقط لشيء واحد هو قطع حبل الأمل عند هؤلاء المواطنين السّذج. ما نقصد من هذه الرواية هو أنها هي القادرة فعلا على كشف الحقيقة بالقول إنه وراء هذا الواقع المرعب تقف ضمائر خبيثة جعلت «النباتات السامة» تطغى وتحاصرنا وتتربص بنا في كل مكان.. لكونها أفقدتها كل أمل بأن جعلت أحلامها في التغيير مجرد سراب.. وإن كنت قد اقترحتُ أن يكون واقعنا فضاء لأحداث رواية فإنني أهمس في أذن الكاتب: اجعل عنوانها «الفشل» .