الحرس الملكي يضيء كورنيش المضيق    جلالة الملك يصدر عفوه السامي على 19.673 شخصا بمناسبة عيد العرش المجيد    أساتذة ومتصرفون مُدمجون استثنائيا يطالبون بوضع حد للظلم الذي لحق بهم منذ 14 عاما    عجز ميزانية المغرب يرتفع إلى 31 مليار درهم بنهاية يونيو 2025 رغم نمو المداخيل الضريبية    بنك المغرب يصدر قطعة نقدية تذكارية بمناسبة الذكرى ال26 لعيد العرش    زلزال قوي في أقصى شرق روسيا يتسبب في تسونامي وأوامر إجلاء باليابان وهاواي    أنفوغرافيك | ستلتحق ب 147 دولة.. أقوى دولة في أوروبا تستعد للاعتراف بفلسطين    15 دولة غربية تدعو البلدان الأخرى إلى إعلان عزمها الاعتراف بفلسطين    تقارير: قرعة المونديال في لاس فيغاس    زلزال عنيف يضرب أقصى شرق روسيا وتحذيرات من تسونامي    أمن باب سبتة يوقف سيدة بحوزتها أزيد من 4 كيلوغرامات من الكوكايين على متن سيارة مرقمة بالخارج    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء        نقابة التمثيل المصرية تنعى لطفي لبيب    "وداعا صاحب البهجة".. وفاة الفنان المصري لطفي لبيب عن عمر 77 عاما        منظمة إسرائيلية تنشر تقريرا بعنوان "إبادتنا" يتهم إسرائيل بإرتكات إبادة جماعية وتطهير عرقي في غزة    إمام يسلم الروح ساجداً في صلاة العشاء داخل مسجد بمدينة الشماعية    الجزائر.. رسائل مغربية شجاعة جداً    "الأحرار" يثمن الدعوة الملكية لجيل جديد من برامج التنمية الترابية ويرحب باليد الممدودة للجزائر    كندا.. مونتريال تستضيف مهرجان "أوريونتاليس" في غشت المقبل بمشاركة المغرب    لماذا بادر الملك محمد السادس إلى إعادة "اليد الممدودة" نحو الجزائر؟    جلالة الملك يجدد التزام المغرب بمد اليد للجزائر وتجاوز الخلافات    من باريس إلى لندن .. غزة تغيّر مواقف العواصم الكبرى    6 سنوات سجنا للبدراوي و7 لكريمين    معرض فوتوغرافي يفحص تغيير "الصحون" أذواق ورؤى وذهنيات المغاربة    ارتفاع المداخيل الجبائية ب 16,6 في المائة مع متم يونيو    والي بنك المغرب يرفع إلى الملك التقرير السنوي للبنك المركزي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم سنة 2024    الصيادلة يلجأون لأخنوش بخصوص مشروع تحديد أثمنة الأدوية    وكالة الطاقة تطلق طلب استشارة لتقييم حلول التخزين بواسطة البطاريات في محطة "نور ورزازات"    المكتب الوطني للمطارات يعين مديرين جديدين للملاحة الجوية والاستغلال المطاري    عملية جراحية ناجحة لتير شتيغن أسفل الظهر    تورينو الإيطالي يتعاقد مع المغربي زكريا أبو خلال    موجة حر خانقة تضرب المغرب وتستمر حتى 10 غشت    بريطانيا: سنعترف بدولة فلسطين في سبتمبر إذا لم توقف إسرائيل الحرب    قطعة نقدية تذكارية تخلد عيد العرش    حقيقة إصابات "حلوى الزجاج" بزايو    النصر السعودي يقدم جواو فيليكس        نهائي "كان" السيدات: احتجاج الجامعة المغربية يعجل بتغييرات تحكيمية من قبل 'الكاف"    سعد الله و نوس:وحده الأمل    عضة كلب ضال تودي بحياة طفل نواحي الناظور    الدورة الرابعة لصيف طنجة الكبرى .. كرنفال استثنائي وسهرات فنية تضيء ليالي المدينة    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    مسلح يقتحم برجا بنيويورك ويخلف 4 قتلى بينهم شرطي    تحذيرات أممية: الجوع والموت ينتشران بسرعة مروعة في قطاع غزة    "قاتل الشياطين" يحطم الأرقام القياسية في اليابان    هند زيادي تُشعل منصة كلميم وتواصل نجاحها ب"انسى"    لاعب سابق للمنتخب الفرنسي يحاكم في البرازيل    بسبب مبابي.. ريال مدريد يخطط لبيع فينيسيوس    متى ينبغي إجراء الفحوص الدورية على العينين؟    استخدام الهاتف في سن مبكرة يهدد الصحة العقلية    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    ما علاقة السكري من النوع الثاني بالكبد الدهني؟        على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب على الصحافة والصحفيين الأحرار
نشر في المساء يوم 04 - 11 - 2008

بين المغرب والقاهرة واليمن عايشت على مدى الأسابيع الماضية معاناة الصحافة والصحفيين من الضغوط التي تمارسها السلطات على الكلمة الحرة والصحفيين الأحرار، الذين أصبحوا يقضون معظم أوقاتهم بين أروقة المحاكم بدلا من التفرغ للحديث عن معاناة الناس ورفع سقف الحرية، والارتقاء بالإنسانية في بلادهم، لكن الحكم الذي صدر يوم الخميس الثلاثين من أكتوبر الماضي من قبل محكمة استئناف الرباط بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بتغريم صحيفة «المساء» المغربية غرامة مقدارها ستمائة مليون سنتيم، أي ما يعادل ثمانمائة وخمسين ألف دولار، لصالح النواب الأربعة للوكيل العام للملك بالقصر الكبير، الذين كانوا قد رفعوا شكوى ضد الصحيفة في العام الماضي بعد نشر خبر عن واحد منهم لم يذكر بالاسم قد حضر حفلا للشواذ، أثار ردود فعل واسعة في المغرب آنذاك، ورغم أن الصحيفة كانت قد قدمت اعتذارا لمن يفترض أنهم تضرروا إلا أن هذا الحكم غير المسبوق في العالم العربي يدخل في إطار الحرب المعلنة على الصحافة الحرة والصحفيين الشرفاء في العالم العربي الذين قرروا أن يخوضوا حربا شرسة لانتزاع حرية الصحافة من الأنظمة التي استولت عليها كما استولت على حرية الإنسان في العالم العربي طوال أكثر من خمسة عقود من رحيل الاستعمار عن بلادنا، حيث خلف الاستعمار في كثير من الدول العربية أنظمة أسوأ منه واصلت تقديم الخدمات له ولأعوانه مقابل البقاء على الكراسي وإذاقة الشعوب الويلات والأهوال، هذا الحكم الذي وصفه مصطفى الرميد، محامي صحيفة «المساء»، بأنه «حكم لا يشرف بلادنا من قضاء لا ينتمي إلى عصرنا»، يعكس طبيعة الحرب الطاحنة التي تخوضها الأنظمة المستبدة وأعوانها ضد حرية الصحافة والصحفيين الأحرار الشرفاء في العالم العربي الذين لا يملكون سوى القلم يذودون به عن حمى الشعوب المقهورة، فبعدما فشلت عشرات الأحكام التي صدرت بالسجن أو الاعتقال أو الحرمان من الكتابة أو الغرامات المالية أو الاعتداء بالخطف والضرب والإهانة على الصحفيين حتى يكفوا عن كشف الحقائق وفضح الفساد السياسي بكل أشكاله وعمليات السلب والنهب التي تتم في بلادنا، توجهت أجهزة قمع الحريات في العالم العربي إلى الإعدام المالي للصحف والمؤسسات الإعلامية عبر تلك الغرامات الباهظة وغير المسبوقة التي يمكن أن تؤدي إلى إفلاس أي صحيفة مهما كانت مصادر دخلها، لأن صحيفة «المساء» على وجه التحديد في المغرب تعاني من كثير من القضايا المرفوعة ضدها من أعداء الحرية، وإذا ما طبق هذا الحكم فإنه سوف يفتح الأبواب أمام إفلاس الصحيفة ومن ثم توقفها عن الصدور بعدما تمكنت خلال عام واحد فقط من أن تستحوذ على اهتمام القراء في المغرب، لأنها أصبحت تعكس آلامهم وآمالهم ونجحت في أن يرتفع توزيعها إلى مائة وخمسين ألف نسخة في اليوم، وأن تتحول إلى مدرسة صحفية ومؤسسة تصدر صحيفة أخرى يومية بالفرنسية هي «لوسوار» وأكثر من مجلة أسبوعية سياسية وأسرية، وقد اتصلت بالزميلين رشيد نيني، مدير نشر الصحيفة، وتوفيق بوعشرين، رئيس التحرير، لأسألهما عن الخطوة القادمة بعد صدور هذا الحكم الجائر الذي لا ينتمي إلى هذا العصر كما وصفه محامي الصحيفة، فقال توفيق: «لقد تلقينا آلاف الاتصالات من القراء بينهم رجال أعمال وتجار أبدوا استعدادهم لدفع هذا المبلغ الباهظ حتى تستمر الصحيفة في رسالتها، لكننا اتخذنا قرارا بأننا لن ندفع سنتيما واحدا وسوف نواجه هذا الحكم الجائر بكل قوة، لأننا إذا قبلنا بهذا الحكم فإننا كمن يقبل بتنفيذ حكم الإعدام ليس على صحيفة «المساء» فقط ولكن على كل الصحافة الحرة في المغرب التي بدأت ترسخ لمدارس صحفية متميزة، وتفتح المجال أمام الشعب ليعرف حقيقة ما يحدث في بلاده.. لن ندفع شيئا وليفعلوا ما يريدون». هذا الموقف يفتح الباب أمام الصحافة الحرة في العالم العربي كله لكي تدعم موقف «المساء»، وتدعم كذلك مواقف الصحف والصحفيين العرب الشرفاء سواء الذين يواجهون أحكاما قضائية بسبب آرائهم أو حرية التعبير والنقد التي نسعى جميعا إلى ترسيخها، أو الذين يتعرضون للمضايقات في أرزاقهم لأنهم قرروا أن يحترفوا تقديم الحقيقة إلى الناس، أو الذين يتعرضون للاعتداء الجسدي والنفسي، وهنا أذكر أني حينما اتصلت بالزميل إبراهيم عيسى، رئيس تحرير صحيفة الدستور المصرية، والذي حكم عليه مؤخرا بالسجن لمدة شهرين بتهمة الإساءة إلى رئيس الجمهورية في مصر ثم صدر عفو رئاسي عنه، وذلك أثناء فترة المحاكمة قال لي وهو يضحك: «هل تعلم يا أحمد أني أواجه الآن أربعين قضية مرفوعة ضدي في المحاكم المصرية حتى إني قررت أن أراسل موسوعة «غينس» للأرقام لأدرج كأول صحفي يواجه أربعين قضية في آن واحد، حتى إني أصبحت أقضي كثيرا من وقتي في المحاكم وليس في الصحيفة لأتفرغ لعملي». ليس معنى هذا أن هذه القضايا قد أصبحت تسعا وثلاثين بعد الحكم على عيسى في واحدة ولكن ربما زادت لأن هناك قضية جديدة ترفع من آن لآخر ولا أدري كيف أصبح عددها الآن، وإذا نظرنا إلى خريطة العالم العربي من مشرقه إلى مغربه لن نجد قطرا يخلو من محاكمة صحفي أو صاحب رأي أو معارض إلا ما ندر، في إشارة واضحة إلى مساحة القمع الفكري وسياسة كسر الأقلام الحرة في بلادنا.
إن هذه السيوف المسلطة على رقاب الصحفيين والصحافة الحرة في العالم العربي، من إرهاق الصحفيين الأحرار بكثرة القضايا المرفوعة واستنزاف طاقتهم الجسمانية والفكرية والعصبية والمالية في ساحات المحاكم، ثم إصدار أحكام عليهم لا تنتمي إلى عصرنا، هذه المحاولات كلها لن تفت من عضد الصحفيين بل تدفع بالمزيد منهم إلى أن يتحرروا من ربقة العبودية لهذه الأنظمة المتسلطة وينحازوا لتحرير هذه الشعوب من نير الاستبداد والقمع السياسي، لأن الصحافة الحرة والصحفيين الأحرار عليهم المسؤولية الأولى في حماية الشعوب وتنويرها وزيادة مساحة الوعي لديها، وليكن العصيان الذي أعلنته صحيفة «المساء» المغربية بالامتناع عن دفع الغرامة دافعا لصحف المشرق حتى تواصل الطريق.. طريق انتزاع الحرية للصحافة وللشعوب
العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.