برادة يدعو الآباء والأمهات إلى مساندة المؤسسات التعليمية بالمواكبة المنزلية    الركراكي يرفع إيقاع "أسود الأطلس"    مؤتمر نصرة القدس و"معا للقدس": أية قوة يتم إرسالها لغزة يجب تحديد ولايتها بواسطة مجلس الأمن بالتشاور مع الشعب الفلسطيني    دعم المقاولات الصغرى بالمغرب .. "الباطرونا" تواكب والأبناك تقدم التمويل    47735 شكاية وصلت مجلس السلطة القضائية والأخير: دليل على اتساع الوعي بالحقوق    مقترح عفو عام عن معتقلي حراك "جيل Z"    الحموشي يتقلَّد أرفع وسام أمني للشخصيات الأجنبية بإسبانيا    "لارام" تدشن أول رحلة مباشرة بين الدار البيضاء والسمارة    اتفاق مغربي سعودي لتطوير "المدينة المتوسطية" بطنجة باستثمار يفوق 250 مليون درهم    تحيين مقترح الحكم الذاتي: ضرورة استراتيجية في ضوء المتغيرات الدستورية والسياسية    انتخابات العراق: ما الذي ينتظره العراقيون من مجلس النواب الجديد؟    هجوم انتحاري خارج محكمة في إسلام آباد يودي بحياة 12 شخصاً ويصيب 27 آخرين    ماكرون يؤكد رفض الضم والاستيطان وعباس يتعهد بإصلاحات وانتخابات قريبة    الوالي التازي: المشاريع يجب أن تكون ذات أثر حقيقي وليست جبرا للخواطر    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب وإيران في نهائي "الفوتسال"    مونديال أقل من 17 سنة.. المغرب يتعرف على منافسه في الدور المقبل    شراكة بين "اليونسكو" ومؤسسة "المغرب 2030" لتعزيز دور الرياضة في التربية والإدماج الاجتماعي    الرصاص يلعلع بأولاد تايمة ويرسل شخصا إلى المستعجلات    مديرية الأرصاد الجوية: أمطار وثلوج ورياح قوية بهذه المناطق المغربية    الرشيدي: إدماج 5 آلاف طفل في وضعية إعاقة في المدارس العمومية خلال 2025    إطلاق طلب عروض دولي لإعداد مخطط تهيئة جديد في 17 جماعة ترابية بساحل إقليم تطوان وعمالة المضيق-الفنيدق    بنسعيد في جبة المدافع: أنا من أقنعت أحرار بالترشح للجمع بين أستاذة ومديرة    "رقصة السالسا الجالسة": الحركة المعجزة التي تساعد في تخفيف آلام الظهر    "الفتيان" يتدربون على استرجاع اللياقة    استئنافية الحسيمة تؤيد أحكاما صادرة في حق متهمين على خلفية أحداث إمزورن    التدبير‮ ‬السياسي‮ ‬للحكم الذاتي‮ ‬و‮..‬مرتكزات تحيينه‮!‬ 2/1    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. تعبئة 15 ألف متطوع استعدادا للعرس القاري    إصدارات مغربية جديدة في أروقة الدورة ال44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب    قراءة تأملية في كتاب «في الفلسفة السياسية : مقالات في الدولة، فلسطين، الدين» للباحثة المغربية «نزهة بوعزة»    نادية فتاح تدعو إلى وضع تشغيل النساء في صلب الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية    مراكش تحتفي بعودة السينما وتفتح أبوابها للأصوات الجديدة في دورة تجمع 82 فيلما من 31 دولة    والآن سؤال الكيفية والتنفيذ .. بعد التسليم بالحكم الذاتي كحل وحيد    حادثة سير خطيرة بالطريق السيار العرائش – سيدي اليماني    رسميًا.. المغرب يقرر منح التأشيرات الإلكترونية لجماهير كأس إفريقيا مجانا عبر تطبيق "يلا"    برلمانية تستفسر وزير التربية الوطنية بشأن خروقات التربية الدامجة بتيزنيت    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    ملايين اللاجئين يواجهون شتاء قارسا بعد تراجع المساعدات الدولية    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا قبل اليوسفي ما رفضه بوستة؟ .. «فرضية التمويه»
نشر في المساء يوم 25 - 12 - 2014


‬محمد ‬الساسي
في ‬شهر ‬يناير ‬من ‬عام ‬1995، ‬فوجئ ‬الرأي ‬العام ‬المغربي ‬بصدور ‬بلاغ ‬من ‬الديوان ‬الملكي ‬يعلن ‬فشل ‬المفاوضات ‬التي ‬كانت ‬تجري ‬بين ‬الملك ‬الراحل ‬وممثلي ‬الكتلة ‬الديمقراطية ‬والتي ‬كان ‬من ‬المفروض ‬أن ‬تُتَوَّجَ ‬بتنصيب ‬حكومة ‬للتناوب. ‬ويعود ‬الفشل ‬إلى ‬رفض ‬الكتلة ‬وجود ‬إدريس ‬البصري، ‬وزير ‬الدولة ‬في ‬الداخلية، ‬ضمن ‬تركيبة ‬الحكومة ‬المرتقبة. ‬أعلن ‬البلاغ ‬أن ‬الاستجابة ‬لمطلب ‬الكتلة ‬بإزاحة ‬البصري ‬من ‬شأنها ‬المساس ‬بالسير ‬العادي ‬للمؤسسات ‬المقدسة ‬في ‬البلاد؛ ‬وبناء ‬عليه، ‬قرر ‬الملك ‬تأجيل ‬التناوب.‬
اعتبرت ‬الكتلة ‬أن ‬البلاغ ‬رفع ‬البصري ‬إلى ‬مرتبة ‬المقدسات ‬الوطنية، ‬وهو ‬ما ‬يمثل -‬في ‬نظرها- ‬خطأ ‬سياسيا ‬فادحا. ‬وحظي ‬موقفها ‬بتعاطف ‬واسع ‬في ‬الأوساط ‬الشعبية ‬في ‬وقت ‬كان ‬الانطباع ‬السائد ‬هو ‬أن ‬الأحزاب ‬السياسية، ‬جميعها، ‬فقدت ‬القدرة ‬على ‬قول ‬لا ‬وغدت ‬عاجزة ‬عن ‬إملاء ‬شروطها ‬على ‬نظام ‬الحسن ‬الثاني.‬
قدم ‬الملك ‬الراحل ‬إلى ‬الكتلة، ‬في ‬البداية، ‬عرضا ‬بالمشاركة ‬في ‬حكومة ‬بوزير ‬أول ‬من ‬خارج ‬أحزابها ‬الأربعة؛ ‬ثم ‬قَدَّمَ ‬عرضا ‬ثانيا ‬بالمشاركة ‬في ‬حكومة ‬بوزير ‬أول ‬منتم ‬إلى ‬الكتلة، ‬واقترح ‬الملك، ‬على ‬الأستاذ ‬امحمد ‬بوستة، ‬أن ‬يتولى ‬منصب ‬الوزير ‬الأول، ‬لكن ‬القائد ‬الاستقلالي ‬اعترض ‬على ‬وجود ‬إدريس ‬البصري ‬في ‬حكومة ‬التناوب ‬لأنه ‬المسؤول ‬عن ‬تزوير ‬الانتخابات، ‬وسانده ‬في ‬ذلك، ‬وقتها، ‬بقية ‬قادة ‬الكتلة. ‬وذكر ‬بوستة ‬أن ‬الاتفاق ‬الذي ‬جرى، ‬مع ‬الملك، ‬قبل ‬انتخابات ‬1993، ‬كان ‬يقضي ‬بأن ‬تتولى ‬أحزاب ‬الكتلة ‬تسيير ‬الشأن ‬العام ‬إذا ‬ما ‬التزمت ‬السلطات ‬العمومية ‬باحترام ‬حرمة ‬الاقتراع ‬وضمان ‬سلامة ‬العملية ‬الانتخابية ‬ونجحت ‬الكتلة ‬في ‬الحصول ‬على ‬الأغلبية، ‬على ‬أن ‬يعين ‬الملك ‬وزراء ‬الحكومة ‬باقتراح ‬من ‬الوزير ‬الأول، ‬وتَمَّ، ‬بالتالي، ‬رفض ‬فكرة ‬‮«‬الأغلبية ‬المستعارة‮»‬.‬
لكن ‬الأستاذ ‬عبد ‬الرحمان ‬اليوسفي، ‬في ‬1998، ‬قَبِلَ ‬أن ‬يُسند ‬إليه ‬منصب ‬الوزير ‬الأول ‬في ‬ظل ‬شروط ‬أسوأ ‬من ‬تلك ‬التي ‬كان ‬سيتولى ‬فيها ‬ذ.‬ ‬بوستة ‬المنصب ‬ذاته؛ ‬ذلك ‬أنه ‬الإضافة ‬إلى ‬عدم ‬الاعتراض ‬على ‬وجود ‬إدريس ‬البصري ‬في ‬الحكومة، ‬فإن:‬
- ‬دستور ‬1996 ‬يمثل ‬رجوعا ‬إلى ‬الوراء ‬بالمقارنة ‬مع ‬دستور ‬1992؛ ‬
- ‬انتخابات ‬1997 ‬عرفت ‬أَشكالا ‬من ‬التزوير ‬أسوأ ‬مما ‬عرفته ‬انتخابات ‬1993؛
- ‬وزراء ‬السيادة، ‬الذين ‬سبق ‬أن ‬أبدى ‬الحسن ‬الثاني ‬استعداده ‬للتخلي ‬عن ‬وجودهم، ‬عادوا ‬ليظهروا ‬في ‬‮«‬حكومة ‬اليوسفي‮»‬.‬
ولذلك، ‬فإنه ‬من ‬المشروع ‬أن ‬يتساءل ‬المؤرخون ‬ومتتبعو ‬الحياة ‬السياسية ‬المغربية ‬عن ‬السر ‬في ‬قبول ‬اليوسفي، ‬اليساري ‬التقدمي، ‬ما ‬رفضه ‬بوستة، ‬المحافظ، ‬مع ‬العلم ‬بأن ‬أي ‬زعيم ‬سياسي ‬قدير، ‬في ‬العالم، ‬من ‬الطبيعي ‬أن ‬يرغب، ‬دائما، ‬في ‬تتويج ‬مساره ‬السياسي ‬بالوصول ‬إلى ‬منصب ‬الوزير ‬الأول. ‬الاستقلاليون ‬اعتبروا ‬أنهم ‬عوقبوا ‬بسبب ‬موقف ‬بوستة، ‬ففي ‬الانتخابات ‬التشريعية ‬ل1997 ‬لم ‬يحصلوا ‬إلا ‬على ‬32 ‬مقعدا، ‬أي ‬نفس ‬عدد ‬المقاعد ‬التي ‬نالها ‬حزب ‬عميد ‬الأمن ‬السابق ‬عرشان !‬
قد ‬يقول ‬قائل ‬إن ‬قبول ‬اليوسفي ‬بما ‬رفضه ‬بوستة ‬إنما ‬جاء ‬في ‬مرحلة ‬اتضحت ‬فيها ‬خطورة ‬مرض ‬الملك، ‬فغلب ‬هاجس ‬ضمان ‬الاستخلاف ‬السلس ‬على ‬أية ‬اعتبارات ‬أخرى. ‬ولكن ‬هذا ‬التفسير ‬يفرض ‬علينا ‬إعادة ‬النظر ‬في ‬مضمون ‬الرواية ‬التي ‬تعتبر ‬أن ‬كل ‬ما ‬يهم ‬موضوع ‬قيادة ‬اليوسفي ‬لتجربة ‬التناوب ‬كان ‬قد ‬حُسم ‬بشكل ‬نهائي ‬أثناء ‬وجوده ‬في (‬كان) ‬وقبل ‬ظهور ‬أية ‬معلومات ‬عن ‬الوضع ‬الصحي ‬للملك.‬
لكن ‬الأطروحة ‬التي ‬يدافع ‬عنها ‬البعض، ‬باستماتة، ‬تقدم ‬جوابا ‬بسيطا ‬عن ‬سؤال ‬السبب ‬في ‬قبول ‬اليوسفي ‬بما ‬رفضه ‬بوستة. ‬ويتلخص ‬هذا ‬الجواب ‬في ‬كون ‬رفض ‬بوستة، ‬لهذا ‬الأمر ‬أو ‬ذاك، ‬لا ‬قيمة ‬له، ‬إطلاقا، ‬لأن ‬العرض ‬الذي ‬قُدِّمَ ‬إليه ‬كان ‬ذا ‬طابع ‬تمويهي؛ ‬فالحسن ‬الثاني ‬أراد ‬أن ‬يكون ‬اليوسفي ‬هو ‬من ‬يقود ‬التناوب ‬وليس ‬شخصا ‬آخر، ‬ومفاوضاته ‬مع ‬الكتلة ‬إنما ‬كانت ‬مجرد ‬تاكتيك ‬لصرف ‬الأنظار ‬عن ‬حقيقة ‬ما ‬كان ‬يجري، ‬سرا ‬منذ ‬مدة ‬طويلة، ‬خلال ‬لقاءات ‬اليوسفي ‬بمبعوثي ‬الملك، ‬في ‬فرنسا، ‬حيث ‬كان ‬يتم ‬التحضير ‬‮«‬الجدي‮»‬ ‬للتناوب.‬
النتيجة ‬التي ‬تريدنا ‬هذه ‬الأطروحة ‬أن ‬نصل ‬إليها، ‬ربما، ‬هي ‬أن ‬بوستة ‬فطن، ‬بحكم ‬ذكائه ‬الخارق ‬وحنكته ‬السياسية، ‬إلى ‬أن ‬العرض ‬ليس ‬جديا ‬وأنه ‬ليس ‬الشخص ‬المرغوب ‬فيه، ‬فعلا، ‬لشغل ‬منصب ‬الوزير ‬الأول ‬في ‬حكومة ‬حقيقية ‬للتناوب، ‬ولذلك ‬رفض ‬ما ‬لم ‬يكن ‬ضروريا ‬رفضه، ‬وأن ‬بوستة، ‬حين ‬رفض ‬ما ‬رفضه، ‬لم ‬يتصرف ‬عن ‬قناعة، ‬فلو ‬كان ‬العرض ‬الذي ‬قُدِّمَ ‬إليه ‬جديا ‬لما ‬رفضه، ‬أي ‬أن ‬هناك ‬تمويها ‬من ‬جانب ‬ومزايدة ‬أو ‬تمويها ‬مضادا ‬من ‬جانب ‬آخر. ‬وبذلك، ‬فهذه ‬الأطروحة ‬تقدم ‬سندا ‬لتسويغ ‬صنيع ‬اليوسفي ‬واعتباره ‬الأصل ‬في ‬الأشياء ‬وتجريد ‬صحيفته ‬من ‬أية ‬أخطاء.‬
يمكن ‬للنظام ‬السياسي، ‬طبعا، ‬أن ‬يفتح ‬مسارات ‬عدة ‬للتفاوض ‬من ‬أجل ‬ترتيب ‬مرحلة ‬سياسية ‬مقبلة، ‬وهو ‬لا ‬يحتاج ‬إلى ‬إضفاء ‬طابع ‬السرية ‬على ‬أي ‬من ‬تلك ‬المسارات، ‬فقد ‬يعمل ‬على ‬تحويلها ‬إلى ‬حلبة ‬سباق ‬علني ‬بين ‬من ‬يفاوضهم ‬لتقديم ‬أكثر ‬ما ‬يمكن ‬من ‬التنازلات ‬لفائدته.‬
وصحيح ‬أن ‬هناك ‬اعتبارات ‬موضوعية ‬تجعل ‬تعيين ‬اليوسفي، ‬في ‬منصب ‬الوزير ‬الأول، ‬أفضل ‬للنظام، ‬فالرجل ‬لم ‬يشارك ‬في ‬أية ‬حكومة ‬سابقة، ‬ويُعْرَفُ ‬بكونه ‬من ‬أشد ‬المعارضين، ‬وخلافه ‬مع ‬النظام ‬أعمق، ‬وصيته ‬الدولي ‬أوسع، ‬فقيادته ‬ل»حكومة ‬التناوب‮»‬، ‬كرمز ‬تاريخي ‬لمعارضة ‬يسارية ‬خاضت ‬ضد ‬النظام ‬أشرس ‬المعارك ‬ووصلت، ‬سابقا، ‬إلى ‬حد ‬المنازعة ‬في ‬شرعيته، ‬سيساهم ‬أكثر ‬في ‬تأكيد ‬معنى ‬المصالحة ‬الذي ‬ينطوي ‬عليه ‬وجود ‬هذه ‬الحكومة.‬
وصحيح ‬أن ‬النظام، ‬في ‬سعيه ‬إلى ‬دفع ‬اليوسفي ‬إلى ‬تقديم ‬أكبر ‬قدر ‬من ‬التنازلات، ‬يمكن ‬أن ‬يُظْهِرَ ‬أمام ‬الملإ ‬صرامة ‬وتشددا ‬في ‬رفض ‬مطالب ‬المفاوضين ‬الآخرين ‬ويعتبر ‬إدريس ‬البصري ‬خطا ‬أحمر (‬بلاغ ‬الديوان ‬الملكي)‬، ‬أو ‬أن ‬يشجع ‬رفاق ‬اليوسفي -‬في ‬الحزب- ‬على ‬إظهار ‬مزيد ‬من ‬الاستعداد ‬لتجاوز ‬اليوسفي ‬والسير ‬بدونه ‬نحو ‬التناوب ‬إذا ‬ما ‬رفع ‬سقف ‬الشروط.‬
ولكن، ‬كل ‬ذلك ‬لا ‬يعني ‬أننا ‬نستطيع، ‬من ‬الناحية ‬التاريخية، ‬إثبات ‬كون ‬بوستة، ‬وهو ‬يرفض ‬بعض ‬الأمور، ‬كان ‬يعلم، ‬وقتها، ‬بأن ‬اليوسفي ‬سيعود ‬إلى ‬المغرب ‬وسيقبلها. ‬إن ‬رفض ‬بوستة ‬قد ‬بُنيَ ‬على ‬أساس ‬سليم ‬أثبتت ‬الأحداث ‬صوابه، ‬وكان ‬محط ‬مناقشة ‬داخل ‬الكتلة، ‬ويدخل ‬ضمن ‬منظومة ‬أفكار ‬عبَّر ‬عنها ‬الرجل، ‬مرارا، ‬وتُوجد ‬إمكانات ‬واقعية ‬لكي ‬يُؤتي ‬أكله. ‬لو ‬كان ‬اليوسفي ‬هو ‬من ‬اتخذ ‬موقف ‬بوستة، ‬وبوستة ‬هو ‬من ‬اتخذ ‬موقف ‬اليوسفي، ‬لكان ‬الحسن ‬الثاني، ‬ربما، ‬قد ‬انتقل ‬إلى ‬تطبيق ‬الخطة (‬ب) ‬وتعيين ‬بوستة ‬وزيرا ‬أول ‬في ‬حكومة ‬يشارك ‬فيها ‬الاتحاديون، ‬أيضا.‬
الأطروحة ‬القائمة ‬على ‬‮«‬فرضية ‬التمويه‮»‬ ‬تريدنا، ‬كذلك، ‬أن ‬نعتبر ‬أن ‬التناوب ‬ما ‬كان ‬ليكون ‬بدون ‬اليوسفي؛ ‬وهي، ‬هنا، ‬تسقط ‬في ‬التناقض، ‬لأن ‬معنى ‬ذلك ‬أن ‬اليوسفي ‬كان ‬بإمكانه ‬فرض ‬شروطه ‬مادام ‬ليس ‬هناك ‬بديل ‬عنه، ‬فلماذا ‬تخلى، ‬عمليا، ‬عن ‬كل ‬الشروط ‬التي ‬سبق ‬أن ‬طرحتها ‬الكتلة؟ ‬
وفكرة ‬استحالة ‬حصول ‬التناوب ‬بدون ‬اليوسفي ‬تبالغ ‬في ‬استعظام ‬دور ‬الرجل ‬وترفعه ‬إلى ‬مقام ‬الرمز ‬الأسطوري؛ ‬فإذا ‬كان ‬الكل ‬يشهد ‬بمكانته ‬الرمزية ‬وقيمته ‬التاريخية، ‬فإنه ‬لا ‬يمكن ‬أن ‬يكون ‬بديلا ‬عن ‬حركة ‬بكاملها.‬
الحسن ‬الثاني ‬كان ‬يدرك ‬أنه ‬سيجني، ‬من ‬مشاركة ‬اليوسفي ‬في ‬الحكومة، ‬نفعا ‬وفيرا ‬وأن ‬للرجل ‬وزنا ‬كبيرا ‬في ‬ميزان ‬السياسة؛ ‬ولكن ‬ذلك ‬لا ‬يعني ‬أن ‬حركة، ‬في ‬حجم ‬الاتحاد ‬الاشتراكي ‬للقوات ‬الشعبية، ‬لا ‬تساوي ‬شيئا ‬بدون ‬اليوسفي.‬
إذا ‬كانت ‬المصالح ‬الكبرى ‬التي ‬أراد ‬النظام ‬تحقيقها ‬من ‬خلال ‬التناوب ‬ستتحقق ‬أكثر ‬مع ‬اليوسفي (‬خطة ‬أ)‬، ‬فإنها، ‬في ‬جميع ‬الأحوال، ‬كانت ‬ستتحقق، ‬أيضا، ‬ربما ‬بدرجة ‬أقل، ‬من ‬خلال ‬تناوب ‬يشارك ‬فيه، ‬رسميا، ‬الاتحاد ‬الاشتراكي ‬حتى ‬بدون ‬اليوسفي (‬خطة ‬ب).‬
حين ‬عاد ‬اليوسفي ‬إلى ‬المغرب ‬كان ‬همه ‬الأساسي، ‬ربما، ‬هو ‬صدُّ ‬أية ‬محاولة ‬لإحياء ‬الخطة ‬ب.‬
ولقد ‬ظهر ‬في ‬ما ‬بعدُ ‬أن ‬أغلبية ‬أعضاء ‬اللجنة ‬المركزية ‬للاتحاد، ‬لما ‬قررت ‬التصويت ‬بنعم ‬على ‬دستور ‬1996، ‬أكدت، ‬في ‬الواقع، ‬أن ‬التناوب ‬أصبح ‬أملا ‬تهفو ‬إليه ‬قلوب ‬أفرادها ‬ورغبة ‬عارمة ‬تجتاح ‬نفوسهم ‬وأنهم ‬ذاهبون ‬إليه ‬أيا ‬كانت ‬
الظروف..‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.