الديمقراطية أمام امتحان السياسة في المغرب… الموت أو التدنّي    وزارة الصحة تتخذ إجراءات صارمة لضمان جودة الخدمات وتطبيق الانضباط    بزشكيان: إيران لا تريد أسلحة نووية    منتخب أفغانستان للسيدات "اللاجئات" يخوض أولى مبارياته في بدبي    سناء العلوي… من تكريم وزان إلى لجنة تحكيم سلا    لامورا.. آخر أعمال الراحل محمد إسماعيل بالقاعات السينمائية    قراءة في مسرحية «عيشه ومش عيشه»: «الوجود الإنساني لا يفهم إلا في ضوء تناقضاته»    المغرب يجدد بنيويورك تأكيد دعمه لحل الدولتين بشأن القضية الفلسطينية    عضو الكونغرس الأمريكي 'جو ويلسون': البوليساريو منظمة إرهابية تزعزع السلم والأمن العالميين    تقرير: "آلية تعديل الكربون الأوروبية" ستؤثر على صادرات المغرب وتدفع نحو تسريع إزالة الكربون من الاقتصاد الوطني    أخنوش من منبر الأمم المتحدة: حان الوقت لطي صفحة النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية في احترام تام لسيادة المملكة ووحدتها الترابية    الاعتراف بفلسطين بين الرمزية والتواطؤ... الإبادة في غزة كسقوط للأقنعة الدولية    6 روايات عن العائلة إلى المرحلة النهائية من جائزة "بوكر"    مؤسسة الدوحة للأفلام تسلط الضوء على الأصوات الفلسطينية في مهرجان الدوحة السينمائي    "كاف" يطلق جولة ترويجية لكأس الأمم الإفريقية بالمغرب 2025    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    توقيف حركة السير بعدد من المحاور الرئيسية يوم 28 شتنبر الجاري بالدار البيضاء    التنسيق النقابي للمتصرفين التربويين يعلن عن سلسلة من الاحتجاجات ويتشبث بالاستجابة لملفه المطلبي    عمر عزيمان يتوج بجائزة مركز الذاكرة    سباق الفضاء الثاني .. الولايات المتحدة تتقدم نحو القمر    استئنافية طنجة تدين "البيدوفيل الألماني" وشريكه المغربي ب12 سنة سجنا نافذة    أداء إيجابي في تداولات بورصة البيضاء                ملاعب المغرب تغلق مجددا للصيانة استعدادا لنهائيات كأس الأمم الإفريقية    أكثر من 1.8 مليار شخص في العالم معرضون لخطر الفيضانات    منظمة الصحة العالمية: لا علاقة مؤكدة بين الباراسيتامول والتوحد        نزيف الطرق متواصل.. 33 قتيلا و3058 جريحا في أسبوع واحد    فيديوهات على "فيسبوك" تطيح بشباب الاستعراض الخطر في شوارع مراكش        الأمم المتحدة.. أخنوش: الذكاء الاصطناعي رافعة للتقدم المشترك وليس مرادفا للإقصاء أو التفرقة    دراسة: تلوث الهواء قد يضر ببصر الأطفال    الملك محمد السادس يعطي اليوم الأربعاء انطلاقة مشروع القطار الجهوي السريع بالدار البيضاء        أخنوش بنيويورك: المملكة قطعت أشواطا مهمة في مجال الانتقال الطاقي بالمراهنة على الطاقات المتجددة        سفيرة المغرب في فرنسا سميرة سيطايل بالكوفية الفلسطينية وفي بيت سفيرة فلسطين في باريس.. بعد اعتراف الرئيس الفرنسي بدولة فلسطين        الدفاع الجديدي يعلن رسميا استقبال الرجاء بملعب الزمامرة    في الذكرى ال95 لليوم الوطني.. السفير السعودي بالرباط يؤكد عمق الشراكة مع المغرب ويعلن عن منتدى استثماري مشترك    أخنوش: "المغرب الرقمي 2030" استراتيجية تراهن على استثمار الفرص الاقتصادية الواعدة    منظمتان تنتقدان تأخر تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية    أخنوش: إفريقيا في صلب المبادرات الدولية الكبرى لجلالة الملك    دراسة: غثيان الحمل الشديد يرفع خطر الإصابة بأمراض نفسية        جماعة أولاد حمدان : المصادقة على تحويل الاعتمادات المالية التي كانت مخصصة كمساهمة في مشروع بناء ثانوية تأهيلية.    ترامب يسخر من الأمم المتحدة: كل ما تقوم به هو صياغة رسائل شديدة اللهجة لكنها مجرد كلمات فارغة                المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية    فوز الشاعرة الإيفوارية تانيلا بوني بجائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الإفريقي في دورتها 13        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لكم دينكم ولي ديني
نشر في المساء يوم 30 - 03 - 2009

في فرنسا، كل اللكمات، سواء من تحت أو من فوق الحزام، مباحة بين الجزائريين والمغاربة. في أمور السياسة، الطبخ، اللباس، الأغنية، إلخ...«ما كاين اللي يكولها زينة فلآخر». كنا نعتقد أن الإسلام سيبقى بمنأى عن هذا التطاحن، لكن المواجهة الأخيرة التي تمت بين الطرفين تنذر بنشر التفرقة أكثر والعصف ب«المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية»، وهي الهيئة التمثيلية لمسلمي فرنسا الذين يبلغ تعدادهم 5 ملايين نسمة، حيث يتربع الجزائريون على رأس القائمة ب5،1 ملايين مسلم، يليهم المغاربة بمليون مسلم ثم التونسيون ب400 ألف، فالماليون والسنغاليون ب340,000، ثم الأتراك 313.000، إضافة إلى 70.000 من مسلمي آسيا.
تمت المواجهة إذن لما نظم «المجلس الأعلى للجالية المغربية المقيمة بالخارج»، بفندق الميراج بمدينة فاس يومي15 و16 مارس، ندوة تحت عنوان «القانون الحقوقي للإسلام في أوربا»، دعا إليها - إلى جانب محمد الموساوي، رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وهو من أصل مغربي- ثلاثة أعضاء من وزارة الداخلية الفرنسية هم دفيد سينا، المستشار المكلف بالديانات لدى وزيرة الداخلية، لوران توفي، مدير الحريات العامة والشؤون القضائية، وجان-فيليب بيار، مستشار سياسي وبرلماني. وباستثناء ممثلة عن وزارة الخارجية الألمانية، لم يحضر ممثلو باقي الدول الأوربية. استغل الجزائريون، يمثلهم المسجد الكبير لباريس والمسجد الكبير لمدينة ليون، انعقاد هذا اللقاء للتنديد بما أسموه ب«انزلاقات شخصية في تسيير هذه الهيئة الدينية»، والدعوة إلى تجميد مشاركتهم في المجلس الأعلى. في بيان لهم، سجل رئيس الفيدرالية الوطنية للمسجد الكبير بباريس دليل بوبكر وأمينها العام شمس الدين حفيز والأمين الوطني لنفس الفيدرالية عبد الله زكري وعميد المسجد الكبير بليون الذي يشغل أيضا منصب مساعد المكلف بالخزينة كمال قبطان، «بأسف، الانزلاقات الشخصية» في تسيير المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وهو «هيئة دينية تكمن مهمتها فقط في خدمة مسلمي فرنسا»·
كما عبّر هؤلاء عن «انشغالهم إزاء التدخل الأجنبي (يعني المغرب) الذي يتعرض له المجلس مُنددين ب«الاحتكار لفائدة مصالح خاصة لتشكيلة الأغلبية المطلقة والمتسلطة للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية والتي أفشلت التسيير التوافقي للتوازنات الضرورية لديمومة هذه الهيئة ومصداقيتها»·
في نفس السياق الاحتجاجي، قررت مليكة بنلعربي، وهي من أصل جزائري، إطلاق مبادرة بديلة للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أرادتها هيئة على صورة «المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا»، أي هيئة لائكية من دون ولاء ولا نعرة وطنية، مع العلم بأنها لجأت إلى سفير قطر، محمد الكواري، الذي أبدى استعداده لمساندة هذا المشروع بسخاء طائي. بيد أن هذه المبادرات أخمدت مؤقتا في المهد بفعل احتجاجات المغاربة وتدخل الرئيس الفرنسي الذي حرص، منذ إنشائه للمجلس عام 2003 على إبقاء الديانة الإسلامية بفرنسا بمنأى عن التشعب والتشيع الديني. أبدى الجزائريون بعض التراجع، لكن للقفز بعيدا، إذ يبقى طموحهم هو الهيمنة على الشأن الديني في فرنسا بما هو رهان اقتصادي (السيطرة على سوق الحلال، سوق الحج إلى الديار المقدسة، الزكاة، بناء المساجد... إلخ)، وإيديولوجي، أي تمرير وبسط تصور ديني معين ينهل توجهاته من العاصمة الجزائر. يبدو أن وزارة الداخلية الفرنسية، وهي الطرف الذي يتكفل برعاية الشأن الإسلامي في فرنسا تحبذ طريقة تسيير المغاربة نظرا إلى اعتدالهم ورغبتهم في تأسيس إسلام فرنسي جمهوري توافقي. دون الحديث عن شرعية تمثيليتهم الانتخابية وتمكنهم من الإسلام وقواعده وتعاليمه.
وهنا، تحضرنا واقعة إمام إحدى «المساجد السفلية» بمدينة بوبيني بالضاحية الباريسية الذي حول «كاراج» إلى مسجد. في أحد الأيام، «طار وخلا لمسلمين مقردين!»، تبعا لعبارة أرسلان الجديدي. وعليه، تطوع شخص اسمه موس، وهو من قبائل الجزائر ويعمل موزعا للبيتزا على دراجته النارية، للقيام بدور الإمام. فلما خطب في الحضور، استعمل «خالوطة» من الفرنسية-العربية للحديث عن «Mécréants» (الكفار) من الماريكان وسواهم من أعداء الإسلام. في الخطبة الثانية «تفرقات الجقلة» من حوله. يسخر المغاربة من هذا الإسلام الهجين الذي يمرره الجزائريون، كما ينظرون بعين الحيطة إلى النزوع الإثني واللائكي الضيق الذي يشيعونه في وسط مسلمي فرنسا.
غير أن المواجهة الأخيرة لا تعدو أن تكون مجرد شوط من الأشواط المريرة بين المغاربة والجزائريين، وسيكون انعقاد اللقاء السنوي السادس والعشرين لمسلمي فرنسا وأوربا، والذي ينظمه اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا (المقرب من الإخوان المسلمين والذي يهيمن عليه المغاربة) بالبورجيه من 10 إلى 13 أبريل، مناسبة أخرى لإفراغ الأحقاد بين الإخوة الأعداء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.