بملتقى فكري مفتوح حول «السؤال الثقافي: التحديات والرهانات»، بالمقر المركزي للحزب بالرباط .. الاتحاد الاشتراكي يفتح نقاشاً ثقافياً استعداداً لمؤتمره الثاني عشر    الشاعرة نبيلة بيادي تجمع بتطوان الأدباء بالقراء في برنامج "ضوء على القصيدة"    "نوستالجيا 2025": مسرح يحفر في الذاكرة... ويستشرف الغد    سفينة في "أسطول الحرية" تقصد غزة من إيطاليا    حكيمي أفضل مدافع بمونديال الأندية    دلالات خفقان القلب بعد تناول المشروبات المثلجة    مجلس حقوق الإنسان يُنبه إلى خطورة نشر مشاهد الاعتداء في قضية "اعتصام الخزان"    الرجاء الرياضي يتعاقد رسميا مع محمد المكعازي    نشرة إنذارية.. موجة حر تصل إلى 47 درجة تمتد من الثلاثاء إلى الجمعة    الكوكب المراكشي يتعاقد مع الإطار الوطني رشيد الطاوسي    إنفانتينو: نسخة مونديال الأندية حققت نجاحا استثنائيا وغير مسبوق    تخليدا للذكرى ال26 لتربع جلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه المنعمين    مسيرة بالناظور تستنكر تدهور الأوضاع والتضييق على العمال وتطالب بالتنمية وسراح معتقلي حراك الريف    سقوط أربعة أشخاص من لعبة هوائية يثير الذعر والتحقيقات جارية    بينهم 10 يجلبون المياه.. إسرائيل تقتل 45 فلسطينيا بغزة الأحد    تحريض وعنصرية وأكاذيب.. "فوكس" يشعل الفتنة في مورسيا وهذه مواقف باقي الأحزاب الإسبانية        "عدالة" تنبه إلى التدهور المقلق للوضع الحقوقي بالمغرب وتدعو لإصلاح يضمن الحقوق والحريات    الاتحاد الأوروبي يؤجل "رسوم أمريكا"    بوعياش توضح بشأن "اعتصام الخزان"    مونديال الأندية.. تشيلسي يطارد المجد الثاني وسان جيرمان يبحث عن أول تتويج عالمي    انتهاك صارخ لقدسية الأقصى.. مستوطنون يقتحمون قبة الصخرة ويؤدون طقوسًا تلمودية في ذكرى خراب الهيكل    مراكش تنادي إفريقيا: إصلاح التقاعد لضمان كرامة الأجيال المقبلة    الملك يشيد بالصداقة مع مونتينيغرو    مدرب المغرب يشيد بأداء الدفاع بعد الفوز على السنغال في كأس أمم إفريقيا للسيدات    توقعات أحوال الطقس الأحد    محكمة جرائم الأموال تؤيد الحكم الابتدائي الصادر في حق مسؤولي بنك اختلسوا أموالا كبيرة    الرابطة المغربية للشباب والطلبة تختتم مخيم "الحق في الماء" بمركب ليكسوس بالعرائش    جسم غامض خارجي يقترب من الشمس بسرعة خارقة يثير حيرة العلماء    شفشاون: يوم تواصلي حول تفعيل مضامين الميثاق المعماري والمشهدي لمركز جماعة تنقوب ودوار الزاوية    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    أزيد من 311 ألف ناجح في البكالوريا برسم دورة 2025 بنسبة نجاح بلغت 83.3%    غرق شاب بشاطئ تمرسات بالبركانيين وعملية البحث عن جثته متواصلة    صدور كتاب عن قبيلة "إبقوين" الريفية يفكك الأساطير المؤسسة لقضية "القرصنة" عند الريفيين    تقرير: المغرب ضمن 3 دول أطلقت سياسات جديدة لدعم الزراعة الشمسية خلال 2024    أقدم مكتبة في دولة المجر تكافح "غزو الخنافس"    يديعوت أحرونوت: موجة هجرة إسرائيلية غير رسمية نحو المغرب في خضم الحرب    صحافي أمريكي: الملياردير جيفري إبستين صاحب فضيحة شبكة الدعارة بالقاصرات كان يعمل لصالح إسرائيل    طنجة.. إغلاق مقهى شيشة بمحيط مالاباطا بعد شكايات من نزلاء فندق فاخر    من ضحية إلى مشتبه به .. قضية طعن والد لامين جمال تتخذ منحى جديدًا    أسعار الذهب تتجاوز 3350 دولارا للأوقية في ظل التوترات التجارية العالمية    تقرير دولي يضع المغرب في مرتبة متأخرة من حيث جودة الحياة    فاس تحتضن لقاء لتعزيز الاستثمار في وحدات ذبح الدواجن العصرية    دراسة: التلقيح في حالات الطوارئ يقلل الوفيات بنسبة 60%        الطبخ المغربي يتألق في واشنطن.. المغرب يحصد جائزة لجنة التحكيم في "تحدي سفراء الطهاة 2025"        بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي إيجابي    أغنية "إنسى" لهند زيادي تحصد نسب مشاهدة قوية في أقل من 24 ساعة    عبد العزيز المودن .. الآسَفِي عاشِق التُّحف والتراث    نحو طب دقيق للتوحد .. اكتشاف أنماط جينية مختلفة يغيّر مسار العلاج    علماء ينجحون في تطوير دواء يؤخر ظهور السكري من النوع الأول لعدة سنوات    من السامية إلى العُربانية .. جدل التصنيفات اللغوية ومخاطر التبسيط الإعلامي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نور الدين زنكي يختار نهج الخليفة عمر بن عبد العزيز
فيما كانت بلاد المشرق في زمنه نهبا للصراعات والتطاحنات السياسية بين أمراء المسلمين
نشر في المساء يوم 18 - 08 - 2014


يوسف الحلوي
وضع نور الدين زنكي سيرة الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز نصب عينيه واتخذه قدوة له في سائر شؤونه. وقد عني الشيخ معين الدين الإربلي بتدوين سيرة عمر وقدمها إلى نور الدين كي يستفيد منها في الإدارة والقضاء، ويتخذ منها دافعا يحمسه لبناء مشروع النهضة الذي كان يحلم به.
كانت بلاد المشرق في زمنه نهبا للصراعات والتطاحنات السياسية بين أمراء المسلمين، كما كانت هدفا لاستنزاف القوى الصليبية التي كثفت هجماتها على المشرق واستغلت خيراته، وكان تفرق المسلمين عائقا أمام مواجهة الأطماع الصليبية، وفوق ذلك كان للفاطميين دور خطير في منع قيام أي جبهة موحدة ضد الصليبيين، خاصة بعدما بسطوا نفوذهم على مصر واشرأبوا بأعناقهم إلى غيرها من بلدان المشرق ورفعوا شعارا براقا يجذب الطبقات المسحوقة في سائر بلاد الإسلام: «إن المهدي قادم ليملأ الأرض عدلا بعدما ملئت جورا». وهكذا سيحدد نور الدين أولوياته في الصراع، وسيضع أهدافا مسطرة بعناية ودقة لإنقاذ الأمة جمعاء، وكانت أبرز أهدافه أن ينشئ جبهة إسلامية موحدة لمواجهة المد الصليبي. وقبل تأسيس هذه الجبهة كان لا بد من بسط العدل وتقديم نموذج مشرق للناس يلتفون حوله ويدافعون عنه، فأسس مجالس للشورى ضمت خيرة فقهاء وعلماء عصره، وحفظ كرامة مواطنيه وأغدق على فقيرهم وكفل يتيمهم واستعان على خدمتهم بالزهد والورع فعلا شأنه بين الناس وقد مدحه أحد الشعراء قائلا :
يا أيها الملك المنادي جوده/في سائر الآفاق هل من معسر/ ذلت لدولتك الرقاب ولم تزل/إن تغز تغنم أو تقاتل تظفر
وقد روى عنه المؤرخون العجب إذ كان صواما زاهدا لا يلتفت لشيء من مباهج الدنيا حتى أنه كان يغزل الصوف خفية ويبيعه ولا يفطر إلا مما يقع في يده من ثمن عمل يده، ومن كانت هذه سيرته انقادت له الأمة عن بكرة أبيها.
وهكذا فحين منع الخمارات ودور اللهو بالشام أطاعه الناس لأنهم أحبوه وتعلقوا به، فقد توضحت لهم غايته، وعلموا أنه يسعى إلى بناء مجتمع قوي متماسك مدرك لطبيعة الأخطار المحدقة به، ولأن بلاده كانت هدفا لغزو الفكر الشيعي الباطني فقد سعى لمحاربة المد الشيعي بإنشاء المدارس وتحفيز العلماء على أداء مهامهم ونبذ العصبية المذهبية التي أضعفت الأمة. قال ابن كثير: «كان نور الدين يتحرى سنة النبي (ص) في أموره كلها ومن أعظم إنجازات دولته إسقاط الدولة الفاطمية».
باشر نور الدين زنكي مجموعة من الإصلاحات السياسية والاجتماعية والدينية، فوضع المكوس والضرائب وتمسك بمبدإ الشورى في إدارة الدولة وفصل السلط وأعاد للقضاء هيبته. ومما يروى عنه أنه دعي لمجلس القضاء أكثر من مرة فامتثل طالبا من القاضي أن يساوي بينه وبين خصومه وألا يحابيه في أحكامه. ولزنكي فضل عظيم في تنظيم الشؤون الإدارية بدولته وفي وضع الدواوين وضبط النفقات، فسمي بسبب جهوده في كل هذه المجالات بسادس الخلفاء الراشدين.
وأما دوره في دفع بلاء الصليبيين ومحاربتهم فدور عظيم، فهو أستاذ صلاح الدين الأيوبي وعنده كانت بداية أمره. يقول العماد الأصفهاني: «إن صلاح الدين كان لا يخرج عن أمر نور الدين ويعمل له عمل القوي الأمين ويرجع في جميع مصالحه إلى رأيه المتين». ولو لم تكن لنور الدين من حسنة في مقاومة الحملة الصليبية غير تقديم صلاح الدين وإسناد الأمر إليه لكفته، والحاصل أن حسناته في إنقاذ المشرق من طغيانهم كثيرة ومتعددة، فعلى يديه فتحت الرها ومعها حصون وقلاع وثغور كثيرة كقلعة أفامية وقلعة عزاز وتل باشر ودلوك ومرعش وقلعة عينتاب وبانياس، وله في ميادين القتال صولات وجولات، إذ كان يتقدم الصفوف ويطلب الموت في ساحات النزال. يقول ابن عساكر: «بلغني أنه في الحرب رابط الجأش، ثابت القدم، شديد الانكماش، حسن الرمي بالسهام، صليب الضرب عند ضيق المقام، يقدُم أصحابه عند الكرة، ويحمي منهزمهم عند الفرة، ويتعرض بجهده للشهادة لما يرجو بها من كمال السعادة» .
أصيب نور الدين عام 569 ه بالذبحة الصدرية ولازم بيته أحد عشر يوما لا يغادره إلى أن فاضت روحه في منتصف شوال من نفس السنة، عن عمر يناهز تسعة وخمسين عاما، فاغتم لوفاته الخاص والعام ورثاه الشعراء بغرر القصائد، وفي مقدمتهم العماد الأصفهاني الذي قال في نعيه:
الدين في ظلم لغيبة نوره/ والدهر في غمم لفقد أميره/ فليندب الإسلام حامي أهله/
والشام حافظ ملكه وثغوره/ ما أعظم المقدار في أخطاره/ إذ كان هذا الخطب في مقدوره/ ما أكثر المتأسفين لفقد من/ قرت نواظرهم بفقد
نظيره


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.