"ندوة السلام".. بن عبد الله يدعو لتكثل عالمي يواجه إجرام إسرائيل ويحيي سكان طنجة    سوريا.. السلطات تعتبر القصف الإسرائيلي لمنطقة قريبة من القصر الرئاسي بدمشق "تصعيدا خطيرا"    لهذه الأسباب سيغيب الدولي المغربي مزراوي عن فريقه … !    اعتقال مروج مخدرات خطير بمراكش وبحوزته آلاف الأقراص المهلوسة    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية بجهة الداخلة    يونس مجاهد: مجالس الصحافة وضعت للجمهور وليست تنظيمات بين-مهنية    رغم القطيعة الدبلوماسية.. وفد برلماني مغربي يحل بالجزائر    مخاريق: لا يأتي من بنكيران سوى الشر.. وسينال "العقاب" في الانتخابات    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    الناظور ضمن خريطة أطول أنبوب غاز في العالم يربط إفريقيا بأوروبا    مواطنون إسبان يشيدون بالمساعدة المقدمة من المغرب إثر انقطاع الكهرباء    لبنان يحذر حماس من استخدام أراضيه للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي    في الجلسة الافتتاحية للمنتدى الدولي الثالث للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والديمقراطيين .. الكاتب الأول إدريس لشكر: الجيل الجديد من البرلمانيين الشباب مطالب بحمل مشعل الحرية والكرامة والتضامن في عالم مضطرب    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    اللاعب المغربي إلياس أخوماش يشارك في جنازة جدته بتطوان    بعد 25 سنة.. شركة "FRS" تُعلن رسمياً توقف نشاطها البحري بين طنجة وطريفة    حقوقيون يسجلون إخفاق الحوار الاجتماعي وينبهون إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    « بين التاريخ والرواية» كتاب جماعي يرصد مسارات أحمد التوفيق    في كلمة حول جبر الأضرار الناجمة عن مآسي العبودية والاتجار في البشر والاستعمار والاستغلال بإفريقيا: آمنة بوعياش تترافع حول «عدالة تعويضية» شاملة ومستدامة    «غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها»    حادثة سير مميتة تنهي حياة سبعيني بالفقيه بن صالح والسائق يفرّ هاربا    العرائش تسجل أعلى نسبة تملك.. وطنجة تتصدر الكراء بجهة الشمال    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    مقاطعة مديري مؤسسات الريادة للعمليات المصيرية يربك مشروع الوزارة في الإصلاح التربوي    للمرة الخامسة.. مهمة سير فضائية نسائية بالكامل خارج المحطة الدولية    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    العلاقات التجارية بين المغرب ومصر.. وفد اقتصادي مغربي يزور القاهرة    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    "الكورفاتشي" تستعد للتنقل إلى مدينة الدار البيضاء لحضور "الكلاسيكو" أمام الوداد    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    تفاصيل إحداث قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء يوفر أزيد من 20 ألف منصب شغل    الصين تدرس دعوات أمريكية لاستئناف الحوار بشأن الرسوم الجمركية    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    احتراق شاحنة على الطريق السيار طنجة المتوسط    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    هل بدأت أمريكا تحفر "قبرها العلمي"؟.. مختبرات مغلقة وأبحاث مجمدة    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات التشريعية بتونس.. نتائج غير متوقعة تسائل تجربة الإسلاميين
تونس تشق طريقها نحو الديمقراطية ..
نشر في المساء يوم 29 - 10 - 2014

بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت الأحد المنصرم بتونس، أكد التونسيون للعالم أنهم سائرون على درب بناء أسس الدولة الديمقراطية. فبعيدا عن الاختلافات والتشنجات التي تعودت المنطقة أن تعرفها بسبب التنازع على المقاعد الانتخابية، وتشكيك الجهة الخاسرة في مدى نزاهة العملية الانتخابية، خرجت حركة النهضة عن صمتها الانتخابي وهنأت الحزب الذي حل قبلها في المرتبة الأولى، حزب «نداء تونس»، على النتيجة حتى قبل صدور النتائج الرسمية النهائية.
لم ينتظر حزب النهضة، الذي فاز بأول انتخابات في تونس بعد الإطاحة ببنعلي في أكتوبر 2011، حتى لحظة الإعلان عن النتائج الرسمية للانتخابات، التي جرت الأحد، بعدما اعترف الحزب أنه حل ثانيا في الانتخابات وراء الوافد الجديد، حزب «نداء تونس»، ولم تقف حركة النهضة عند هذا الحد، بل قام زعيمها راشد الغنوشي بتهنئة الباجي القايد السبسي، وهي الخطوة التي حسبت للحركة، بصفتها مبادرة تنم عن روح الديمقراطية والالتزام بنتائج الاقتراع كيفما كانت نتيجتها. وحسب النتائج الأولية، التي ظهرت تباعا يوم الاثنين، حلت «حركة النهضة» الإسلامية ثانية بالانتخابات التشريعية التونسية التي أجريت الأحد، خلف حزب «نداء تونس» العلماني.
وأفاد زياد العذاري، المتحدث الرسمي باسم حزب النهضة، استنادا إلى إحصائيات مراقبي حزبه لمراكز الاقتراع بأن «لدينا تقديرات غير نهائية، أنهم (نداء تونس) في المقدمة (...) سيكون لنا حوالي 70 مقعدا (في البرلمان) في حين سيكون لهم نحو 80 مقعدا».
وبذلك أصبح شبه مؤكد أن يكلف حزب «نداء تونس» بتشكيل الحكومة المقبلة من قبل رئيس الجمهورية التونسية، بصفته الحزب الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد، في انتظار النتائج الرسمية النهائية التي تحمل إمكانية حصول فوارق طفيفة في النتائج الكاملة.
وحسب نتائج أولية شبه كاملة نشرتها وكالة الأناضول، أول أمس الاثنين، استنادا لإحصاء خاص بها، حصد نداء تونس حوالي 38 بالمائة من مقاعد البرلمان مقابل نحو 31 بالمائة حققها حزب النهضة، ليصبح نداء تونس هو الحزب الذي سيعهد إليه بتشكيل الحكومة، لكنه سيتوجب عليه التحالف مع أطراف سياسية أخرى لضمان الأغلبية البرلمانية.
وحقق نداء تونس بهذه النتائج مفاجأة لم تكن لتتحقق قبل ثلاث سنوات، بعدما نجح في التفوق على حركة النهضة، التي فازت بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات أكتوبر 2011 ، التي تعد أول انتخابات شعبية تجرى بعد الإطاحة بالرئيس زين العابدين بنعلي، والتي تشكل في خضمها المجلس التأسيسي، خاصة أن معظم التوقعات كانت تذهب باتجاه أن يكون «نداء تونس» بزعامة الباجي قايد السبسي، الحزب «الثاني» في البرلمان بعد النهضة.
وبحكم الفصل 89 من الدستور التونسي، يكلف رئيس الدولة الحزب الفائز في الانتخابات بتشكيل الحكومة.
وحسب ما نقلته وكالة الأنباء التونسية، فقد أفاد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، شفيق صرصار، أن نسبة تجميع النتائج في مراكز الفرز بلغت إلى حدود الساعة السابعة من مساء الاثنين، 52.96 بالمائة.
وأكد صرصار خلال مؤتمر صحفي أن النتائج التي تقدمها الهيئة هي نتائج جزئية لعمليات الفرز بالنسبة للانتخابات التشريعية 2014 وليست النتائج الأولية التي يحددها القانون الانتخابي وتقوم الهيئة بتعليقها في مقرها، موضحا أن آجال الطعون ينطلق احتسابها ابتداء من الإعلان عن النتائج الأولية.
وقد تم خلال المؤتمر استعراض نتائج الفرز في دائرتي توزر وتطاوين، باعتبارهما من الدوائر الصغرى التي يسهل فيها احتساب النتائج، واللتين تصدرت فيهما حركة النهضة المرتبة الأولى بنسبة 65.4 بالمائة من الأصوات في تطاوين وبنسبة 27.30 بالمائة من الأصوات في دائرة توزر.
وبخصوص حضور بعض الأحزاب في العديد من المنابر الإعلامية، قبل انتهاء فترة الصمت الانتخابي، أفاد الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات، كمال التوجاني، بأن الأمر يعود أساسا إلى حصول خلط، بسبب بيان الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، والذي أعلنت فيه أن «الصمت الانتخابي ينتهي بغلق مكاتب الاقتراع داخل تراب الجمهورية وليس خارجها «.
أما فيما يتعلق بطريقة احتساب النتائج التي أعلنت عنها بعض الأحزاب، أوضحت عضو الهيئة المستقلة للانتخابات، لمياء الزرقوني، أن «الأحزاب لها ممثلون داخل مكاتب الاقتراع ومراكز التجميع، بإمكانهم الإطلاع على النتائج والحصول على نسخ لمحاضر الفرز وبالتالي بإمكانهم التوصل إلى نتائج قريبة من الواقع «.
وأشارت في هذا الصدد إلى أن الهيئة تقوم بتجميع كافة المحاضر من مراكز التجميع وتتعامل معها رسميا، وفق عملية إجرائية دقيقة، قبل إصدار النتائج الأولية.
ردود فعل
أولى ردود الفعل بخصوص النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية، جاءت على لسان الحزبين اللذين تبوآ المرتبة الأولى والثانية، إذ قال رئيس حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي، في أول تصريح إعلامي له منذ الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات التشريعية التي أظهرت تقدم حزبه، إن حزبه مستعد للحكم مع الأقرب له، في حين قال رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، إنه لا مجال لإقصاء أحد في تونس بعد اليوم، وإن الحركة حريصة على الوحدة الوطنية.
وأضاف السبسي «نحكم مع الأقرب لنا، والعائلة الديمقراطية (دون أن يذكر أسماء معينة) الأقرب لنا، ولكن ينبغى الأخذ بالاعتبار النتائج النهائية''.
ونقلت وكالة الأناضول عن السبسي تصريحاته لقناة الحوار التونسي الخاصة، مساء أول أمس الاثنين، التي بيّن فيها أنه توقع الانتصار في الانتخابات، مشيرا إلى أنهم «يتجاوبون مع وجدان التونسيين أكثر من غيرهم».
كما بيّن السبسي أن «نجاحهم في الانتخابات التشريعية له تأثير على الانتخابات الرئاسية».
وجاءت تصريحات السبسي بينما قال الأمين العام لحركة «نداء تونس» الطيب البكوش إن حركته لن تنفرد بالحكم مهما كانت النتائج.
في سياق متصل، قال راشد الغنوشي خلال مؤتمر شعبي أمام مقر حركة النهضة بالعاصمة تونس، مساء أول أمس الاثنين، إن «المستقبل في تونس اليوم للحرية وللإسلام والوحدة الوطنية ورفض العنف والإقصاء والإرهاب».
وأضاف الغنوشي في مهرجان خطابي حاشد لأنصاره أمام مقر الحركة في العاصمة تونس، أن بلاده تعتبر الدولة العربية الوحيدة التي تجري فيها الانتخابات دون تدخل مؤسسات الدولة.
كما أكد أن النهضة «لن تسمح بعودة أصنام الحزب الواحد والزعيم الأوحد والانتخابات المزيفة والمال الفاسد إلى الأبد».
من جانبه، قال نائب رئيس حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، إن «الخط السياسي لحركة النهضة والتحالفات المحتملة مع باقي الأحزاب ستكون مشروطة بتطبيق البرنامج الثوري وضمان استقرار تونس وبتحقيق أهداف الثورة، وإن الموقع السياسي غير مهم بقدر أهمية البرنامج الذي ستضطلع به مستقبلا».
وأضاف أن «الحركة سيكون لها دور رئيسي في السنوات القادمة وستكون ضمن مفاتيح المشهد السياسي الجديد، فهي قوة وطرف رئيسي».
إشادة دولية
الانتخابات البرلمانية التي جرت في تونس لاقت ترحيبا وإشادة دوليين، فقد هنأ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أول أمس الاثنين، تونس على إجراء الانتخابات التشريعية واصفا إياها بأنها «خطوة حاسمة من أجل مستقبل البلاد»، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية التونسية. وقال في بيان نشر على الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة على شبكة الإنترنت: «إن الانتخابات التي أجريت الأحد هي حجر زاوية في عملية التحول الديمقراطي»، مضيفا أن هذه الخطوة «لئن تأتي بأمل كبير، إلا أنه ما تزال هناك العديد من المهام الضرورية أمام الحكومة القادمة». وأكد بان كي مون في البيان ذاته أن المنظمة العالمية مستعدة لدعم تونس في هذا الشأن.
كما هنأ الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الشعب التونسي على الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد الماضي والتي وصفها ب»الديمقراطية».
وقال الرئيس الأمريكي في بيان: «باسم جميع الأمريكيين أهنئ شعب تونس على الانتخاب الديمقراطي لبرلمان جديد، وهو مرحلة مهمة في الانتقال السياسي التاريخي لتونس».
وتابع أوباما «إن التونسيين بوضعهم بطاقات الاقتراع في الصناديق اليوم إنما يواصلون إلهام الناس في منطقتهم وفي العالم كما فعلوا خلال ثورة 2011، ومع اعتماد دستور جديد خلال هذا العام».
وأضاف الرئيس الأمريكي في بيانه: «إن الولايات المتحدة تكرر التزامها بدعم الديمقراطية في تونس وإقامة شراكة مع الحكومة المقبلة للاستفادة من الفرص الاقتصادية وحماية الحرية وضمان الأمن لجميع التونسيين».
كما هنأت الخارجية الفرنسية تونس على الانتخابات، بعدما أشاد وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، بحسن سير الانتخابات التشريعية في تونس.
وقال فابيوس، في تصريح إعلامي، أول أمس الاثنين، «بعد قرابة أربع سنوات من اندلاع الثورة التونسية، أقبل التونسيون على هذا الاقتراع الحاسم، الذي يدشن مرحلة تنصيب المؤسسات الدائمة والديمقراطية للجمهورية التونسية الثانية»، مضيفا أن «فرنسا مسرورة بذلك».
وأضاف وزير الخارجية الفرنسي «لقد حقق التونسيون تقدما تاريخيا يوم الأحد، بتأكيد تمسكهم بالديمقراطية...، إنهم يثبتون أن الديمقراطية ممكنة في كل القارات وفي كل الثقافات»، على حد تعبيره.
الحزب الفائز لن يحكم بمفرده
من جهته أشاد رئيس الوزراء مهدي جمعة، أثناء قيامه بالتصويت في مكتب اقتراع بشمال العاصمة تونس، ب «اليوم التاريخي» وقال إن «في نجاح هذه العملية ضمان للمستقبل وكذلك ضمان لانفتاحنا على الخارج، وبصيص أمل نعطيه للشباب في المنطقة حيث أوضاعه في كثير من البلدان صعبة». وتعيش البلدان العربية الأخرى، التي شهدت ما سمي ب «الربيع العربي»، أوضاع فوضى وقمع.
الحزبان اللذان حلا في المراتب الأولى مختلفان لحد ما، فحزب «النهضة الإسلامي» الذي أمسك بزمام الحكم بين 2011 و2014 يعد من الأحزاب الإسلامية التي استطاعت الصمود بعد ثورات الربيع العربي، أما حزب «نداء تونس» فيتكون من أطراف مختلفة تشمل نقابيين ومستقلين ومعارضين سابقين لبنعلي، كما أعضاء سابقين في «التجمع الدستوري الديمقراطي» الحاكم في عهد الرئيس المخلوع. لكن طبيعة الاقتراع التي تترك مجالا للأحزاب الصغيرة للفوز بمقاعد في البرلمان لن تمكن أيا من الأحزاب في حال فوزها بالحكم بمفردها. وسيتم تقاسم السلطة بين مختلف الأحزاب حسب الائتلافات التي ستتكون لاحقا.
فحزب «النهضة» الذي ترك الحكم بداية 2014 لصالح حكومة تكنوقراط، بعد أن عرف أزمات عديدة في 2013، قال قبيل الانتخابات إنه سيسعى في حال فوزه إلى تشكيل حكومة توافقية، مؤكدا استعداده حتى للتحالف الظرفي مع «نداء تونس».
أما «نداء تونس» الذي يقدم نفسه كبديل وحيد للنهضة ويصفه بانتظام بالظلامي، فيتوقع التحالف مع أحزاب قريبة منه «إيديولوجيا»، لكنه لم يستثن قطعا التعاون مع «النهضة».
اقتراع حاسم لإرساء
مؤسسات دائمة
وبلغت نسبة المشاركة في انتخابات الأحد 61.8 بالمائة، حسب أرقام رسمية جزئية، أي ما يمثل نحو ثلاثة ملايين ناخب مقابل مشاركة أكبر في انتخابات 2011 لاختيار مجلس تأسيسي، والتي كان في طليعتها حزب «النهضة».
وتعد هذه الانتخابات التشريعية مهمة، فهي ستمكن تونس من إرساء مؤسسات واستقرار على المدى الطويل بعد مرور قرابة أربع سنوات على الثورة التي أطاحت بحكم الرئيس السابق زين العابدين بنعلي في يناير 2011. وتعتبر نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية متوسطة نسبيا، لكنها مرضية بالنسبة للعديد من المراقبين الذين توقعوا نسبة أكبر من الامتناع عن التصويت جراء الخيبة التي أصابت التونسيين تجاه الطبقة السياسية في السنوات الأخيرة.
وتعيش تونس صعوبات اقتصادية واجتماعية، وهي المطالب التي قامت من أجلها الثورة. ثم مرت بأزمة سياسية بلغت ذروتها في 2013، حيث قامت حسب السلطات مجموعات متطرفة بقتل العشرات من رجال الأمن وعناصر الجيش إضافة إلى تورطها في اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي المعارضين للنهضة. وجعل أغلب الأطراف السياسية من المسائل الأمنية والاقتصادية أهم محاور الحملة الانتخابية في بلاد تنهكها البطالة ويضنيها الفقر. واعتبر المراقبون، ورغم الخروقات التي سجلت في عديد من المكاتب وسوء التنظيم الذي ساد أخرى، خصوصا في الخارج، أن عملية الاقتراع كانت مرضية إجمالا. وسينبثق عن الانتخابات التشريعية برلمان وحكومة منحهما الدستور الجديد صلاحيات واسعة، مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.
أهم اللاعبين
تنافس في الانتخابات التشريعية التي أجريت بتونس الأحد أكثر من 1300 قائمة مرشحين، في ما يصل إلى 33 دائرة انتخابية وعلى 217 مقعداً في البرلمان. ويمكن تقسيم هذا العدد الهائل من المتنافسين السياسيين إلى أربع كتل رئيسة.
الكتلة الأولى هي حركة «النهضة» وهي الحزب الإسلامي الذي يتزعمه راشد الغنوشي. وقد حصدت الحركة 41 في المائة من الأصوات وأكبر عدد المقاعد في انتخابات 2011. ولكنّ شعبيتها تراجعت في خضمّ أعمال العنف والأزمة السياسية التي تلت ذلك في عامي 2012-2013. لكن يحسب للحركة أنها التيار السياسي الوحيد ذو المرجعية الإسلامية في المنطقة الذي قام بالتخلي عن الحكم طواعية من دون انتخابات، حيث يعتقد مراقبون أن ذلك القرار نجح في تسهيل عملية الانتقال في تونس، كما حافظ على مستقبل الحركة نفسها.
منذ عام 2012، بدأت تظهر حركة «نداء تونس» منافسا رئيسا لحزب «النهضة»، واجتذبت مزيجا من الليبراليين العلمانيين وحتى اليساريين وأنصار النظام السابق الحريصين على موازنة تقدم الإسلاميين، ويظل زعيم الحركة السبسي من أبرز المنافسين لمنصب الرئاسة، مما يجعل الحزب ثاني أهم كتلة بتونس.
أما الكتلة الثالثة فظهرت منذ أوائل عام 2013، بعدما شكل ما يقرب من عشرة أحزاب سياسية علمانية كتلة انتخابية تعرف باسم «الجبهة الشعبية». وكان السياسيان شكري بلعيد ومحمد براهمي، اللذان اغتيلا على يد مسلحين من أنصار الشريعة عام 2013، من بين الأعضاء في «الجبهة الشعبية»، وغالبية المنتمين للجبهة عرفوا بمشاركتهم الفعالة، أكثر من غيرهم، في الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي.
أما الكتلة الرابعة فتضم الأحزاب الأصغر حجماً والمستقلين. منذ عام 2011، ظهرت مجموعة من الأحزاب السياسية أو الشخصيات المستقلة كمجموعة إضافية على الساحة السياسية. وتشمل هذه المجموعة «حزب المؤتمر من أجل الجمهورية» و»حزب التكتّل» المشاركين في حكومة التكنوقراط الحالية، وأحزاب علمانية ليبرالية مثل «الحزب الجمهوري» و»آفاق تونس». ومن أبرز تلك المجموعات التي حققت مفاجآت في الانتخابات السابقة «تيار المحبة» الذي شارك وقتها باسم «العريضة الشعبية» وأسسه عضو النهضة السابق محمد الهاشمي الحامدي المقيم في لندن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.