هناك فرق بين أن تكون مدير مقاولة صحافية ومدير مقاولة... «عادية»! ففي الوقت الذي يجتمع فيه مدير المقاولة مع مدير البنك، يكون على مدير الجريدة أن يلبي «دعوة» إحدى محاكم المملكة. وحين يكون مدير المقاولة بصدد وضع تصور لاستراتيجية المقاولة، يكون مدير الجريدة بصدد وضع أجوبته على قائمة أسئلة أحد مراكز الشرطة أو النيابة العامة. ولما يكون مدير المقاولة في غذاء عمل مع زبنائه، يكون مدير الجريدة «يطوف» على زبنائه وممونيه طالبا منهم تفهم وضعه المادي المتأزم... لأسباب عديدة! ليست هذه صورة سوريالية أو مبالغا فيها.. وفي الواقع، كنت أحكي لأحد الزملاء بالأمس بعض ما تتعرض له «المساء» ومسؤولوها، ومساهموها فاقترح علي أن أشارك القراء هذه التجربة علهم يدركون الفرق بين أن تكون مدير مقاولة ومدير مقاولة.. صحافية. وهذا نموذج بسيط جدا لما نعيشه منذ أسابيع للأسباب التي يعرفها الجميع.. الاثنين الماضي، ولجت المحكمة الابتدائية على الساعة الثانية عشرة والنصف، ولم أغادرها حتى الساعة السادسة ونصف مساء وبالطبع.. دون غذاء. كنت أتابع محاكمة الزميل رشيد نيني التي يطالبه فيها النقيب زيان بأربعمائة مليون سنتيم. يجب على المرء أن يجرب كيف يقضي أزيد من خمس ساعات في قاعة محكمة باردة وفارغة إلى درجة أن صدى صياح الأساتذة المحامين يكاد يزعزع المكان. مباشرة بعد مغادرة المحكمة- وطبعا قبل تناول الغذاء أو العشاء، الأمر سيان، لأن الساعة قاربت السابعة مساء- كان علي أن أجتمع مع أحد محامينا لإعداد جلسة أخرى في قضية أخرى.. وهي الجلسة التي استغرقت ساعة كاملة... الثلاثاء، تلقيت مع بداية الصباح، حوالي التاسعة، مكالمة من الدائرة الأمنية الرابعة.. ضابط الشرطة طلب مني الحضور، بصفتي الممثل القانوني للشركة، للاستماع إلي في «شكاية حول مقال كتب في أحد أيام السنة الماضية».. هكذا كما بلغت. ذهبت إلى الدائرة الأمنية، أدليت بأقوالي، أمضيت المحضر وغادرت الدائرة.. إلى أين؟ إلى المحكمة الابتدائية مباشرة حيث كان الصديق محمد العسلي، أحد مساهمي «المساء»، ينتظر دوره في إحدى القضايا التي لا تخرج عن دائرة التضييق على «المساء». وفي المساء، قضيت حوالي ساعتين في اجتماع مع الأساتذة المحامين لدراسة واحد من «ملفات المساء». الأربعاء، أي الأمس، أمضيت الصباح كله بالمحكمة التي تنظر في طلب رفع الحجز عن حسابات شركتنا؛ وهو الحجز الذي تم بدون وجه حق! وصبيحة يومه الخميس سأكون، بحول الله، في لقاء مع محامي الشركة لدراسة ملف «المساء» في خلافها مع شركة سابريس... هذا نموذج من انشغالات مدير مقاولة صحفية يريدون القضاء عليها بالقضاء! فليفرح أعضاء نادي محور الشر لأنهم بلغوا إحدى غاياتهم بالتشويش على تركيزنا.. لكنهم لن يفرحوا كثيرا لأنهم يشوشون أكثر على الخطاب الرسمي الذي ينادي بتحديث المقاولة الصحفية ومدها بالإمكانات المادية.. وكلام كبير لا يفهمه هؤلاء.. لن نكون الضحايا الوحيدين.. وسنرى على من سيأتي الدور، لكن رجاء لا تصموا آذاننا بشعارات يرى مغاربة الداخل والخارج (البركة في الأنترنيت) أنها مجرد أضغاث أحلام!