دونالد ‬ترامب ‬يقطع ‬دابر ‬التشويش ‬والمؤامرات ‬المتربصة ‬بالسيادة ‬المغربية ‬ويعلنها ‬صراحة :‬    وزير ‬الداخلية ‬يفتح ‬ورش ‬الانتخابات ‬التشريعية ‬بالمشاورات ‬مع ‬الأمناء ‬العامين ‬للأحزاب ‬السياسية ‬الوطنية ‬    ‬تجديد ‬الاستعداد ‬لحوار ‬صريح ‬و ‬مسؤول ‬مع ‬الأشقاء ‬في ‬الجزائر ‬ما ‬دلالته ‬؟    فيدرالية ناشري الصحف تعلن مواصلة تعبئتها ضد قانون مجلس الصحافة    هل تستخدم الجزائر رئاستها للاتحاد الإفريقي لفرض موقفها من قضية الصحراء؟    المندوبية السامية للتخطيط .. إحداث 5 آلاف منصب شغل    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    استجابة مغربية عاجلة للوضع الإنساني في غزة بأمر من الملك محمد السادس    كأس أمم إفريقيا للاعبين للمحليين 2024.. المغرب مرشح قوي تترقبه أعين كل المنافسين على اللقب    إصابة عضلية تُبعد ميسي عن الملاعب لفترة غير محددة    موجة حر وزخات رعدية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    مصرع سيدة في حادثة سير مروعة بطنجة    رابطة الكتبيين تحذر من تخفيضات وهمية على الكتب المدرسية قبل الدخول المدرسي    لا أنُوء بغزّة ومِنْهَا النُّشُوء    وفد من مجلس المستشارين يتباحث مع الرئيسة الجديدة للبرلمان الأنديني في أول لقاء رسمي لها    ريال مدريد يحصن نجمه المغربي إبراهيم دياز بعقد جديد    وليد الركراكي يحضر لمفاجآت جديدة في معسكر شتنبر بضم لاعبين من أوتريخت وروما    أوروبا تشدد الرقابة.. نظام إلكتروني جديد يرصد تحركات المسافرين المغاربة بدقة    مسؤولون أمنيون إسرائيليون سابقون يطلبون مساعدة ترامب لوقف الحرب في غزة    بسبب جوازه المنتهي.. والدان مغربيان يتركان طفلهما في المطار ويسافران    قافلة "التعمير والإسكان" تجوب 10 مدن مغربية لخدمة مغاربة العالم    ارتفاع في أعداد المهاجرين غير النظاميين الوافدين إلى سبتة ومليلية المحتلتين خلال 2025    شاطئ ميامي ببني انصار.. إنقاذ طفل من الغرق بعد ساعات من مأساة شاب جزائري    الدخول المكثف للجالية يدفع الدرهم المغربي للارتفاع أمام الأورو    انخفاض أسعار النفط بعد اتفاق أوبك على خفض الإنتاج    "بوكينغ" أمام دعوى من آلاف الفنادق بأوروبا        أستراليا تتهم مواطنة صينية بالتجسس        عاكف تتوج ببطولة "فريستايل إفريقيا"        أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    ترتيب شباك التذاكر في سينما أميركا الشمالية    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب        جماهري يكتب: من أجل قواعد نهائية في تدبير الانتخابات    حين يغيب تكافؤ الفرص… تضيع شفافية الانتخابات    بطولة انجلترا: تشلسي يتعاقد مع الظهير الأيسر الهولندي هاتو    فرنسا ترحل طالبة فلسطينية إلى قطر بعد اتهامها بكتابة منشورات "معادية للسامية"    حماس تقول إنها لن تسمح للصليب الأحمر بالوصول إلى الرهائن إلا إذا تم فتح ممرات إنسانية    وفاة الممثلة الأميركية لوني أندرسون عن عمر ناهز 79 عاما    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    رواج الموانئ المغربية يسجل ارتفاعا ب11,6% خلال النصف الأول من 2025    نازهي يسائل وزير الثقافة حول اختلالات مسرح محمد عفيفي بمدينة الجديدة    النجمة أصالة تغني شارة "القيصر" دراما جريئة من قلب المعتقلات    المركز السوسيوثقافي أبي القناديل يحتظن حفلا مميزا تخايدا لذكرى 26 لعيد العرش المجيد    السياسة وصناعتُها البئيسة !    "عرش المحبة حين يغني المغرب في قلب تونس"        دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    دراسة تُظهِر أن البطاطا متحدرة من الطماطم    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواهب في مهبّ الريح
نشر في المساء يوم 23 - 04 - 2009

فجأة، أصبحت السيدة سوزان بويل التي تتحدر من قرية صغيرة في إسكتلندا، «نجمة» معروفة على الصعيد العالمي، بعد مشاركتها في برنامج لاكتشاف المواهب الغنائية على إحدى القنوات التلفزيونية البريطانية. السيدة سوزان تبلغ من العمر سبعا وأربعين سنة، ومع ذلك شاركت في برنامج المواهب الذي لا يشارك فيه عادة إلا الشباب، ما يعني أن السيدة التي تشعّ الطيبوبة من وجهها البيضاوي لديها ثقة كبيرة في نفسها، لذلك صعدت إلى خشبة المسرح بلباس ربات البيوت، وبشعر غير مصفف، وتحمّلت نظرات الاستغراب التي قصفتها بها أعين أعضاء لجنة التحكيم، وضحكات الاستهزاء والسخرية التي تنبعث من أفواه الجمهور الجالس أمام الخشبة، ولم تمض سوى لحظات قليلة حتى استطاعت السيدة سوزان أن تحوّل نظرات أعضاء لجنة التحكيم المستغربة إلى نظرات ينبعث منها التقدير والاحترام الممزوج بالدهشة، وحوّلت ضحكات الاستهزاء الصادرة عن الجمهور إلى لحظات من السكون المكسوّ بالدهشة، والذي تخللته التصفيقات وصرخات الإعجاب، بفضل الصوت الأخّاذ الذي ينبعث من حنجرتها القوية، وعندما انتهت من أداء الوصلة الغنائية التي شاركت بها، وقف جميع الحاضرين وصفقوا لها بحرارة، وكأنهم يطلبون منها العفو جراء «النظرة» الناقصة التي تكوّنت لديهم حولها في البداية.
السيدة سوزان أثبتت للعالم أجمع أن الإنسان يستطيع أن يستمر في العطاء إلى ما لا نهاية، شريطة أن يتوفر على ما يكفي من الإرادة والعزيمة، وكثير من الثقة بالنفس. نتحدث هنا بطبيعة الحال عن الثقة وليس الغرور، الذي يجعل كثيرا من «فنانينا» يصدقون أنهم فعلا فنانون حقيقيون، والحال أن المسافة التي تفصلهم عن الفن هي نفس المسافة التي تفصل بين السماء والأرض!
السيدة سوزان بويل قدوة لنا جميعا، فإذا كان العلم يؤخذ من المهد إلى اللحد، فكذلك العطاء يمكن أن يستمر إلى آخر لحظة من حياة الإنسان. هذه السيدة العصامية هي أيضا قدوة لكثير من السيدات المغربيات، اللواتي بمجرد أن يتجاوزن سن الخامسة والأربعين، ويأتي زمن سنّ اليأس، يعتبرن «مدة صلاحيتهن» قد انتهت، فقط لأن عملية الإنجاب لم تعد ممكنة، فيصيبهن الإحباط والقنوط، وتستبدّ بهن الوحدة والعزلة، وعوض أن يبحثن عن مواهب جديدة قد تكون ساكنة في أعماقهن يضيعن أوقاتهن في التجمعات التي تكثر فيها النميمة وتسود فيها الثرثرة الفارغة! مقدمات بذلك فرصة من ذهب للذين يعتبرون المرأة مجرد «آلة للإنجاب» فحسب، كي يبرهنوا على صحة مزاعمهم!
السيدة سوزان، لم يسبق لها أن تزوجت، ولم يسبق لأحد، حسب تصريحاتها، أن قبّلها. لذلك فهي أيضا قدوة للشابات الصغيرات في السن، خصوصا أولئك اللواتي يشاركن في المسابقات الغنائية مثل «استوديو دوزيم»، واللواتي لا يفرقن بين مسابقة الغناء ومسابقة ملكة الجمال، لذلك يحرصن على أن يظهرن في شكل مغر للغاية، كي يلفت منظرهن أنظار الجمهور، حتى لا ينتبه أحد إلى أصواتهن المزعجة!
ما صرحت به السيدة سوزان، وهي المرأة التي تربّت في الغرب «المتحرر»، عندما قالت إن أحدا لم يقبّلها طيلة حياتها، فيه أيضا عبرة للذين يرون أن التقدم والتحضر لا يمكن أن يكون إلا عندما يشرع الناس في تقبيل بعضهم البعض وسط الشارع العام، وإفساح المجال أمام ذوي الميول الجنسية الشاذة لممارسة «حريتهم» نهارا وجهارا. فلو كانت السيدة سوزان مغربية، وصرحت بهذا الكلام، لنعتها البعض بأنها امرأة متخلفة، وما دام أن السيدة من إسكتلندا، فلا يمكن لهؤلاء سوى أن يبتلعوا ألسنتهم ويصمتوا، لأن الضربة جاءت هذه المرة من الغرب!
ويبقى المؤسف في الأمر، أننا عندما نرى هذه السيدة التي تقترب من الخمسين، قد وجدت من يعبّد لها الطريق، حتى صارت نجمة تتهافت عليها القنوات التلفزيونية العالمية والجرائد والمجلات، من أجل إجراء حوارات خاصة معها، فإننا في المغرب لدينا برنامجا اسمه «استوديو دوزيم» من أبرز الشروط التي يضعها في وجه المترشحين أن يتراوح سنهم بن 18 و30 سنة، وكأن الموهبة تموت في الإنسان بعد تجاوز ثلاثين عاما. والمؤسف أكثر هو أن لدينا مواهب في عمر الزهور، لكنها تفتقر إلى «حفّار» يستطيع إخراجها من تحت أنقاض الإهمال. وربما شاهدتم قبل أيام على موقع «يوتوب» ذلك الطفل المغربي الذي صنع آلة الكمان من قنينة فارغة، وثبّت عليها عودا تخترقه أوتار من «السّبيب»، ليعزف عليها رفقة أصدقائه مقاطع من الأغاني الشعبية بموهبة عالية، فلو وجد هذا الصبي بدوره برنامجا تلفزيونيا حقيقيا لاكتشاف المواهب لأصبح بدوره مشهورا، ولانفتحت الآفاق في وجهه، لكن، بما أنه في المغرب، فلا يحق له ولا لغيره من المواهب، أن يحلموا بالشهرة، ولا حتى بالتفاتة خاطفة من التلفزيون العمومي، ما دام أن أبناء الشعب في هذا البلد قد صدرت أحكام نافذة على مواهبهم بأن تظل على الدوام في مهب الريح!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.