تأجيل جلسة تقديم حصيلة الحكومة إلى موعد غير محدد    تحولات خطيرة في مخيمات تندوف إثر تمرد عسكري بالمنطقة    شركة ميتا تكشف عن سعيها لإحداث ثورة في التعليم    تفكيك عصابة متخصصة في سرقة محلات بيع المجوهرات في الدار البيضاء    إسبانيا توفر خدمات لعاملات مغربيات    جلسة مجلس الأمن المغلقة حول الصحرا.. هادو هوما الدول الأعضاء اللي معانا واللي ضدنا واللي واقفة على الحياد    أرباب المقاهي يفاجئون المغاربة برفع أسعار القهوة والمشروبات الغازية    الصندوق المغربي للتقاعد.. نظام التقاعد "التكميلي" يحقق نسبة مردودية صافية بلغت 5.31 في المائة سنة 2023    تأجيل جلسة البرلمان المخصصة لعرض الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة إلى وقت لاحق    اسرائيل: كنردو على هجوم إيران. طهران: اللي كيمس مصالحنا ما يلوم الا راسو    هشام الدكيك: "الفوز ضد زامبيا أفضل سيناريو من أجل بداية الدور المقبل"    ابن كيران يهاجم "حكومة الكفاءات": وزراؤها لا يعرفهم أحد    مسؤولية كبيرة قدام الطالبي العلمي للي مصر على تطبيق الدستور وابعاد البرلمانيين المتابعين فالفساد من المسؤولية: اليوم عندو اجتماع حاسم مع رؤساء الفرق على مناصب النيابات ورؤساء اللجان وكولشي كيستنا لاليست ديال البام    بودريقة ما فهمتش باللي جراو عليه من "امانة" مجلس النواب. دار توضيح كيقول باللي ما حيدونيش وانا ما ترشحتش. راه الحزب اللي كيختار ودابا راك فالتوش    استخدام الرقمنة لتقاسم الأنشطة التربوية بالمؤسسات التعليمية محور لقاء بأكادير    مساء اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : لمحات من سيرة وشعر الأمير الشاعر المعتمد بن عباد دفين أغمات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024 من مدينة أولمبيا اليونانية    الدكيك: ملي كنقول على شي ماتش صعيب راه ما كنزيدش فيه والدومي فينال مهم حيث مؤهل للمونديال.. وحنا فال الخير على المنتخبات المغربية    سانشيز: سننظم كأس عالم ناجحة لأننا مجتمعات تعشق كرة القدم    تأجيل مباراة العين والهلال بسبب سوء الأحوال الجوية بالإمارات    كمية الصيد المتوسطي تتقلص بالمغرب    مجازر جهوية جديدة للرباط بطاقة استيعابية تبلغ 30 ألف طن سنويا    الأمين بوخبزة في ذمة الله .. خسارة للحركة الإسلامية والعمل التطوعي بالمغرب    هذه مستجدات إلغاء ذبح أضحية عيد الأضحى لهذا العام    الإعلان عن مواعيد امتحانات الباكالوريا وهذه التدابير الجديدة    الحصيلة الإجمالية للقتلى ترتفع في غزة    دراسة: الشعور بالوحدة قد يؤدي إلى مشاكل صحية مزمنة    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع التراجع    كيف يمكن أن تساعد القهوة في إنقاص الوزن؟: نصائح لشرب القهوة المُساعدة على إنقاص الوزن    هجوم شرس على فنان ظهر بالملابس الداخلية    عبد الإله رشيد يدخل على خط إدانة "مومو" بالحبس النافذ    وفاة الأمين بوخبزة الداعية و البرلماني السابق في تطوان    الجزائر تغالط العالم بصورة قفطان مغربي .. والرباط تدخل على خط اللصوصية    مؤسسة منتدى أصيلة تنظم "ربيعيات أصيلة " من 15 إلى 30 أبريل الجاري    العالم يشهد "ابيضاض المرجان" بسبب ارتفاع درجات الحرارة    توقعات الطقس بالمغرب اليوم الثلاثاء    دراسة تحذر من خطورة أعراض صباحية عند المرأة الحبلى    المدرسة العليا للأساتذة بمراكش تحتفي بالناقد والباحث الأكاديمي الدكتور محمد الداهي    أشرف حكيمي: "يتعين علينا تقديم كل شيء لتحقيق الانتصار في برشلونة والعودة بالفوز إلى باريس"    مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان يدعو إلى انهاء الحرب في السودان    بعد إيقافه بأزمور.. وقفات تضامنية مع الناشط الحقوقي مصطفى دكار    بعد خوصصتها.. وزارة الصحة تدعو لتسهيل ولوج أصحاب المستشفيات الجدد إلى عقاراتهم وممتلكاتهم    بيدرو سانشيز: "كأس العالم 2030 ستحقق نجاحا كبيرا"    العنصرية ضد المسلمين بألمانيا تتزايد.. 1464 جريمة خلال عام وجهاز الأمن تحت المجهر    سليم أملاح في مهمة صعبة لاستعادة مكانته قبل تصفيات كأس العالم 2026    المغرب وبلجيكا يدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة    أكبر توأم ملتصق ف العالم مات.. تزادو وراسهم لاصق وحيرو كاع العلماء والأطباء    المغرب التطواني يصدر بلاغا ناريا بشأن اللاعب الجزائري بنشريفة    تكريم الممثلة الإيفوارية ناكي سي سافاني بمهرجان خريبكة    عمل ثنائي يجمع لمجرد وعمور في مصر    العالم الفرنسي الكندي سادلان ربح جائزة "أوسكار العلوم" على أبحاثو ف محاربة السرطان    هذه طرق بسيطة للاستيقاظ مبكرا وبدء اليوم بنشاط    الأمثال العامية بتطوان... (572)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    هل قبل الله عملنا في رمضان؟ موضوع خطبة الجمعة للاستاذ إلياس علي التسولي بالناظور    مدونة الأسرة.. الإرث بين دعوات "الحفاظ على شرع الله" و"إعادة النظر في تفاصيل التعصيب"    "الأسرة ومراعاة حقوق الطفل الروحية عند الزواج"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



« المساء » تكشف «أسرار» إمبراطورية الغاسول بالمغرب
تراكم ثروات هائلة وعمالها يعانون في صمت.. والسياسيون يدخلون على الخط
نشر في المساء يوم 26 - 04 - 2013

«الغاسولْ».. كلمة لم تكن تتداوَل في المغرب سوى بين النساء أو بين الساهرين على إنتاج هذه المادة، لكنها صارت، منذ بداية السنة الحالية،
مصطلحا يرُوج بين السياسيين، بعدما ذكره عزيز رباح، وزير التجهيز والنقل، في مجلس المستشارين.. «المساء» زارت مَوطن هذه المادة الطينية في جماعة «القصابي»، في إقليم ميسور، جماعة يعتمد سكانها في عيشهم على الفلاحة والعمل كأجَراء أو مياومين، سواء في ضيعة شاسعة أو في مقلع الغاسولْ، أو يهاجرون إلى مدن أخرى، بحثا عن مورد رزق لكسب قوت يومهم..
للوصول إلى مقلع الغاسول، انطلاقا من مركز جماعة القصابي، عليك المرور عبر طريق غير معبّدة، تتطلب وسيلة نقل من نوع خاص، حيث يصمّ صوت احتكاك العجلات بالأحجار الآذان، ولا يمكنك أن تسمع حديث مَن يجلس بجانبك إلا إذا توقفت عن المسير.. طريق خالية إلا من بضع علامات نصِبت على طول الطريق، منها علامة للتشوير يعلوها الصّدأ تشير إلى ضرورة تحديد السرعة في 20 كيلومترا في الساعة..
بعدما قطعنا مسافة ما يقارب 30 كيلومترا انطلاقا من جماعة القصابي، في حوالي ساعة من الزمن، وصلنا إلى مدخل المقلع، الذي هو عبارة عن حاجز حديديّ خاص يراقبه حارس، نُصِبت بالقرب منه لوحة كُتِب عليها «يُمنع أخذ وجمع العيّنات.. إنها ملك منجم الغاسول».
طلب منا الحارس ألا نلج المكان لأنه تلقى أوامرَ بذلك. ولم يفلح حديثنا إلى المهدي الرافعي، المشرف على الشركة محليا، والذي طلب منا المغادرة، مؤكدا أنه «لا أمل في الدخول»، لأنّ هناك أوامر صادرة بذلك.
عدنا أدراجنا وكلنا أمل أن نجد من يجيب عن تساؤلاتنا في محطة معالجة «الغاسول»، التي تقع بالقرب من دورا «تمدفلت».
بجانب المقر القديم للسكة الحديدية، الذي تَحوّل إلى مقر محليّ للشركة، يبدو العمال من بعيد منهمكين في عملهم تحت أشعة الشّمس الحارقة.. «الأوامر التي أعطيت للجميع هي عدم الحديث إلى «المساء»، في وقت تحدّثوا إلى وسائل إعلام أخرى».. يقول أحد العاملين في الشركة: «بمجرّد ما وطأتْ قدماك جماعة القصّابي تحرّكت الهواتف من أجل عدم السماح لك بأخذ أيّ معلومات أو التقاط أي صورة.. إنها الأوامر، ويجب تقدير ظروف العاملين، إنهم يرغبون في الحفاظ على أرزاقهم!»..
خطر.. ممنوع الدّخول
في منطقة تدعى «الحسناوية»، في اتجاه مدينة ميسور، توجد محطة ثانية لمعالجة الغاسول، أو ما يسمونه محليا «المْسيق». أرض خلاء، بمجرد وصولنا إلى هناك تقدَّم نحونا رجل في الستين من عمره، يدعى امبارك أوبنزايد، وبلهجة تهديدية خاطبنا قائلا: «لا تتقدموا إلى هناك، هذه أرضي وهي ملكي ولا يحق لكم ولوجها».. يتلقى اتصالا هاتفيا، فيُطمئن المتصل به إلى أنه «لن يسمح لنا بالولوج».. بعدوانية شديدة يطلب منا الانصراف، وإلا سيضطر إلى استعمال «الكرْت»، أي ضربَنا بالحجارة. حاولنا تهدئته، لكنْ بدا أنه لا يعرف سوى لغة القوة، ولا سبيل إلى التحاور معه، خصوصا عندما أجرى اتصالا هاتفيا، ليحدّثه مخاطبه: «بغيتْ القايد يْجي والجّدارْمية وْلا راني غادي نضربْ بالكرْت».. فخاطبني قائلا: «إذا تجاوزتِ هذا الحد، فسأتهمك بأنك أتيت لسرقة محصولي الزراعي» (الفول).. معاملة قاسية لم نكن نتوقعها من رجل قرويّ مثله تبدو عليه كل علامات الفقر والمعاناة، فتركنا المكان بعدما تأكدنا أنّ مُسيّري الشركة أصدروا أوامرهم الصارمة بعدم السماح لنا بالاطّلاع على واقع المَقلع ولا المحطتين التي يتم فيهما «غسيله»، عملا بالمثل المغربي: «عيبْ البْحيرة تْفتاشْها»، واعتبارا لأنّ الذين التقيناهم لا حول لهم ولا قوة وأنهم مجرد «عبيد مأمورون»، خصوصا أن بعضهم تركوا صلاة الجمعة من أجل تتبّع خطواتنا أينما حللنا وارتحلنا داخل جماعة القصابي..
موت وبؤس في المنجم
الحسين النحال، تقاعد من العمل بعد مسيرة عمل مدتها 25 سنة.. كان هذا الرجل يعمل في «المنجم» إلى جانب أزيد من 200 عامل، يستخرجون يوميا حوالي 1470 كيسا من وزن 110 كيلوغرامات، تحملها سبع شاحنات نحو مقرّ الشركة الرئيسي في فاس.
ظروف العمل قاسية بطبيعتها، لكنّ قسوتها كانت تشتدّ خلال شهر رمضان، كما قال النحال، «خصوصا عندما تأتي الشاحنات لحمل «الغاسول» مع اقتراب موعد الإفطار، وقتَها لا يُسمَح لنا بتناول الفطور إلا بعد أن ننهيَّ عملنا، بينما يذهب سائقو الشاحنات، وكذا «الشّافْ»، ليتناولوا فطورهم، إنها لحظات عصيبة».
يتذكر النحال زملاءه الذين قضوا نحبهم في «المنجم»، ومنهم قدور وبلحسن وبوراس وغيرهم.. لكنّ ما كان يؤلمه أكثر هو أنهم يضعون جثمان المتوفى بالقرب منهم ويواصلون عملهم، لأنه غير مسموح لهم بالتوقف من العمل أبدا.. إنها لحظات لم تُمحَ من مخيلة هذا المتقاعد، الذي تابع، بحزن شديد: «لم تكن أرواح الناس مهمّة بالنسبة إلى المشرفين على العمال».
اعتبر حْدّو الحسين، بدوره، أنّ أقسى لحظات العمل كانت خلال شهر رمضان، رمضان لا يفرقون بين ليله ونهاره، إذ لا يُسمح لهم بتناول الفطور بعد يوم شاق من العمل إلا بعد إنهاء مهامهم، حيث كان الأجير يحمل على كتفيه كيسا من الغاسول يزن 120 كيلوغراما، بعد أن يتعاون على وضعه على كاهله أربعة عمال.
ما زال الحسين، المتقاعد منذ ست سنوات، يحتفظ بورقة الأداء الخاصة بالشركة، والتي يوجد عيها «لوغو» قديم كُتب عليه «غاسول الشّرفاء»، يحكي أن أوضاع العمال تحسنت خلال سنة 1996، إذ أصبحت عدد الساعات محدّدة في ثمان ساعات عوض العمل أزيد من 12 ساعة، في كثير من الأحيان.
كان للعمال المؤقتين نصيبُهم من المعاناة، ومنهم امبارك اليوسفي، الذي كان يعمل لمدة ستة أشهر ليوقَف بعدها ويعمل مجددا وتغيَّر له «النمْرة»، أي يسجل وكأنه عامل جديد، من أجل التملص من أداء واجبات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كأجير دائم، حسب قوله..
إذا كان هناك آباء عملوا في الشركة وخلفهم أبناءهم، فإن عزيز كاشي لم يكن من هذه الفئة، فوالده قضى نحبه بعدما سقط من الشاحنة التي تقلّ العمال والأكياس.. تقدّمَ مرارا بطلب من أجل العمل في شركة الغاسول، لكنْ لم يستجب له، شأنه في ذلك شأن أخيه الأكبر، حسب قوله.
على مسافة 27 ألف هكتار هناك عدة أماكن لاستخراج للغاسول، والتي يصطلح عليها باللهجة المحلية «الغيرانْ»، منها التي «جُمّد» العمل فيها، مثل (اشموريا وكاف البغال) بينما بقيت «غيران» أخرى، (الشعبة وغار الغشيوة والنخلة).. ويُعدّ غار النخلة هو أفضلها، حسب عمال سابقين، لكون المشرفين على المقلع يولونه «العناية» اللازمة، ويوفرون فيه كل الشروط الصحية المطلوبة، ليصير نموذجيا، وبذلك يكون المكان المناسبَ لاستقبال لجن المراقبة أو زيارة أي أجنبي إلى المقلع، من أجل «إظهار» أنّ «الأمور على ما يرام».. ويكون العمال فيه مسجَّلين في صندوق الضمان الاجتماعي، في حين أنّ الأجراء المؤقتين يعملون في بقية «الغيران»، كما فسّر عدد من المتقاعدين الذين خبروا المكان لسنوات طوال.
ربما كان واقع العمال السابقين أفضلَ من واقع العاملين حاليا، فهؤلاء ما زالوا يعملون في ظروف صعبة. يحكي أحد العاملين الحاليين ( طلب عدم ذكر اسمه) أنّ العمل في «الغار» صعب للغاية، إذ يذهب العامل مشيا على ركبتيه انطلاقا من المدخل، الذي لا يتعدى علوه 80 سنتيمترا، إلى أن يصل إلى الداخل ويشرع في عمله.. وإذا كان غار «النخلة» هو النموذج، حسب تصريحات المتقاعدين، فإن الذين يعملون حاليا، يؤكدون أن الغار النموذجيّ يسمونه «المينا» أو «بولمانْ»، والذي هُيّئ خصيصا لاستقبال اللجن والمسؤولين، الذين تكون زياراتهم مناسبة أيضا ليتمتع العاملون بزيّ العمل وواقي الرأس «الكاسْك»..
انتفاضة «أهل الكهف»
لم يسبق لسكان قرية القصابي، الذين سلخوا أعمارهم في العمل في كهوف الغاسول أن خرجوا إلى الشارع للاحتجاج، فخروجهم يوم 19 مارس الماضي كان «يوما مشهودا»، بتعبير بعض الفاعلين الجمعويين، وقد تزامنت مسيرتهم هذه مع السوق الأسبوعي، فحمل المُحتجّون صور الملك والأعلام المغربية ورفعوا شعارات، مطالبين ب»عقلنة استغلال مقلع الغاسول وتحسين ظروف العمل داخله وخارجه، وإنشاء معامل محلية لتحويل مادة الغاسول وتصنيعها محليا، وفتح تحقيق في الكميات المستخرَجة من هذه المادة»، وغيرها من المطالب.
قبَيل تنظيم المسيرة الاحتجاجية، تلقى بعض الفاعلين الجمعويين اتصالات من بعض مسؤولي الشركة يعرضون عليهم العمل كنوع من «المساومة» من أجل الحيلولة دون التعبئة للمشاركة في الاحتجاج، كما يقول إدريس حدو، عضو جمعية التنمية المستدامة. لكنّ الجواب كان هو الرفض، كما تم الاتصال بشباب كانوا يعملون خارج الجماعة، لدعوتهم إلى الالتحاق بلعمل في الشركة.. وجاء رفْض حدو وبعض الذين عُرض عليهم العمل انطلاقا من قناعة مفادها أنه لا يمكن القبول بالعمل مقابل التخلي عن التعبئة للمسيرة الاحتجاجية. وقال عضو جمعية التنمية المستدامة: «لقد أصبح طلب العمل في مقلع الغاسول يشبه طلب التوظيف المباشر.. كما أنّ المحسوبية والزبونية هي المنهجية السائدة للعمل في المقلع، غير أنه بعد تأسيس تنسيقية للمجتمع المدني من أجل المطالبة بتصحيح الوضع الذي طال المنطقة منذ 50 سنة، بدأ بعض المسؤولين المحليين للشركة يجتهدون من أجل شراء صمت الناس».
القضية تصل إلى البرلمان
لم يسبق أن أثير ملف «الغاسول» داخل قبة البرلمان، ولم يكن الحديث عنه في وسائل الإعلام خلال السنوات الماضية إلا من خلال الصّحافة، التي تهتم بالاقتصاد، والتي كانت تقدّمه كمنتوج مغربي نجحت «شركة الصفريوي» في تصديره إلى عدد من البلدان الكبرى، لكنّ يوم 29 يناير الماضي كان مختلفا، دفع مختلف وسائل الإعلام إلى نشر عدد من المقالات حول شركة الغاسول. وجاء ذلك بعدما قدم عزيز رباح، وزير التجهيز والنقل، مقلع الغاسول كمثال على توجّه الحكومة في تحرير نظام المقالع وفتحه أمام الجميع، إذ قال الوزير بالحرْف في مجلس المستشارين: «يْمكنْ نقولْ ليكومْ التوجه اللي ماشيينْ فيهْ، الأول بوضوح هو تحريرْ النظام ديالْ المَقالعْ، باشْ يْولّيو المغاربة سواسية أمام الوصول إليه، وغادي نعطيكومْ واحد النموذج قريبْ.. كتعرفو الغاسول هو مقلع من المقالع، لكنه يؤطر بواحد الظهير عند وزارة المالية، اليوم الغاسول الذي تقدر مساحة مقلعه ب27 ألف هكتار, يخضع لطلبات عروض مفتوحة لمن يريد أن يستثمر، ووزارة المالية، مع التجهيز والمعادن، مُشْرفة على هذا الملف، اللي هو كنزْ وطني اللي حتى واحدْ في السابق ما كيعرفْ كيفاش.. صحيح كانت هناك شركة، اليوم أصبح مفتوحا للاستثمار».
ودفعت إثارة رباح للملف في جوابه عن سؤال شفوي في مجلس المستشارين حول إشكالية المقالع في المغرب -تقدم به الفريق الاشتراكي- الساكنة «تنتفض» لأنها اعتبرت أنّ الفرصة مواتية من أجل المطالبة برفع «الظلم» الذي طالها لعقود من الزمن، فكان تأسيس التنسيقية، وتحرَّك معها الفاعلون الجمعويون في المنطقة، وواكبت هذه التحرّكات حركية موازية للسياسيين على مستوى البرلمان، إذ طالب فريق العدالة والتنمية في مجلس النواب بمهمة استطلاعية إلى مقلع الغاسول للوقوف على حقيقة الأمر، وهو المطلب الذي استجابت له لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن، والتي لم تقرر بعدُ تاريخ الزيارة الميدانية للجنة.. بينما سارع الفريق الاشتراكي إلى توجيه طلب للجنة من أجل مساءلة الوزراء المتدخّلين في الموضوع، ومنهم وزراء التجهيز والنقل والداخلية والمالية، كما أنّ أسئلة شفوية ستُطرَح في البرلمان خلال الدورة الرّبيعية.
بدوره، سيثير رئيس جماعة القصابي، عبد الرحمان كراط، وهو برلمانيّ عن الحركة الشعبية خلَف امحند العنصر بعد استوزاره، الملف من خلال سؤال شفوي، حيث اعتبر أنّ الجماعة تستفيد من مادة الغاسول وتعتبره من أهمّ مواردها، رغم مداخيله القليلة (85 مليون سنتيم سنويا). ويعتبر كراط هذه المادة الطبيعية التي تزخر بها المنطقة «مادة فريدة، ومن النوع الممتاز، والتي ينبغي أن يعاد النظر في قيمة سومتها الكرائية وأن تخضع لدفاتر التحمّلات».
وإذا كان ظهير 6 دجنبر 1960 ينصّ على أن نصف مداخيل كراء «الغاسول» يعود إلى الجماعة، فإنه لا توجد أي وثيقة تربط بين الجماعة وبين الشركة، يقول رئيس الجماعة، مضيفا في حديثه إلى «المساء»: «لا نعلم أي شيء عن هذا الملف، لا نحضر سمسرة ولا نتوفر على دفاتر تحمّلات، ولا حق لنا في مراقبة الكمية المستخرَجة من المقلع، الذي يدّعي البعض أنه منجم، وهذا خطير جدا».
لم تؤدّ الشركة ما في ذمتها من واجبات السومة الكرائية منذ سنة 2009 إلا بعد أن وضع رئيس الجماعة ملفا متكاملا بين يدَي وزارة المالية، حسب قوله، ما دفع الشركة إلى الأداء في نهاية سنة 2012، والتي تسلم المال للقباضة وتتسلم الجماعة نصيبها، في غياب أي وثيقة تؤكد حقها من ذلك سوى الظهير، الذي تعتبره «مرجعا» لها.
«إنه وضع مؤسف ولكنْ لا حول لنا ولا قوة»، يقول رئيس الجماعة، الذي يتمنى أن يعاد النظر في طريقة استغلال هذا المقلع، عن طريق دفتر تحمّلات يفرض شروطا على المُستغِلّ من أجل مراعاة تنمية المنطقة والمساهمة في بناء الطرقات وعدد من المؤسسات الاجتماعية، «وما دام صاحب الشركة من الأغنياء.. فإنه يتوجّب عليه مراعاة ظروف المنطقة، إلى جانب مراعاة أحوال العمال وتحسين ظروف عملهم ووقايتهم وحمايتهم أثناء عملهم». كما اقترح رئيس الجماعة الزيادة في السومة الكرائية بعد كل سنتين، كما هو وارد في قانون الكراء.
«الشفافية.. فينْ هيّ؟»..
«جاء حديث وزير التجهيز والنقل عن مقلع «الغاسول» وفتحه أمام الاستثمار بعدما انتهت رخصة الكراء التي تمنحها مديرية أملاك الدولة، والتي مُدِّدت إلى حدود شهر شتنبر المقبل. وقد تشكلت لجنة وزارية تضمّ مختلف القطاعات المتدخلة من أجل النظر في ملف «الغاسول»، وعقدت لقاءَين متتاليين في مقر وزارة التجهيز»، حسب ما قال مصدر من الوزارة، بهدف الخروج برؤية واضحة حول كيفية استغلال هذه الثروة ومعرفة قيمتها الحقيقية.
وأكد مصدر من وزارة التجهيز والنقل أنّ اللجنة الوزارية تذهب في اتجاه إعداد تقرير متكامل حول مادة «الغاسول» كمادة أساسية لها قيمتها العلمية، عبر إجراء بحوث ودراسات لمعرفة موقعها على مستوى السوق الوطنية والدولية، وفتح مجال الاستثمار في «الغاسول» كثروة وطنية أمام تنافسية الشركات الدولية والوطنية، عبر إعداد دفتر تحمّلات بشروط واضحة وشفّافة.
وحول النقاش الدائر عما إذا كان «الغاسول» مقلعا أم منجما، وهل سيكون تابعا لوزارة الطاقة والمعادن أم لوزارة التجهيز والنقل، أكد المصدر ذاته أنّ «هذا لا يهمّ بالنسبة للحكومة، لأنّ الهدف هو إخضاع استغلال هذه الثروة إلى منطق النزاهة والشفافية، عوض تركها تخضع لظهير يعود إلى الستينيات، تُكترى وكأنها أرض خالية»..
حق الرد مكفول
على مدى أسبوعين لم تنفع الاتصالات المتكررة بسعد الصفريوي، مسير الشركة، من أجل معرفة رأيه في الموضوع والتنسيق مع إدارته لزيارة ميدانية إلى مقلع «الغاسول»، وبعد «إزعاجنا» للسيد الصفريوي، الذي يشغل منصبَ مدير جهويّ لشركة الضحى في الدار البيضاء، بالاتصالات المتتالية.. طلب من المكلفة بالتواصل مع الصحافة في شركة الضحى الحديث إلينا لمعرفة سبب اتصالنا المتكرر به، وبعد إخبارنا برغبتنا في معرفة رأيه في الموضوع، أكدت هذه الأخيرة أنه «لم تعد تربطه أي علاقة بالشّركة منذ سنتين».. وأنها ستخبره ليرشدنا إلى المكلف بالملف، لكنْ لا اتصال تلقيناه منه إلى حدود اليوم، غير أنه لم يتمَّ توضيح ما إذا كان سعد الصفريوي قد تخلى عن الشركة نهائيا على مستوى الوثائق، أم أنه فقط فوّض صلاحياته لمن ينوب عنه وعن ابن عم والده، صلاح الدين الصفريوي، الذي يعتبر أيضا من مُسيّري الشركة، والذي اتصلنا به لمعرفة رأيه في الموضوع، لكنْ دون جدوى..
وتكرّر الأمر نفسه لمديرية أملاك الدولة في فاس، التي اتصلنا بها وقيل لنا إن مسؤوليها «مشغولون»، فتركنا رقم الهاتف أملا في الحصول على معلومات في الموضوع.
وما زال الهاتف المحمول لسعد الصفريوي، الذي قيل إنه لم تعد تربطه بالشركة أي صلة منذ سنتين، وهاتف قريبه صلاح الدين مدونا على موقع شركة الغاسول لمن أراد الاتصال على مستوى الدار البيضاء..

60 من منتوجات الغاسول تصدَّر نحو الخارج%
تأسست شركة الصفريوي من قِبل الأخوين عبد الصمد وعبد السلام الصفريوي منذ أزيد من 50 سنة، برأسمال قيمته 26 مليون درهم، وبعدها استمرّت الأسرة في عملها، فتوارث الشركة الأبناء والأحفاد، إلى أن أصبح مسيراها حاليا كل من سعد الصفريوي وصلاح الدين الصفريوي، ويوجد مقرّها الإداري في مدينة فاس، التي يُخزَّن فيها «الغاسول»..
وتستهدف هذه الشركة الأسواق الخارجية، وتصدّر 60 في المائة إلى الخارج، خصوصا إلى فرنسا وألمانيا والدنمارك وكندا، كما توجّه منتوجاتها نحو مصر وجنوب إفريقيا واليابان وتايلاند والنمسا وبلجيكا وكندا والولايات المتحدة المتحدة الأمريكية، وفق ما جاء من مقالات اقتصادية نُشِرت في الموضوع.
لبوطيب الكبراوي، وهو من سكان الجماعة، شغف بالتاريخ.. يحكي أنّ السكان كانوا يستغلون الغاسول منذ قرون.. كانوا يبيعونه لليهود المغاربة الذين كانوا يقطنون بالملاح، إلى أن تم كراؤه لشركة الصفريوي.. وحسب رواية الأجداد، يقول الكبراوي، فإن «جماعة القصابي كانت تعتبَر مركزا للقوافل ما بين فاس والصحراء والسودان، وهناك وثائق تاريخية تؤرخ لذلك».
«يُؤرّخ» سكان المنطقة لوضعية الغاسول عبر ذكر عامل سابق يدعى محمد بلماحي، كانت له غيرة على المنطقة، وكان يرغب في أن يعود استغلال شركة الصفريوي بالنفع على الجماعة، وسعى لذلك بكل ما أوتي من قوة، لكنه لم يحقق رغبته، على حد تعبير عدد من سكان الجماعة الذين التقتهم «المساء».



الهاشمي : نطالب بإنهاء احتكار استغلال الغاسول ورفع التهميش عن المنطقة
- أثير، مؤخرا، ملف «الغاسول» في جماعة القصابي، أنت ابن المنطقة ونائب رئيس جمعية القصابي للتنمية والتعاون، ما الذي دفع الساكنة إلى التظهار يوم 19 أبريل؟
لقد عرفت «قضية الغاسول» تطورات متسارعة منذ اليوم الذي أعلن فيه وزير التجهيز والنقل داخل البرلمان، في جواب له عن سؤال شفوي للفريق الاشتراكي في إطار جلسة الأسئلة الشفوية في مجلس المستشارين، أنّ إصلاح المقالع سيمضي في اتجاه تحرير هذا القطاع٬ مستدلا في ذلك بحالة «مقلع الغاسول»، الذي يمتد على مساحة 27 ألف هكتار، والذي سيخضع لطلبات عروض مفتوح.. كان ذلك اليوم (الثلاثاء 29 يناير 2013) يوما تاريخيا بالنسبة إلى الجماعة القروية القصابي -ملوية ولساكنتها، التي ما تزال تعيش خارج التاريخ، حيث إذا كانت مناطق المغرب الأخرى قد عرفت الاستقلال منذ أكثرَ من نصف قرن فالجماعة القروية القصابي لم تنعم به بعدُ!.. وقد أريد لها أن تُشكّل جزءا مما يسمونه «المغرب غير النافع»، الذي هم صانعوه في عدد من مناطق وطننا، ليس لانعدام المؤهلات والموارد في هذه المناطق، ولكنْ لاستمرار استغلال الموارد الطبيعية لهذه المناطق ومنذ الاستقلال لفائدة أفراد أو شركات استولت على خيرات هذه المناطق بمباركة عدة جهات، حيث يتم إسقاط حقوق الساكنة المحلية، فكانت النتيجة الحتمية لذلك هي الفقر والتهميش في عدد من مناطق المغرب منذ الاستقلال إلى الآن، والمثال من الجماعة القروية القصابي، حيث تستغل شركة الغاسول منذ 1957..
لقد كان يوم ذكر الغاسول في قبة البرلمان يوما مشهودا بكل المقاييس، في ظل مغرب دستور 2011، الذي حدد مرتكزات الدولة المغربية ووضع في مقدمة هذه المرتكزات الحكامة الجيدة وكرامة المواطن وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية ومقومات العيش الكريم.. فوزير التجهيز والنقل فتح الباب الذي سترى منه منطقة القصابي -ملوية النور الذي تنعم به عدة مناطق أخرى من المغرب، حيث انطلقت حلقات مسلسل «قضية الغاسول»، المفتوحة على كل التطورات، ووُضعت الجماعة القروية القصابي تحت الأضواء الكاشفة. تحرّك النسيج الجمعوي في الجماعة في مسيرة سلمية تاريخية يوم 19 مارس 2013، وتحرّكت معه الصحافة الوطنية الحرة وكذلك الجمعيات الحقوقية والفرق البرلمانية والوزراء واللجن الوزارية التقنية، لأنّ الأمر يتعلق باحتكار ملايير لا تستفيد من عائداتها لا الدولة -في إطار الحكامة الجيدة- ولا المواطنون، في إطار التوزيع العادل للثروات الطبيعية في هذا الوطن..
لقد خضعت الجماعة القروية القصابي -ملوية لتهميش مقصود فُرِض على المنطقة من طرف لوبيات الرّيع الاقتصادي، التي سعت إلى احتكار خيرات المنطقة والاستحواذ على مواردها الطبيعية (السطو على أراضٍ بأثمنة زهيدة لخلق ضيعات فلاحية شاسعة يشتغل فيها أبناء المنطقة كالعبيد.. ضخّ مياه نهر ملوية خارج الضوابط القانونية، احتكار استغلال الغاسول خارج ضوابط الشفافية، استغلال الجبص خارج القانون)... منذ استقلال المغرب إلى الآن، وهو ما كان منفذوه يهدفون من ورائه إلى ضمان بقاء المنطقة خارج دائرة الضوء للتمكن من نهب خيراتها بتواطؤ مع من تعاقبوا على التسيير، محليا إقليميا جهويا ووطنيا، من سلطات ومنتخبين، لم يبذلوا أي مجهود يُذكر ومنذ الاستقلال لتغيير واقع الجماعة وتحسين أحوال ساكنتها.
- ذكرتم ضمن مذكرتكم المطلبية أنّ الغاسول كان يُستغلّ من قِبَل السكان، هل يمكن أن تقدّموا لنا لمحة تاريخية؟
لقد كانت ساكنة المنطقة أحسن حالا خلال القرن التاسع عشر وخلال الاستعمار.. حيث استفادت من عائدات الغاسول رغم هزالتها نتيجة الاستغلال التقليدي آنذاك، قبل احتكاره من طرف الشركة المستغلة خلال الخمسينيات، مستعملة في ذلك مختلفَ الوسائل، فبموجب الظهير الصادر في 14 مارس 1786 عن السلطان محمد بن عبد الله، استفادت قبيلة آل مولاي السعيد في القصابي -ملوية، ولمئات السنين، من حق الانتفاع بالغاسول، لكنْ في سنة 1957 صدر ظهير6 دجنبر 1960 (الجريدة الرسمية -عدد 2511 بتاريخ 09 -12 -1960) الذي أسقط حق انتفاع القبيلة الوارد في الظهير السابق، فنصّ على أنّ حق الاستغلال أصبح لمصالح الأملاك المخزنية ابتداء من فاتح يوليوز 1960، ويمكنها تفويته لفائدة طرف آخر (كان هو شركة «غاسول الصفريوي» الذي كان إسمه التجاري في السوق المغربي إلى حدود الثمانينيات «غاسول شرفاء القصابي») وفق ضوابط استغلال الأملاك المخزنية، على أن يتم تقسيم عائدات الاستغلال مناصفة بين الجماعة القروية القصابي -ملوية وخزينة الدولة، لكنْ ومنذ 1957، تاريخ بداية الاستغلال من طرف الشركة الوحيدة إلى الآن، والجماعة القروية لا تجني إلا «الفتات» كل سنة (ما يناهز 800 ألف درهم سنويا) مقابل الملايير لفائدة الشركة.
- ما زال النقاش دائرا حول ما إذا كان «الغاسول» مقلعا أم منجما.. ما رأيك في هذا الجدل؟
إن مادة الغاسول المستغلة في جماعة القصابي مادة طينية نادرة عالميا لا تدخل ضمن المواد المنجمية التي يسري عليها ظهير 16 أبريل 1951 -بمثابة القانون المنجمي المعمول به حاليا في بلادنا، حيث تندرج ضمن المواد من الصنف الثامن (مع الرمل، الكلس، الرخام، الغرانيت) التي يسري عليها نظام المقالع، لكن وللاستفادة من الامتيازات التي تخضع لها الشركات المستغلة للمواد المنجمية، وتحت عدة ذرائع وبمباركة الجهات المسؤولة على قطاع المناجم، فإنّ الشركة المستغلة لمادة الغاسول عملت وتعمل جاهدة، من خلال مشروع قانون جديد للمناجم (مشروع قانون 21.09 يتعلق بالمناجم) يوجد لدى الأمانة العامة للحكومة منذ عشرات السنين تم عرضه على أنظار مجلس حكومي في الحكومة السابقة.. (عملت) على الدفع لتغيير تصنيف مادة الغاسول إلى مادة منجمية يسري عليها القانون المنجمي، ليتم إسقاط جميع حقوق الساكنة بالإسقاط النهائيّ لحق الجماعة القروية، حيث سيصبح الغاسول مِلكا للدولة، كباقي المعادن، في حالة المصادقة على هذا التعديل، وهذا ما ترفضه الساكنة..
- ما هي أهمّ مطالب المجتمع المدني؟
إنّ ما نطمح إليه هو إنهاء احتكار استغلال مادة الغاسول في كافة أنحاء جماعة القصابي ووضع ضوابط لاستغلال هذه المادة باعتماد الشفافية والحكامة الجيدة، المطلب الذي بات مُلحّا، إضافة إلى استرجاع كل المستحقات الحقيقية الناجمة عن الاستغلال المُفرِط لهذه المادة في المنطقة لأكثر من نصف قرن، وهو الاستغلال الذي لم تستفد منه الساكنة.. كما أنّ فتح تحقيق للكشف عن الخروقات التي قامت بها الشركة المُستغلّة لسنوات وهي تستغلّ مقالع الغاسول، ومنها الإستغلال المفرط للمادة وتشكيلها احتياطيا كبيرا، إلى جانب خلق بنيات تحتية صناعية بفي الجماعة القروبة القصابي لتثمين مادة الغاسول محليا، حيث تكون موردَ استقطاب لمشاريع اقتصادية واجتماعية في مجالات مختلفة، إضافة إلى جعل مادة الغاسول قيمة مضافة بصفة عامة للمنطقة، حيث تكون وسيلة لردّ الاعتبار للإنسان وتحقيق كرامته في العيش في إطار العدالة الاجتماعية، بفكّ العزلة عن ساكنة الجماعة القروية القصابي عن طريق خلق البنيات التحتية الطرقية والبنيات الاجتماعية في كل دواوير الجماعة (34 دوارا) وخلق فرص الشغل وغيرها، من إستراتيجيات التنمية تتمكن من خلالها المنطقة من اللحاق بركب التنمية، أسوة بما تعرفه عدة مناطق في المغرب.. إلى جانب إشراك الساكنة، من خلال جمعيات المجتمع المدني، في كل تصور لمشاريع التنمية بصفة عامة في منطقة القصابي -ملوية، وبصفة خاصة في كل تصور جديد لاستغلال الغاسول، وقطع الطريق أمام كل الانتهازيين الجدد، الذين بدؤوا يتحرّكون مستغلين تحرّكات تنظيمات المجتمع المدني، محاولين «الركوب» على مطالبها وعلى تضحياتها التطوعية لفائدة عامة مواطني المنطقة والراغبين في خلق محتكرين جدد لثروة الغاسول وخلق لوبيات صغرى متعدّدة جديدة تستغلّ الغاسول لمصالحها الشخصية وليس للتنمية الشاملة التي يستفيد منها عامة المواطنين..
كما نطالب برفع التهميش المقصود الذي فُرض على الجماعة القروية القصابي -ملوية منذ استقلال المغرب إلى الآن، والذي كان منفذوه يهدفون إلى ضمان بقاء المنطقة خارج دائرة الضوء، بإعادة النظر في التقطيع الانتخابيّ الحالي، الذي يفرض على جماعة القصابي -ملوية البقاءَ في أبعد نقطة في حدود إقليم بولمان وبقائها خارج أيّ اهتمام من طرف المسؤولين، وضدا على إرادة ساكنة الجماعة، التي كانت وما زالت ترغب في التحاق الجماعة بإقليم ميدلت..
نائب رئيس جمعية القصابي للتنمية والتعاون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.