يحرصون في العالم الإسلامي على الذبح الحلال. والغاية من ذلك منع الذبح الحرام. وبازاء الذبح المستمر في سوريا والذي قُتل فيه إلى الآن عشرات الآلاف من المدنيين، بدأ الأمريكيون أيضا التدخل بإحكام في شرائع الذبح ويضعون علامات عليه. يبدو أن آلاف الوفيات الغريبة حيث يُقتل آلاف المواطنين لا تعتبر في الغرب «حراماً» بل «ذبحا حلالا». إن مسألة استعمال السلاح الكيميائي فقط هي التي تخط «الخط الأحمر» أو «تغيير قواعد اللعب»، كما قال اوباما، وهي التي ستبت أمر هل يتدخل الغرب لوقف المجزرة؟. على حسب تصريحات اوباما ورئيس الوزراء البريطاني كامرون، تُثار في الآونة الأخيرة تعبيرات «شهادات على استعمال جزئي ضيق» لسلاح كيميائي أو «شهادات محدودة» على هذا السلاح، بصفة تعبيرات تذاكي تتعلق بتدخل مباشر لمواجهة النظام في سوريا، ويتبين أن للخطوط الحمراء خاصية مطاطية. يصعب على اوباما أن يبت في الأمر في المنطقة الموجودة في «حرب باردة» أخذت تزداد سخونة. إن الكوريين الشماليين يهددون الولاياتالمتحدة مباشرة وينوون إعدام سائح أمريكي. وتحول العراق «المحرر» إلى ميدان قتل بين الشيعة والسنة برعاية إيران. ويتابع الإيرانيون تخصيب اليورانيوم ويستخفون بالغرب بعد أن لم تسبب العقوبات إجهاض الجنين المخيف للقنبلة الذرية الإيرانية. وسورية تنتقض عُراها. أما لبنان الذي يبيع النظام السوري مقاتلين من حزب الله فيستعد لحرب أهلية طائفية تنتشر نحوه كاشتعال النار في الهشيم. وتراقب أوروبا وتركيا والدول العربية السنية وإسرائيل في خوف اوباما الذي يتحدث عن «وحدة سوريا» وعن «تسوية بالطرق السلمية» في حين ينشئ تحالفا إقليميا على إيران وعلى نظام الأسد، وهو مُحتاج لإعادة الردع إلى ضرب جهة ما: أكوريا؟ أم إيران؟ أم سوريا؟ لأنه يجب أحيانا ضرب كلب الشيخ لردع الشيخ نفسه. اوباما متردد والروس يشوشون لأن الجيد للأمريكيين سيئ لهم. وقد أوضح نائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف أن بلده يعارض تدخل الغرب في سوريا بحجة استعمال الغاز، مُذكرا بالهجوم على العراق بدعوى كاذبة عن وجود سلاح كيميائي في حوزة صدام. وتابعه وزير الإعلام السوري الزعبي، الذي أنكر التهمة واتهم تركيا والمتمردين بأنهم مُحدثو فرية الغاز. إسرائيل أيضا في معضلة لأنه إذا بقي النظام السوري فسيبقى هدوء نسبي، بسبب جهود إعادة البناء المتوقعة واستمرار الصراع الداخلي في الدولة. وإذا حل الإرهابيون الإسلاميون محل الأسد (وهذا نتيجة ممكنة للتدخل الأمريكي المباشر)، ستتغير خصائص المواجهة في الجبهة السورية من مواجهة عسكرية إلى مواجهة لمنظمات إرهابية. إن إعادة تشكيل الرؤية الاستراتيجية المرغوب فيها لإسرائيل يفترض أن تكون شأنا سياسيا خالصا. ويجب على المستويات الاستخبارية أن تساعد سرا بمعطياتها وتوصياتها. يبدو أن تحليلا غير جدي للواقع يشير إلى أن الوضع الذي تفضله إسرائيل هو وضع استنزاف متبادل وعدم حسم بين النظام السوري و»الجيش السوري الحر» المؤلف من المنظمات الإرهابية الإسلامية المؤيدة للقاعدة وجبهة النُصرة. وعلى ذلك فإن رواية الجهات الاستخبارية في الجيش الإسرائيلي المناقضة لموقف الأمريكيين، ستحث على إسقاط النظام في سورية بتدخل غربي كما يتضمن شرط اوباما. إن هذه الصيغة الأخلاقية المعلنة على ألسنة أولاد محرقة اليهود موجهة إلى الشعب السوري المعادي تعمل بغير المصلحة الاسرائيلية.